عبد الله سالم السليطين

أول مستثمر زراعي يتحدث لـ لوسيل : دعم القطاع الزراعي ضروري للمحافظة على الأمن الغذائي

لوسيل

حوار - مصطفى شاهين

أنشأ مزرعة صغيرة بدايةً لتلبي احتياجات أسرته الصغيرة، لكنها تطورت لتساهم في تلبية احتياجات أسرته الكبيرة في قطر.

عبد الله سالم السليطين يتحدث عن تجربته كأول تجربة قطرية في مجال الزراعة والطريق لتحقيق الأمن الغذائي ودور الدولة في دعم هذا القطاع، قديماً وحديثاً، وأبرز التحديات التي تواجه القطاع.
وكشف السليطين لصحيفة لوسيل عن حصول مجمع السليطين الزراعي والصناعي، الذي أسسه السليطين عام 2011 على شهادات الأيزو.

* يقال إنكم أول مستثمر في المجال الزراعي بقطر.. كيف بدأ مشواركم في هذا المجال وإلى أين وصلتم؟

الحمد لله الذي وفقنا إلى هذا، حيث تم على عدة مراحل من التطور يمكن توضيحها كالتالي:

1995 بدأت المزرعة بمساحة محدودة لإنتاج بعض الخضراوات ولم نكن راضين عن ذلك الوضع، بل كان لنا هدف لجعلها مزرعة نموذجية بالرغم من أن مساحتها محدودة.
بناء على ذلك طلبنا حفر عدد من الآبار لإمداد المزرعة بالمياه اللازمة للري، بالتزامن مع وضع تصميم متكامل للمزرعة.
وكانت المزرعة في المرحلة الأولى لإنتاج الخضراوات من البيوت المحمية والحقول المكشوفة والأعلاف ومشتل لنباتات الزينة الخارجية ومنحل، أيضا تم إعداد حظائر لتربية الحيوانات خاصة الأغنام.

2002 بدأ المجمع في إنتاج الأزهار الموسمية من خلال خطة إنتاجية وتصميم خاص للبيوت المحمية والتي تم إنشاؤها لإنتاج العديد من الأزهار الموسمية لتغطية احتياجات السوق المحلي، لقد بدأ الإنتاج لحوالي 8 أصناف مختلفة ووصل حاليا إلى أكثر من 50 صنفا، ووصل الإنتاج في 2015 إلى 8 ملايين زهرة موسمية لتغطية الاحتياجات المتزايدة لمشاريع الدولة والسوق المحلي.

2010 قررنا وقف زراعة الأعلاف نظرا للاستهلاك الكبير من المياه الجوفية كما تم التعاقد على مجموعة جديدة من البيوت المحمية ذات التصميم الخاص المتطور وكذلك مجموعة من البيوت الشبكية.

2011 إنشاء مركز السليطين للأبحاث والدراسات والتدريب الزراعي ليكون القسم العلمي والبحثي الخاص بالتطوير والدراسات وكذلك توفير التدريب العملي المتطور، ليس فقط لخدمة قطر ولكن لجميع دول المنطقة.
ويقوم المركز بإجراء العديد من الدراسات الخاصة بالأمن الغذائي والزراعة الحديثة ودراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع الزراعية.

2015 حصل المجمع على شهادة الأيزو.
التطوير في المزرعة ما زال مستمرا لإدخال العديد من التقنيات الحديثة لإنتاج خضراوات وأزهار جيدة وصحية للسوق المحلي.

* ما الذي دفعك للاتجاه إلى هذا المجال؟

لقد بدأ الأمر برغبتي في توفير مناخ طبيعي ومناسب للأسرة وذلك من خلال إنشاء مزرعة صغيرة ولكن الأمر تطور، حيث إن احتياجات بلدي في ازدياد وكان هناك تشجيع ودعم جيد من الدولة للمزارع القطري لتشجيعه على الإنتاج.
وعلى الرغم من تقلص الدعم وزيادة الأعباء والمعوقات على الزراعة في قطر إلا أنني ما زلت في هذا التحدي، إيمانا بضرورة خدمة الوطن واحتياجاته.

* مستلزمات الإنتاج الزراعية من أين؟ وكيف استعنت بالخبرات، وهل تُصدِّر إنتاج المزارع للخارج، أم تذهب للسوق المحلي فقط؟

إن جميع مستلزمات الإنتاج من بذور وأسمدة ومعدات وأدوات تستورد من الخارج، وإننا نقدر الرقابة الجيدة من أجهزة الدولة على نوعية المواد المستوردة، خاصة الأسمدة والمبيدات، ولكن نعاني من الرسوم الجمركية المفروضة حتى ولو كانت صغيرة، إضافة إلى التعقيدات الإدارية والتي تعطل خروج الشحنات من منافذ الدخول وبالتالي نتعرض لدفع غرامات تؤدي إلى زيادة العبء على المزارعين والسعر على المستهلكين.
وإنتاج المجمع من الخضراوات والأزهار يباع بالكامل في السوق المحلي في كبرى مراكز التسوق.

* كم تبلغ مساحة المزرعة وما هي المجالات الزراعية التي تستثمر فيها والمياه التي تعتمد عليها؟

تبلغ المساحة الإجمالية للمزرعة حوالي 40 هكتارا وتشمل مجموعة من البيوت المحمية بمساحة حوالي 7.3 هكتار، منها 5.8 هكتار للخضراوات و1.5 هكتار للأزهار.
وتبلغ نسبة المستغل من مساحة المزرعة في الأنشطة الزراعية المختلفة أكثر من 80%، حيث إن الباقي من المساحة يستغل في الأعمال المساندة الضرورية للمزرعة، كالمخازن والطرق وخزانات المياه ومباني الخدمات، ومحطة التحلية وسكن العمال.
وتعتمد المزرعة بشكل أساسي على المياه الجوفية، حيث لدينا 5 آبار ولكن نظرا للملوحة المرتفعة، فإن جميع مياه الري المستخدمة لإنتاج الخضراوات تتم تحليتها عن طريق وحدتين للتحلية في المزرعة.

* ما الفرق بين الزراعة قديماً والآن في قطر؟

الزراعة في الماضي كانت بسيطة ولم تُستخدم أي من التقنيات الحديثة أو شبكات الري المتطورة، بل كانت الحقول تروى بالغمر، مما أدى إلى استنزاف كبير للمياه الجوفية وتدهور التربة.
أما حاليا فالزراعة تعتمد بشكل كبير على التقنيات الحديثة.

* كيف تغلبتم على المعوقات المتعلقة بالمناخ كدرجة الحرارة وعدم صلاحية التربة؟

التقنيات الحديثة ونظم الزراعة والري المتطورة قد تغلبت على العديد من هذه المشاكل ولكن يبقى أن يتم اختبار واستخدام ما يتناسب مع ظروفنا البيئية والمناخية.
لقد تعاونا مع العديد من الشركات لتطوير بعض وسائل الإنتاج، من بيوت محمية وقنوات للزراعة ومواد الري.
إننا نتوسع في استخدام البيوت المحمية المبردة والتي تنتج خضراوات عالية القيمة (9 أشهر في السنة) بدون استخدام تبريد وبالتالي هناك وفر كبير في الكهرباء والمياه.

* أصبحت مزرعتك في أم صلال قِبلة للباحثين عن الإبداع الزراعي.. لماذا؟

إننا نعتمد مبدأ التطوير المستمر المعتمد على التقنيات الحديثة والمبنية على أسس علمية، كما أن أبوابنا مفتوحة لجميع الشركات الزراعية والمؤسسات البحثية الداخلية والخارجية لاختبار تقنياتها ولتطوير نظم الإنتاج من خلال الأبحاث والتجارب المشتركة.
المجمع مفتوح دائما لاستقبال الطلاب والدارسين والباحثين، سواء للاستفادة مما هو قائم أو للمشاركة في تطوير أنظمة جديدة.

* ما هي أبرز المعوقات التي تواجه أصحاب المزارع الآن؟

المُزارع القطري يواجه العديد من التحديات والتي ترفع من تكاليف الإنتاج ويمكن تلخيصها في عدة نقاط، من بينها العوامل البيئية المتمثلة في المناخ شديد الحرارة في غالبية أشهر السنة، وعدم توفر المياه ذات الجودة العالية وبالكمية المطلوبة للزراعة، وقلة مساحات الأراضي المناسبة زراعيا، وارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج من بذور وأسمدة ومياه وشبكات الري والتعبئة، تكاليف الاستهلاك الكهربائي في المزارع، والارتفاع الكبير في تكلفة العمالة، إضافة إلى الرسوم الباهظة التي تُحصِّلها الدولة من المزارعين للتأشيرات والفحص الطبي والإقامة، والتسعيرة الجبرية المفروضة على المنتج المحلي والتي هي أقل من التكلفة وأقل من تسعيرة المنتج المستورد، وسوء تنظيم السوق المركزي للخضراوات الذي أدى إلى منافسة كبيرة وغير عادلة مع المنتج المستورد، تدني الخدمات الإرشادية المُقَدَّمة من جهاز الدولة المعنيّ بالزراعة.
كل هذه العوامل ساهمت في تدهور القطاع الزراعي وعزوف الكثير من المزارعين عن الإنتاج أو تدهور إنتاجهم وبالتالي تهدر موارد الدولة من مياه وأراضٍ.

* كيف ترى دعم الدولة لأصحاب المزارع هل يعتبر كافيا؟ وإلى ماذا تتطلعون في هذا الصدد؟

دعم القطاع الزراعي يعتبر من الضروريات في السياسة العامة لكل دولة، سواء الدول المتقدمة أو النامية، وهو ضروري للمحافظة على منظومة الأمن الغذائي وتوفير متطلبات الشعب.
هناك تجارب عديدة في الدول المجاورة للدعم الزراعي والتي لابد أن ندرسها لنصل إلى صيغة مناسبة لدعم الزراعة في قطر.

* لكن المزارعين يقولون إن قرض بنك التنمية يتضمن شروطاً مجحفة.. ما رأيك في ذلك؟

بنك التنمية يلعب دورا هاما جدا في توفير القروض الميسرة للمشاريع الزراعية وهذا يعتبر إحدى مؤسسات الدولة التي لها دور فاعل ويجب أن نحافظ عليه لخدمة المشاريع الزراعية والمزارع القطري.

* هل تعتقد أن تحقيق الأمن الغذائي في قطر هدف سهل المنال؟ كيف؟

الأمن الغذائي وإنتاج الغذاء يعتبر من القضايا الرئيسية في منطقة شبه الجزيرة العربية فاعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على الأغذية المستوردة من المتوقع أن يزداد من 24 مليار دولار أمريكي في عام 2008 إلى 49 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2020.
لقد دفعت الزيادات الكبيرة في أسعار المواد الغذائية في عامي 2007 و2008 حكومات دول مجلس التعاون الخليجي وبعض المستثمرين إلى السعي إلى شراء أراضٍ زراعية لضمان الأمن الغذائي في المستقبل.
وهذه المبادرة أثرت في أسعار المواد الغذائية التي انخفضت قليلاً في أوائل عام 2009 ولكن حتى الآن يبدو أن دول الخليج ستعتمد بشكل أساسي على استيراد الغذاء.
المزارع القطري حين تتوفر وسائل التنمية المختلفة له يمكنه أن يساهم وبسرعة في قضية الأمن الغذائي، سواء لإنتاج الخضراوات أو اللحوم والدواجن والألبان.

* ما هي فوائد ومزايا الاكتفاء الذاتي من الغذاء اقتصادياً؟

الاكتفاء الذاتي مقولة خاطئة ولم تعد تستخدم، حيث إن الظروف المناخية والموارد الطبيعية تختلف من مكان لآخر وأصبح الطلب على المنتجات الزراعية متزايدا على مدار العام.
ليس هناك بلد يمكن أن يكون لديه اكتفاء ذاتي من جميع متطلباته الغذائية ولكن تسعى الدول إلى توفير نسبة معقولة من الإنتاج المحلي الضروري تحسبا للأزمات، من كوارث طبيعية أو حروب أو أزمات في وسائل النقل والشحن.

* ما هي المخاطر الصحية لاستيراد المحاصيل الزراعية من الخارج؟ وهل هذا يؤثر على أصحاب المزارع والمنتج المحلي؟

اعتماد الدول على استيراد احتياجاتها الأساسية من الغذاء بنسب كبيرة من شأنه أن يضعف منظومات الأمن الغذائي فيها، خاصةً إذا انقطعت واردات الغذاء لأي سبب من الأسباب.
ويتفاقم الأمر سوءاً عندما يكون الإنتاج المحلي، مقارنةً مع المستورد، ضعيفاً لا يغطي نِسباً معقولة من الاستهلاك الوطني.

* ما هو تقييمكم للزراعة في قطر وما هي نصيحتك للقيادات المسؤولة عن الزراعة فيما يتعلق بالتطوير والتوسع الزراعي؟
لقد كانت دولة قطر فيما مضى من أفضل وربما أفضل دول المنطقة بالنسبة للعناية بالزراعة ومن أجل ذلك كانت تقدم الكثير من الدعم والمساعدة المتمثلة في منح الأراضي لإقامة المزارع وتزويدها بكل احتياجاتها من حفر الآبار وغيرها ولكن مع الأسف انحسر ذلك ليصبح الأمر يتوجب فيه دفع رسوم لاستخدام المعدات والآليات وغيرها وهذا ينذر بنتائج سلبية مترتبة على استمرار الوضع الحالي بدون تغيير جذري لقطاع الزراعة.