alsharq

بثينة الجناحي

عدد المقالات 191

محمد يوسف العركي 13 ديسمبر 2025
الأنساق الثقافية في البطولة العربية
علي حسين عبدالله 13 ديسمبر 2025
المنطق يفرض نفسه
عبده الأسمري 13 ديسمبر 2025
الكتابة بين التحديثات والتحديات
فالح بن حسين الهاجري - رئيس التحرير 15 ديسمبر 2025
اليوم الوطني: تأسيس الدولة.. وبناء الإنسان.. وحضور يتجاوز الجغرافيا

«الله يذكر أيام بيت السد»

26 يناير 2012 , 12:00ص

خطر في بالي أن أسترجع ذكرياتنا السابقة في منزل جدتي القديم بمنطقة السد، من خلال كاميرا فيديو من طراز سانيو القديمة ذات الحجم الكبير. كانت والدتي -رحمها الله وغفر لها- تعتبر من بين أول أفراد العائلة التي امتلكت كاميرا فيديو فترة زواجها بوالدي، غفر الله لهما وأدخلهما فسيح جناته إن شاء الله. فكانت رحمها الله تسرد لنا قصص الأقارب وتفاوضهم معها بمبادلتها الكاميرا بملاغ معنوي، كانت ترفض وبشدة، كونها تكنولوجيا جديدة وتصوير أحداث العائلة بما فيها من تجمعات أعياد ميلاد وسفرات مهم بالنسبة لها (لو شافوا كاميرات اليوم ما كانوا بيفكرون بالمفاوضة). وبالفعل كان قرارها سليماً، فوالدتي لحبها الشديد لتصوير ما يدور حولها ولخبرتها ومعرفتها المحدودة بالتصوير، لم يتسن لأحد أن يصورها إلا في مقاطع متفاوتة بقدر تصويرها للغير. لا أكتفي برؤية والدتي في صور ثابتة، فكاميرا السانيو كانت التكنولوجيا الوحيدة التي أستطيع أن أرى من خلالها أمي وأبي بحركة، والوحيدة الحافظة لأصواتهم وابتسامتهم «الله يرحمكم يا رب» يبقى ويظل مكانهم في القلب بوجود أو عدم وجود تكنولوجيا. عندما كنت في سن السادسة تقريباً في سنة 1992، أتذكر لقطات موجزة من منزل جدتي الذي على الرغم من صغر مساحته وضيق ممراته التي لا يستطيع عبورها شخصان في آن واحد، وخاصة السلم المؤدي إلى الطابق العلوي المكون من غرفة واحدة وسطح مطل على الشارع الرئيسي. فكان المنزل المكون من غرفتين وصالة صغيرة ومجلس ومطبخ خارجي ومساحة صغيرة «حوش» لا يكفي للعب الدراجات الهوائية فيه. على الرغم من ذلك كان لا يخلو أبداً من زيارات الأقارب والجيران بأعداد مختلفة تصل إلى عشرة أفراد في اليوم الواحد وقد تكون أكثر، بل كان نزلاً لأقربائنا بالإمارات العربية المتحدة عند زيارتهم الدوحة، بل ويقيمون فيه بالأشهر. وعلى كثرة عدد الزوار، كانت جدتي «الله يعطيها طولة العمر» بقوة كافية تتحمل فيها مهام المنزل من طبخ وتحضير سفرة الطعام وغسل الأطباق.. إلخ، بل كان الزوار يعتبرون أنفسهم من أهل البيت ويقومون بالمساعدة بروح رياضية وتعاون جميل يخلو من الجمل المعاصرة كـ «كله أنا» أو «ماحب أغسل صحون» أو حتى «انتوا ضيوف والله ماتشلون شي!». كانت الحياة أسهل بكثير على الرغم من وجود صعوبات في السابق في نواح متعددة، ولكن من الناحية الاجتماعية كانت أصفى وسلسة في التسامح والمعونة. «الله يذكر أيام بيت السد» جملة ترددها جدتي دائماً عند مرورنا بالقرب منه، وهو منحصر ما بين العمارات السكنية الجديدة التي أخفت الممرات التي كانت تستغلها جدتي للوصول إلى أقربائها بالطرف الآخر والعكس، أو لذهابها لصلاة التراويح في شهر رمضان في المسجد الذي كان يبعد عن منزلها ما يقارب أقل من خمس دقائق مشياً. الحياة كانت مزدهرة بصفاء القلوب وعدم التكلفة، بل العيش ببساطة بمبدأ أن المال يأتي لكي يصرف حتى يأتي مرة أخرى. حتى روح العيد كانت مختلفة تماماً، فسفرة العيد كانت بسيطة بوجود سلة الفواكه والمكسرات وطبق شعبي لفترة الصباح. وحتى «العيدية» كانت معنوية جداً، الثلاث ريالات بالنسبة لي ولشقيقتي الأكبر مني سناً مبلغ ممتاز، نستطيع من خلاله شراء كمية لا بأس منها من السوبر ماركت كالحلويات والمتفجرات الصغيرة التي لا تحبها والدتي خوفاً علينا من تسوس الأسنان، وعدم تنظيفنا للمتفجرات بعد الانتهاء منها. فكان السوبر ماركت الذي يستغرق عشرة ثوان للوصول إليه، يعتبر المكان الذي نتوق للذهاب إليه كل مرة نزور فيها جدتي، إلى أن حان وقت قدوم خادمة هندية تساعد والدتي -رحمها الله- في أعمال المنزل وفي نفس الوقت تصطحبنا إلى السوبر ماركت كنوع من الطمأنينة علينا ووصولنا بسلام!- لاحظوا أنها بداية مرحلة تغيير بما تحتويه من خادمة تدير أمور المنزل الروتينية، وعدم الثقة ببائع السوبر ماركت كالسابق. فنظراً لقرب منزل جدتي من السوبر ماركت كان البائع على معرفة بجدتي وأمانتها، فكان يسمح لنا بشراء ما نشاء وندفع المبلغ المطلوب لاحقاً، فكان يستخدم كراسة المدرسة، تركوازية اللون، لتسجيل أسماء المديونين للمحل، ففي ذلك الوقت لم توجد هواتف نقالة للتذكير بضرورة الدفع، وحتى الهواتف الأرضية بالنسبة للسوبر ماركت كانت مكلفة، فكان يسجل الاسم فقط بدون عنوان، لاحظوا الثقة من جهة البائع والأمانة من جهة المديونين له- فالاهتمامات المادية كانت أقل بشكل كبير مما نحن عليه الآن. العولمة تبدأ عن طريق الاندماج ومن ثم التقبل، أهم خاصيتين في نظري عن العولمة أراها بداية من منزل السد، وكيف بات التغيير بصورة غير مباشرة «وما زالت الغالبية تعتقد بأن العولمة ملحوظة في المنطقة بأسرها ما عدا المنزل!! وهذا غير صحيح إطلاقاً فبداية أي تغيير يبدأ بين»، ولكن لا بأس من ذلك التغيير بما ينفع المجتمع وتطويره لجعل الحياة أسهل، فهي أفادتنا بطريقة أو بأخرى، ولكن ما أنتجته للأسف الخلو من الحياة الاجتماعية وروح الزيارات التي أصبحت زيارات سريعة وبرسميات وتحديد مواعيد مسبقة. البساطة الاجتماعية في زمن الثمانينيات التي شهدتها بشكل ضيق في صغري، بالإضافة إلى قصص عائلتي بالسابق وكاميرا والدتي -رحمها الله- أصبحت غير مرئية إلا في بيوت قليلة. أترك لكم حرية المقارنة بالحال سابقاً مع وقتنا الحالي.

قطع الوصل أم ربطه من جديد!

لست متأكدة ما إن كانت هذه نهاية ورقية لجريدة محلية؛ حيث يعي معها الكاتب لنهاية عموده الصحافي، أم أنها بداية جديدة بنقلة نوعية وارتقاء تكنولوجي يخلفه توديع للورق؛ إذ نحن في واقع ما بين المرحلتين:...

حارس الثقافة الجديدة!

تصوّر لو أن المشاعر ما زالت مسطّرة بين أوراق كتب، أو ورق بردي أو حتى على قطع جلد دار عليه الدهر، تخيّل لو كان الغناء طرباً ذهنياً، وكانت الحكايات قصصاً على ورق، حين تتيح لك...

قحط ثقافي بمرض انتقالي!

أن يمر العالم بقحط ثقافي، فهذا ليس بأمر عادي، فتبعاته كثيرة، ولكن لنعتبره في البداية أمراً وارداً في ظل الأزمات التي لم تكن في الحسبان، ولا تقف الأزمات عند السياسة، بل لاحظنا وبمرارة كيف للأمراض...

شهر فضيل.. باستثناء الجمع في معجم المعاني!

عرس، احتفال، تجمع أو عزاء، مجمع، حديقة، مقهى وممشى، هل نحن قادرون على استيعاب صدمة لم تخطر على البال؟! مصطلحات اقشعررت منها شخصياً، قد تكون الفكرة واضحة بأن الأولوية ليست في التجمعات البشرية على قدر...

رسالة من طاقم طبي: نوماً هنيئاً!

كما هو الحال الراهن، تظل مسألة انتشار فيروس «كوفيد 19» مستمرة، ولا يأس مع الحياة كما يقولون، حتى ولو زادت أعداد المصابين وتدرجت أعداد المتعافين، إذ إن الآلية مستمرة ما بين محكين، عند مواجهة الإصابة...

معادلة هوية.. عكسية!

من أبرز ما يتم التركيز عليه في الوقت الراهن هو مفهوم الهوية الوطنية، وأدرك أنني بالتزامن قد أبتعد عن احتفالات يوم وطني، وقد تكون المسألة صحية في واقع الأمر عند تكرار أهمية المفهوم وغرسه بعيداً...

ما نتج عن فيروس!

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أهمية أخذ الحيطة والحذر من انتشار فيروس «كورونا» بوتيرة سريعة، كما هو حاصل مع الأعداد المتزايدة لحاملي الفيروس في الشرق الأوسط. لم تصل الحالة إلى إنذار وبائي -لا قدّر الله-...

موت مثقف!

غير مستبعد أن يُتهم المثقف بأمراض شتى، أو كما أطلق عليها الباحث عبدالسلام زاقود "أوهام المثقفين"؛ حيث تؤدي إلى موته السريع. وتُعتبر الأوهام سبباً في تدنّي إمكانياته المخلصة وولائه الإصلاحي تجاه مجتمعه، فالمثقف ما إن...

منصة خطاب

ما يحدث في المجتمعات اليوم هو في الحقيقة إخلال في الحركات الكلاسيكية، أو لنقل في المنظور القديم الذي كان يقدّم نمطاً معيناً في تسيير أمور الحياة، وهذا ليس خطأ، إنما يُعدّ أمراً طبيعياً وسليماً، عندما...

أجوبة غير ثابتة

وتستمر الاحتفالات والتوقيتات التي تتزامن مع احتفالات اليوم الوطني، ولا يسعنا في الحقيقة الحديث عن مواضيع بعيدة جداً عن مسألة نستذكرها بشكل أكبر خلال موسم الاحتفالات، ترتبط بالانتماء وتعزز من المفهوم الذي طالما كان محط...

بحثاً عن النخبة الثقافية

«إن كل الناس مثقفون، لكن ليس لهم كلهم أن يؤدوا وظيفة المثقفين في المجتمع». نظرية سردها الفيلسوف السياسي أنتونيو غرامشي، حول مفهوم النخبة. ومن هنا سأحلل المقولة وأقول إن جميع الناس مثقفون بالتأكيد، فالثقافة لا...

قصة مؤلمة!

في البداية، دعوني أعتذر منكم على غصة انتابتني من بعد قصة واقعية مؤلمة، تأثرت بها وأدخلتني في عوالم كثيرة وتساؤلات عميقة. فحتى من الأمثلة التي ستُذكر في هذا المقال لم تُستدرج في الرواية؛ إنما هي...