اختتام أعمال مؤتمر عودة المقاتلين الأجانب

خبراء: تطوير المجتمعات الداخلية لمعالجة قضايا الإرهاب

لوسيل

شوقي مهدي

اختتم مؤتمر عودة المقاتلين الأجانب، أعماله مساء أمس بالدوحة بمشاركة خبراء ومسؤولين من مختلف البلدان وخلص المشاركون بجلسات الأمس لضرورة تطوير المجتمعات الداخلية والاستثمار فيها لمعالجة هذه القضية.
وبحث المؤتمر قضية عودة المقاتلين الأجانب من مناطق الإرهاب والسياسات والاجراءات المتبعة لمعالجة التهديدات وحماية المجتمعات الضعيفة، من خلال جلسات عمل مختلفة.
وشمل المؤتمر كلمات وجلسات لكل من سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وسعادة الدكتور خالد بن محمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع وسعادة بانوس كامينوس، وزير الدفاع الوطني اليوناني ومسؤولين وخبراء من المؤسسات والمنظمات الدولية.

مليون فرصة عمل

وقال فيصل محمد العمادي المدير التنفيذي للبرامج لمؤسسة صلتك، إن المؤسسة تعمل على توفير فرص عمل للشباب باعتباره أحد أنجع السبل الوقائية لمنع الانخراط في الاعمال الإرهابية، خاصة في المدن أو الحدود القريبة من الجماعات المتطرفة وفي هذا الصدد وفرت المؤسسة نحو مليون فرصة عمل حتى الان وتسعى لتحقيق المزيد خلال الفترة المقبلة.
وأضاف العمادي في كلمته بالجلسة، أن المؤسسة وفي إطار المشاريع العلاجية للعائدين من الحرب قامت بالتعاون مع الحكومية السودانية بمشروع يستفيد منه نحو 400 شخص كأحد الأساليب التي تتبعها صلتك لمعالجة قضايا العائدين من الحرب، وذلك بالتعاون مع عدد من المؤسسات الحكومية في محاولة لارجاع الأشخاص للحياة وانخراطهم في المجتمع وتقديم فرصة عمل لهم وفي حال نجح هذا الاختبار يمكن تعميمه على دول اخري.
وقال إن المؤهلين علمياً لم يمنعهم تعليمهم من الانخراط في الجماعات الإرهابية أو المتطرفة، وبتحليل الموضوع تقوم المؤسسة بشكل أساسي على أساليب وقائية وعلاجية، الوقائية مثل توفير فرص العمل للشباب
اما الأساليب العلاجية من خلال العائدين من الحرب، وتعاون مع الحكومة السودانية بإقامة مشروع لنحو 400 شخص بالتعاون مع المؤسسات الحكومية في محاولة لارجاع الأشخاص للحياة وانخراطهم في المجتمع وتقديم فرصة عمل لهم وفي حال نجح هذا الاختبار يمكن تعميمه على دول اخرى.
مشيراً إلى أن البرنامج هو إعادة تأهيل نفسي وذهني وبدني وتقبلهم للرجوع للمجتمع مرة اخري ويعتبر هذا جزءا من الاعمال التي تقوم بها المؤسسة والتي تعمل في 17 دولة. وخلال العام سنتوسع لنحو 23 دولة ونعمل حالياً في 17 دولة عربية بالإضافة لتركيا التي بها اللاجئون السوريون ولدينا شراكات مع مؤسسات اممية حكومية وغير حكومية وخاصة وغيرها من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وميكروسفت وجي بي مورغان وبنوك ومؤسسات تعليمية. وبنهاية 2017 حققت 650 فرصة وفي 2018 حققت مليون فرصة عمل وتعمل على تحقيق 2 مليون فرصة عمل بنهاية 2022.

جلسات مختلفة

وتناولت الجلسة الاولي أمس التحديات التي تواجه التقدم، التكنولوجيا وضغوطات القرن الواحد والعشرين الأخرى، في مفاقمة الإرهاب، والتي تحدث فيها كل من فيصل محمد العمادي المدير التنفيذي للبرامج بمؤسسة صلتك، والدكتورة اليزابيث كيندال، الباحثة الأولى في الدراسات العربية والإسلامية كلية بيمبروك بجامعة أكسفورد، واريك روزاند مدير مشروع الوقاية وزميل غير مقيم في مركز بروكنجز والدكتور ديفيد شرر، مدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة والتي ادارها ستيف كليمونز كبير المحررين في (ذي اتلانتيك).
وسلطت الدكتورة اليزابيث كيندال الضوء على الأوضاع في اليمن موضحة أن احد الحلول الأساسية في مواجهة هذه الظاهرة هو تطوير المجتمعات الداخلية والاستثمار فيها لأن الحكومات في العادة تستثمر عشرات الملايين في اليمن ولكنها تبدد باستثناء بعض الحالات.
وشدد الدكتور ديفيد شرر مدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة، على ضرورة التعاون واستخدام التكنولوجيا لمكافحة الإرهاب، مشيراً الي النقلة النوعية التي تبناها مجلس الامن وطالب الدول الأعضاء بادماج التكنولوجيا في مكافحة الإرهاب، وأصبحت الدول ملزمة في استخدام البيانات الحيوية وبيانات الركاب في جهود الأمن والسلامة الجوية وكذلك اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الهجمات السيبرانية الالكترونية.

الاعتبارات القانونية

وفي الجلسة الثانية لمؤتمرعودة المقاتلين الأجانب، والتي تناولت الاعتبارات القانونية وانفاذ القانون والتماسك المجتمعي وتحقيق التوازن، ناقشت التوازن الصعب ما بين المساءلة والعدالة عن الجرائم المرتكبة وحماية الجمهورية من أعمال العنف الأخرى.
وناقش المتحدثون القضايا المتعلقة بالتماسك المجتمعي ومدى قدرة المجتمع المحلي وتحديات وفوائد إعادة دمج المقاتلين السابقين وغيرها من القضايا الأخرى.
وتحدث في الجلسة كل من ايان اتشيسون مدير برامج الأمن القومي في سامبثون هول، والدكتور جوشوا غيلتزر مدير أول سابق لمكافحة الارهاب ونائب المستشار القانوني بمجلس الامن القومي، وبول هارتيل نائب المدير المساعد قسم مكافحة الارهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالي، والدكتور ماغنوس رانستورب مدير الابحاث بمركز دراسات التهديد غير المتماثلة بجامعة الدفاع السويدية.
وأشار فيها الدكتور جوشوا غيلترز الي أهمية الحوار باعتباره يمثل سيادة القانون مؤكدا على ضرورة مواصلة الحوار، ودعا للاستفادة من التجربة الامريكية في مواجهة التطرف.
فيما دعا ماغنوس رانستورب لضرورة مراعاة تنوع العرقيات واللغة المختلفة في أوروبا في معالجة قضية العائدين من المقاتلين الأجانب، وقال إن التطرف بات لديه قدرة علي الاستقطاب ويجب الا نوصم كل طالبي اللجوء بأنهم إرهابيون وجزء كبير منهم يدخل في الانفاق المظلمة ويكون عرضة للتطرف وارتكاب اعمال إرهابية ويجب علينا حمايتهم.

نقاشات مثمرة

وناقش المؤتمر خلال اليومين الماضيين الكثير من المحاور حول عودة المقاتلين الأجانب مثل أهمية الحفاظ على حقوق الانسان وخلق فرص للشباب والاجيال القادمة.
وهذا ما أكد عليه سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بأن الإرهاب يعد أهم التحديات وعلى المجتمع الدولي العمل معا لاحترام حقوق الانسان والعمل على وضع خيارات للشباب لكي لا يقعوا فريسة الجهات المتطرفة.
وأشار إلى أن الشباب في شمال أفريقيا والشرق الاوسط أبدوا مستوى متدنيا عن رضاهم عن الوضع الحالي الذي يعيشونه واحدى الجلسات اشتملت علي اهمية التركيز علي حقوق الانسان والتعامل مع التحديات.
وناقشت المجموعة الثالثة قضية تمويل العمليات الارهابية مشيرة الى مشاركة الكثير من الشباب في هذه الحركات من المجتمعات المهمشة مما يجعل الاطفال عرضة للايديولوجيات المتطرفة، كما عرض المنتدى فيلما وثائقيا حول حرب الموصل وهزيمة داعش والتعامل مع جيل كامل تعرض لصدمة الصراع والعنف.
وفي اليوم الثاني أكد سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع ضرورة اعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمعات وتوفير التعليم لهم.

اعتبر الاهتمام بالبعد الدفاعي بوليصة تأمين: د. العطية: قطر قادرة على الدفاع عن نفسها

أكد سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون الدفاع، أن قطر دولة قوية اقتصاديا ولها دورها ووزنها في الإقتصاد العالمي، وموارد ضخمة من النفط والغاز، ونبه سعادته إلى أن الاهتمام بالبعد الدفاعي هو بمثابة بوليصة تأمين، وشدد على أن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى يسعى دائما إلى دعم وتعزيز قدرات قطر الدفاعية ولاستقرار المنطقة.
وقال سعادته في جلسة حوارية أمس أمام منتدى عودة المقاتلين الأجانب أن لدى قطر حلفاء، لكنها لم تفكر مطلقا في أن يقوموا بالدفاع عنها لأنها قادرة على الدفاع عن نفسها وهذه فلسفتها وعقيدتها العسكرية، وحول دور التكنولوجيا في الحروب ومحاربة الإرهاب، أكد سعادته أهمية هذه المسألة، وقال إن جميع المعدات والأنظمة التي تشتريها قطر حديثة ومتقدمة بما في ذلك وسائل وأنظمة الدفاع السيبراني، مؤكدا أن قطر تضاعف من جهودها لبناء قدراتها الدفاعية لتكون جاهزة في أي وقت.
وشدد سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشئون الدفاع على أن دولة قطر لا يهمها أي تهديدات ومن أي جهة تأتي، بل ترى دائما نفسها، وتستعد وتعد شعبها، وتضع خططها واستراتيجياتها، وتعمل لأن تكون جاهزة، مهما كان حجم التهديد ونوعه ومن أي جهة يأتي.
وحول اتهام قطر بالإرهاب، قال سعادته لقد واجهنا هجمات عنيفة وغريبة من بعض البلدان، وبدأوا بهذه التهمة الخيالية حول الإرهاب، في محاولة يائسة منهم للإساءة لقطر على الساحة الدولية ، مؤكدا أن لدى دولة قطر رؤية وأهداف، وأنه لا أحد يستطيع أن يؤثر في رؤيتها، ما يتعين معه أن نثق في أنفسنا لتحقيق مصالح وطننا وخدمة شعبنا.
وفي إجابة على سؤال يتعلق بكيفية تعامل الدول مع مقاتليها العائدين من مناطق الحروب والنزاعات، أكد سعادته أن دولة قطر قامت بالاحتواء وإعادة التأهيل والتعليم ومن ثم الدمج.

دعوات لمكافحة التطرف ومساعدة المجتمعات للتعامل مع تحديات الإرهاب

أكد منتدى عودة المقاتلين الأجانب على ضرورة مكافحة التطرف العنيف ومساعدة المجتمعات للتعامل مع تحديات الإرهاب وعودة المقاتلين من الحروب، وتضافر جهود كافة المعنيين بما في ذلك منظمات المجتمع المدني في هذا الصدد، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن وسيادة القانون وحقوق الإنسان. كما نوه المشاركون بأهمية وضع برامج للتعامل مع العائدين تحول دون التحاقهم بمناطق تشهد حروبا ونزاعات أخرى، وكذلك توفير البيئة المواتية لتأهيلهم وتعليمهم ودمجهم في المجتمع، وإيجاد فرص عمل مناسبة لهم وللأجيال القادمة.
وأعربوا عن بالغ شكرهم لدولة قطر لاستضافتها هذا المنتدى الهام، كما شكروا الجهات المنظمة على حسن التنظيم والإعداد الجيد للمنتدى ما أدى إلى نجاحه. وتطرق المنتدى خلال يومي انعقاده لجملة من الموضوعات والمحاور، وشهد مناقشات ومداخلات حيوية حول عودة المقاتلين الأجانب وتحديات الإرهاب والتطرف، والحاجة لاحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان وتوفير فرص العمل للشباب حتى لا يقعوا ضحية لمخاطر الجرائم الإرهابية. كما ركز على تحديات التعامل مع الأطفال والنساء، لا سيما من أتى منهم من مناطق مهمشة ليلتحق بالجماعات الإرهابية.
وتحدث في جلسات اليوم الثاني والأخير عدد من المشاركين من بينهم سعادة السيد بانوس كامينوس وزير الدفاع الوطني اليوناني عن التحدي الذي يواجه بلاده بسبب تدفق المهاجرين عليها عبر الحدود، وكيفية تعاملها معهم باحترام في إطار الاعتبارات القانونية. كما دعا إلى محاربة الإرهاب الذي يمثل كذلك تحديا عالميا في إطار قانوني. أما فيصل محمد العمادي المدير التنفيذي للبرامج في مؤسسة صلتك فقدم تعريفا للمؤسسة، ومنهجية عملها ومشاريعها وأذرعها المتمثلة في إدارات الدراسات والبحوث وريادة المشاريع والتوظيف ومهام كل منها، وسعيها لمساعدة الشباب وتوفير فرص عمل لهم أينما وجدوا بالدول العربية، مشيرا إلى أنها تعمل الآن في 16 دولة عربية بالإضافة إلى تركيا حيث تقوم بمساعدة اللاجئين السوريين هناك. وتوقع أن تمتد مساحة عملها لتشمل العام المقبل 23 دولة عربية.
وقال إن لدى المؤسسة 300 شراكة مع جهات خاصة وحكومية، ولديها الآن كذلك مليون فرصة عمل لتصل بنهاية عام 2022 إلى 3 ملايين فرصة عمل. ورأى العمادي ضرورة تأهيل الشباب العائدين من القتال اجتماعيا ودينيا وذهنيا حتى ينخرطوا في المجتمعات، معتبرا ذلك جزءا من مهام المؤسسة. وقد شهد المشاركون خلال المنتدى أفلاما وثائقية عن تنظيم الدولة داعش وحرب الموصل وأحداث 11 سبتمبر، وأجمعوا على حيوية وثراء المناقشات والقضايا والمحاور التي جرى التطرق إليها والتفاكر وتبادل الرأي حولها في إطار عنوان المنتدى.