نوه معهد التمويل الدولي في أحدث تقاريره إلى نجاح الأسواق المالية العالمية الناشئة في استقطاب العديد من التدفقات النقدية والمالية خلال الشهرين الماضيين لما وفرته هذه الأسواق على الرغم من التحديات التي فرضها تفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 على الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى مستويات سعرية منخفضة وغير مسبوقة تاريخيا، إلى جانب تسجيل تحول في الشهية الاستثمارية لكبار المستثمرين الذين خيروا طيلة الأشهر الماضية تجميد أموالهم في الأصول ذات الملاذات الآمنة كالذهب وغيرها من السلع الأساسية.
إلى ذلك، فقد بلغ إجمالي تدفقات المحافظ إلى الأسواق الناشئة 15.1 مليار دولار في يوليو من العام الجاري، وبلغت تدفقات الديون 13.2 مليار دولار، في حين جذبت أسهم الأسواق الناشئة غير الصينية 2.3 مليار دولار. وعلى الجانب الآخر، استمرت تدفقات الأسهم والديون في التعافي، وأظهرت أداء إيجابيا فى يوليو للشهر الثاني على التوالي وتعد دولة قطر من أبرز وأكبر الأسواق التي نجحت في استقطاب العديد من التدفقات النقدية والمالية الواردة عليها خلال الأشهر القليلة الماضية نظرا لما تتمتع به السوق القطرية وخاصة السوق المالية والأوراق المالية والتجارية على غرار السندات والصكوك وغيرهما من الأوراق المالية التي يتم طرحها في الأسواق المالية إما على المستوى المحلي أو على المستوى العالمي والتي تحظى بكميات اكتتاب ضخمة ومهمة نظرا لمدى الجاذبية التي تتمتع بها واستنادها إلى العديد من الأسس المالية المتينة.
وكانت السندات السيادية هي الأكثر جاذبية لتلك التدفقات، وتعرف السندات الحكومية على أنها أوراق دين تصدرها الحكومات الوطنية، كما يطلق عليها في بعض الأحيان السندات السيادية. يقوم المستثمر الذي يشتري السندات بإقراض مقدار معين من المال إلى إحدى البلدان وفي مقابل ذلك تقدم تلك الحكومة وعداً بسداد هذا المبلغ في تاريخ معين، بالإضافة إلى مدفوعات فائدة دورية. وتتميز السندات أيضا بأنها قابلة للتداول في الأسواق، وذلك في حالة احتياج مالكها إلى السيولة النقدية، فالمالك يستطيع بيع ما لديه من سندات بسعر يتناسب مع المدة الباقية من عمر السند، ومع سعر الفائدة المتفق عليها عند البيع. ويعتبر التصنيف الائتماني السيادي للدولة المصدرة لتلك السندات عاملا مهما للغاية في تحديد مدى قدرة الدولة على إصدار السندات السيادية في أسواق المال الدولية، بمعنى أنه كلما ارتفعت درجة التصنيف الائتماني السيادي للدولة المسند لها من قبل وكالات التصنيف الائتماني والمؤسسات الدولية عن إسناد تلك التصنيفات زادت فرصتها في الحصول على الأموال من الأسواق المالية العالمية بإصدار السندات، والعكس صحيح، بمعنى كلما قلت درجة التصنيف الائتماني للدولة تكون قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها من خلال تلك السندات تشكل مخاطر عالية وبالتالي ترتفع قيمة خدمة الدين والعائد عليها بالنسبة للمستثمرين في تلك السندات المصدرة، ولذلك تحرص الدول والحكومات على أن تقوم بترقية تصنيفها الائتماني والسيادي.
إلى ذلك، فإن دولة قطر وكافة الشركات القطرية تتمتع بتصنيفات ائتمانية عالية المستوى، مما يجعلها وجهة استثمارية في العديد من القطاعات بما فيها أسواق المال والتي تتضمن أذونات الخزانة والسندات والصكوك التي يتم طرحها في الأسواق المحلية وحتى العالمية، وهو ما تم تسجيله خلال السنوات القليلة الماضية، حيث كانت مستويات الاكتتاب في تلك الإصدارات السابقة عالية جدا.
ويتمتع القطاع المصرفي على وجه الخصوص بالقوة والمتانة المالية التي تجنبه أي متغيرات اقتصادية قد تطرأ على السوق سواء على المستوى المحلي أو الخارجي، خاصة في ظل تمتعه برأس مال جيد من المستوى الأول وقدرة على مواجهة مختلف التحديات التي قد تنشأ بالإضافة إلى قدرته على توفير السيولة اللازمة بالسوق المحلية واستقطاب العديد من التدفقات النقدية والمالية من ودائع غير مقيمة بما يساهم في دعم عرض النقد بمفهومه الواسع.