توقيت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يربك الاقتصاد العالمي

لوسيل

الدوحة -لوسيل وكريستوفر ديمبيك

ما زالت صدمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تلقي بظلالها على كافة الأوساط الاقتصادية، فقد توقعت العديد من التقارير الصادرة عن بيوت خبرة عالمية، أن يكون الخروج البريطاني بطيئا للغاية، ومن المرجح أن يضر الخروج بالمملكة المتحدة على المدى القصير، حيث يتوقع المحللون أن يبلغ معدل النمو صفراً أو يكون سلبياً بدرجة طفيفة في النصف الثاني من 2016 وأوائل عام 2017، بانخفاض من نسبة 1.9% التي توقعها صندوق النقد الدولي في أبريل.
والمتهم الرئيسي في كل ذلك هو الشكوك وعدم اليقين، فهناك شكوك حول احتمال وتوقيت بدء الخروج من الاتحاد الأوروبي، كما أن هناك شكوكا حول الخلافة السياسية في المملكة المتحدة، لدى كل من الحكومة والمعارضة، وهناك شك وعدم يقين حول مستقبل أسكتلندا، والتي قد تسعى إلى الاستقلال مرة أخرى بعد أن صوت الأسكتلنديون بأغلبية ساحقة لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، بل إن هناك عدم يقين حول ما إذا كانت بريطانيا ستمضي قدماً في ترك الاتحاد الأوروبي.
ومن شأن هذه الشكوك أن تؤدي إلى تأخير الشركات لقراراتها الاستثمارية وميل المستهلكين للتصرف بحذر أكثر، وهو ما سيؤدي إلى تباطؤ النمو.. التقارير التالية ترصد وتجيب عن كل تلك التساؤلات.

QNB: خروج بطيء لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي
توقع التقرير الشهري لبنك قطر الوطني QNB أن يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عملية بطيئة وطويلة، مشيرا إلى أن المخاطر قد تنحصر في المملكة المتحدة ومنطقة اليورو إلى حد ما، إلا أن انتشار الأزمة إلى بقية العالم من خلال التجارة والأسواق المالية قد يشكل خطراً حقيقياً في المستقبل.
وفيما يتعلق بمنطق الشرق وشمال أفريقيا، أكد التقرير أن تلك المنطقة محصنة من الاضطرابات التي قد تنجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، شريطة عدم تحوله إلى أزمة عالمية كبيرة.
ويمكن لخروج بريطانيا من الاتحاد أن يؤثر على بلدان الشرق الأوسط من خلال قناتين، الأولى هي القناة التجارية، بيد أن الروابط التجارية مع المملكة المتحدة صغيرة نسبياً، وقطر لديها أكبر تعرض لصادرات المملكة المتحدة في المنطقة، ومع ذلك، فإن إجمالي الصادرات إلى المملكة المتحدة يشكل 1.6% فقط من الناتج المحلي الإجمالي لقطر، أما القناة الثانية، فهي القناة المالية، فقد تقل شهية الأسواق المالية لتمويل الجهات السيادية في منطقة الشرق الأوسط مع ازدياد الميل لتجنب المخاطر، لكن حتى تلك المخاطر تظل محدودة لحقيقة كون أن عدداً من بلدان الشرق الأوسط قد سبق وأن استفادت من خدمات السوق لتلبية احتياجاتها التمويلية في وقت سابق من العام الحالي.
وتوقع التقرير أن يضر الخروج بالمملكة المتحدة على المدى القصير، حيث يتوقع المحللون أن يبلغ معدل النمو صفراً أو يكون سلبياً بدرجة طفيفة في النصف الثاني من 2016 وأوائل عام 2017، بانخفاض من نسبة 1.9% التي توقعها صندوق النقد الدولي في أبريل.
والمتهم الرئيسي في كل ذلك كما يقول تقرير قطر الوطني - هو الشكوك وعدم اليقين، فهناك شكوك حول احتمال وتوقيت بدء الخروج من الاتحاد الأوروبي، كما أن هناك شكوكا حول الخلافة السياسية في المملكة المتحدة، لدى كل من الحكومة والمعارضة، وهناك شك وعدم يقين حول مستقبل اسكتلندا، والتي قد تسعى إلى الاستقلال مرة أخرى بعد أن صوت الاسكتلنديون بأغلبية ساحقة لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، بل إن هناك عدم يقين حول ما إذا كانت بريطانيا ستمضي قدماً في ترك الاتحاد الأوروبي، ومن شأن هذه الشكوك أن تؤدي إلى تأخير الشركات لقراراتها الاستثمارية وميل المستهلكين للتصرف بحذر أكثر، وهو ما سيؤدي إلى تباطؤ النمو.
في جانب السياسات، أشار تقرير بنك قطر الوطني إلى أن بنك انجلترا سيواجه معضلة كبرى، فمن ناحية، فإن تراجع توقعات النمو يجب أن يؤدي إلى انخفاض أسعار الفائدة لأجل تحفيز الاقتصاد، ولكن من المرجح أن يؤدي خفض أسعار الفائدة الآن إلى المزيد من التدهور في قيمة الجنيه الاسترليني، وهو ما من شأنه أن يفاقم من ارتفاع معدل التضخم في المستقبل.
ومن المرجح أن تتأثر منطقة اليورو بالصدمة التي يمثلها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي حيث يتوقع أغلب المحللين تراجع النمو بحوالي 0.5% إلى 1.0% في 2016، وهو ما أرجعه تقرير قطر الوطني إلى حالة عدم اليقين التي تأثر على منطقة اليورو ولو بدرجة أقل مقارنة بالمملكة المتحدة، كما من المتوقع أن تتأثر المنطقة بشكل سلبي جراء التباطؤ الذي تشهده المملكة المتحدة والذي ينتج عنه تراجع في الطلب على الصادرات.

تزايد احتمالات تباطؤ النمو في أوروبا خلال الصيف
ستؤدي نتيجة الاستفتاء البريطاني إلى زيادة التقلب في الأسواق المالية خلال الأسابيع القادمة، وقد تعيق النمو الاقتصادي في حال عدم إلغاء إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بسرعة، وقد ساهمت الإجراءات السريعة التي اتخذتها البنوك المركزية، وخاصة بنك إنجلترا وبنك سويسرا الوطني إلى وقف القلق الذي انتشر في أعقاب الاستفتاء، إلا أنه قد تكون هناك إجراءات جديدة مطلوبة في حال ارتفاع التقلّب بشكل أكثر.
وتؤكد المؤشرات الرئيسية تراجع التطلعات بالنسبة للاقتصاد العالمي، مما يؤكد أن العودة إلى نمو مستدام، إلا أنه أمر بعيد المنال، فمؤشر مديري المشتريات الصناعي العالمي على وشك الدخول في مرحلة تقلص، مما قد يؤدي إلى انخفاض توقعات النمو الصادرة عن صندوق النقد الدولي في نهاية هذا الفصل.
كان التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي صدمة بسبب الفجوة الكبيرة بين توقعات السوق والنتائج الرسمية للاستفتاء الذي جرى في المملكة المتحدة، وبالرغم من أن الوقت لايزال مبكراً على تقييم الآثار الاقتصادية لخروج بريطانيا بشكل دقيق، إلا أن المرجح أن الغموض الذي يلف العملية السياسية والذي هو على وشك أن يبدأ سيكون له أثر سلبي على الاستثمار والنمو في أوروبا.
وسيقدم استبيان الخدمات واستبيانات مديري المشتريات في المملكة المتحدة في الخامس من الشهر الجاري دليلاً على مشاعر الشركات بعد اتخاذ قرار الخروج، إلا أنه من الضروري الانتظار حتى منتصف يوليو لمعرفة ردود أفعال الشركات في المملكة المتحدة بشكل أوضح مع صدور بعض التقارير التي ترصد نشاطات الأعمال وإجراءات التوظيف.
وفي حال ارتفاع التقلب في السوق، فإن بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي على استعداد للتدخل لتوفير المزيد من السيولة في السوق، وبالنظر إلى أسسعار الفائدة في منطقة اليورو والوضع المالي في المملكة المتحدة، فليست هناك حاجة للاستجابة الطارئة من بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي في الوقت الحالي، ومن وجهة نظرنا، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو انهيار سياسي أكثر من كونه انهياراً اقتصادياً أو مالياً.
كان التباطؤ الاقتصادي قد بدأ في أوروبا حتى قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وهو مرشح للارتفاع، يشير مؤشر النمو الرئيسي (CEPR EuroCOIN) إلى تباطؤ شديد في منطقة اليورو خلال الفصول المقبلة من العام، وكان الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته دول الاتحاد هو الاعتماد بشكل كبير على السياسات النقدية وإهمال توظيف السياسات المالية.
وتمثل معدلات الفائدة المتراجعة فرصة تاريخية للاستثمار، وخاصة في البنى التحتية والتقنيات الحديثة، ففي حالة ألمانيا، وهي الدولة الوحيدة التي تملك أموالاً لم يتم التلاعب بها، فإنها لا تقترض من أجل أن تستثمر، وسيقوم البنك المركزي الأوروبي بإجراء مراجعة لإطار السياسات النقدية في شهر سبتمبر وخاصة فيما يتعلق بمشتريات الشركات التي بدأت في 8 يونيو بقيمة كلية بلغت 5 مليارات يورو في الشهر ومن الأرجح أن تفتح المجال أمام المزيد من التسهيلات على المستوى المتوسط.