سكان أصحاء بدنيًا ونفسيًا ركيزة في رؤية 2030
يمثّل استخدام التبغ بكافة أنواعه في دولة قطر إحدى المشكلات الرئيسية المؤثّرة في الصحة العامة، حيث إنه علاوة على معدلات المرض والوفيات المرتبطة بهذه المشكلة، يضع التدخين عبئًا كبيرًا على خدمات الرعاية الصحية.
وتبذل الدولة جهودا كبيرة ومتسارعة لمكافحة التدخين والحد من آثاره السلبية على الصحة العامة للمواطنين والمقيمين على حد سواء، حيث أفردت الإستراتيجيات الوطنية للصحة عبر السنوات بابا يوضح الإجراءات والسياسات الوقائية للحد من الآثار السلبية لهذه الآفة والتخفيف من تعاطي التدخين بكافة أشكاله.
وتشير أحدث الإحصائيات الصادرة عن عيادة الإقلاع عن التدخين بمؤسسة حمد الطبية إلى أن 37% من السكان البالغين في الدولة يدخنون السجائر أو الشيشة، حيث تحتل قطر المرتبة الرابعة في قائمة الدول الأكثر تدخينا من بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وحددت الإستراتيجيات مجموعة الإجراءات التي يجب أن يتخذها القطاع الصحي وشركاؤه للحد من تعاطي التبغ في الدولة، حيث تستند خطة العمل على سياسة منظمة الصحة العالمية المتمثلة في تعزيز الوقاية وزيادة الأماكن الخالية من التدخين والتطبيق الفعال للتشريعات وتنفيذ القوانين، وتؤكد ركيزة التنمية البشرية لرؤية قطر الوطنية 2030 على تطبيق شعار سكّان أصحاء بدنيًا ونفسيًا .
ويؤكد خبراء لـ لوسيل على ضرورة التصدي لهذه المشكلة بكافة السبل والحد من التدخين بكافة أشكاله، مشيرين إلى أن هذه الآفة التي تكلف الدولة أموالا طائلة نتيجة زيادة كلف الرعاية الصحية لمرضى التدخين، تؤثر سلبا على الدورة الاقتصادية، إذ إن الأشخاص المنتجين والفاعلين يجب أن يكونوا أصحاء، حتى يستطيعوا المساهمة في النهضة الاقتصادية للبلاد.
وأشاروا إلى أهمية التطبيق الصارم لقانون مراقبة التبغ الذي صدر في وقت سابق والذي شمل العديد من الإجراءات العملية والعقوبات المغلظة التي تسهم في الحد من هذه المشكلة وتفادي آثارها السلبية.
الخاطر: التدخين يزيد تكلفة الرعاية الصحية
قال الخبير الاقتصادي، عبدالله الخاطر، إن دولة قطر تبذل جهودا كبيرة لمكافحة آفة التدخين إدراكا منها لخطورة هذه الآفة على صحة المجتمع، ولا سيما فئة الشباب الذين يمارسون هذه العادة السيئة بنسبة كبيرة، مشيرا الى أن الآثار السلبية لهذه الآفة تطال كافة أفراد المجتمع، حيث تزيد من معدلات الإصابة بالأمراض الخطيرة لا سيما أمراض القلب والسرطان، مما يحمِّل الدولة مزيدا من الأعباء والكلف المالية في مجال الإنفاق الصحي.
وأضاف أن آفة التبغ باتت خطرا يهدد التنمية، حيث إن تعاطي التبغ له عواقب صحية، واجتماعية، وبيئية، واقتصادية مدمرة، كما يمثل عائقاً رئيسياً أمام تحقيق التنمية المستدامة، ويؤثر تعاطي التبغ على الصحة، والفقر، والجوع، والتعليم، والنمو الاقتصادي.
وقال: لابد من زيادة التوعية بخطورة التبغ وتعاطيه على صحة المجتمع عموما، مع تقديرنا الكبير للجهود التي تبذلها الدولة حاليا من خلال التوعية وفتح مراكز متخصصة لمساعدة المدخنين للإقلاع عن هذه العادة السيئة التي تلحق بهم الأذى وتكلفهم أموالا طائلة للإنفاق عليها وعلى تبعاتها السلبية .
وشدد الخاطر على أهمية التطبيق الصارم لقانون الرقابة على التبغ ومشتقاته الذي صدر في وقت سابق، مشيدا بما جاء به القانون من عقوبات مغلظة للحد من هذه الآفة، لافتا في ذات الوقت إلى أن الأهم هو متابعة التطبيق الفعلي للقانون الذي جاء متكاملا ويعالج القضية من كافة أبعادها.
د. الملا: تزايد تدخين الشيشة بين الشباب
أكد الدكتور أحمد الملا، مستشار وزيرة الصحة العامة، مدير مركز مكافحة التدخين بمؤسسة حمد الطبية، على صياغة سياسات وقائية، وتنفيذ تدخلات للقضاء على التدخين في الدولة.
ولفت مدير مكافحة التدخين إلى أن نسبة المدخنين تتزايد بسرعة فائقة في الدولة، وبالأخص تدخين الشيشة عند الشباب والمراهقين، مستطرداً أن المركز قام بأبحاث بالتعاون مع الجهات المحلية، الدولية، والعالمية، حيث تبين أن نسبة انتشار التدخين بين الطلاب 13 - 15 عاماً تبلغ 13% والأشخاص فوق 18 عاماً 37%، بالاستناد إلى مسح يعود لعام 2000، قائلاً: إنه ولسوء الحظ، غالبا ما يعتقد الإنسان أن التدخين يشكل عادة بسيطة وبدون مخاطر صحية مرتبطة بها، لذا نأمل من خلال الدراسة أن نساهم في خفض معدلات التدخين في الدولة، وهذا لن يتحقق إلا بتحديث الدراسات المتعلقة بالتدخين، وتقييم الوضع الحالي في البلاد، حتى نبني على النتائج النهائية طرق مكافحة التدخين، والآليات التي ستدفع نحو تخفيض معدلات استخدام التبغ في الدولة، ونحن كمركز لمكافحة التدخين لا نريد أن يصبح التدخين بجميع أنواعه أمراً سائداً في المجتمع القطري، كما نريد أن نكافح التدخين السلبي غير المباشر .
وحول الحلول التي من الممكن أن تلعب دوراً في تخفيض معدلات استهلاك التبغ، أكد الدكتور الملا أنه من أهم الإجراءات، رفع الضرائب على الشركات المستوردة للتبغ ومتابعة تنفيذ وتطبيق القوانين المتعلقة بمكافحة التدخين في الأماكن العامة له انعكاس إيجابي على تخفيض معدلات استخدام التبغ.
مراكز متخصصة في حمد الطبية لتقليل أعداد المدخنين
تم مؤخرا افتتاح المركز الجديد لمكافحة التبغ في مؤسسة حمد الطبية ويهدف المركز إلى مكافحة التدخين والتقليل من أعداد المدخنين والحد من الأضرار الصحية بعيدة المدى المترتبة على التدخين في المجتمع القطري.
وسيتم إعداد دراسة نهاية العام الحالي من خلال عينات عشوائية من المجتمع تستغرق قرابة 4 أشهر، ورفع النتائج النهائية إلى وزارة الصحة العامة، على اعتبارها الجهة المعنية في رسم السياسات والإجراءات فيما يتعلق بالحد من انتشار التدخين في الدولة.
تشريعات قانونية رادعة للحد من التدخين
تشمل الحبس والغرامة
في إطار التشريعات التي تهدف للحد من آفة التدخين، صدر القانون رقم (10) لسنة 2016 بشأن الرقابة على التبغ ومشتقاته.
وجاء القانون في 25 مادة، وحظرت المادة الثانية منه زراعة التبغ وصناعته ومشتقاته سواء عن طريق تحضيره أو خلطه بمواد أخرى أو تعبئته بأي صورة من الصور، كما حظر تصنيع واستيراد الأجهزة الآلية المعدة لبيع السجائر.
ونصت المادة الرابعة من القانون، على عدم السماح بإدخال أي شحنة مستوردة من التبغ أو مشتقاته أو السجائر إلى الدولة إلا بعد الحصول على تصريح كتابي من الوزارة، يفيد باستيفاء الشحنة للمواصفات القياسية المعتمدة.
ومنح القانون الوزير المختص صلاحية تحديد كمية القطران والنيكوتين المسموح بها في السيجارة الواحدة.
كما حظر القانون تعاطي وتصنيع السويكة بأي شكل وتحت أي مسمى، كما حظر القانون بيع التبغ أو مشتقاته او تقديمه بدون مقابل لمن لم يتم الثامنة عشرة من عمره، ولا يقبل من البائع الاعتذار بجهله حقيقة عمر المشتري وقت البيع. كما حظر القانون أي شكل من أشكال الدعاية أو الترويج أو الرعاية أو الإعلان عن التبغ بقصد التشجيع على التدخين.
وشدد القانون عقوبات مخالفة أحكامه لتصل إلى الإغلاق من شهر إلى 3 أشهر، كما تضمنت العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز 6 أشهر وبالغرامة التي لا تزيد عن 100 ألف ريال أو بإحدى العقوبتين كل من خالف أياً من أحكام مواده.
ونص على معاقبة المدخن في الأماكن العامة المغلقة المحظور التدخين فيها بغرامة لا تقل عن ألف ريال ولا تزيد عن 3 آلاف ريال. كما حظر التدخين أثناء قيادة السيارة وفرض غرامة لا تزيد على 3 آلاف ريال على كل من يدخن السجائر أثناء القيادة وبصحبته من لم يتم الثامنة عشرة من العمر.
634 مليون ريال واردات التبغ في 2017
بلغت قيمة واردات قطر من التبغ بكافة أنواعه 634 مليون ريال خلال العام الماضي 2017، بحسب أرقام التجارة الخارجية الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء.
وجاءت قيمة المستوردات على النحو التالي: تبغ 282.2 مليون ريال، سجائر عادية لفائف 261.6 مليون ريال، معسل اراجيل 10.8 مليون ريال، سيجار غليظ ورفيع 9.2 مليون ريال، تبغ غليون 105 آلاف ريال، جراك 120 ألف ريال، تبغ مكبوس ومتجانس 250 ألف ريال.
6 ملايين حالة وفاة حول العالم سنويا
على الصعيد العالمي، تفيد الإحصائيات الرسمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بأن استهلاك التبغ يودي بحياة 6 ملايين شخص سنويًا، من بينهم 600 ألف حالة وفاة نتيجة التعرض لدخان التبغ غير المباشر، وهو الدخان الذي يتم استنشاقه لا إراديًا من التبغ الذي يدخنه الآخرون.
وبهذا، يشكّل وباء التبغ العالمي خطرًا واضحًا على المدخنين وغير المدخنين على حد سواء، وتدعو المنظمة الى ضرورة مكافحة هذه الآفة من خلال التعاون والتنسيق بين دول العام أجمع.
وتحيي منظمة الصحة العالمية في 31 مايو من كل عام اليوم العالمي للامتناع عن التبغ، من خلال تسليط الضوء على المخاطر الصحية والمخاطر الأخرى المرتبطة بتعاطي التبغ بالدعوة إلى وضع السياسات الفعالة للحد من استهلاك التبغ.