دعا ملاك مزارع وخبراء ومشرفون عليها وزارة البلدية والبيئة إلى عقد اجتماع طارئ معهم لبحث السبل الكفيلة للحد من خسائرهم عبر تسويق المنتج الزراعي بشكل يتناسب مع تكلفة إنتاجه، واعتبروا مبادرات وبرامج التسويق والدعم الراهنة بأنها جيدة لكنها غير كافية وتحتاج للمزيد من التوسع والإصلاح، وطرحوا حزمة من الحلول من بينها إصدار تشريعات توازن بين الاستيراد والإنتاج المحلي خلال الموسم الزراعي، وتنظيم برامج إرشادية وتدريبية لأصحاب المزارع، بينما أصدرت وزارة البلدية والبيئة بيانا نشرته على صفحتها على تويتر حَمَّلت من خلاله ضمنا أصحاب المزارع المسؤولية ودعتهم للالتزام بالروزنامة الزراعية المتعلقة بمراعاة حجم الاستهلاك في بداية الموسم الزراعي.
ومن جانبها قالت وزارة البلدية والبيئة إنها اعتمدت عددا من المبادرات والبرامج التسويقية بهدف دعم أصحاب المزارع شملت برنامج ضمان بالتعاون مع شركة محاصيل الذي بلغ عدد المتعاقدين معها من خلاله 240 مزرعة بالإضافة إلى التوريد اليومي لكافة المزارع المنتجة بالإضافة إلى مبادرتي مزارع قطر و المنتج المميز بهدف رفع القيمة السوقية للخضروات المحلية وساحات المنتج المحلي كمنافذ للبيع دون وسطاء وعمولة بمشاركة 159 مزرعة منتجة بالإضافة إلى توفير منافذ تسويق بالتعاون مع العديد من الجهات كمهرجان محاصيل كتارا، كما تقدم الوزارة برنامج دعم للمزارعين لتقليل تكاليف الإنتاج عليهم عبر توزيع البيوت المحمية ومستلزمات الإنتاج.
ودعت وزارة البلدية والبيئة المزارعين إلى متابعة الروزنامة الزراعية التي تم طرحها مؤخرا لتنظيم عملية إنتاجهم بما يحقق العائد المناسب من تلك المحاصيل.
وأعلنت وزارة البلدية والبيئة بالتعاون مع شركة محاصيل في الآونة الأخيرة عن إطلاق برنامج (ضمان) لدعم المزارع المحلية من خلال التعاقد المسبق لشراء منتجاتها من الخضروات لموسم 2020 / 2021، بهدف وضع أسعار ضمان لشراء منتجات المزارع المحلية، وقيام المَزارع بوضع خطتها الإنتاجية وفق احتياجات السوق المحلي، موضحة أن برنامج ضمان هو برنامج يهدف لشراء وتسويق منتجات المزارعين، حيث حرصت الوزارة على تنويع العديد من البرامج التي تهدف لتسويق منتجات المزارع القطرية من ضمنها ساحات المُنتج الزراعي، وبرنامج المُنتج المميز ومزارع قطر. كما تم العام الماضي بالتعاون مع شركة محاصيل إطلاق برنامج خاص بشراء المُنتج المحلي.
في معرض تعليقه على تدني أسعار الخضروات يقول المهندس رضا الصوالحي الخبير الزراعي والمشرف على عدد من المزارع الكبرى لإنتاج الخضروات: نحن نواجه مشكلة ولا أعرف كيف يسمح لها أن تستمر، وعلى سبيل المثال حاليا صندوق الطماطم زنة 7 كيلو تكلفته ريال وسعره فارغا يصل إلى ريال أي المنتج لا يصل لسعر الصندوق فارغا هذا أمر لا يمكن أن نفهمه .
ويستطرد المهندس الصوالحي قائلا: البلدية والبيئة قامت مؤخرا بتوزيع 1400 بيت محمي بخلاف البيوت المبردة الأخرى وهذا يعني أن عدد البيوت بالمزارع سوف تكون كبيرة جدا وكميات المنتج ستزداد وتتصاعد وتنمو، في وقت لا نستطيع فيه توزيع المنتجات الخاصة بنا، وطرح سؤال على البلدية التي تدعمنا بالبيوت المحمية كيف يتسنى لنا تسويق منتجاتنا؟، وعلى الرغم من أن المزارع تعاني مشكلة عمالة إلا أن لدينا كثافة في الإنتاج، والتكاليف عالية بسبب ارتفاع الرواتب والساعات الإضافية وأزمة التسويق والزيادة المتواصلة في مستلزمات الإنتاج هذه كلها مشاكل تحتاج للحل .
وحول دور شركة محاصيل في شراء المنتج قال المهندس رضا الصوالحي: شركة محاصيل كانت بداية تعاملاتها مع المزارع في المعرض الزراعي الأخير، حيث تم الاتفاق بيننا كمزارعين وبين الشركة على عقود ثابتة حول أسعار الخضروات بسعر يصل إلى 4 ريالات للكيلو درجة أولى، لم ينفذ الاتفاق، بعدها أعلنت الشركة عن برنامج محاصيل وفشل وعندما اشتكى المزارعون منه، عملت الشركة برنامج ضمان بعقود ثابتة ومواصفات معلنة، وعند التنفيذ أخذت من كل مزرعة كميات محدودة للغاية من الإنتاج لأن عدد المزارع كبير وكميات الإنتاج كبيرة جدا وفوق طاقة 10 شركات مثل محاصيل، حيث إن الشركة مخازنها لا تستوعب الكميات المنتجة وبالتالي فهي تشتري كميات على قدر طاقتها.
وأوضح المهندس رضا الصوالحي: إن شركة محاصيل أيضا نسلمها الخضروات في الفاتورة درجة أولى ونفاجأ أنها تحاسبنا على أنها درجة ثالثة، وعندما تلاقي المنتج زيادة تطلع فيه عيوب لأنها ترغب في تخفيف الزحام عليها من قبل المزارع والمنتجين .
ومضى قائلا: وبالنسبة للبيع في مزاد سوق السيلية المركزي فإن المستفيد الوحيد منه الدلالون في موضوع التنزيل، حيث يحصل على مقابل مادي وفي التحميل يحصل على مقابل أيضا بالإضافة إلى نسبة على المبيعات والمحصلة أنهم يحصلون على 30 إلى 40% من هامش ربح الكميات التي يتم بيعها وهو ما لم تحصله المزرعة .
وطالب بتخفيف الاستيراد كدعم للمزارع خلال الموسم، ولو حدث ذلك إلى جانب دعم للمزارع من ناحية المبيعات لشركة محاصيل وأنا معي عقود ثابتة، إننا متفقون مع الشركة على 4 ريالات للكيلو لكن يحصلون منا بـ 2 ريال وريال ونصف وريال، طيب أنا إلى أين أذهب بالإنتاج؟! .
وحذر المهندس رضا الصوالحي بأن أصحاب المزارع إذا استمرت تلك الأحوال فسيكون الضرر كبيرا على الزراعة ويؤثر على الأمن الغذائي وندعو إلى إنشاء مصانع تصنيع أغذية مثل بقية الدول بدلا من شراء المنتجات من الخارج ليكون لدى قطر تصنيع وزراعة .
وفي الختام ناشد المهندس رضا الصوالحي ملاك المزارع بمطالبة وزارة البلدية والبيئة بعقد اجتماع طارئ معهم لبحث الأزمة ودراسة إيجاد مخرج لهم وإنقاذ الموسم الزراعي وحمايتهم من الخسائر.
وقال أحد ملاك المزارع والممثل لملاكها في عدد من الفعاليات إنه طلب عقد لقاء بين ممثلين عن ملاك المزارع والمسؤولين عن الشؤون الزراعية في وزارة البلدية والبيئة للتوصل إلى حلول للمشاكل التسويقية الزراعية، وأن اجتماعات اللجنة الدائمة للمزارع وملتقى أصحاب المزارع بكتارا ناقشوا مرارا أزمة التسويق ولابد لوزارة البلدية والبيئة أن تنظم لقاء عاجلا مع أصحاب المزارع المنتجة والمسوقة لبحث سبل التغلب على أزمة التسويق.
ويقول م. محمد إبراهيم مشرف على إحدى المزارع: مطلوب من الوزراة أن تحدد لنا تكاليف كيلو الطماطم، حيث أصبح سعر الصندوق زنة 7 كجم ريالا ما العلم أن الصندوق الفارغ قيمته ريال، بصراحة ده دعم من الوزراة لجميع المزراع وعلشان كدا في مزراع كتير ستتوقف عن الإنتاج لظروف التسويق مع العلم أن التكاليف كتيرة جدا .
ويضيف: بالنسبة للمجمعات الاستهلاكية فلها عدد من المزارع محددة بتورد لها كميات على ما أعتقد صغيرة بسبب الأسعار الخارجية .
ويتساءل: أين وزارة البلدية التي تشرف على المزارع وتحل المشاكل لهم؟ أين دعم البلدية من بذور وأسمدة وصناديق؟ .
ويناشد إبراهيم وزارة البلدية والبيئة بالتحرك العاجل لإنقاذ المزارع من كارثة التسويق وعقد اجتماع طارئ للخروج من أزمة التسويق الراهنة وإنقاذ المزارع التي تتعرض للخسائر.
يقول الدكتور سيف بن علي الحجري رئيس لجنة البيئة التابعة للجنة الأمن الغذائي بالغرف التجارية: إن من الأسباب الرئيسية لانخفاض أسعار المنتج الزراعي عدم التنسيق بين المزارعين في بدء ونهاية الموسم، وهو الدور الذي يتوجب أن تقوم به وزارة البلدية والبيئة من حيث عقد لقاءات مع المزارعين والتفاهم معهم والوقوف على مشاكلهم وما يترتب على تلك النقاشات من المؤكد تؤدي إلى توعية للمزارعين بالمواسم الزراعية والمستحب إنتاجه خلالها، لكون أن وجود التخطيط والخبرة متطلبات مهمة في الحفاظ على مشاريع الأمن الغذائي واستدامتها وتنميتها نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ويضيف د. سيف الحجري أن الفائض من السلع الزراعية يتوجب تصنيعه وخصوصا من الطماطم التي يمكن أن تصنع منها الكثير من المواد الغذائية، وإذا رأى صاحب المزرعة أن المنتج لا يحقق قيمة تكلفته فلا يبيعه ويتوجه به للمصانع والمعامل.
وحول إمكانية إيقاف الاستيراد أثناء الموسم الزراعي والاكتفاء بالمنتج المحلي أوضح د. سيف الحجري: لا نستطيع إيقاف الاستيراد لأن الموسم قصير، وبالتالي يفترض أن تقوم الجهات المعنية بإحداث توازن بين الاستيراد والمنتج المحلي بشكل تحافظ من خلاله على الأمن الغذائي للدولة.
يقول الدكتور كمال عمران الخبير بمجالات الزراعات المائية - هايدروبونيك: إن مشكلة بوار المنتجات الزراعية وانخفاض أسعارها مشكلة واضحة من حيث ارتفاع تكلفة المنتج بالمقارنة بأسعار البيع، وتتسبب في خسائر لأصحاب المزارع بصورة يمكن أن تنعكس بالسلب على الإنتاج الزراعي ما لم يتم إيجاد حلول عاجلة لها، ومن بينها إفراط بعض المزارع في استخدام الأسمدة لأسباب ترجع لظهور بعض الآفات وهو راجع لعدم خبرة المزارع، وارتفاع تكاليف العمالة.
وحول مشكلة انخفاض الأسعار وأزمة التسويق يرى الدكتور كمال عمران ضرورة تدخل الجهات المعنية في الدولة وقيامها بشراء المنتج الزراعي مباشرة من المزارع بأسعار تتناسب مع تكلفة الإنتاج، على أن تتولى بيعه بعد ذلك للشركات التي تورد المنتج للأسواق.
وشدد الدكتور كمال عمران على ضرورة تطبيق الروزنامة الزراعية المتعلقة بحدود المنتجات التي تستهلكها قطر وكمياتها، والحد من استيراد محاصيل الخضروات والفاكهة التي تنتجها المزارع القطرية وهو ما يجعل للمنتج الوطني سعرا وقيمة.
وأشار الدكتور كمال عمران إلى مخاوف تنتاب المزارعين في الدولة من تداعيات فتح الحدود ودخول المنتجات المستوردة على منتجاتهم، وضرورة دعم البلدية لدورات تدريبية لإرشاد أصحاب المزارع والعاملين بها عن طرق الزراعة المثلى.
وذكر أحد ملاك المزارع لـ لوسيل أنه يود أن يرى جهدا أكبر لدعم القطاع الزراعي في قطر، على أن يتم التركيز على ثلاثة محاور أهمها: أولا سن تشريعات تنظم استيراد الخضروات من الخارج في أوقات ذروة الإنتاج المحلي منعا لأي عمليات إغراق يتعرض لها المنتج من الخضروات، وتتسبب في حرب أسعار تواجه هذا المنتج المحلي والقطاع الزراعي لإخراجه من دائرة الإنتاج، الأمر الذي يترتب عليه احتكار المستوردين لأسواق الخضروات بالدولة.
ويستطرد قائلا: أما المحور الثاني فيتعلق بتنظيم عمليات البيع والشراء بالسوق المركزي بالسيلية بحيث ينظم هامش الربح الذي يحصل عليه كل من المنتج والموزع على قاعدة لا ضرر ولا ضرار ومراقبة دقيقة لعمليات البيع والشراء ويمكن وضع لوحات إرشادية تبين كم كان السعر الأدنى والأعلى لكل نوع من الخضروات بخط كبير وحجم كبير بزوايا السوق حتى لا يكون هناك تلاعب بالأسعار، أما المحور الثالت يعتمد على دور وزارة البلدية والبيئة في تطوير الدعم المقدم للقطاع الزراعي من أسمدة ومبيدات زراعية وتوفير آليات تجهيز التربة بالعدد الكافي، لكون أن مبدأ الدعم جيد لكن نحتاج للمزيد.
على هامش إطلاق برنامج ضمان مؤخراً قال السيد يوسف خالد الخليفي مدير إدارة الشؤون الزراعية بوزارة البلدية والبيئة إن البرنامج يستمر حتى نهاية شهر يونيو 2021، ويضمن شراء منتجات المزارعين المحليين من الدرجتين الأولى والثانية بأسعار مناسبة ومتفق عليها. مما سيحقق جزءاً من إستراتيجية الوزارة من تمديد الموسم الزراعي من ناحية، والتركيز على إنتاج المحاصيل الرئيسية في أوقات معينة خلال السنة.
وأضاف أنه تم وضع اشتراطات محددة في هذا البرنامج، حيث سيكون سعر الشراء موحداً بعيداً عن تقلبات السوق وهو ما سيجعل أصحاب المزارع المحلية في حالة اطمئنان لتسويق منتجاتهم خلال فترة البرنامج.
وقال: تجربة شراء الخضروات من المزارعين خلال الموسم الماضي عبر شركة محاصيل كانت لها العديد من الآثار الإيجابية وأثبتت نجاحها لتعود خلال الموسم الجاري عن طريق ضمان والتي ستعمل على زيادة أعداد المزارع المشاركة خلال الموسم القادم، مضيفاً: الفرصة متاحة لكافة المزارع القطرية للمشاركة في البرنامج بحيث يمكن لأي مزرعة لديها سجل أن تسجل دون أي استثناء.
وكشف عن تعاون الوزارة مع محاصيل في استحداث برنامج شراء الخضروات المنتجة في الصيف بأسعار مجزية بهدف مد فترة الموسم الزراعي وتشجيع المزارع المنتجة لمزيد من الإنتاج، حيث يبدأ البرنامج في بداية يوليو ويستمر حتى نهاية فترة الصيف.