 
                            
بيّن فضيلة الشيخ د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الله تعالى ربط شرف هذه الأمة وقدرها ومصيرها وعزتها وكرامتها بالقرآن الكريم والاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم وقال إن التاريخ يذكر أن الأمة حين كانت مع ربها سبحانه وتعالى ومع قرآنها كانت لها الكلمة الأولى في العالم، وكانت هي المربية لسواها من الأمم، مضيفا بأنه نتيجة لتفرقنا احتُلَّت القدس، وكيف لا نخجل اليوم من أنفسنا وقبلتنا الأولى تحت وطأة الاحتلال، والغرب كله لا يعبأ بنا.. وقال في خطبة الجمعة في جامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريج كليب: إن علينا أن نراجع أنفسنا في هذه الليالي المباركة، وننظر في أحوالنا، هل تغيرت نحو الأحسن؟ هل تحققت لنا الغاية المرجوة من الصيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}؟ فمن وجد تقصيراً فليبادر وليتدارك ما بقي من هذا الشهر الكريم.. كما علينا ألا ننسى واجباتنا تجاه الفقراء والمساكين، من خلال إخراج صدقات الفطر في الوقت المناسب، حتى يتمكن آخذها من الاستفادة منها على أكمل وجه.. وعلينا ألا ننسى واجباتنا تجاه الأمة وقضاياها الأساسية، وعلينا أن نفكر في أنفسنا وقضايانا ونعيش معها، ومن ظن أننا ننسى قضايانا فهو واهم.. وأكد أن أمتنا منصورة بإذن الله تعالى، ولكن بشرط أن تحقق الوحدة التي أمر بها الله تعالى، وأن ترجع إلى القرآن الكريم فتجعله منهج حياة.
معنى القدر
وقد بدأ خطبته قائلا: أكرمنا الله تعالى بأشرف وأكرم وأعظم ليلة تمر على البشرية جمعاء، منذ عهد سيدنا آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وقد تكفل الله تعالى بذاته العلية بيان شرف هذه الليلة فقال: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}. والقدر في اللغة العربية على ثلاثة معانٍ: تأتي هذه الكلمة بمعنى الشرف، وبمعنى الكرم، وبمعنى التقدير والاحترام والتبجيل، فهذه ليلة ذات شرف وقدر وكرم، وليس لها شرف ذاتي، إنما هي كغيرها من الليالي، حيث تبدأ من غروب الشمس وتنتهي بطلوع الفجر، وإنما شرفها مكتسب لما حدث فيها من خير عميم للأمة الإسلامية، حيث أنزل الله تعالى فيها القرآن الكريم {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}. ومن هنا تتجلى خيرية هذه الأمة في أمرين: الأول نزول القرآن الكريم عليها. والثاني: الالتزام بتعاليم القرآن الكريم والتمسك به.
وتابع: هذا ما عناه الله تعالى بقوله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}، وكلمة  قومك  تشمل كل من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، وهي قوميتنا التي نعتز بها، إذ هي في الإطار الإسلامي، وقد كان الواحد من المسلمين يمشي بها في بقاع العالم كله، ويطوف بلاد الله الواسعة دون أن تقف في وجهه الحدود المصطنعة بأيدي أعدائنا من خلال اتفاقية سايكس بيكو.. كما تتجلى خيرية الفرد في تلاوة القرآن الكريم وتعلمه وتدبره وتعليمه، قال صلى الله عليه وسلم:  خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ .
إحياء ليلها
وقال فضيلته إننا إذا أردنا أن نحيي هذه الليلة الكريمة فليكن بالقرآن الكريم والالتزام بتعاليمه، وبالاتباع الحق للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان خلقه القرآن، وكان قرآناً يمشي على الأرض، وهذا هو الشرف العظيم. وأما القدر بمعناه الثاني  التقدير  فقدر الأمة ومصيرها مرتبط بالقرآن الكريم، فحين تكون الأمة مع القرآن الكريم تأتي البشائر، وتتحقق الانتصارات، ومتى ما تخلت الأمة عن القرآن الكريم أدبها الله تعالى وعذبها عذاباً شديداً، حتى تفيء الأمة إلى رشدها من خلال التمسك بكتاب ربها.