خطبتا الجمعة بجامعي الإمام والشيوخ تدعوان للتكفير عن الذنوب والمعاصي

لوسيل

الدوحة - لوسيل

قال فضيلة الشيخ الدكتور ثقيل ساير الشمري خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: لقد كتب الخطأ والزلل والهفوة والخلل على البشر تجاه ربهم عز وجل إلا من عصمه الله، ذلك أن الأنفس البشرية جبلت على النقص والتقصير، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ، هذه طبيعة الإنسان والنفس البشرية أنها مجبولة على النقص والتقصير، ولما كان الذنب والخطأ من لوازم النقص البشري كان من فضل الله سبحانه وتعالى وحكمته ورحمته بعباده أن شرع لهم من الأعمال ما يكفر بها عن ذنوبهم، ويتجاوز بها عن سيئاتهم إذا أخلصوا لله عز وجل وحده ولم يشركوا به شيئا، لأن الله لا يغفر أن يشرك به إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .

وأوضح الخطيب أن مكفرات الذنوب كثيرة، جعلها الله سبحانه وتعالى أسبابا يسلكها العبد المؤمن في الطريق إلى الله عز وجل ومن هذه المكفرات التوبة الصادقة وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ، وذكر أن من مكفرات الذنوب فعل الحسنات والأعمال الصالحات يفعلها العبد المؤمن ابتغاء وجه الله عز وجل فيمحو الله عنه ذنوبه، وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ، ويقول صلى الله عليه وسلم اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن .

ولفت الخطيب أن من مكفرات الذنوب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، النبي عليه الصلاة والسلام الرحيم بأمته له شفاعة عظمى، وشفاعته يوم القيامة، يقول صلى الله عليه وسلم شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أتباعه صلى الله عليه وسلم ومن المحبين له والسائرين على نهجه. وأوضح أن كتاب الله الذي حفظه الله سبحانه وتعالى فيه من الأحكام وفيه من المواعظ وفيه من القصص، هو كتاب هذه الأمة الخالد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وإن المساس بكتاب الله أو إهانته إذا فعله مسلم فإنه يخرج من الدين والملة، فكيف إذا فعله كافر من الكفار؟ فإنه يحتقر هذه الأمة جميعا، بفعله بحرقه أو تمزيقه أو إهانته، فإهانة كتاب الله هي إهانة لهذه الأمة جميعا.

وإذا كان أهل الغرب يفعلون ذلك بدعوى حرية الكلمة أو بحرية الرأي فإن ذلك من التناقض الواضح في أقوالهم وأفعالهم وسلوكهم فإنه قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، يظهرون أنهم بالعلمانية أو الديمقراطية أو الحرية أو هذه الأسماء التي يدعونها ويزعمونها فيهينون الإسلام بهذا المسلك، فإنه ينبغي على الأمة جميعا أن تقف في وجه هؤلاء، ومسؤولية الحكام والعلماء هي أولى المسؤوليات، ثم بعد ذلك تأتي مسؤولية الشعوب، لنصرة كتاب الله والدفاع عنه وعدم التعامل مع مثل هذه الحوادث على أنها قضايا عابرة، هذا كتاب الله عز وجل من أهانه فقد أهان كل فرد مؤمن وأهان كل شخص من أشخاص الأمة مهما اختلفت ألسنتهم وألوانهم، الأمر الآخر عباد الله أن الاعتداءات التي لا تزال تتوالى على أهل فلسطين، وعلى بيت المقدس وعلى المرابطين فيه بحاجة لأن نقف معهم ولو بالدعاء ولا تنسى هذه القضية، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر عباده المجاهدين.

من جانبه أوضح فضيلة الشيخ د. محمد حسن المريخي خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الشيوخ أن الله تعالى خلق العباد غير معصومين يخطئون ويذنبون ويضعفون فتكون منهم الأخطاء والذنوب والمعاصي، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون رواه أحمد والترمذي، فمن طبيعة البشر الوقوع في الخطأ والذنب ولكن لا حجة للإنسان في ذلك ولا مبرر للاستمرار في الذنب بل هو مأمور بالتوبة والتحفظ من الذنوب كما هو مأمور بتصحيح الخطأ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث وخير الخطائين التوابون ترشد إلى التخلص من الذنوب وتفتح للعبد باب الأمل، وخير الخطائين الذين يتوبون إلى الله، والذين يتخلصون من ذنوبهم، يقول الله تعالى إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ، ويقول سبحانه وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات .

وأضاف الخطيب أن الذنوب الصغيرة والكبيرة مؤاخذ عليها، وهي ذنوب وهي أعمال محرجات بين يدي الله تعالى، محرقات تشتعل نارا على أصحابها في الآخرة، وإن الذنوب مؤثرة في الدنيا قبل الآخرة على الفرد والمجتمع والأمة، بسببها يسخط الرب سبحانه، فلا يوفق عبده ولا يرعاه بل يضيق عليه رزقه ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ، وإن أكثر مشاريع البشر أن أكبر أو أكثر مشاريع البشر اليوم في الدنيا والتي فشلت وذهبت سببها الذنوب والمعاصي، نعم سببها الذنوب والمعاصي ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى آثارا للذنوب والمعاصي على الإنسان، ومن نظر عباد الله في دنيا الناس اليوم يرى آثار الذنوب على فاعليها، والواقعين فيها ولكنهم لا يشعرون وأول هذه الآثار كما قال ابن القيم رحمه الله إن الذنوب تضعف تعظيم الرب سبحانه في النفوس والقلوب لأن الله تعالى يقول ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ، فما عظم عبد الله شعيرة الله عز وجل إلا من التقوى التي في قلبه وهذه، عباد الله، والله ملموسة اليوم، فشعائر الدين ضعيفة المقام عند البعض والسخرية والاستهزاء لا يكون إلا على الله ورسوله والدين والإهمال وضعف اليقين والغرور بالدنيا وتأخير الدين وإهمال السنة وتقديم الدنيا، كل هذا موجود عند بعض الناس بسبب ذنوبهم ومعاصيهم وهي ذنوب ومعاصٍ يسخط عليها الرب سبحانه وتعالى. وأردف: وثاني هذه الآثار تضييق الرزق والمعيشة على الإنسان أو الفرد، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه رواه أحمد، وقال وهيب بن الورد رحمه الله لا يجد طعم العبادة من عصى الله تعالى ولا من هم بمعصيته .

وأكد الشيخ المريخي أن الذنوب والمعاصي سبب في زوال النعم الحسية والمعنوية وسبب للخسف والقذف يقول عليه الصلاة والسلام يكون في آخر الأمة خسف ومسخ وقذف قالت عائشة رضي الله عنها أنهلك وفينا الصالحون؟ قال نعم إذا كثر الخبث رواه الترمذي، وهو حديث صحيح. وهو سبب لتسلط الأعداء وقتال المسلمين بعضهم مع بعض وسبب لنزول العقوبات وسبب لنزول العقوبات على الفرد والمجتمع، وعلى كل حال الذنوب والمعاصي سبب لكل بلاء ومحنة ومصيبة وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم .

وقال الشيخ د. محمد حسن المريخي إن تعظم الذنوب والمعاصي بحسب الوقت والزمان والمكان، فالمعصية والذنب في يوم الجمعة إثمهما أكبر منها في غير الجمعة، وفي رمضان كذلك أكبر من غيره وفي مكة والمدينة والقدس عرفات وفي الأشهر الحرم لقدسيتها ومكانتها. يقول الله تعالى إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم . وكذلك العمل الصالح فيها أعظم أجرا عند الله تعالى.

ولفت الخطيب أن الاهتمام بالبراءة من الذنوب والتوبة منها والاشتغال بالتوبة والتخلص من أوزار الذنوب يعد إيمانا وتوفيقا من الله وهداية للعبد وعلامة خير كبير وصلاح وبر وإحسان، فإنه لا يهتم بذلك إلا مؤمن ولا يخافوا من أوزار الذنوب إلا مخلص ومشفق قد وفقه الله تعالى وهداه، والسلف كانوا يرون ذنوبهم كالجبال على رؤوسهم، يخشون أن تسقط عليهم، فهم دائما في خوف ووجل، وأما المنافق فعكس ذلك لا يخاف ولا يفكر في ذنوبه، يقول الله تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون . ويقول ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ، ويقول عن عباده المخلصين ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار .