الظاهرة تشهد رواجا في رمضان.. خبراء ومستهلكون لـ «لوسيل»:

مخاوف من ترويج الطعام المنزلي عبر الإنترنت في ظل جائحة كورونا

لوسيل

وسام السعايدة

يعتبر شهر رمضان المبارك موسما هاما وحيويا لما يعرف بـ تجارة بيع الطعام المنزلي عبر الإنترنت ، حيث تعج منصات التواصل الاجتماعي المختلفة قبيل وخلال الشهر المبارك بكَمّ هائل من الإعلانات الترويجية والتي يتم من خلالها تقديم مختلف العروض للمستهلكين التي تتضمن توفير وجبات غذائية جاهزة من مختلف أصناف الطعام ولمختلف الجنسيات والثقافات التي تعيش على أرض دولة قطر.

وتتضمن مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها الإنستغرام و الفيسبوك و سناب شات تحديدا مئات الصفحات المتخصصة بهذا النوع من التجارة، حيث يقوم الأشخاص القائمون عليها بنشر المئات من الصور التي تتضمن أنواع الطعام وكذلك الأسعار، حيث يروجونها بطريقة تجذب أنظار المستهلكين وبأسعار وصفها البعض بأنها مرتفعة ومبالغ فيها.

وفي ظل جائحة كورونا التي يشهدها العالم منذ 2019، ومع زيادة خطورة الوباء الذي حصد ملايين الأرواح من البشر ارتأت لوسيل أن تسلط الأضواء على هذا الموضوع الهام والذي يتعلق بصحة وسلامة الأفراد لا سيما وأن الغذاء من الممكن أن يكون وسيلة سهلة لنقل الأمراض والأوبئة خاصة إذا تم إعداده في بيئة غير صحية ولا تراعي أدنى متطلبات شروط الصحة العامة.

وعقب استطلاع آراء عدد من المختصين والمستهلكين على وجه الخصوص تفاوتت الآراء بين مؤيد ومعارض للشراء من خلال هذه المنصات، حيث يرى بعض المؤيدين أن الشراء آمن من هذه المنصات إذا كان المستهلك على علاقة أو معرفة بالجهة التي يريد الشراء منها أو كان له تجربة سابقة في الموضوع، فيما يرى المعارضون للشراء من هذه المنصات أنها تشكل خطورة كبيرة على صحة وسلامة الأفراد لا سيما في ظل جائحة كورونا حيث من الممكن أن تكون هذه المنتجات سببا في نقل العدوى أو نقل أمراض أخرى لا سيما مع دخولنا في فصل الصيف مع الإجماع على أن هناك مبالغة في الأسعار في أغلب الأحيان.

فيما دافع عدد من القائمين على هذه التجارة عن منتجاتهم وأكدوا أنهم يراعون أعلى درجات السلامة العامة والشروط الصحية وأن لهم زبائنهم المعروفين لديهم والذين يثقون بمنتجاتهم.

قال السيد خالد فخرو إنه لا يلجأ إلى شراء ما يسمى الطعام المنزلي عبر شبكات التواصل الاجتماعي إيمانا منه بأنها قد تكون خطيرة على الصحة لا سيما أنها قد لا تخضع للرقابة والشروط الصحية خاصة في ظل الظروف الحالية وانتشار فيروس كورونا مما قد تكون هذه المنتجات سببا في نقل العدوى لا قدر الله.

وأضاف أن هذه الظاهرة المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي تنتشر بسرعة هائلة عبر منصات التواصل الاجتماعي وتحتاج إلى رقابة صارمة وضوابط واضحة من خلال تقنينها، بحيث لا تتم مزاولتها إلا من خلال تراخيص واشتراطات صحية وقانونية، خاصة أن خطورة هذه المهنة تتمثل في تحول مطبخ المنزل إلى مطبخ كبير يقوم بإعداد مئات الوجبات يوميا، والغرض الوحيد لأصحابها تحقيق مكاسب مادية بغض النظر عن جودة المواد المستخدمة، أو نظافة المكان والأدوات، وكذلك الحالة الصحية للشخص الذي يطهو الطعام.

وشدد فخرو على ضرورة أن يفكر كل شخص عند الشراء من هذه المنصات في مدى جودة الطعام وتوفر الشروط الصحية، مؤكدا أنه لا يحبذ هذا النوع من التجارة وقد يلجأ إلى الشراء من المطاعم لا سيما المعروفة للجميع لإيمانه أنها تخضع لمراقبة دائمة من قبل الجهات الرسمية في الدولة وحملات تفتيشية، وهنا تكون الخطورة لا قدر الله أقل بكثير من طعام يطبخ داخل منازل ولا نعرف الظروف التي يتم إعداده خلالها.

بيئة خصبة للأمراض

جدد أنور قديسات، أخصائي تغذية علاجية في مؤسسة حمد الطبية التأكيد على خطورة هذه الأطعمة، لا سيما أنه يتم إعدادها في ظروف لا يعلمها المشترون، فهي لا تعد في مطعم مرخص يخضع مثلا للرقابة المتكررة والفحوصات المتعددة للمواد الخام المستعملة والأفراد الذين يعدون الطعام، فمن خلال ترويج الطعام عبر الإنترنت نحن لا نعلم الظروف الصحية التي تم من خلالها إعداد الطعام، خاصة أن هناك اشتراطات عامة في هذا الخصوص تتمثل في جودة المواد الخام التي دخلت في عملية الطهي، ودرجات الحرارة التي حفظت فيها الأطعمة سواء درجات مرتفعة أو منخفضة، هذا كله بالإضافة إلى عدم معرفة المشترين بالحالة الصحية للشخص الذي قام بإعداد الطعام، حيث إن هناك العديد من الأمراض الخطيرة التي يمكن أن تنتقل من خلال هذا الطعام مثل السالمونيلا وغيرها من الأمراض.

وأكد قديسات على أهمية تكثيف الرقابة على هذه المنصات من خلال تنظيمها بأي طريقة كانت، وتغليظ العقوبات بحق المخالفين لا سيما في ظل انتشار جائحة كورونا حول العالم، بحيث لا تصبح وسيلة لنقل العدوى بين أفراد المجتمع.

كما دعا المستهلكين إلى عدم شراء مثل هذه المنتجات نظرا لخطورتها، لافتا إلى أن الخطورة في هذه المنتجات تتمثل في أنها قد تعرض مجموعة كبيرة من الأفراد لأمراض ما، خاصة أن هناك من يقوم بشراء كميات كبيرة من تلك الأطعمة للعديد من المناسبات الاجتماعية المختلفة.

الثقة هي الأساس

قالت السيدة أمل عبدالله، مالكة زاد الطيبين للأكلات الشعبية إنها تراعي في عملها كافة شروط السلامة العامة التي تضمن طعاما صحيا نظيفا للزبائن، لا سيما في ظل الظروف الحالية التي تشهد انتشارا كبيرا لفيروس كورونا المستجد كوفيد- 19 .

وأضافت حقيقة أستطيع التحدث عن مشروعي فقط فيما يتعلق بشروط السلامة العامة والنظافة، ولا أريد أن أعمم هنا عن التزام الجميع بهذه الشروط والتعليمات، فأنا شخصيا أعمل على مبدأ الثقة والعلاقة الوطيدة التي تم بناؤها مع زبائننا وكل من تعامل معنا يعرف جيدا جودة منتجاتنا، ولا شك أن المصداقية هي أساس هذه المهنة التي يتكسب منها الكثيرون، وأنا شخصيا أعتبر أن الثقة مع الزبائن والصدق يجب أن يكون هو الأساس، وفي هذا الإطار أريد أن أبين أن هناك زحاما شديدا وفوضى عارمة في هذا المجال وهذا يظهر جليا عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهناك من يبحث عن الكسب السريع على حساب جودة ما يقدم من أكلات وحلويات، لدرجة أن هناك بالفعل طعاما رديئا جدا . وتضيف السيدة أمل: لديَّ رخصة وشهادة طبية لمزاولة مهنة الإنتاج الغذائي المنزلي، ولديَّ سجل تجاري بحسب القوانين المعمول بها، ولي مشاركات عديدة في الكثير من المهرجانات مثل درب الساعي، ولديَّ زبائن يثقون بما أقدم لهم من طعام، ولا أغامر إطلاقا بسمعة منتجاتي وثقة زبائني .

وأكدت أنها تحرص على الاهتمام بنظافة المطبخ والمواد المستخدمة في إعداد الطعام، وأن تتوفر الشروط الصحية، وطهي الوجبات بشكل آمن وصحي، لأنَّ الزبون يستطيع الحكم على نظافة الطعام من عدمه.

تقنين تجارة الإنترنت

في إطار بحث هذا الموضوع من ناحية تشريعية ناقش مجلس الشورى في دور انعقاد سابق هذا الموضوع من كافة جوانبه، حيث أكد ضرورة تشديد الضوابط على ممارسة الأعمال التجارية والبيع من خلال المواقع الإلكترونية في الدولة، وإصدار شهادة ورخصة تسجيل للمنتج وتوقيع على أن تكون جميعها إلكترونية، وتفعيل منصات الدفع الإلكتروني.

وأكد المجلس في حينه أن هذه الظاهرة في تزايد، وأن هناك سوقا كبيرة غير معلنة وغير مقننة تشمل المواد الغذائية والمواد الأخرى، وبالتالي هناك تخوف من تضرر صحة الناس عند بيع المواد الغذائية بهذه الطريقة غير المعروف مصدرها ولا توجد عليها رقابة صحية.

وأشار إلى أن سوق التجارة الإلكترونية المحلي ينمو بوتيرة متسارعة خصوصا في ظل تنامي المشاريع المنزلية التي تروج لمنتجاتها على منصات التواصل الاجتماعي التي تواجه الجهات الرسمية صعوبة في الرقابة عليها، حيث كان من ضمن المقترحات تسجيل جميع الباعة عبر المنافذ الرقمية لتسهيل الرقابة على مبيعات المنتجات والخدمات عبر الإنترنت.

وشدد على ضرورة فرض رقابة من قِبَل الجهات المختصة مثل وزارات البلدية والبيئة والصحة لضمان سلامة المستهلكين والحفاظ على صحتهم، ومن ناحية أخرى عدم المطالبة بتوافر اشتراطات مغالى فيها سواء من وزارة البلدية أو الدفاع المدني تفوق قدرات وإمكانيات هؤلاء الأشخاص الذين يهدفون إلى مجرد تحسين أوضاعهم المعيشية، بالتالي إيجاد توافق في المصالح وتوازن بتحقيق المصلحة الخاصة دون الإضرار بالمصلحة العامة، على أن تتضمن الأدوات التشريعية عقوبات للمخالفين، وتطبيق الشروط الخاصة بالقوانين التجارية ذات الصلة بمن يمارسون التجارة الإلكترونية في الدولة.

التجارة والصناعة : شروط محددة لمزاولة الأعمال التجارية في المنازل

في إطار جهود وزارة التجارة والصناعة في تنظيم بيئة الأعمال وخلق بيئة استثمارية وفرص محفزة لرواد الأعمال، وأصحاب المشاريع الصغيرة لتشجيعهم وتحفيزهم نحو الإنتاج والعمل الحر، أعلنت الوزارة في وقت سابق عن مبادرة منح تراخيص لمزاولة الأعمال التجارية في المنازل التي تتكون من أنشطة لا تتطلب تكاليف عالية، ويعتمد فيها على المهارات الشخصية بصفة أساسية ولا تستخدم فيها المعدات المقلقة للراحة أو المواد الخطرة ويكون الهدف منها الحصول على قدر من الربح وتوفير التكاليف المعيشية للمرخص له وذويه.

وحددت المبادرة الأنشطة المسموح بمزاولتها كالخياطة والتطريز، وخدمات المناسبات وتشمل (تصوير الأفراح والمناسبات، عمل التحف والهدايا وتجهيز وتغليف الهدايا، وتصميم البطاقات والهدايا يدويا، وتنسيق الزهور الطبيعية والصناعية) بالإضافة إلى الخدمات الإلكترونية وتشمل (التصاميم الإلكترونية باستخدام الحاسوب ويستثنى من ذلك التصاميم الهندسية والتي تدخل من اختصاص المكاتب الهندسية)، والأعمال الخدمية كخدمات الطبخ والنسخ وتغليف الكتب المدرسية وتجليدها، وأنشطة التجميل كعمل وتحضير العطور ومستحضرات التجميل، بالإضافة إلى الأنشطة الغذائية كتحضير البن والتوابل والبهارات وإعداد وتحضير الوجبات.

وتضمنت المبادرة الضوابط العامة لمنح تراخيص لمزاولة الأعمال التجارية في المنزل وتتمثل في أن يقتصر الترخيص لنشاط واحد فقط، ألا يكون للشخص أكثر من ترخيص في المنزل الواحد، الالتزام بوضع لوحة تعريفية مند مدخل المنزل توضح الاسم التجاري للمشروع ورقم الترخيص، الالتزام بعدم وضع أي لوحة دعائية أو ترويجية أو الأعلام أو اللوحات الشريطية على المنزل أو الجدران الخارجية له، وألا يؤثر النشاط المطلوب ترخيصه على حركة المرور في المنطقة، أو يسبب إزعاجا لسكان المنطقة، والالتزام بعدم ممارسة البيع مباشرة للجمهور من المنزل (إمكانية توصيل الطلبات).

يتوقع أن تقفز بنسبة 150% في 2022

جائحة كورونا ترفع الطلب على خدمات التسوق الإلكتروني

تعتبر دولة قطر من الدول السباقة في نمو التجارة الإلكترونية، وقد شهدت السنوات الماضية ولا سيما في ظل جائحة كورونا نموا متزايدا للطلب على التسوق الإلكتروني.

وكان التوجه الأكبر سابقا إلى المواقع الإلكترونية خارج قطر خاصة في الولايات المتحدة والصين وأوروبا، إلا أنه في السنوات القليلة الماضية ارتفع عدد المتاجر الإلكترونية المحلية في قطر التي تقدم خدمات التجارة الإلكترونية في مختلف القطاعات، ومع المتغيرات التي فرضها فيروس كورونا على كافة القطاعات الاقتصادية وطبيعة الممارسات اليومية للأفراد وإجراءات التباعد الاجتماعي، تفاعلت العديد من المواقع وباتت تقدم خدمات متكاملة عبر منصات ومواقع وبوابات إلكترونية تشهد نموا مطردا سواء على صعيد الكم أو طبيعة الخدمات المقدمة أو مواءمتها للمتطلبات التقنية أو الأمنية.

وبحسب بيانات حديثة يوجد نحو 357 متجرا إلكترونيا معتمدا في قطر ضمن بوابة التجارة الإلكترونية، وتنشط تلك المتاجر الإلكترونية من أكثر من 20 قطاعا ونشاطا تجاريا.

وتتركز تلك القطاعات في 47 متجرا إلكترونيا عاما و37 متجرا إلكترونيا لمنتجات الطعام و33 متجرا إلكترونيا للملابس و33 متجرا إلكترونيا للهدايا و24 متجرا إلكترونيا للإلكترونيات و19 متجرا إلكترونيا للجمال والتجميل و21 متجرا إلكترونيا للموضة و15 موقعا إلكترونيا لخدمات توصيل الطعام و14 متجرا إلكترونيا للصحة و13 متجرا إلكترونيا للألعاب والرياضة و10 مواقع للبقالة.

ويتوقع أن تقفز قيمة معاملات التجارة الإلكترونية خلال الثلاث سنوات المقبلة بنحو 150% وتحقيق عوائد تصل إلى 12 مليار ريال في عام 2022، ولكن عبر توثيق الشركات العاملة بهذا المجال، وتستحوذ الشركات المحلية على نحو 38% من إجمالي قيمة تلك المعاملات في حين تستحوذ الشركات الأجنبية على 62% منها.

وتشير أحدث البيانات الصادرة عن وزارة المواصلات والاتصالات، بشأن تقدم دولة قطر في استخدام الإنترنت، إلى تسجيل المجتمع القطري استخداماً عالياً بين أفراده للإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، وبات 95% من أفراد المجتمع يستخدمون الإنترنت بالمقارنة مع 85% في عام 2013، في حين بلغت نسبة الأسر التي لديها اتصال بالإنترنت 96%. كما أظهرت بعض الأبحاث أن أفراد المجتمع القطري يقضون في المتوسط حوالي 45 ساعة أسبوعيًا على شبكة الإنترنت، أي قرابة ضعف ما يقضيه غيرهم في بعض الدول.