أصبحت عملة البتكوين النجم المتلألئ بلا منازع خلال السنوات الماضية فقد ظهرت العملة بتكوين من رحم مجهول في العام 2009، مبتكرةً نظاماً مالياً لا مركزياً لا مثيل له. ورغم حداثتها في عالم المال لا سيما المال الرقمي، فإنها نجحت في جذب الاهتمام المتزايد من قبل المؤسسات المالية والمستثمرين فيها في الآونة الأخيرة.
وبفضل هذا الأداء الاستثنائي، باتت العملة المشفرة راسخة كقوة لا يستهان بها في عالم المال واخترقت حاجز الـ120 ألف دولار للمرة الأولى، حيث استمر هوس العملات المشفرة في اجتياح مجتمع الاستثمار.
ويتوقع المحللون ان تستقر أسعار العملة بنسبة تقارب 30%، خلال الأشهر الأخيرة من العام الجاري، ليشهد نهاية العام الجاري ذروة سعرية جديدة. حيث تشير التقديرات إلى متوسط السعر المستهدف يتراوح بين 120,000 و130,000 دولار، في حين أن بعض التوقعات المتفائلة ترجّح وصول السعر إلى 200,000 دولار مدفوعاً بزيادة الطلب المؤسسي، ما يعزز آفاق توقعات البيتكوين للعام المقبل.
البدايات الصعبة
انطلقت عملة بتكوين في يناير 2009، لكن من الصعب الوصول إلى بيانات محددة قبل منتصف 2010 لأنه لم يكن هناك تداول بنفس الطريقة الموجودة اليوم.
ومع ذلك سجلت بورصة New Liberty Standard Exchange أول تداول للعملة المشفرة بالدولار في نهاية 2009، وتداول المستخدمون في منتدى BitcoinTalk أكثرمن 5 آلاف عملة من بتكوين عبر PayPal بما يجعل السعر الأول للعملة المشفرة هو 0.00099 دولار.
وعلى مدار عام 2010، لم يتجاوز سعر بتكوين حاجز 0.40 دولار، لكنها تمكنت من تجاوز دولار واحد في فبراير 2011. وتواصلت مكاسب العملة على مدار 2011، فسجلت 30 دولاراً بحلول يونيو، لكنها أنهت العام عند 4.7 دولار.
وبعد انهيار عملة بتكوين بنحو 90% من أعلى مستوياتها على الإطلاق، كانت التوقعات بأن فقاعة العملة المشفرة قد انتهت. لكن في 2012، مضت بتكوين بأول عملية تصنيف في تاريخها وأنهت هذا العام عند 13.5 دولار.
وتوالت مكاسب بتكوين خلال العام 2013، إذ ارتفعت لأعلى من 40 دولاراً في بداية العام وتجاوزت 100 دولار لأول مرة على الإطلاق ووصلت بعد ذلك عند 230 دولاراً.
قفزة قوية تجذب انتباه العالم: 2013-2017
في عام 2013، وصلت بتكوين إلى مستويات 1000 دولار للمرة الأولى في تاريخها. لكن بداية 2014 كانت مليئة بالتقلبات، إذ هبطت العملة بحوالي 90% في فبراير.
وكان السبب الأساسي هو أن واحدة من أقدم بورصات تداول العملة المشفرة وهي Mt. Gox قد أعلنت إفلاسها.
وبخلاف اعتماد رمز البتكوين B كرمز رسمي للشركة في 2015، اتسم هذ العام بالنمو البطيء للعملة المشفرة. وظلت عملة بتكوين تقريباً عند مستويات أقل من 1000 دولار طوال 2016، لكنها نجحت في اختراق هذا المستوى مع بداية
مستثمرو التجزئة
يتعرفون على بتكوين
ومن الممكن اعتبار 2017 هو العام الذي شهد تعرف تجار التجزئة على العملة المشفرة، ووصلت في هذا العام عند 4 آلاف دولار.
وفي هذا العام، حققت بتكوين مكاسب ضخمة وبداية من سبتمبر، اتخذت مساراً تصاعدياً من 5 آلاف إلى 6 آلاف ثم عند 7 آلاف دولار، لتصل إلى مستويات 10 آلاف دولار في الربع الأخير من هذا العام.
وبنهاية عام 2017، وصل سعر أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة عند 19 ألف دولار.
رحلة التعافي والارتفاع: 2018-2020
بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته عام 2017، أمضت بتكوين معظم عام 2018 في مسار نزولي، حيث انخفضت قيمتها طوال العام بعد ارتفاع طفيف في بداية السنة. واستمر سعر صرف العملة الرقمية بالتقلب بين 6 آلاف و8 آلاف دولار على مدار السنة، قبل أن يغلق عام 2018 عند 3709 دولارات منخفضاً بنسبة 73 في المئة عن قيمته في بداية العام.
بدأ عام 2019 بحالة من عدم اليقين، حيث حاولت بتكوين كسر حاجز 4 آلاف دولار عدة مرات خلال الأشهر الأولى. وفي أبريل، نجحت في ذلك وارتفعت إلى 5 آلاف دولار. وشهد شهر مايو ارتفاعات متتالية ليتجاوز السعر 6 آلاف ثم 7 آلاف وصولاً إلى 8 آلاف دولار. ومن ثم، شهد شهر يونيو ارتفاعاً مفاجئاً ليتجاوز السعر 13 ألف دولار، لكنه سرعان ما عاد للانخفاض. وبحلول سبتمبر، عاد السعر إلى ما دون 10 آلاف دولار، واستمر في البحث عن اتجاه حتى نهاية العام، ليغلق عام 2019 بأقل من 7200 دولار.
مع بداية عام 2020، شهدت بتكوين انتعاشاً وارتفعت خلال الأسابيع الستة التالية لتتجاوز حاجز 10 آلاف دولار مرة أخرى. وتأثرت بتقلبات أسواق الأسهم خلال موجة جائحة كوفيد الأولى، حيث تراجعت إلى 8 آلاف دولار. وبحلول أوائل أبريل، عادت إلى الارتفاع فوق 7 آلاف دولار ثم 8 آلاف دولار لتبدأ أخيراً في الاقتراب من 10 آلاف دولار في مايو. واستقرت الأسعار خلال الأشهر القليلة التالية حتى أكتوبر، عندما تجاوزت حاجز 13 ألف دولار مرة أخرى ووصلت في النهاية إلى ما يقارب 20 ألف دولار في نوفمبر 2020، حيث ارتفعت الأسواق المالية نتيجة السيولة التي وفرها الاحتياطي الفيدرالي في ظل انتشار جائحة كوفيد19 وآمال ظهور لقاح لها. وواصلت الارتفاع خلال ديسمبر (كانون الأول) 2020 وأغلقت العام عند سعر 28949 دولارا.
موجة خسائر بفضل كورونا
مع بداية تفشي كورونا، تذبذب أداء عملة بتكوين بالتزامن مع موجة خسائر في سوق الأسهم ووصل سعرها إلى 8 آلاف دولار. وهبطت بنحو 39% في مارس.
لكن بعد ذلك وخلال أبريل عاودت الارتفاع ووصلت إلى 10 آلاف دولار في مايو . ومع حلول أكتوبر وصلت إلى 13 ألف دولار.
في الربع الأخير من 2020 وتحديداً نوفمبر لامست بتكوين مستويات 20 ألف دولار، تزامناً مع السيولة المالية التي ضخها الفدرالي والتوصل إلى لقاح لكورونا. وبالفعل أنهت بتكوين تعاملات العام بالقرب من 29 ألف دولار.
أداء بتكوين خلال فترة رئاسة بايدن
على مدار الأعوام من 2021 وحتى 2023، تعرضت بتكوين إلى ضغوطات. لكن قبل انطلاق هذه الضغوطات، وصلت بتكوين على نحو مثير إلى 64 ألف دولار في أبريل نيسان 2021.
وتلقى كل من سوق الأسهم والعملات المشفرة الدعم من وعود باستمرار السيولة من جانب الفدرالي الأمريكي. لكن تحذيرات صينية من الضغط على سوق العملات المشفرة، أدت إلى بدء دورة هبوطية لسوق العملة المشفرة.
ومع سبتمبر، أعلنت الصين أن جميع معاملات العملات المشفرة غير قانونية، وكذلك حظرت المواقع الأجنبية التي تقدم هذه المعاملات إلى التجار الصينيين. لكن السوق نجح في تجاهل هذه التهديدات، وعاد إلى عتبة الـ60 ألف دولار، ووصل لمستوى قياسي جديد 68.7 ألف دولار في نوفمبر 2021.
وفي نهاية العام 2021، كشف الفدرالي الأمريكي عن خطته لبدء الخفض التدريجي لمشترياته من السندات.
ومع بدء عام 2022 وكذلك اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وصل التضخم الأمريكي لأعلى مستوى في عقود واتجه الفدرالي لزيادة الفائدة، ما دفع المستهلكين إلى الابتعاد عن الأصول الخطرة.
وبالفعل، هبطت بتكوين عند 40 ألف دولار لعدة أشهر، ومع حلول منتصف العام 2022، كانت بتكوين تتداول عند حوالي 20 ألف دولار وانخفضت بعد ذلك إلى 16 ألف دولار.
ارتفع السعر في عام 2023، حيث اكتسبت العملة أكثر من 50 في المائة حتى منتصف يونيو، وسط انتعاش أوسع في أسهم التكنولوجيا. وتم التداول مقابل نحو 26 ألف دولار اعتباراً من منتصف يونيو 2023 على الرغم من حملة القمع التي قامت بها لجنة الأوراق المالية والبورصات على صناعة العملات المشفرة. وشهدت قيمتها تقلبات، ولكنها ظلت بالقرب من 27 ألف دولار حتى أواخر سبتمبر، قبل أن تبدأ في الارتفاع مرة أخرى لإنهاء العام.
ومع بلوغ أسعار الفائدة ذروتها في أكتوبر 2023، بدأت بتكوين في الارتفاع مرة أخرى ووصلت إلى أكثر من 42 ألف دولار في نهاية العام، وسط شائعات بأن لجنة الأوراق المالية والبورصات ستسمح أخيراً بإنشاء صناديق الاستثمار المتداولة للبتكوين.
انطلاق صناديق الاستثمار
بعد أشهر من التكهنات، سمحت لجنة الأوراق المالية والبورصات الامريكية رسمياً بتداول بتكوين في صناديق الاستثمار المتداولة وتم السماح لـ 11 مديراً للصناديق بإدراج صناديقهم. وبدأ تداول صناديق الاستثمار المتداولة للبتكوين في 11 يناير 2024. وصل السعر إلى ذروته عند نحو 49 ألف دولار في الأيام التي سبقت الإعلان، لكنه شهد انخفاضاً ملحوظاً في الأسابيع التي تلت ذلك.
وفي 7 مارس، ارتفع سعر بتكوين بنسبة تصل إلى 6.8 في المائة إلى أعلى مستوى له في الجلسة عند 67645 دولاراً، ليرتفع السعر بالفعل بنسبة 55 في المائة حتى الآن هذا العام، مدعوماً باستثمار الأموال من قبل المستثمرين في صناديق الاستثمار المتداولة وتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة العالمية.
وها هي اليوم تتخطى عملة البيتكوين، اليوم، حاجز 120 ألف دولار لأول مرة في تاريخها، مسجلة مستوى قياسيًا جديدًا بلغ أكثر من 122 ألف دولار، في ظل موجة تفاؤل تسود أوساط المستثمرين بسبب توقعات بتحولات تنظيمية مرتقبة في الولايات المتحدة، وهذا الأمر الذي أعاد الزخم إلى سوق العملات الرقمية وأثار اهتمامًا متجددًا من المؤسسات المالية.
توقعات 2025
يتوقع المحللون استقرار أسعار العملة بنسبة تقارب 30%، خلال أشهر الصيف، ليشهد نهاية العام ذروة سعرية جديدة. التقديرات تشير إلى متوسط سعر مستهدف يتراوح بين 120,000 و130,000 دولار، في حين أن بعض التوقعات المتفائلة ترجّح وصول السعر إلى 200,000 دولار مدفوعاً بزيادة الطلب المؤسسي، ما يعزز آفاق توقعات البيتكوين للعام المقبل.
مستقبل البيتكوين 2025-2030: تشير غالبية التحليلات إلى أن مستثمري العملات المشفرة سيتجهون بشكل متزايد نحو الابتعاد عن التداول المضاربي، لصالح الاستثمار في تطوير وتبني تقنيات البلوكشين والتطبيقات المبنية على الرموز التي تدر عوائد فعلية.
ويُتوقع أن يتداول البيتكوين فوق مستوى 200,000 دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، مع وجود بعض السيناريوهات المتفائلة التي تضع السعر المستهدف عند 500,000 دولار، مما يعكس رؤية طويلة الأمد لطبيعة التحول في سوق العملات الرقمية.
وزير التجارة والصناعة يصدر قراراً باعتماد اللائحة الفنية القطرية لفترات صلاحية المنتجات الغذائية
