رغم الانعكاسات السلبية لأزمة النفط العالمية على مختلف أوجه الأنشطة الاقتصادية والمالية والاستثمارية العالمية، فإن الخبير الاقتصادي الدولي، الدكتور فخري الفقي، رأى في تلك الأزمة عاملًا محفزا نحو نشاط كبير لإستراتيجية صفقات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط، متوقعًا استمرار هذا التوجه الذي تقوده دول الخليج، مع استحالة عودة أوضاع أسواق النفط لما كانت عليه قبل عام 2014.
وكان تقرير أصدرته شركة إرنست آند يونج (رابع شركة محاسبية في العالم ومقرها الرئيسي في بريطانيا) توقع تأثيرا محدودا للأزمة على صفقات الاندماج والاستحواذ في المنطقة، متكهنا أن تحافظ سوق تلك الصفقات على قيمتها السنوية بين 50 و60 مليار دولار في عام 2016.
وقال الدكتور فخري الفقي أستاذ الاقتصاد والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي بواشنطن لـ لوسيل إن تراجع عائدات النقد الأجنبي الناجمة عن الأزمات الاقتصادية والمالية، ومن بينها أزمة النفط، يعد المحرك الرئيسي نحو صفقات الاندماج والاستحواذ ، منوها عن أن التحرك الملائم لمواجهة هذه العاصفة كان إنشاء كيانات اقتصادية بالاندماج بين الشركات أو الاستحواذ عليها .
وأوضح الفقي أن دول مجلس التعاون كانت أكبر المتضررين من أزمة النفط التي قلصت عائداتها من النقد الأجنبي، وبالتالي انتعشت إجراءات الهيكلة، بصورة غير مسبوقة ، لافتًا إلى أن (رؤية السعودية 2030) ترجمت بقوة توجه دول الخليج القوى للاستحواذات .
وسلط المستشار السابق لصندوق النقد الضوء على خطط المملكة لإنشاء صندوق استثماري بقيمة تريليوني دولار، وبيع 5% من أسهم في شركة أرامكو العملاقة للنفط، وتحويلها إلى تكتل صناعي، وقال: ستنشط الاستحواذات بقوة مع القدرة المالية لهذا الصندوق على شراء شركات آبل ، و آلفابت ، و مايكروسوفت ، و بركشير هاثواي .
ويشير تقرير لشركة إيه تي كيرني ، المتخصصة في بحوث النفط والطاقة، إلى أن أسعار النفط المتدنية ستدفع شركات النفط والغاز العالمية التي تمر بأزمة إلى البحث عن مشترين لإعادة هيكلة خلال العام الحالي، وفي هذا السياق يتوقع الفقي مزيدًا من الانتعاش في حركة الاستحواذات والاندماجات في دول الخليج، مستبعدًا أن تعاود أسعار النفط العالمية الهبوط إلى سابق عهدها (110 دولارًا للبرميل) خصوصا مع ظهور بدائل نفطية غير تقليدية مثل النفط الصخري.
ولا يقتصر سباق الاستحواذات على منطقة الخليج فحسب، بل إن مصر التي تواجه نقصًا حادًا في الاحتياطيات الأجنبية بدأت تقتحم هذا المجال، ويشير الفقي إلى أنه في ظل التآكل الكبير للاحتياطي، لجأ المصرف المركزي المصري إلى طرح 20 % في البورصة المصرية من حصتيه في أسهم كل من البنك العربي الإفريقي وبنك القاهرة، أواخر هذا العام، وضرب الخبير الدولي مثلا أيضا باستحواذ أوراسكوم للاتصالات والإعلام على شركة بلتون ، لكنه حذر من أن الشركات الصغرى هي التي ستدفع ثمن هذه الاستحواذات في المنطقة بأكملها.