مع تقلبات السوق

200مليار دولار احتياجات صناعة النفط الإيرانية

لوسيل

السر سيد أحمد

حفلت الأيام القليلة الماضية ببعض التطورات التي ستلقي بظلالها على السوق النفطية على الأقل حتى نهاية هذا الشهر حيث يفترض أن يلتقي وزراء النفط في منظمة أوبك في أحد أهم اجتماع لهم خلال العامين الماضيين ويواجهون بتحدي تحويل عموميات اتفاق الجزائر إلى تفاصيل ملزمة أم يفشلوا في ذلك، الأمر الذي يفتح الباب أمام تراجع سعري قد يدفع بسعر البرميل إلى 40 دولارا كما توقعت شركة الاستشارات قولدمان ساكس.

الجمعة الماضي سجلت أسواق النفط المستقبلية تراجعا بنسبة 9 % وهو الأكبر منذ يناير الماضي. هذا التراجع عززه أداء السوق في أول يوم عمل هذا الأسبوع وهو الإثنين ويعود بصورة رئيسية إلى عاملين: الزيادة الكبيرة في حجم المخزونات الأمريكية في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر المنصرم وما تردد عن استمرار الخلافات بين الرياض وطهران حول تفاصيل حول مشاركة الأخيرة في الصفقة المقترحة.

سكرتارية الأوبك في فيينا أصدرت بيانا أرجعت فيه ما يحدث في السوق إلى التحليلات المتشائمة لبعض الخبراء ومؤكدة في الوقت نفسه أن المنظمة على طريق استكمال اتفاق الجزائر وأن التقارير التي تتحدث عن موت أوبك سيتضح مرة أخرى عدم دقتها كما حدث عدة مرات في الماضي.

هناك نقطتان أساسيتان لابد من وضعهما في الاعتبار: أولهما أن الاجتماع المشار إليه انعقد على مستوى الخبراء، وهؤلاء في العادة يتبنون أكثر المواقف تشددا تاركين لرؤسائهم مجالا للتنازل والتوصل إلى صفقة ما، وبعبارة أخرى فإن ما يجري على مستوى الخبراء قد لا يعكس بالضرورة الموقف النهائي لكل دولة. أما العامل الثاني فيتمثل في البعد الزمني إذ تبقت حوالي ثلاثة أسابيع حتى لقاء أوبك على مستوى الوزراء، والأسبوع في عالم السياسة كما في الاقتصاد فترة طويلة جدا.

من الناحية الأخرى فإن الخلاف السعودي الإيراني حول مشاركة الأخيرة في الاتفاق يتجاوز اللحظة الآنية إلى المستقبل فيما يبدو وإلى أي مدى يمكن لعضوية المنظمة أن تشكل قيدا على حرية كل دولة في التصرف منفردة وفق ما تراه ملائما لمصلحتها الوطنية.
وخلال اليومين الماضيين أعلن عن توصل إيران إلى اتفاق مع كل من شركتي توتال الفرنسية والشركة الصينية الوطنية للبترول لتطوير حقل بارس الجنوبي الضخم لإنتاج الغاز، وهي أكبر اتفاقية تعقدها إيران مع شركات رئيسية منذ رفع الحظر الغربي عليها هذا العام، الأمر الذي يعطي إشارة على مدى استعداد الشركات العالمية للدخول إلى الساحة الإيرانية، علما أن تقديرات الخبراء تشير إلى أن إيران تحتاج إلى استثمارات أجنبية في حدود 200 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة وذلك لرفد صناعة النفط والغاز لديها والتعويض عن فترات طويلة بسبب المقاطعة الاقتصادية والحروب وعدم الاستقرار.
الاتفاقية الإيرانية الصينية الفرنسية لا تزال في المرحلة الإطارية ويقدر أنها تحتاج إلى فترة ستة أشهر على الأقل لاستكمال التفاصيل وتحديد الأنصبة، الأمر الذي يمكن أن يعطي مؤشرات لمستقبل العلاقة الإيرانية مع الشركات الأجنبية.