قال تحليل QNB الأسبوعي إن تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة عاودت الارتفاع بشكل واضح في الربع الأول من 2019، بعد أن شهدت تراجعاً ملحوظاً في 2018. وتوقع البنك أن تكون تدفقات محافظ الأسهم والسندات إلى الأسواق الناشئة في عام 2019 أعلى مما كانت عليه في عام 2018.
وأشار التحليل إلى محفزين رئيسيين لتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، أولها أسعار الفائدة حيث تجتذب ارتفاع أسعار الفائدة النسبية الاستثمارات الأجنبية في الأصول المحملة بالفوائد مثل السندات، وثانيها النمو الاقتصادي الذي تعمل قوته على جذب المستثمرين.
وقال البنك إنه ومنذ الأزمة المالية العالمية لعام 2009، كانت هناك 3 فترات رئيسية ضعفت فيها تدفقات محافظ الأسهم والسندات إلى الأسواق الناشئة أو عكست مسارها.
وأدى الإعلان عن التخفيض التدريجي لبرنامج التيسير الكمي في مايو 2013 إلى تشديد الأوضاع المالية في الأسواق الناشئة، فقد كانت معدلات الاستدانة بالدولار الأمريكي مرتفعة في العديد من تلك الاقتصادات. وقد أدى ضعف عملات الأسواق الناشئة إلى زيادة تكلفة سداد وخدمة هذه الديون، وهو ما أجبر الأسواق الناشئة على تقليص مديونياتها. وقد أثرت جميع هذه العوامل سلبياً على النمو.
في عام 2015، كادت السياسات الصينية الرامية إلى تقليص تراكم الديون في نظام الظل المصرفي أن تتسبب في حدوث تباطؤ حاد للغاية في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتخفيض قيمة العملة الصينية بشكل غير منتظم. وفي الأشهر السبعة حتى يوليو 2015، بلغت التدفقات الخارجة من الأسواق الناشئة 70 مليار دولار أمريكي نتيجةً للمخاوف من حدوث تراجع حاد في الصين. وبلغت التدفقات الخارجة من الأسواق الناشئة ذروتها في يناير 2016 عند 16 مليار دولار أمريكي مع تزايد عمليات تجنب المخاطرة في الأسواق المالية العالمية. لكن، بدأت تدفقات رؤوس الأموال بالتعافي في عام 2017 مع تمكن الصين من الحفاظ على معدلات النمو، إلى جانب ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بفعل برنامج التحفير المالي في الولايات المتحدة.
في عام 2018، تشددت الأوضاع المالية العالمية وارتفعت قيمة الدولار الأمريكي في خضم تزايد المخاطر السياسية وتراجع الأداء الاقتصادي بشكل كبير في منطقة اليورو وآسيا. وانخفضت تدفقات محافظ الأسهم والسندات إلى الأسواق الناشئة من متوسط يتجاوز 31 مليار دولار أمريكي في كل ربع خلال 2017 إلى أقل من 17 مليار دولار في الربع خلال 2018.
وشهد عام 2019 انتعاشاً في تدفقات رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة إلى 36 مليار دولار أمريكي في الربع الأول. لكن شهد عدد قليل فقط من الأسواق الناشئة انتعاشاً فعلياً في تدفقات رؤوس الأموال. في حين استمر خروج رؤوس الأموال من بعض الأسواق الناشئة الكبيرة مثل جنوب أفريقيا وتايلند وماليزيا. وتشكل الانتخابات في تايلند وتركيا وجنوب أفريقيا والهند خلال النصف الأول من 2019 مخاطر محتملة للمستثمرين. ومن شأن تراجع المخاطر السياسية بعد هذه الانتخابات أن يدعم تدفقات محافظ الأسهم والسندات خلال ما تبقى من العام.
وقال QNB إن معهد التمويل الدولي يتوقع ارتفاعاً طفيفاً فقط في تدفقات رؤوس الأموال غير المقيمة من 1.14 تريليون دولار أمريكي في 2018 إلى 1.26 تريليون في 2019. ويرى المعهد أن إبقاء البنوك المركزية الرئيسية على أسعار فائدة منخفضة وبرامج التيسير الكمي لسنوات قد جعل المستثمرين العالميين يخصصون حصصا كبيرة من محافظهم الاستثمارية للأسواق الناشئة، مما لا يترك لهم مجالاً كبيراً لزيادة مشترياتهم من أصول الأسواق الناشئة.
وتوقع تحليل QNB أن ترتفع تدفقات رؤوس الأموال غير المقيمة إلى الأسواق الناشئة بشكل أكبر مما يتوقعه معهد التمويل الدولي وذلك لسببين رئيسيين. أولاً، ارتفاع معدلات النمو في الأسواق الناشئة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة سيمكن الأسواق الناشئة من الاستمرار في إمداد المستثمرين بأصول توفر عائدات جذابة مرجحة بالمخاطر. ثانياً، نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي أكثر تفاؤلاً من توقعات معهد التمويل الدولي، فقد أصبح موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر تساهلاً. وأبدى البنك تفاؤله بشأن التوصل إلى اتفاق تجاري جزئي بين الولايات المتحدة والصين. مشيراً أيضاً إلى سياسة التحفيز في الصين التي بدأت في جني ثمارها، مما سيكون له انعكاس إيجابي على الأسواق الناشئة الأخرى.