المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في حوار خاص لـ"لوسيل":

الدبلوماسية القطرية أفشلت حملات مغرضة استهدفت مسيرة التقدم والازدهار

لوسيل

حوار: شوقي مهدي

تعكس سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة بنيويورك، صورة مشرفة للمرأة القطرية في الخارج ورأس رمح الدبلوماسية القطرية في الأمم المتحدة.

تلتقيها لوسيل في أول حوار لها مع صحيفة قطرية، ينشر على جزءين، تشرح فيه مواقف قطر في المنظمة الدولية، وكيف أصبحت الدوحة منصة عالمية للحوار ومركزا أمميا لمنظمات الأمم المتحدة الرئيسية، وشريكا موثوقا به للأمم المتحدة.

خلال مسيرتها المهنية حققت العديد من الإنجازات على الصعيد الدبلوماسي لدولة قطر وكان صوت قطر في أروقة الأمم المتحدة في أصعب الظروف بدءاً من الحصار الذي كان مفروضاً على قطر وليس انتهاء بأزمة وباء جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على العمل الدبلوماسي داخل المنظمة الدولية.

ناقشت سعادة الشيخة علياء في الجزء الأول من الحوار مواقف قطر ممثلة في حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في الأمم المتحدة، تجاه القضايا الإقليمية والدولية، والوساطة القطرية ودورها في تسوية النزاعات، وشراكات قطر النموذجية مع أجهزة الأمم المتحدة.

كما سلطت سعادة الشيخة علياء آل ثاني الضوء على جهود دولة قطر في تسيير العمل الدبلوماسي خلال الجائحة، وافتتاح مكتب الرؤى السلوكية كإحدى ثمرات التعاون لمكافحة الإرهاب مع الأمم المتحدة.. إلى الجزء الثاني والأخير من الحوار:

إنجازات قطرية

- برأيك ما هي أبرز الإنجازات التي حققتها قطر في المحافل الدولية بما فيها إنجازات الوفد الدائم لدولة قطر بالأمم المتحدة؟

بحكم عملنا الميداني في الأمم المتحدة فإن الوفد الدائم يبذل جهوداً دؤوبة لدعم القضايا التي تهم دولة قطر والحفاظ على مصالح الدولة، وتسليط الضوء على مواقفها في مختلف القضايا المطروحة، والتعاون مع وفود الدول الأعضاء وفي إطار المجموعات التي ننتمي لها ومع أجهزة الأمم المتحدة لتحقيق مصالح الدولة.

وكما هو معلوم فإن مقر الأمم المتحدة بنيويورك يُعد مركز صنع القرار للمجتمع الدولي، ويضم مكتب الأمين العام ووكلائه ومساعديه، والأجهزة السياسية للمنظمة الدولية، وهي الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والأجهزة المختصة بمكافحة الإرهاب، والمنظمات الدولية المختلفة. لذلك فإن القرارات التي تُعتمد في نيويورك، لها آثارها الكبيرة المباشرة على الدول والمنظومة الدولية، ومنها منطقتنا العربية.

ومن هنا فإننا نحرص على المشاركة في جميع الاجتماعات والمؤتمرات وأفرقة العمل وغيرها من الأنشطة التي تُعقد في الأمم المتحدة بنيويورك، والمشاركة في صياغة واعتماد القرارات، والإدلاء ببيانات لعرض مواقف دولة قطر، والمتابعة اليومية والتفصيلية للقضايا التي تحظى بأولوية لدى الدولة ذات الصلة بمصالحنا الوطنية، وتنفيذ توجيهات قيادة الدولة لدعم القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والقضايا المرتبطة بأمن واستقرار المنطقة. كذلك عكس توجهات القيادة وسياسة الدولة في جميع المسائل المتعلقة بالقضايا التي توليها الدولة أهمية خاصة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ونعمل على إظهار جهود دولة قطر في مجال تعزيز السلم والأمن الدوليين والتنمية وحقوق الإنسان والقضايا الإنسانية، ومكافحة الإرهاب، والتعاون مع الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، لمعالجة جذور الإرهاب والتصدي لخطاب الكراهية ضد الأديان والإساءة للرموز الدينية وغيرها من المسائل الهامة.

مشاريع القرارات

إن دولة قطر اليوم وبفضل الله وتوجيهات قيادتنا الحكيمة حاضرة بقوة في محافل الأمم المتحدة وتُشارك بفعالية من خلال إسهاماتها الإيجابية والملموسة في صياغة مشاريع القرارات وتقديم المبادرات لتعزيز السلم والأمن الدوليين، وحقوق الإنسان، وتنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية 2030، ومواجهة آثار تغير المناخ، ومكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف وحوار الحضارات والثقافات والأديان، والتعليم، والشباب والمرأة والطفل، والإغاثة الإنسانية، وفي الوساطة لتسوية النزاعات بالطرق السلمية، ونقوم في هذا الشأن بالإدلاء ببيانات في اجتماعات الجمعية العامة ومجلس الأمن ولجانه واللجان الرئيسية الستة للجمعية العامة وفي مختلف المحافل الأممية لعرض مواقف دولة قطر.

واعتمدت الجمعية العامة العديد من القرارات التي قدمتها دولة قطر في مختلف القضايا، وأشير منها على سبيل المثال، قرار الجمعية العامة الذي تم اعتماده بالإجماع في شهر ديسمبر الماضي 2020 بمنح مركز المراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة للتحالف العالمي للأراضي الجافة، الذي سبق وأن أنشئ بمبادرة من حضرة صاحب السمو بهدف مواجهة تفاقم ظاهرة تغير المناخ، والمخاطر التي تتعرض لها الكثير من الدول النامية نتيجة للجفاف والتصحر، وكذلك اعتماد الجمعية العامة للقرار 74/275 الذي قدمته دولة قطر، بإعلان يوم 9 سبتمبر اليوم العالمي لحماية التعليم من الهجمات، والذي كان بمبادرة من صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر.

وأود التنويه في هذا الخصوص بأن عملنا في الوفد الدائم يستند إلى خطابات حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، والتوجيهات التي تردنا من سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، والتنسيق مع جهات الاختصاص بالدولة.

وفي إطار تعزيز دور دولة قطر في الدبلوماسية المتعددة الأطراف، والاهتمام الذي توليه الدولة لهذا الجانب الذي يخدم مصالحها وأولوياتها، فقد تمكنا من إبرام اتفاق شراكة مع الأمم المتحدة لتعزيز قدرات الدبلوماسيين المبتدئين، وتأهيلهم للعمل في الأمم المتحدة، فقد التحق مؤخراً عدد من الشباب القطريين للتدريب والعمل بالمنظمة الدولية، مما سيساهم في تعزيز حضورنا في أجهزتها، وبما يحقق المصلحة الوطنية، ويرفد الدبلوماسية القطرية بالقدرات اللازمة في هذا الجانب.

إننا نشعر بالفخر والارتياح بأن جهود دولة قطر والنتائج المبهرة التي تحققها هي موضع تقدير دول العالم وأجهزة الأمم المتحدة.

إن المكانة التي تتبوأها دولة قطر في الأمم المتحدة وعلى الساحة الدولية، وما تحظى به من احترام وثقة بسياستها من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ينبغي أن تكون موضع فخر لجميع القطريين، فقد كانت الشراكات مع أجهزة الأمم المتحدة والتي تطرقت لها آنفاً، والنجاحات التي تحققت لترجمة سياسة الدولة في هذا الميدان هي ثمرة للجهود المبذولة من الدبلوماسية القطرية، ونحن كوفد دائم جزء منها، لترجمة وتنفيذ رؤية حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى.

إنجازات متعددة

وانعكس مستوى الثقة بالدور الفاعل لدولة قطر في اختيارها من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتولي العديد من المهام البالغة الأهمية للمجتمع الدولي، وأشير منها على سبيل المثال إلى تكليفي كمندوب دائم لدولة قطر بعدة مهام من بينها نائب رئيس الدورة (73) للجمعية العامة، وتيسير قيادة المفاوضات الحكومية الدولية حول الإعلان بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة، الذي اعتمده الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة بمشاركة رؤساء الدول والحكومات بتاريخ 21 سبتمبر 2020، ورئاسة المفاوضات الحكومية الدولية بشأن مسألة التمثيل العادل في مجلس الأمن وزيادة عدد أعضائه والمسائل الأخرى ذات الصلة بمجلس الأمن بشأن إصلاح مجلس الأمن، والتي أفضت إلى اعتماد مقرر بإجماع الدول الأعضاء، وفق المقترحات التي قدمناها بصفتنا رئيسا للمفاوضات. وتم انتخابنا في شهر يونيو المنصرم رئيساً للجنة القانونية المختصة بالقانون الدولي (اللجنة السادسة) للدورة (76) للجمعية العامة للأمم المتحدة. تيسير قيادة المشاورات الحكومية الدولية بشأن عملية استعراض تنفيذ قرار الجمعية العامة 68/1 المتعلق بتعزيز المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وتيسير المشاورات للدول الأعضاء في الأمم المتحدة للتحضير للاجتماع رفيع المستوى لتقييم خطة العمل العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، سبتمبر 2017، ورئاسة الدورة الخمسين للجنة السكان والتنمية التي عُقدت في شهر أبريل 2017، ورئاسة اللجنة التوجيهيَّة خلال الفترة من 2016 - 2017 للتحالف العالمي التي تقود عملية صنع القرار بهدف المساهمة في الإبلاغ عن التقدم المحرز في تنفيذ الهدف (16) من أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 المعني بالتشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة وشاملة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع. ورئاسة مجموعة أصدقاء المسؤولية عن الحماية لفترة ثلاث سنوات، ورئاسة مجموعة أصدقاء المحاسبة في سوريا، ورئاسة مجموعة أصدقاء الرياضة من أجل التنمية والسلام. ورئاسة مجموعة أصدقاء التعليم من أجل المواطنة العالمية ورئاسة مجموعة أصدقاء التكافؤ بين الجنسين.

الوساطة كخيار إستراتيجي

- إلى أي مدى نجحت السياسة لدولة قطر في وضع الوساطة كخيار إستراتيجي؟ ودورها في حل النزاعات في الإقليم والعالم؟

إن التفاقم المفزع للنزاعات وآثارها الخطيرة على السلم والأمن الدوليين، علاوة على كلفتها الباهظة، في ظل شح الموارد على مستوى الدول والأمم المتحدة، تستدعي مضاعفة الجهود لمنع تلك النزاعات والتوصل لحلول لها بالطرق السلمية، من خلال الوساطة وفق ما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة.

وتسعى دولة قطر إلى ضمان أن يسود السلام لا سيما في المنطقة من خلال التصدي للأسباب الجذرية لعدم الاستقرار، كما تعمل باستمرار على المساهمة بشكل بنّاء في التوصل إلى حلول سلمية للنزاعات والخلافات القائمة حيث كان ذلك ممكنا.

إن دولة قطر وإذ تعمل بموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي يُؤكد على حل النزاعات بالوسائل السلمية، فإن تجربتنا عبر السنوات التي مضت أكَّدت بأن الوساطة هي من أفضل الوسائل الفعَّالة لتجنب وقوع النزاعات ولتحقيق السلام الذي ينشده العالم أجمع، حيث تحفظ الوساطة وحدة وتآلف المجتمعات، ولها انعكاس مباشر على السلم والأمن الدوليين، لذا فإن دولة قطر تواصل دورها لنزع فتيل النزاعات والصراعات وتحقيق السلام المنشود، وبما يلبي أهداف ومقاصد الأمم المتحدة.

جهود الوساطة القطرية

لقد باتت جهود الوساطة القطرية معروفة للجميع، حيث أثبتت نجاحها في التوصل إلى تسوية للعديد من المنازعات التي تهدد الأمن والاستقرار والسلام في العديد من الحالات.

فعلى سبيل المثال، بذلت دولة قطر على مدى سنوات جهودا حثيثة لتيسير التوصل إلى السلام في أفغانستان. ونتيجة لتلك الجهود تم التوصل في شهر فبراير من العام الماضي إلى اتفاق إحلال السلام في أفغانستان بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، وتم خلال العام الماضي تبادل للأسرى بين الحكومة الأفغانية السابقة وحركة طالبان، كما مهد الاتفاق الطريق لانطلاق محادثات السلام الأفغانية، التي بدأت في الدوحة في شهر سبتمبر من العام الماضي واستؤنفت في شهر يناير من العام الجاري. وعملت دولة قطر بالتعاون مع الشركاء الدوليين بمن فيهم الأمم المتحدة من أجل استمرار مسار الدوحة في تحقيق الغرض المتوخى منه في تيسير التوصل إلى اتفاق سلام شامل يضع حدا لحالة انعدام الاستقرار ويعيد للشعب الأفغاني ما ينشده من أمن وسلام وازدهار.

وكذلك قامت دولة قطر في الفترة الأخيرة بجهود للوساطة في الصومال على إثر الخلافات السياسية التي حدثت مؤخرا فيما يتعلق بالانتخابات، في إطار إيمان دولة قطر بأن السبيل الوحيد لحل الخلافات بين الأطراف الصومالية والتوصل إلى توافق شامل هو من خلال الحوار فيما بينهم. وفي هذا الخصوص، وجّه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، رسالة إلى فخامة الرئيس محمد عبد الله فرماجو، رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، وقد أثمرت المساعي الحميدة لدولة قطر للتوصل إلى الاتفاق بين الحكومة الفيدرالية وقادة الولايات الفيدرالية لإجراء الانتخابات على أساس اتفاق 17 سبتمبر. وفيما يتعلق بالصومال أيضا، بذلت دولة قطر مساعي حميدة لحل الخلافات مؤخرا بين الصومال وكينيا، وبذلك الخصوص، تواصل حضرة صاحب السمو، مع فخامة الرئيس أوهورو كينياتا، رئيس جمهورية كينيا، وفخامة الرئيس محمد عبد الله فرماجو، رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية. وقد أثمرت تلك المساعي عن إعلان الصومال وكينيا بشكل مشترك استئناف علاقاتهما الدبلوماسية.

القضية الأفغانية

- تعتبر القضية الأفغانية أبرز قضايا الساحة السياسية التي كانت وما زالت لقطر القدح الأعلى فيها.. ما دور دولة قطر في المنظمة الدولية تجاه هذه القضية؟ وكيف تجدون تفاعل المجتمع الدولي؟

كما ذكرتُ في جوابي عن سؤالكم السابق حول الوساطة القطرية ودورها في حل النزاعات، فقد عملت قطر منذ فترة طويلة من أجل أن يسود السلام لصالح جميع الأفغان، وفي هذا الإطار ساعدت دولة قطر في دفع عملية السلام كوسيط وشريك إستراتيجي لتحقيق الاستقرار في هذا البلد الذي عانى من ويلات الحرب والنزاعات.

وفيما يتعلق بجهود دولة قطر في القضية الأفغانية في إطار الأمم المتحدة، فقد تناول حضرة صاحب السمو في خطابه في الجمعية العامة بتاريخ 21 سبتمبر، الوضع في أفغانستان، بشكل معمق وصريح، انطلاقاً من رؤية وسياسة دولة قطر حيال حل الأزمات الدولية، وتحقيق السلم والأمن الدوليين.

وخلال مشاركة سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في الاجتماع الوزاري لمجموعة الـ (20) حول أفغانستان الذي عُقد بنيويورك على هامش الجمعية العامة، عرض رؤية دولة قطر حول الأزمة، والجهود التي تبذلها على المستويين السياسي والإنساني. كما شارك سعادته في اجتماع الترويكا الوزارية بين دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية، وركز سعادته في حديثه على سبل حل الأزمة الأفغانية.

وفي خضم التطورات الأخيرة في أفغانستان، التزمت دولة قطر بمواصلة العمل مع الشركاء الدوليين لتحقيق سلام دائم لتحقيق تطلعات الشعب الأفغاني، وواصلت الدوحة دورها كمنصة نزيهة لحل الأزمات الدولية، حيث زار الدوحة عدد من وزراء الخارجية، واستقبلهم حضرة صاحب السمو، للتعبير عن شكر وتقدير دولهم لدولة قطر على جهودها الإنسانية ودورها الفاعل خلال الأزمة، حيث تابع العالم جهود دولة قطر في تسهيل إجلاء الرعايا الأجانب والأفغان الذين تم السماح لهم بالمغادرة، باستخدام القوات الجوية الأميرية القطرية.

وفي نفس الاتجاه، لعبت الدبلوماسية القطرية دوراً مشهودا، حيث تواصل سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومع وزراء الخارجية للولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية والغربية وغيرهم، لبحث سبل تحقيق الاستقرار في أفغانستان لحماية المدنيين، كما زار سعادته أفغانستان في إطار الجهود التي تبذلها دولة قطر لتحقيق المصالحة الوطنية، والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة. كما استضافت الدوحة في شهر أغسطس الاجتماع الدولي حول أفغانستان بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين وباكستان وأوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان وتركيا والمملكة المتحدة وألمانيا والهند والنرويج.

الأمن السيبراني

- ما هي إستراتيجية قطر في التعامل مع الأزمات خارجياً؟

يواجه العالم تحديات غير مسبوقة، وتزايدا في النزاعات والأزمات، إلى جانب التحديات في مجال التنمية والتغير المناخي والتطرف والإرهاب والهجرة واللاجئين وغيرها، ويُضاف إلى ذلك موضوع الأمن السيبراني الذي يُعد أحد التحديات الخطيرة التي تقوض الأمن والاستقرار في العالم، من خلال إساءة استخدام الثورة المعرفية التي يجب أن توظف للتقدم العلمي وتقريب البشر بعضهم البعض، وهو ما يجب أن يتصدى له المجتمع الدولي ضمن إطار العمل الدولي المتعدد الأطراف في الأمم المتحدة.

ومنذ أن نالت دولة قطر استقلالها في الثالث من سبتمبر 1971، واجهت تحديات مختلفة، إلا أنه وبفضل حكمة قيادتها ورؤيتها الثاقبة والتزامها بقيمها ومبادئها، اعتمدت إستراتيجية واعدة ونجحت في بناء دولة عصرية قادرة على المواءمة بين ثوابتنا الوطنية والتطورات الدولية في مختلف المجالات، وقد اتسمت سياستها باحترام القانون الدولي والوفاء بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، ونجحت القيادة وفق هذه الرؤية في وضع الدولة في مكانة متميزة بين دول العالم، وحرصت على إقامة علاقات تعاون قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع غالبية الدول التي تحترم القانون الدولي.

مبدأ التعاون الدولي

واستناداً إلى مبدأ التعاون الدولي الذي أنشئت عليه الأمم المتحدة، حرصت دولة قطر على اتباع نهج يستند إلى ميثاق الأمم المتحدة للتعامل مع الأزمات خارجياً، واللجوء إلى الآليات التي يوفرها ميثاق الأمم المتحدة للتعامل مع الأزمات، وبحمد الله والرؤية السديدة لقيادة الدولة فإن دولة قطر تملك اليوم سجلاً ثرياً يُحتذى به في هذا الخصوص، لذا فإن مواقف دولة قطر كانت موضع احترام وتقدير الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية الدولية وغيرها، وأصبحت دولة قطر من الدول التي يُعوّل عليها لتحقيق أهداف الأمم المتحدة في مجال السلم والأمن والتنمية وحقوق الإنسان.

لذلك نرى أن التقارير الدولية تُشير دائماً إلى مكانة دولة قطر وإلى النجاحات التي حققتها قيادة الدولة في الساحة الدولية، وهو ما يؤكد عمق رؤيتها بأن مكانة الدولة لا تعتمد على حجم الدولة أو عدد سكانها، وإنما تستند إلى قدرتها على استيعاب التطورات الدولية في مختلف المجالات، وعلاقاتها الدولية والتزامها بالمواثيق والتوافقات الدولية.

المرأة القطرية

- كيف تنظرين لدور المرأة القطرية في العمل الدبلوماسي؟

النهضة التي تحققت في دولة قطر شملت جميع فئات المجتمع، وفي جميع المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية، وعلى نحو جعل دولة قطر تحظى بمكانة مرموقة على المستوى الإقليمي والدولي، وبشهادة المؤسسات الدولية.

لقد حظيت المرأة القطرية بنصيب كبير من التطور والنهضة التي شهدتها الدولة، وحققت المرأة القطرية مكتسبات وإنجازات كبيرة تبعث على التقدير والإعجاب، حيث تشغل المرأة اليوم مناصب رفيعة في الدولة، بما فيها تولي الحقائب الوزارية وعضوية مجلس الشورى وفي الجانب الثقافي والأكاديمي والدبلوماسي وغيرها.

وهناك حقيقة تفخر بها المرأة القطرية ومعروفة على مستوى منطقتنا والعالم، وهي أن صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، هي المثل الأعلى الذي تقتدي به المرأة القطرية، وسموها موضع تقدير كبير في الأمم المتحدة وخارجها، من خلال جهودها الكبيرة والدؤوبة، وحرص سموها على قيادة الأنشطة الوطنية والدولية في التعليم والأسرة والطفل والثقافة والعلوم وغيرها.

وأود في هذا المقام أن أؤكد بأن الدور الرئيسي لتمكين المرأة من ممارسة كافة حقوقها وفتح آفاق لكي تلعب دوراً كبيراً في نهضة بلادنا، وتتولى المسؤوليات والمهام والمناصب، بما فيها في العمل الدبلوماسي، يعود لقيادة الدولة وتوجيهاتها السديدة، علاوة على تكريس حقوق المرأة من خلال الدستور والتشريعات الوطنية.

تقدير وإعجاب بالمرأة القطرية

ومن خلال تعاملنا اليومي في الأمم المتحدة مع وفود الدول الأعضاء والأجهزة في المنظمة الدولية، فإننا نلمس مدى إعجابهم وتقديرهم وثقتهم بقدرة المرأة القطرية على تنفيذ المهام الموكلة لها، ودورها الملموس في الحياة العامة، حيث أثبتت قدرتها على تولي المسؤولة والنجاح في المهام التي توكل لها. لقد أضحت صورة المرأة القطرية ودورها يدعو للفخر والاحترام، والثناء والتقدير لكل من ساهم في وصولها إلى المستوى الذي بلغته اليوم، وأعني به قيادة دولة قطر ممثلة بحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه .

إنني أشعر بالفخر والامتنان حيث ألمس يومياً في الأمم المتحدة، ولا سيما من قيادة الأمم المتحدة والدول الأعضاء والمنظمات الدولية المعنية بالمرأة، التقدير الكبير لقيادة الدولة على سياستها الرائدة لتعزيز حقوق المرأة.

وفي هذا الخصوص، فإن اختياري بصفتي المندوب الدائم لدولة قطر رئيساً بالشراكة لمجموعة الأصدقاء المعنية بالتكافؤ بين الجنسين، يعكس الثقة بمكانة وقدرة المرأة القطرية، وإقراراً بسياسة دولة قطر حيال قضايا المرأة.

وأود أن أؤكد مجدداً بأن تعييني كأول دبلوماسية قطرية تتولى منصب المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، هو تكريم للمرأة القطرية من لدن قيادة الدولة، ورسالة تؤكد حجم الثقة بقدراتها والمسؤوليات الملقاة عليها، وهو ما يُحمّلني مسؤولية إضافية للإيفاء بهذه المهمة، وأن أكون عند حسن ظن قيادتنا التي نفخر بها أينما نكون.

إن ما يدعو للاعتزاز تزايد عدد الدبلوماسيات القطريات وتوليهن مواقع مختلفة في مختلف دول العالم جنباً إلى جنب مع الدبلوماسيين القطريين، وهو ما يؤكد حرص دولة قطر على المضي قدما في دعم المرأة والاستفادة من قدراتها في جميع المجالات.

تحديات الدبلوماسية القطرية

ما هي أبرز التحديات التي تواجه الدبلوماسية القطرية؟

دولة قطر تفخر اليوم بالمستوى الرفيع الذي بلغته الدبلوماسية القطرية، وهذا يتماشى مع التقدم الذي شهدته دولة قطر في كافة المجالات.

لقد نجحت الدبلوماسية القطرية في الحفاظ على مصالح دولة قطر، ومثّلتها على أحسن وجه على الساحة الدولية، كما أثبتت خلال الفترة الماضية قدرتها على إفشال الحملات المغرضة التي تستهدف مسيرة التقدم والازدهار في بلادنا المباركة، تحت قيادة حضرة صاحب السمو أميرنا المفدى، كما تمكنت من تغيير الكثير من المواقف عن طريق الحوار والدبلوماسية، وساعد في ذلك السجل المشرف لدولة قطر في احترام القانون الدولي وسائر المواثيق الدولية، وما تتمتع به الدولة من مكانة على المستوى الدولي.

وفي ضوء العلاقات الدبلوماسية الثنائية الرصينة لدولة قطر مع الغالبية العظمى من الدول، وشراكاتها مع القوى المؤثرة في العالم، ودورها المرموق في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، علاوة على الوضع المثالي والفريد لدولة قطر وشعبها الكريم من جميع النواحي وتضامنه مع كافة الإجراءات والقرارات التي تتخذها قيادة الدولة ممثلة بحضرة صاحب السمو، فإن الدبلوماسية القطرية لا تواجه أي تحديات تتعلق بدولة قطر، وإنما التحديات تتعلق بالوضع الذي تعيشه المنطقة، والأزمات التي تواجهها، إلى جانب التحديات الدولية المشتركة، والتي تعمل الدبلوماسية القطرية على حلها والتخفيف منها بالوسائل المتاحة ومن منطلق التعاون الدولي، من خلال المنظمات الإقليمية والدولية التي تنتمي لها دولة قطر، ووفق ما تم تناوله في الرد على أسئلتكم السابقة.