اتفق طرفا مفاوضات سلام أفغانستان، الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، على ضرورة الإسراع فـي المفاوضات لـلتوصل لحل عـادل ودائـم في أقرب وقت ممكن لإنـهاء الصراع فـي أفـغانسـتان.
واختتمت أمس بالدوحة الجلسة الثانية لمفاوضات سلام أفغانستان التي تجري برعاية دولة قطر، والرامية إلى تسوية سياسية تؤدي إلى إحلال السلام في البلاد عقب عقود من الحرب، على أن يعقدا اجتماع آخر قريباً ضمن مسار الدوحة.
وشمل البيان الختامي المشترك 4 أمور أساسية من بينها، الإبقاء على تمثيل عالٍ لوفدي الجانبين في المفاوضات، والاتفاق على تجنب استهداف البنية التحتية والمدنيين، وتقديم المساعدة للفرق الطبية لمواجهة انتشار فيروس كورونا، وعقد جولة مفاوضات أخرى قريبا بالإضافة لضرورة تسريع المفاوضات للوصول إلى حل سياسي وعادل. وأعرب الوفدان عن امتنانهما لدولة قطر على مساعيها الحميدة للتوصل لسلام دائم في أفغانستان، وكذلك دول الجوار والدول الإقليمية والمجتمع الدولي لتعاونهم في عملية السلام.
وأشار سعادة الدكتور مطلق بن ماجد القحطاني، المبعوث الخاص لوزير الخارجية لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، في البيان الختامي المشترك لجولة المفاوضات إلى أن الطرفين أكدا على ضرورة التوصل لتسوية تلبي مصالح وتطلعات جميع رجال ونساء أفغانستان وفق المبادئ الإسلامية.
من جانبه أشاد كل من عبد الله عبد الله رئيس لجنة المصالحة الأفغانية ورئيس وفد الحكومة، والملا عبد الغني برادر رئيس المكتب السياسي لطالبان في الدوحة، بجهود دولة قطر في تسهيل المفاوضات وسعيها لتحقيق السلام الدائم في أفغانستان.
وقال عبد الله عبد الله إن تحقيق السلام في البلاد يتطلب مرونة من الطرفين، مضيفا أن الأرضية مناسبة الآن للسلام في أفغانستان. وأضاف عبد الله أنه يجب تسريع المفاوضات للتوصل إلى حل يرضي الجميع، وأنه لا حل عسكريا لمشكلة أفغانستان، مما يحتم بذل الجهود للتوصل إلى حل سياسي. وشهدت مباحثات الحكومة الأفغانية وحركة طالبان عدة جلسات بين الوفدين، وعبر رئيسا الوفدين عن تفاؤلهما بالوصول لتفاهمات تُوقف التصعيد الجاري في البلاد. وتوجه الطرفان بالشكر لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى والمسؤولين لرعايتهم المفاوضات خلال الفترة الماضية.
وحسب البيان الختامي الذي حصلت لوسيل على نسخة منه، التزم الطرفان بمواصلة المفاوضات على مستوى رفيع حتى يتم التوصل للتسوية، ولهذا الغرض سوف يجتمعون من جديد وفي غضون ذلك أصدر قادة الطرفين تعليماتهم إلى وفديهما للإسراع في المفاوضات. وسيعمل الجانبان على ضمان البنية التحتية المدنية ومنع الإصابات بين المدنيين ويتعاونان على تقديم المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء أفغانستان.
وفي ضوء الانتشار الهائل لجائحة كوفيد- 19 في أفغانستان سيتخذ الجانبان جميع التدابير اللازمة لأمن الطواقم الطبية وضمان نقل وتوصيل الأدوات الطبية اللازمة لعلاج المصابين بطريقة شفافة في كافة أنحاء أفغانستان.
واتفق الطرفان على استمرار المفاوضات بين وفد الحكومة الذي سيتسمر في التواجد في الدوحة ووفد حركة طالبان للتوصل لجدول أعمال دون تحديد موعد لاستئناف التفاوض.
وشدد رئيس لجنة المصالحة الأفغانية في كلمته خلال الجلسة الختامية على ضرورة الالتزام للوصول لحل، واعتبر اليومين الماضيين بمثابة فرصة للطرفين تقربا فيهما من بعضهما البعض، ويجب أن تستمر المحادثات بين الطرفين، والتي تجد الدعم من كافة أطياف الشعب الأفغاني.
وأعرب الملا عبد الغني برادر، رئيس المكتب السياسي لحركة طالبان في الدوحة، عن شكره لدولة قطر ممثلة في حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وسعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وقال: نحن نقدر كل الجهود القطرية وتسهيلها للمفاوضات، ونحن سعداء بإجراء هذه المفاوضات، من أجل الوصول لحل للصراع. مشيراً إلى أن المفاوضات تناولت عدداً من القضايا وسنواصل هذه المفاوضات.
وكان الطرفان قد اتفقا في الجولة الأولى للمفاوضات على تشكيل لجنة مشتركة من 14 شخصاً من الطرفين للاتفاق على أجندة المفاوضات. والتي تبحث 3 قضايا أساسية وصفت بالمصيرية تشمل وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين من حركة طالبان ، وشكل النظام السياسي الجديد. وهو ما يمكن أن يؤدي، وفق مراقبين إلى تسوية سياسية تنهي العنف في البلاد. وكشفت مصادر في وفد طالبان أن الحركة قدمت اقتراحاً يتضمن إطلاق سراح السجناء لدى الجانبين والإعلان عن هدنة مؤقتة خلال عيد الأضحى وذلك ضمن إجراءات بناء الثقة بين الطرفين.
وكانت الجولة الجديدة من المفاوضات بين الطرفين انطلقت في الدوحة، السبت، وبحثت ملفات وقضايا توصف بالمصيرية، وقال عضو المكتب السياسي لحركة طالبان سهيل شاهين إن الحركة لا تبحث عن الوصول للسلطة عبر القوة العسكرية، وإنها تنظر بإيجابية للجولة الحالية من محادثات الدوحة. وأشار شاهين إلى أن الحكومة رفضت عرضا سابقا لخفض التصعيد، مؤكدا أن ما يميز الجولة الحالية من المحادثات هو حضور وفد حكومي رفيع المستوى.
وبالتزامن مع مفاوضات الدوحة يستمر التصعيد الميداني في أفغانستان، حيث أعلنت السلطات مقتل 9 مدنيين بينهم نساء وأطفال بولاية قندهار جنوبي البلاد. كما لقي 4 مدنيين حتفهم على الأقل وأصيب 4 إخوة في أرغستان بولاية ننغرهار شرقي البلاد جراء انفجار قنبلة زرعت على جانب الطريق.
واشتبكت القوات الحكومية مع مقاتلي حركة طالبان الجمعة الماضي بعدما شنت عملية لاستعادة السيطرة على معبر سبين بولداك الحدودي الرئيسي مع باكستان، في حين تسعى الحركة للتقدم شمالا والاستيلاء على معقل زعيم الحرب المناهض للحركة عبد الرشيد دستم.
وقالت حركة طالبان إنها سيطرت في الشهرين الماضيين على 194 مديرية في أفغانستان استعادت الحكومة 5 منها خلال الفترة الماضية.
وتواصل القوات الحكومية حملتها العسكرية لاستعادة مدينة سبين بولدك ومعبر تشمن الإستراتيجي على الحدود مع باكستان في ولاية قندهار جنوبي البلاد، بينما بثت حركة طالبان مقطعا مصورا لمعبر تشمن الحدودي. وكانت باكستان قد أعادت فتح المعبر السبت بشكل مؤقت عدة ساعات، ليتمكن بعض العالقين الأفغان من العودة إلى بلداتهم. وقال وزير الداخلية الباكستاني شيخ رشيد أحمد إن الأجهزة الأمنية الباكستانية تراقب ما يجري قرب معبر تشمن داخل أفغانستان، وإنها ستتخذ الخطوات اللازمة للتعامل مع أي طارئ.
وتستمر باكستان في إغلاق حدودها البرية مع أفغانستان منذ 6 يوليو الجاري، وذلك منعا لتفشي فيروس كورونا حسب ما هو معلن. غير أن مصادر محلية في باكستان لم تستبعد أن يكون الإغلاق تخوفا من موجات لجوء أفغانية جديدة إلى باكستان، بسبب تدهور الوضع الأمني. وكانت سلطات الأمن الباكستانية قد رفعت حالة التأهب على امتداد الحدود مع أفغانستان.