قال سعادة السيد محمد بن أحمد طوار الكواري، النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة قطر، ان هنالك أكثر من 12 تحديا رئيسيا تواجه الشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأن التغلب على هذه التحديات يتطلب دعما حكوميا من خلال طرح فرص الاعمال والمشروعات امام القطاع الخاص، مشيرا الى ان الحكومة هي المحرك الرئيسي لقطاعات الاعمال، وبالتالي مطلوب منها طرح الفرص والمشروعات للقطاع الخاص لكي تبقى وتيرة الأعمال متسارعة ويظل النشاط الاقتصادي في نمو متصاعد.
وأشار بن طوار في مقابلة أجراها مع صحيفة لوسيل الى ان القطاع الزراعي على سبيل المثال يواجه تحدي الاستمرار في ظل غياب رؤية واضحة لدعم الصناعات الغذائية، داعيا الى ضرورة دعم العاملين في قطاع الامن الغذائي من قبل الجهات الرسمية وذلك بوضع رؤية تدعم عملهم ومنها شراء منتجاتهم وعمل خطة لاستيعابها من خلال تأسيس صناعة غذائية تستوعب منتجاتهم، كما دعا الى خلق جيل من المستثمرين الصناعيين وخاصة في صناعة البتروكيماويات من خلال وضع آلية دعم تمكنهم من تأسيس مشروعات مختلفة في هذا المجال الذي تتميز به قطر كدولة منتجه للنفط والغاز.
وأوضح بن طوار الى هنالك تحديات أخرى تواجه الشركات في قطر أبرزها أبرزها ضعف التمويل، تعقيد الضمانات البنكية، ارتفاع الإيجارات، تعدد بعض التراخيص، ارتفاع تكاليف الاستثمارات، مشددا على ضرورة أن يكون للمشاريع الصغيرة والمتوسطة مساهمة واضحة وفاعلة في المشاريع الكبرى التي تقام بالدولة، وذلك من خلال اعطائهم الفرصة للدخول في هذه المشاريع، ومن خلال توفير حزم دعم ومحفزات استثمارية إضافية أمام هذه الفئة تمكنها من الاستمرارية والنمو والتطور.
وثمن بن طوار قرار وزارة التجارة والصناعة بتخفيض رسوم الخدمات معتبرا إياه خطوة على الطريق الصحيح، مضيفا: إن المطلوب أيضا دعم شركات القطاع الخاص ووجود تسهيلات أكبر للشركات وتخفيض رسوم مختلف الجهات الأخرى التي لها علاقة بالقطاع الخاص، فالقطاع الخاص القطري يتطلع إلى مزيد من التسهيلات والمحفزات الاستثمارية والتي ستعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني .. وفيما يلي نص المقابلة:
ما هو دور الغرفة في مواجهة التحديات التي تعوق نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟
لا شك أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعتبر العمود الفقري لأي اقتصاد قوي ومتنوع، فهي تساهم بشكل كبير في خلق فرص عمل وتقديم منتجات جديدة إلى السوق المحلي، كما أن رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والناشئة لهم دور رائد في الاقتصاد الوطني.
إلا أن هذا القطاع يواجه بعض التحديات التي تحتاج إلى تضافر كافة الجهود لحلها حتى تستمر هذه المشاريع وتنمو وتصبح قادرة على المساهمة في مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد في مختلف القطاعات.
ونعتقد أن أبرز هذه التحديات هي، ضعف التمويل، تعقيد الضمانات البنكية، ارتفاع الإيجارات، تعدد بعض التراخيص، ارتفاع تكاليف الاستثمارات، الاشتراطات المبالغ فيها من بعض الجهات، بالإضافة إلى عدم معرفة صغار المستثمرين بالقوانين الجديدة التي تنظم ريادة الأعمال، وعدم القدرة على عمل دراسات الجدوى القادرة على قراءة متطلبات السوق.
هذا بالإضافة إلى غياب التخطيط، وتشابه المشاريع التي تقدم نفس المنتج أو الخدمة والتي أغلبها ينحصر في المقاهي والمطاعم، أضف إلى ذلك ارتفاع التكاليف التشغيلية من استقدام العمالة والإيجارات والسكن والتأمين الصحي ناهيك عن قلة الخبرة لدى صغار المستثمرين وانعدام المعرفة وقلة التدريب.
والغرفة من جانبها تسعى إلى تعزيز التعاون مع الجهات المعنية بالدولة من أجل هذه التحديات وتوفير الدعم المناسب لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة، وذلك من خلال تبني المبادرات وتنظيم الفعاليات الداعمة لهذه الفئة ومساعدتها على الترويج لمنتجاتها من خلال المعارض التي تشارك فيها أو تنظمها الغرفة.
كما نعتقد أنه ينبغي أن يكون للمشاريع الصغيرة والمتوسطة مساهمة واضحة وفاعلة في المشاريع الكبرى التي تقام بالدولة، وذلك من خلال توفير حزم دعم ومحفزات استثمارية إضافية أمام هذه الفئة تمكنها من الاستمرارية والنمو والتطور.
كما أنه مطلوب من الحكومة أن تعمل على طرح مزيد من الفرص للقطاع الخاص مدعومة بتسهيلات وخطة إستراتيجية لتنشيط الاقتصاد، إضافة إلى طرح مشروعات كبرى يستثمر فيها القطاع الخاص ومدعومة من الجهات الرسمية لتحريك الاقتصاد وتنشيط مختلف القطاعات الاقتصادية.
تسهيلات أكبر للشركات
خفضت وزارة التجارة والصناعة رسومها بنسبة تتراوح بين 30 إلى 90 % على جانب كبير من خدماتها... ما هي انعكاسات هذا التخفيض على بيئة التنمية والاستثمار خلال الفترة الماضية والمستقبلية؟
في البداية، نود أن نُثمن قرار وزارة التجارة والصناعة المُتعلق بتخفيض رسوم الخدمات التي تقدمها لقطاعات الصناعة والتجارة وتنمية الأعمال والتي وصلت في بعض القطاعات إلى 90 %.
كما نود أن نُعرب عن شكرنا باسم غرفة قطر ومجتمع الأعمال للحكومة الموقرة على دعمها المتواصل للقطاع الخاص وسعيها الحثيث إلى إفساح المجال له باعتباره شريكا حقيقيا للقطاع العام في مسيرة التنمية الشاملة في الدولة.
ونعتقد أن هذه الخطوة سوف تنعكس إيجابا على قطاعات الأعمال بالدولة، من حيث المساهمة في تعزيز مناخ الاستثمار وفتح مجالات أوسع أمام القطاع الخاص نحو الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية، ولكن ذلك يتطلب خطوات أخرى من الجهات الرسمية مثل دعم شركات القطاع الخاص ووجود تسهيلات أكبر للشركات وتخفيض رسوم مختلف الجهات الأخرى التي لها علاقة بالقطاع الخاص، فالقطاع الخاص القطري يتطلع إلى مزيد من التسهيلات والمحفزات الاستثمارية والتي ستعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني بشكل عام وزيادة جاذبية الاستثمار في الدولة وزيادة الاعتماد على المنتج الوطني وزيادة الصادرات القطرية.
قيمة الإيجارات والاستثمارات
هل يشكل ارتفاع الإيجارات تأثيراً أمام انطلاقة تنموية على ضوء التخفيضات الأخيرة برسوم الخدمات؟
بكل تأكيد، فلا تزال رسوم الإيجارات مرتفعة وتشكل عائقاً أمام صغار المستثمرين، ولكنها تخضع لمعادلة العرض والطلب، ونعتقد أنها سوف تنخفض تدريجيا ومع مرور الوقت حيث توجد وفرة في السوق.
ونعتقد أن هنالك حاجة لتخصيص مزيد من الأراضي الصناعية بأسعار رمزية حيث سيسهم ذلك في الحد من ارتفاع أسعار الإيجارات.
ما هي قيمة الاستثمارات التي جذبتها دولة قطر خلال العام الأخير في شتى المجالات؟
لا شك أن الدولة قد نجحت في جذب الشركات الكبرى والمشاريع الكبرى، ولكن بيئة الأعمال لا تزال بحاجة إلى دعم حكومي يشجع دخول المستثمرين الأجانب والمحليين أيضا.
صحيح أن دولة قطر احتلت المرتبة الأولى حسب البيانات السنوية الصادرة عن اف دي آي انتليجنس لأكثر الدول الجاذبة للمشاريع الخارجية في عام 2023، متقدمة على الكثير من البلدان.
وخلال العام الماضي، استقطبت الدولة استثمارات أجنبية تقدر بـ 23.7 مليار دولار أمريكي، مما يعزز مكانتها كوجهة استثمارية عالمية رائدة.
ولكن أين القطاع الخاص من هذه الاستثمارات، هذا هو السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه، ونعتقد أن القطاع الخاص يحتاج إلى تسهيلات ودعم من الدولة من خلال زيادة فرص التمويل وتشجيع دخول الشركات القطرية كشريك مع الشركات العالمية التي تأتي للاستثمار في قطر بحيث يتم جذب هذه الشركات العالمية إلى السوق المحلي من خلال تعاقدها مع شركات قطرية خصوصا في قطاع الصناعة والصناعات التي تتطلب تقنيات عالية، لتحقيق أهداف الدولة في توطين الصناعات التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة.
ما هي مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي؟
نعتقد أن نسبة مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لا تزال دون مستوى طموحاتنا فهي لا تتعدى الـ 20 %، ونعتقد أن زيادة هذه النسبة تتطلب دعما من الدولة للشركات الصغيرة والمتوسطة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، في السنوات الأخيرة رأينا العديد من الاستثمارات المحلية في قطاع الأمن الغذائي، وقام رجال أعمال قطريون بتحدي عوامل المناخ والبيئة وقاموا بضخ الأموال في مشروعات زراعية وغذائية، ولكن هؤلاء بحاجة إلى دعم الدولة ليتمكنوا من الاستمرار، فالمطلوب أن تكون هنالك رؤية واضحة لدعم الصناعات الغذائية.. وهذا الأمر ينطبق على قطاعات أخرى، فالشركات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى دعم الدولة ليكون لها دور مهم في النشاط الاقتصادي.
تخفيض رسوم البنوك التجارية
دور البنوك في تقديم حلول مناسبة لرواد الأعمال الذين يسعون لتوسيع أعمالهم أو إنشاء مشاريع جديدة؟
البنوك تقوم بدور حيوي ورائد في دعم ريادة الأعمال ومساعدة رواد الأعمال في تأسيس وتطوير وتوسيع أعمالهم التجارية، من خلال تمويل المشروعات وابتكار برامج تمويلية تدعم مشروعات رواد الأعمال، فضلا عن الدور الذي يلعبه بنك قطر للتنمية في دعم رواد الأعمال وتوفير خدمات التدريب والاستشارات ودعم حاضنات الأعمال ومسرعات النمو.
ولكن نعتقد أن هنالك ضرورة لزيادة رأس مال بنك قطر للتنمية لتمكينه من التوسع في تمويل الشركات.
وبالنسبة للبنوك التجارية فإن هنالك حاجة ملحة إلى تخفيض رسوم الخدمات المصرفية التي تقدمها هذه البنوك للشركات وقطاع الأعمال، وذلك بما يتواكب مع القرارات الوزارية الأخيرة المتمثلة في تخفيض رسوم الخدمات التي تقدمها وزارة التجارة والصناعة، وتخفيض القيمة الإيجارية لأراضي المنطقة الصناعية التابعة لوزارة البلدية، وبما يدعم مناخ الاستثمار والأعمال في قطر.
ونعتقد أن تخفيض رسوم الخدمات المصرفية يمكن أن يساعد في تخفيف الأعباء عن الشركات وقطاع الأعمال، على سبيل المثال رسوم القروض التجارية ورسوم التمويل وإعادة التمويل وعمولات ورسوم التسهيلات التمويلية ورسوم تمويل عقود المشاريع وتمويل الرهون وتمويل الواردات ورسوم خطابات الاعتماد ورسوم خدمات الحساب والبطاقة التجارية والصادرات، وغيرها من الخدمات العديدة التي تقدمها البنوك لقطاعات الأعمال.
دور غرفة قطر في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة؟
تولي غرفة قطر الشركات الصغيرة والمتوسطة أهمية كبرى وذلك انطلاقا من دورها الحيوي في الاقتصاد الوطني.
وفي هذا السياق، تقوم الغرفة بالتعاون مع الجهات المعنية بالدولة لدعم هذه الفئة وحل كافة المعوقات التي تواجهها وتبني المبادرات الداعمة لها وتنظيم المسابقات التي تدعم الأفكار الابتكارية لرواد الأعمال.
كما تقوم باستضافة المؤتمرات والملتقيات وورش العمل التي تبحث سبل تطوير هذه المشاريع، ومن أبرزها مؤتمر الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي استعرض في ثلاث نسخ تجارب ناجحة في عدد من الدول الأجنبية.
كما تقوم الغرفة بمساعدة رواد الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة على الترويج لمنتجاتهم من خلال المعارض التي تنظمها أو تشارك فيها الغرفة، وعلى رأسها معرض صنع في قطر .
التنويع الاقتصادي
أبرز القطاعات التي من شأنها أن تُسرع من عملية التنويع الاقتصادي في قطر؟
تعتبر إستراتيجية التنويع الاقتصادي من أهم أهداف رؤية قطر الوطنية 2030، وتسعى الدولة بشكل كبير إلى تحقيق هذا الهدف الإستراتيجي.
ونرى أن هناك العديد من القطاعات التي تشكل الركائز الأساسية لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد على قطاع النفط والغاز.
وتشمل هذه القطاعات التكنولوجيا والابتكار والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية والسياحة والضيافة والزراعة والأمن الغذائي والصناعة بكافة أنواعها وخصوصا البتروكيماويات، والتعليم والرعاية الصحية وغيرها.
وبشكل عام، تمتلك قطر إمكانات هائلة لتحقيق تنويع اقتصادي ناجح، مع الاستمرار في الاستثمار في البنية التحتية، وتطوير التشريعات، وتعزيز التكنولوجيا والابتكار، ولكننا نؤكد كذلك بأن تحقيق التنويع الاقتصادي يتطلب توفير الدعم الحكومي للقطاع الخاص من خلال خلق فرص استثمارية للقطاع الخاص، وأن يكون التعاقد مع الشركات الأجنبية عن طريق شركات محلية.
وإضافة إلى ذلك فهنالك العديد من الشركات القطرية تمتلك خبرة في السوق العالمي ولكنها تحتاج إلى دعم حكومي لكي تصبح شركات عالمية، فهنالك فرص استثمارية مجدية في دول عديدة ولكن الشركات القطرية تحتاج إلى الدعم لكي تستثمر فيها وتتحول الى العالمية.
أهمية التركيز على معايير الحوكمة والبيئة والتنمية الاجتماعية؟
هناك علاقة ارتباط وثيقة بين معايير الحوكمة والبيئة والتنمية الاجتماعية (ESG) وتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز النمو الاقتصادي.
ولذلك أصبحت هذه المعايير جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجيات الشركات في مجتمع الأعمال.
إن تطبيق هذه المعايير يسهم في تحقيق عدة أهداف من بينها تحسين سمعة الشركات وجذب الاستثمارات وتقليل المخاطر واستدامة الأعمال وتعزيز الابتكار والتطوير، والمساهمة في تحقيق رؤية قطر 2030 والتي تركز على تحقيق الاستدامة في كافة المجالات.
وفي هذا الصدد، انضمت غرفة قطر في العام 2020 إلى الاتفاق العالمي للأمم المتحدة، والذي يعتبر أكبر مبادرة عالمية لاستدامة الشركات، حيث تقوم الغرفة بتوعية القطاع الخاص بهذه المبادرة ودفعه إلى المشاركة في تطبيق المبادئ العشرة للميثاق العالمي للأمم المتحدة.