حدد خبراء في مجال الإعلام الرقمي 3 عوامل رئيسية من شأنها أن تعمل على تطوير الإعلام والإعلان الرقمي في قطر من بينها انتشار استخدام الإنترنت وسهولة الوصول إليه وسط المستخدمين وجودة شبكة الإنترنت بالإضافة لانتشار استخدام الهواتف الذكية.

وأشار الخبراء لوجود بنية تحتية قوية في قطر من شأنها تعزيز صناعة الإعلام والإعلان الرقمي خلال السنوات المقبلة، كما تحتل قطر المرتبة الأولى عالمياً في جودة الإنترنت.
وحسب الخبراء فإن تغيير سلوك المستهلكين للإعلام خلال السنوات القليلة الماضية يضع تحديات أمام ناشري الصحافة المطبوعة في سوق الإعلان في المنطقة والعالم، خاصة في ظل توجهات سوق الإعلام نحو الرقمية بشكل أكبر بالرغم من تراجع الحديث عن التنافسية بين الإعلام الرقمي والإعلام التقليدي إلا أن السوق يضع تحدياً أمام الناشرين لابتكار أساليب جديدة تجذب الإعلان الرقمي في منصاتها.
البنية التحتية
وقال الدكتور عثمان محمد الذوادي أستاذ التسويق الإلكتروني بجامعة قطر، إن الإعلام والإعلان الرقمي بات يفرض نفسه بشكل أكبر في الساحة. وحول ملاءمة البنية التحتية في قطر لكل من الإعلام الرقمي وسوق الإعلانات الإلكترونية، يقول الدكتور الذوادي: ليست كل الدول لديها قابلية الدخول لسوق الإعلام الرقمي بشكل جيد لاعتبارات مرتبطة بالبنية التحتية الرقمية، ووضع الدكتور الذوادي 3 عوامل من شأنها أن تعزز سوق الإعلام والإعلان الرقمي في قطر من بينها انتشار الإنترنت بين فئات المجتمع ونسبتها، وسهولة الوصول إليها. وعامل جودة الإنترنت بالإضافة لمدى انتشار الهواتف الذكية بين فئات المواطنين والمقيمين.
هذه العوامل تعزز بيئة النشر الرقمي في قطر المتمثلة في توفر بنية تحتية رقمية قوية من شأنها أن تعمل على تحول النشر الرقمي خلال السنوات المقبلة.
وأضاف الدكتور الذوادي أن القراءة الإلكترونية غطت على الورقية في الوقت الراهن ولكن هذا لا يلغي دور الصحف وما زالت لها اسمها ولا تزال الصحيفة تحتفظ باسمها ومكانتها وتغيرت طريقة قراءتها، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب من أصحاب الصحافة أن يكونوا أكثر ابتكاراً في تقدير القوالب الصحفية المختلفة الأخرى لأن نقل الخبر وحده لم يعد وسيلة جاذبة للقراء.
الابتكار
واستشهد الدكتور الذوادي بالصحافة العالمية مثل نيويورك تايمز و الواشنطن بوست والتي عززت وجودها إلكترونياً واستطاعت إيجاد مداخيل رقمية ووجود في الساحة الإلكترونية. ودعا الدكتور الذوادي وسائل الإعلام لتعزيز مداخيلها الرقمية والانتشار النوعي من خلال ابتكار طرق جديدة للنشر الإلكتروني تنافس المنصات الكبرى، وأيضاً استغلال البنية التحتية الرقمية لزيادة دخلها من خلال تفعيلها بوابات رقمية ذات صبغة عالمية.
وبين الدكتور الذوادي أن الإعلام الرقمي من شأنه أن يفتح العديد من الوظائف سواء كان وظائف دائمة أو وظيفة مؤقتة للعديد من العاملين بالحقل الإعلامي بالإضافة لكونها تفتح باباً جديداً من العائدات للمؤسسات الإعلامية من خلال الإعلانات الرقمية.
وبالنظر للدراسة التي أعدتها جامعة نورث ويسترن في قطر، فإن اعتماد الوسائط الرقمية لتلقي الأخبار يستحوذ على النسبة الأعلى نظراً لتوفر الإنترنت لدى المستخدمين، حيث يطالع الأخبار عبر أجهزة الموبايل نحو 67% من القطريين في الوقت الذي يطالع فيه الناس الصحف المطبوعة نحو 23% فقط، مما يفتح الباب واسعاً أمام سوق الإعلان الرقمي.
هذه البنية التحتية في قطر دفعت الناشرين لزيادة نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بالتالي فإن وسائل الإعلام والناشرين بشكل عام عليهم الاستفادة من هذه البنية التحتية وتوجيه سلوك القراء نحو الإعلام الرقمي بابتكار أساليب جديدة تعيد إليهم المزيد من المتابعين وتصبح بدورها مواكبة للتطور المتصاعد عالمياً.
تحديات مستقبلية
ازدادت أهمية مجال التسويق الرقمي في الآونة الأخيرة نتيجة لازدياد عدد الأشخاص الذين يقومون باستخدام الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر في حياتهم اليومية.
في ظل التحديات التي تواجهها الصحف والمجلات والمطبوعات الورقية اليوم أمام المكاسب التي تحققها وسائل الإعلام الرقمية، يبرز تساؤل حول مستقبل هذه الوسائل التقليدية ومدى قابليتها للصمود والبقاء. في الوقت الذي أصبحت الإعلانات أكثر أهمية لاستمرار الناشرين في أداء عملهم.
وقال خبراء إن مفهوم تلقي الخبر الصحفي أثر بشكل كبير على انتشار الصحافة والمستهلكين، وأغلقت العديد من الصحف بالعالم العربي لعدم مواكبتها للتطور الرقمي والإلكتروني، ولا ينفي هذا الواقع الحاجة للصحافة.
السوق المحلي
وقدرت تقارير حديثة حجم الإنفاق على الإعلان الإلكتروني في دولة قطر بنحو 750 مليون دولار في 2015، فيما بلغت حصة الإعلان الإلكتروني نحو 7.3% من إجمالي سوق الإعلان في الدولة، وبلغ الإنفاق على الإعلان الإلكتروني خليجياً نحو 4.7 مليار دولار في 2015.
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة (أورينت بلانت) للأبحاث بعنوان سوق الإعلان الإلكتروني في الخليج العربي ، فإن سوق الإعلان الإلكتروني في المنطقة شهد نمواً بمعدل 20% خلال 2017، مدفوعاً باتساع نطاق انتشار شبكة الإنترنت في العالم العربي، الذي كان له الأثر الأبرز في زيادة معدلات الإنفاق على الإعلان الرقمي هذا العام.
وكشفت دراسة حديثة نشرتها جامعة نورث ويسترن في قطر، أن القطريين أكثر اتصالاً بالوسائط الرقمية والأكثر تميزاً في استخدام الإعلام الرقمي. مشيرة إلى أن 100% من القطريين يستخدمون الإنترنت فيما يقضي القطريون نحو 60% من الوقت في الإنترنت مقارنة بمواطني الدول الأخرى.
وحسب الدراسة التي جاءت بعنوان (استخدام الإنترنت في الشرق الأوسط - خمس سنوات من الدراسات المسحية) فإن استخدام الإنترنت في قطر شهد نمواً ملحوظاً خلال السنوات الخمس الماضية، حيث قفز من 85% في 2013 إلى 95% في 2017 بمعدل نمو 10% خلال السنوات الخمس الماضية.
هذه العوامل، وفقا لخبراء، من شأنها أن تعزز سوق الإعلان الإلكتروني في قطر خاصة بعد انتشارها في العديد من منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وسناب شات وغيرها.
وترجح تقارير عالمية توجه ناشري الصحافة المطبوعة لابتكار أفكار جديدة تساعدهم على جذب الإعلانات الإلكترونية مع الحفاظ على الإعلان المطبوع.
ومن شأن البنية التحتية الجيدة للإنترنت في قطر وانتشار الشبكات القوية في كل قطر، أن تجعل سوق الإعلان الإلكتروني أكثر جاذبية خلال الفترة المقبلة. وكان مؤشر Ookla حول معدل سرعات الإنترنت الجوال في قطر والذي أشار إلى أن قطر الأعلى مقارنة بجميع أنحاء العالم وتظهر النتائج أن قطر تمتلك أسرع خدمة إنترنت جوال في العالم، بمعدل سرعة يصل إلى 63.22 ميغابت بالثانية مقارنة بالمعدل العالمي الذي يبلغ 23.54 ميغابت بالثانية فقط.
الناشرون الكبار أعادوا استكشاف مصدر دخلهم القديم
تقارير: 7 مليارات دولار فرص الإعلانات الرقمية بالهواتف في 2018
أطلقت مجموعة (واتس نيو) تقريرها حول (لحظات الإعلام 2018) بالتعاون مع مجموعة (ميديا فويس) المتخصصة في النشر الإلكتروني، ومؤسسة (سوفرن) المتخصصة في تكنولوجيا الإعلانات. ويلقي التقرير نظرة عامة حول اتجاهات الناشرين الرئيسية هذا العام وتوقعاتهم في 2019، متناولاً نحو 8 عوامل رئيسية تحدد سوق الإعلام العالمي متمثلة في الإعلانات وإيرادات القراء والمنصات والطباعة والثقة والإيرادات البديلة والمعلومات بالإضافة للفرصة المتوقعة في 2019. وعقد التقرير مقارنة بين 2017 و 2018، حيث شهد العام 2017 هيمنة مطلقة للفيسبوك وغوغل على عائدات الناشرين، مشيراً إلى أن العام 2018 شهد تحولا في فلسفة الناشرين فيما يتعلق بما يمكن أن يقدمه الإعلان لأعمالهم التجارية. هذا التحول السريع أصبح الإعلان الرقمي يلعب دوراً مهماً لإستراتيجيات الناشرين. على الرغم من ذلك كان هناك أيضًا إدراك بأن الإعلانات لا تزال توفر للناشرين مصدرًا مهمًا للنقد إذا أصبحوا مبدعين ومبتكرين.
وشدد تقرير (لحظات الإعلام) بأن الإعلانات أصبحت أكثر أهمية لاستمرار الناشرين في أداء أعمالهم، وتوقع أن يقفز سوق الإعلانات الإلكترونية لأكثر من 273 مليار دولار مع نهاية 2018 عالمياً. فيما توقع أن تسجل إعلانات البودكاست الأمريكية نحو 659 مليون دولار في 2020. وبالمقابل شهدت إعلانات التلفزيون تراجعاً بنسبة 0.5% في أمريكا، وذلك لصالح الإعلانات الرقمية.
هيمنة الفيسبوك
وأضاف أن لا غرابة في أن تسيطر الهيمنة المطلقة للفيسبوك وغوغل على أولويات الناشرين في السوق. ووفقاً لتقرير (اتجاهات الإنترنت) الذي أعدته شركة (ماركي ميكر) في 2018 لا تزال هناك فرصة للإعلانات الرقمية للهواتف بنحو 7 مليارات دولار.
ومع ذلك حققت شركتا أمازون وسناب تقدماً في الهيمنة على السوق، وانخفضت حصة سوق الإعلانات على محركات البحث إلى نحو 46.2% مقارنة بـ 47.7% في 2016 مع توقعات باستمرار الانخفاض خلال السنوات المقبلة.
وعلى الرغم من ذلك أفادت شركة غوغل أن نشاطها التجاري ارتفع بنسبة 23.8% على أساس سنوي في الربع الثاني من العام، لذا فهي ليست لعبة ذات مكسب إجمالي. ومع استمرار تغيير سلوك جمهور المستهلكين وميلهم نحو المنصات الرقمية (لا سيما الموبايل ومحتوى الفيديو)، وسجل العام 2018 توسعا كبيرا في سوق الإعلانات الرقمية بشكل أكبر من الإعلانات التلفزيونية.
وبين أن الناشرين الكبار أعادوا استكشاف مصدر دخلهم القديم (الاشتراك المدفوع) والاشتراكات الشهرية والسنوية والتبرعات، حيث نجد أن نيويورك تايمز وصلت لأربعة ملايين مشترك في 2018 مع تحقيق دخل مليار دولار فقط كعائد من الاشتراك المدفوع، وقد نما عدد مشتركيهم بنسبة 50 % عن عام 2011، وأيضاً بلغ عدد مشتركي الإيكومنست نحو 1.4 مليون مشترك عالمياً.
زيارات المواقع
وأوضح التقرير أن الناشرين تعلموا الدرس القاسي لا تضع البيض كله في سلة واحدة ، فيسبوك وجوجل لا يجب أن يكون كل زيارات موقعك منهما، أكثر 6 مواقع تتم الإحالة منها لمواقع كبار الناشرين هي: جوجل بنسبة 52 % وفيسبوك بنسبة 23 % ثم جوجل نيوز وفليب بورد وبنترست وتويتر بإجمالي الأربعة مواقع 9%. وحسب دينيس لو رئيسة قسم الإنتاج في الإيكونوميست فإن الناس الذين يتفاعلون مع المنتجات الرقمية من المرجح أن يقوموا بإعادة تفاعلهم مع اشتراكاتهم.
ونظرا للضغط على كل من إيرادات الطباعة والإعلان من المرجع أن يستمر توجه القراء نحو الاشتراك غير المدفوع.
وأضاف التقرير أن التغييرات التي وضعها مارك زوكربيرج على الفيسبوك فيما يتعلق بمنشورات آخر الأخبار عملت على إزالة نحو 3.3 مليار دولار من قيمة الشركات.
التنافسية
وحول التنافسية بين الإعلام الرقمي والصحافة المطبوعة والمنشورة، بين التقرير أن هذه التنافسية توقفت وبدأ التفكير في تقوية الاثنين معاً، حيث شكلت نسبة خسارة الصحافة المطبوعة في إنجلترا نحو 25%. وبالرغم من ذلك لا تزال وسائل الإعلام المطبوعة حية وأقل عرضة للانقراض وقابلة للتكيف والبقاء على قيد الحياة. وقال فريسر نيلسون رئيس تحرير (سبكتاتور) إن الإعلام الرقمي لن يكون مهدداً للصحافة المطبوعة بل ووفقاً لخبرتنا فإن الإعلام الرقمي سيكون بمثابة نهضة للصحافة المطبوعة.
وأضافت تيري وايت، رئيسة تحرير مجلة (امبارير): في ظل نمو العالم الرقمي، لا يمكننا التقليل من حاجة الناس لشيء حقيقي وملموس مثل الصحافة المطبوعة. وبشكل عام أظهرت الأرقام التي نشرتها (ايديلمان) حول مؤشر الثقة في الإعلام سجلت انخفاضاً بنسبة 32% وأن هناك تهرباً من الإعلام بشكل عام، أظهر الاستطلاع أن ثلث هؤلاء المتهربين من الأخبار يفعلون ذلك تمامًا بسبب تصورهم أن الإعلام عمومًا متحيز جدًا، وبصورة عشوائية. وفي أمريكا يثق نحو 73% في الإعلام المحلي فيما يثق نحو 59% في الإعلام الدولي. فيما يثق نحو 1 من أصل 4 في الأخبار المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي.
دخل بديل
ويشير التقرير إلى أن الفعاليات والتجارة الإلكترونية من شأنها أن تكون إحدى الطرق البديلة للناشرين لجذب مزيد من الدخل، ولا تزال الاشتراكات أحد المصادر المهمة للعائدات خاصة الاشتراكات الرقمية.
وتوقع تقرير آخر صادر إي ماركتير أن تصبح أمازون في المرتبة الخامسة بين أفضل بائعي الإعلانات الرقمية بالولايات المتحدة، ثم تقفز إلى المرتبة الثالثة في عام 2020، متجاوزة شركتي أوث Oath و مايكروسوفت ، وتظل كل الاحتمالات مفتوحة حول مزيد من قلب الأوضاع، والأمر يتعلق فقط بالتوقيت الذي ستختاره أمازون للاستفادة من الوصول والسيطرة الهائلة التي تملكها على بيانات المتسوقين والمتاجرين عبر الإنترنت من أجل تحقيق عائدات إعلانية. توقع التقرير أن تحقق فيسبوك عائدات تقدر بـ21 مليار دولار من الإعلانات الرقمية بالسوق الأمريكية في 2018، بزيادة 16.9% عن عام 2017. ومع ذلك ستنخفض حصتها في هذه السوق إلى 19.6%، من 19.9% خلال العام الماضي.
وأشار التقرير إلى أن قاعدة المعلنين في إنستغرام تسجل تزايداً متواصلاً، لتصبح المحرك الذي يدفع النمو للشركة بشكل عام، ويتوقع أن تصل عائدات الإعلان في إنستغرام إلى 5.48 مليار دولار في 2018.
ستحقق غوغل عائدات تقدر بـ39.92 مليار دولار من الإعلانات الرقمية في 2018، بارتفاع بنسبة 14.5% عن عام 2017، لتظل هي اللاعب المسيطر على هذه السوق، ويتوقع أن تستمر في هذا الموقع سنوات عدة مقبلة.