تولي دولة قطر اهتماماً كبيراً بتحسين أوضاع العمالة التي تشارك في المشروعات الضخمة التي تشهدها الدولة على صعيد التنمية العمرانية والبنية التحتية والإنشاءات المتنوعة، استعدادا لاحتضان كأس العالم 2022 وتنفيذ استحقاقات رؤية قطر 2030، ومن ضمن المبادرات الكثيرة التي تحتضنها أراضي قطر مشروع بروة البراحة التي تعتبر إحدى المدن العمالية المتميزة في الدولة.
لوسيل تجولت في شوارع المدينة للتعرف على الخدمات التي تقدمها للقاطنين بها، وطبيعة معيشتهم، وهو ما لمسناه من تنظيم وشوارع تتمتع بخدمات ومستوى نظافة على أعلى مستوى، يتفوق على العديد من الشوارع في بعض أحياء الدوحة التي يقطنها المواطنون والمقيمون، خاصة في ظل الخدمات المتكاملة التي تتواجد في شوارع بروة البراحة والبنية التحتية المتقدمة التي تتفوق على نظيرتها المتواجدة في عدد من الأحياء بالعاصمة الدوحة.
تبلغ المساحة الإجمالية لمشروع بروة البراحة 1.8 مليون متر مربع، منها جزء مشروع سكن العمال، والمكون من 64 مبنى، كل مبنى مكون من 133 غرفة، والمباني بالمشروع عبارة عن دور أرضي وثلاثة أدوار، ويتمتع كل مبنى بتقسم مميز لغرفه ووجود أماكن مخصصة للرياضة ومشاهدة التلفاز، وتبلغ مساحة الغرفة الواحدة حوالي 25 مترا مربعا.
وتبلغ نسبة الإشغال الحالية بالمدينة نحو 30%، وتستعد إدارة المدينة لاستقبال مزيد من العمال وزيادة نسبة الإشغال خاصة بعد الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية منه، ويبلغ عدد قاطنيها الحاليين نحو 12 ألف عامل، في حين يبلغ المتوسط المتوقع للسكن بها 35 ألف عامل.
تنسيق بين الشركات المستأجرة وإدارة المدينة
عندما تجولنا بين المباني المختلفة داخل المدينة، لاحظنا وجود بعض التعديلات الداخلية في المباني التي تمت من قبل إدارة بروة البراحة بالتنسيق مع الشركة المستأجرة لتتناسب مع متطلباتهم، فالبعض منهم قام بفصل منطقة الألعاب الرياضية، عن منطقة مشاهدة التلفزيون، والبعض منهم قام بتخصيص غرف خاصة لعيادة طبية خاصة بسكان المبنى، وغرفة للتمريض وغرفة للفحص والعزل الطبي.
وبسؤال إدارة المدينة تبين أنه مع طلب الشركة استئجار عدد معين من الغرف أو المباني، يتم التنسيق معهم لمعرفة طلباتهم فيما يخص منطقة مشاهدة التلفاز أو المركز الرياضي، وأحيانا تكون لبعض الشركات تعديلات على تلك الأماكن وهو ما يتم بالتنسيق مع إدارة المدينة من خلال المساعدة في تنفيذ تلك التعديلات، طالما لا تضر بمعايير السلامة والأمن.
وبالفعل هناك بعض الشركات التي قامت بإنشاء وحدات طبية خاصة بها، وتعديل على مناطق الترفيه، وحتى تنظيم دورات رياضية بين عمال الشركات المختلفة أو بين عمال الشركة نفسها، ووجدنا سكان أحد المباني قاموا بتخصيص دولاب لبطولاتهم، التي فازوا بها خلال تلك الدورات.
العمال لمسنا منهم تجاوبا عندما سعينا لتصوير الغرف الخاصة بهم، وهو ما لمسناه من تنظيم جيد لتلك الغرف والاهتمام بها، وأخبرنا أحد المسؤولين بالمدينة أن إدارة المشروع تتولى مسؤولية النظافة داخل المباني وطرقات تلك المباني وخارجها، وللحفاظ على الخصوصية فإن النظافة الداخلية بالغرف هي مسؤولية القاطنين بها، وما لمسناه هو وجود وعي عالٍ لدى قاطني المدينة.
الأمر الآخر الذي لمسناه هو وجود تعاون حول عدد القاطنين بكل غرفة، والعدد يتم بالاتفاق بين الشركة المستأجرة، فالبعض يخصص غرفة كاملة لشخصين أو ثلاثة والبعض يستخدم الحد الأقصى وهو 6 أفراد بالغرفة التي تبلغ مساحتها 25 مترا مربعا، ويوضح مسؤولو المدينة أن متوسط عدد العمال بالغرفة الواحدة داخل المدينة يبلغ 4 أفراد في نحو 3 آلاف غرفة مؤجرة بها حاليا.
رغم السعر التنافسي 30% نسبة الإشغال بالمدينة
تعد بروة البراحة النموذج المثالي لمعيشة العمال في قطر، فبالإضافة إلى سعرها التنافسي، تقدم المدينة باقة متكاملة من الخدمات الأخرى، من ضمنها الوجبات الثلاث اليومية وخدمة تنظيف الملابس، وخدمات الصيانة، وتوفر أيضا خدمة الأمن على مدار الساعة.
وعلى الرغم من الخدمات المتميزة المتواجدة بها، والتي يؤكد العديد من قاطنيها أنهم افتقدوها أثناء سكنهم خارجها سابقاً، ولذلك يتوقع أن ترتفع نسبة الإشغال بها من النسبة الحالية 30% إلى نسب أعلى خاصة مع تزايد عدد العمالة القادمة إلى قطر، لتنفيذ مشروعات كأس العالم 2022 ورؤية قطر 2030، وفي ظل النهضة العمرانية التي تشهدها الدولة.
ومن المتوقع أن تتزايد نسبة الإشغال للوحدات خلال الفترة القادمة، لما يمثله من واجهة مشرفة لمعيشة العمال في قطر، خاصة بعدما لمسنا التعاون والحرص من إدارة المدينة للمتابعة والتنسيق مع رؤساء العمال في كل مبنى لتقديم أفضل الخدمات ولتنسيق إقامة دورات رياضية في كرة القدم وغيرها، كما علمنا أنه يتم عقد اجتماع أسبوعي دوري بين ممثلي العمال وإدارة المدينة، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على تطوير الخدمات المقدمة.
في مطاعم المدينة العمالية.. الأكل على مزاجك
بعد تجولنا داخل أروقة المباني المختلفة بالمدينة، توجهنا إلى أحد المطاعم المتواجدة بها، والتي تبلغ طاقته الاستيعابية 800 فرد، وجدنا أن الطعام يتناسب مع نوع الأكل المطلوب حسب طلبات ورغبات المستأجرين، فهو طبقاً للثقافة والجنسيات المختلفة القاطنة بالمدينة، وتتم مراعاة طلبات الجاليات التي تتواجد بأعداد قليلة من خلال تقديم الطعام الذي يرغبون به مع إحدى الجاليات الأخرى.
ويقدم المطعم حاليا 36 ألف وجبة يومية موزعة على ثلاث وجبات للفرد الواحد، والمطاعم المتواجدة بالمدينة قادرة على تقديم أضعاف هذا العدد مع استمرار ارتفاع نسبة إشغال المدينة وزيادة عدد قاطنيها، وفي وسط المدينة منطقة تضم 48 محلا تجاريا مختلفا تلبي احتياجات القاطنين بها، كما تنعم برقابة على النظافة داخل وخارج المباني.
وحول الجنسيات المتواجدة بالمدينة فتمثل الجنسيات من الشرق الأقصى (الهند وباكستان وبنجلاديش ونيبال) 75% من المتواجدين بها، يليهم العرب والأفارقة بنسبة 20% والعمال من جنوب آسيا بنسبة 5%
قريبا.. مركز صحي متخصص داخل المدينة
ويؤكد مسؤولو المدينة أنهم يسعون لتوفير مركز صحي متكامل داخل المشروع وحاليا تتم دراسة الموقع المناسب لهذه الخدمة، بالإضافة إلى وجود مركز صحي متكامل على مقربة من المدينة يوفر جميع خدمات الرعاية الصحية للقاطنين بها تضاف للخدمات الخاصة التي يوفرها المستأجر للموظفين والعاملين لديه.
المركز الصحي الذي تنوي إدارة المدينة تنفيذه سيكون إضافة للمراكز الطبية القريبة منها، وعدد من العيادات الطبية المتواجدة ببعض المباني والتي توفرها بعض الشركات المستأجرة داخل المباني الخاصة بها.
وتسعى إدارة المدينة في الوقت الراهن لتوفير الإنترنت بشكل مجاني داخل المدينة، كما تضم المدينة 4 مساجد متفرقة، منها مسجدان يعملان بشكل كامل، وتم تخصيص أحدهما ليكون للناطقين باللغة العربية ومسجد آخر لغير الناطقين بها.