تزايد الطلب العالمي على المنتجات الحلال يحفز الاستثمار، 25 مصنعا متخصصا في تصنيع المواد الغذائية الحلال، توقعات بتزايد المصانع الغذائية الحلال في قطر, الرقابة الإسلامية المفروضة على الغذاء ميزة إضافية
خطفت تجارة المنتجات الحلال أنظار الكثير من المستثمرين على مستوى العالم، إذ أصبحت دول عدة تسعى إلى زيادة صناعتها من تلك المنتجات في محاولة منها إلى الاستحواذ على حصة كبيرة من السوق العالمية والتي يقدرعدد راغبيها عبر العالم بنحو 1.7 مليار مسلم.
وفي هذا الصدد، فإن الأنظار تتجه إلى دول مجلس التعاون الخليجي لتطوير صناعتها الغذائية الحلال وغير الغذائية، وبخاصة قطر لما تمتلكه من إمكانيات وقدرات لبناء أضخم المصانع التي تقدم أجود المنتجات الحلال، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يفتح لها أبواب التصدير مما يفرض تحديا على القطاعين العام والخاص لاستغلال تلك الإمكانات لتحتل قطر مكانتها الطبيعية على المستوى العالمي في إنتاج وتصدير المنتجات الحلال.
إمكانات قطر
أجمع خبراء ومختصون على ضرورة إيلاء صناعات المنتجات الحلال المحلية أهمية خلال السنوات المقبلة في ظل ازدياد الطلب العالمي عليها، مؤكدين أن قطر تمتلك بنية تحتية مؤهلة ومتطورة تستطيع من خلالها أن تحتل مكانة بارزة في تصنيع وتصدير المنتجات الحلال.
وقالوا لـ لوسيل إن التوسع في الصناعات الغذائية محليا من شأنه أن يسهم في تحقيق الأمن الغذائي ويخلق حالة من التوازن في الأسواق، مشددين على ضرورة دعم الصناعات الغذائية لتحقق الريادة في مجال صناعة المنتجات الحلال عالميا.
وبينوا أن تطوير صناعة المنتجات الحلال محليا تتطلب تعاون القطاعين العام والخاص بما يضمن تأسيس بنية تحتية تساعد على دعم صناعة تلك المنتجات لزيادة أعداد المصانع المحلية التي تعنى بإنتاج المنتجات الحلال، مشيرين إلى ضرورة تطوير البنية التشريعية السليمة والمشجعة للاستثمار الخاص المحلي والخارجي لدخول السوق المحلية.
وتمتلك قطر 25 مصنعا متخصصا في تصنيع المواد الغذائية الحلال، ومن المتوقع أن يصل عدد المصانع خلال العشر سنوات المقبلة إلى نحو 1000 مصنع يعنى بتصنيع المنتجات الحلال، بحسب الخبراء.
ويعد تزايد الطلب العالمي على المنتجات الحلال حافزا رئيسيا لتوسيع الاستثمار في المصانع بما يشمل المواد غير الغذائية للحفاظ على مكانة دولة قطر في المنافسة العالمية.
وباتت تستهدف تجارة المنتجات الحلال أسواقا غير إسلامية أيضا مثل الأسواق الأوروبية والأمريكية التي تضم عددا كبيرا من جاليات الدول الإسلامية، مما يفرض على البلاد الإسلامية التفكير بشكل جدي ومنطقي للعمل على تطوير تلك المنتجات وتعزيزها في الأسواق الجديدة التي تلقى رواجا فيها.
من المتوقع أن يرتفع الإنفاق العالمي على المنتجات الغذائية ونمط الحياة الحلال بنسبة 10.8٪ سنوياً حتى عام 2019 ليتحول إلى قطاع دولي بقيمة 3.7 تريليون دولار، وفقاً لتقرير عن حالة الاقتصاد الإسلامي العالمي صدر عن مؤسسة تومسون رويترز في الربع الأخير من العام الماضي.
قطر مركزا دوليا
أكد رئيس لجنة الزراعة في غرفة قطر محمد أحمد العبيدلي أن عددا من رجال الأعمال تقدموا للحكومة بمقترح لجعل قطر مركزا دوليا يمنح شهادات المنشأ الحلال للمنتجات في العالم، مشيرا إلى أنه على الجميع إدراك أهمية التجارة الحلال للاقتصاد في ظل التوجه إلى تنويعه ضمن استراتيجية الدولة 2030.
وقال إن المشروع المقترح يتضمن عقد مؤتمر دولي للأمن الغذائي سنويا يتضمن 5000 زائر وأكثر من 20 ألف مربع للعرض تكون تجارة الحلال من أبرز القطاعات التي تستحوذ على المؤتمر، مشيرا إلى أن توسع تجارة الحلال وازدياد الطلب عليها يدفع باتجاه اتخاذ كافة الجهات المعنية من القطاع العام والخاص الإجراءات والتدابير التي تضمن تبوؤ قطر لمكانتها الطبيعية في تجارة المنتجات الحلال.
وأشار إلى أن المعوقات والتحديات التي تواجه تجارة الحلال عدم إيلاء الجهات المختصة الاهتمام والرعاية الكافية لتنميتها وتوسعها بالإضافة إلى الحاجة إلى تسهيلات تمويلية.
أما أحمد الخلف رجل الأعمال المتخصص في تصنيع وتجارة المواد الغذائية فبين أن قطر تمتلك بنية تحتية مميزه تؤهلها وتمكنها من الريادة في مجال صناعة وتصدير المنتجات الحلال إلى المنطقة العربية والأسواق العالمية، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، إضافة إلى أنها تضم أكبر ميناء في المنطقة تستطيع من خلاله دخول كافة الأسواق العربية والعالمية.
وأوضح الخلف أن تطوير صناعة المنتجات الحلال في قطر يحتاج إلى تكاتف وتعاون القطاعين العام والخاص لضمان زيادة حصتها في العالم، مطالبا القطاع الحكومي بالعمل على تأسيس بنية تحتية تساعد على دعم صناعة تلك المنتجات، بالإضافة إلى إيجاد البنية التشريعية السليمة والمشجعة على تصنيعها.
وقال: القطاع الخاص يلعب دورا واضحا في تطوير وتحسين تلك المنتجات بالاستفادة من الميزات العديدة والبدء بشكل حقيقي وملموس بالاستثمار في صناعة المواد الغذائية ، مؤكدا أن التوسع في الصناعات الغذائية يعمل على تحقيق الأمن الغذائي القطري من خلال إيجاد مخزون كبير من المواد الغذائية في الأسواق القطرية مما يخلق حالة من التوازن الطبيعي في الأسواق.
ووفقاً لتقرير تومسون رويترز ، فإن قطاع الأغذية الحلال وحده سينمو لما يقدر بـ 2.537 تريليون دولار بحلول عام 2019 - وذلك بعد وصوله لـ795 مليار دولار في عام 2014 - أي سيمثل ما يعادل 21.2٪ من الإنفاق على الغذاء العالمي.
وأشار إلى أن الطلب على المنتجات الحلال يزداد بشكل كبير في العالمين العربي والغربي معا وخاصة في أسواق أمريكا وأوروبا، بالإضافة إلى شمال إفريقيا مما يتطلب من القطاع الخاص القطري والخليجي مواكبة تزايد الاستثمار في مجال الصناعات الغذائية، مبينا أن قوانين المنطقة الخليجية تمنع وتحرم دخول أي من مدخلات الإنتاج غير الحلال في صناعات المواد الغذائية مما يعطي مصداقية للمنتجات المصنعة في المنطقة والمصدرة إلى الأسواق.
وطالب الخلف القطاع الحكومي بضرورة دعم الصناعات الغذائية وإعطائها الفرصة الحقيقية للتطور والتوسع بما يضمن فرض المنتجات القطرية الحلال في الأسواق العالمية كونها تمتلك ميزات تجعل تسويقها متاحا.
الأمن الغذائي
عبدالعزيز العمادي رجل الأعمال قال إن التوسع في إنتاج المواد الغذائية الحلال يساعد على تحقيق الأمن الغذائي للدولة، خاصة وأنه يتم حاليا الاعتماد على الاستيراد في تغطية احتياجات السوق المحلي من المواد الغذائية.
وبحسب العمادي فإن منتجات الحلال في قطر تشمل الحلويات والحبوب واللحوم والدجاج والمشروبات الغازية والعصائر، منوها إلى أن إنتاج وتصنيع المواد الغذائية ما زال ضعيفا في الاقتصاد المحلي، مطالبا بضرورة العمل على زيادة حصة الصناعات المحلية الغذائية في حجم الاستهلاك.
وأوضح أن قطر تمتك البنية التحتية التي تؤهلها لإنشاء وتأسيس مصانع وشركات للمنتجات الحلال الغذائية من خلال استقطاب الشركات العالمية الكبرى، مشيرا إلى أن هناك مناطق اقتصادية مؤهلة وتتوفر فيها الخدمات والبنى التحتية المطلوبة لإنشاء تلك المصانع والشركات، مطالبا بضرورة استقرار التشريعات والقوانين الخاصة بالاستثمار المحلي والخارجي التي من شأنها استقطاب الاستثمارات.
وتوقع مدير مركز اللولو التجاري محمد رشيد زيادة عدد المصانع المحلية المعنية بتصنيع المنتجات الحلال الغذائية خلال العشر سنوات المقبلة إلى أكثر من ألف مصنع في حين أنها لا تتجاوز في الوقت الحاضر 25 مصنعا، مشيرا إلى أن العديد من الشركات والمصانع العالمية تدرس إنشاء مصانع وفروع لها داخل قطر.
وأضاف أن تصنيع المواد الغذائية الحلال في قطر يمنحها مصداقية في الأسواق العالمية نتيجة للرقابة المفروضة على المواد الأولية الحلال من قبل أجهزة الدولة المختلفة، مؤكدا على ضرورة إيلاء التوسع في صناعات المنتجات الحلال مزيدا من الاهتمام لتتمكن قطر من أخذ حصتها في الأسواق العالمية، كونها تمتلك بنية تحتية مؤهلة ومتطورة تمكنها بشكل ملموس من الاستحواذ على نصيبها.
ووفقا لبيانات الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، تستهلك الدول الآسيوية من تجارة الحلال العالمية نحو 63.3%، والدول الأفريقية نحو 23.8%، في حين تستهلك الدول الأوروبية نحو 10.2% من هذه التجارة، فيما تستهلك الدول الأمريكية نحو 2.5%.