خلص التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2016، والذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أن العالم العربي يواجه سوء استخدام حاد للمواهب وذلك بسبب بطئه في سدّ فجوة عدم المساواة بين الجنسين، والتي قد تهدد النمو الاقتصادي وتحرم الاقتصادات من فرص التطوير.
ويُعتبر التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين مقارنة سنوية تقيس مدى النجاح في تقليص الفجوة وتحقيق التكافؤ بين الذكور والإناث في مختلف الدول حول العالم في أربعة مجالات، هي: التحصيل التعليمي، والصحة والبقاء على قيد الحياة، والفرص الاقتصادية، والتمكين السياسي.
ويخلص تقرير هذا العام إلى أن معدّل تحقيق التكافؤ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو 60٪ وهو متدنٍ مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 68٪.
هذا وقد شهد العالم تراجعاً كبيراً في المساواة في المجال الاقتصادي، حيث اتسعت الفجوة العالمية إلى 59٪ وهو أدنى معدل لها منذ عام 2008.
وتتربع قطر في المرتبة الأولى عربياً في المكافأة بين الجنسين، فقد حلّت في المركز 119 عالمياً، تتبعها الجزائر مباشرة في المرتبة 120، من ثَم الإمارات في المرتبة 124، وتونس في المرتبة 126.
ولعلّ المجال الأكثر إلحاحاً لتحقيق المساواة هو المشاركة والفرص الاقتصادية، وباحتساب نتائج تقرير هذا العام فإن سدّ هذه الفجوة سيتطلّب 356 سنة أخرى، إلا أن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو الإقليم الذي شهد بعض أفضل التحسينات منذ إطلاق التقرير في عام 2006 في مجال المشاركة الاقتصادية، وذلك في السعودية والبحرين واليمن.
وشهد سدّ الفجوة في مجال التحصيل العلمي تحسناً بنسبة 1٪ عن نتيجة العام الماضي التي وصلت إلى 95٪، ما يجعل التحصيل العلمي أحد المجالين اللذين أحرزا أفضل تقدم حتى الآن.
أما المجال الثاني الذي تم فيه سدّ 96٪ من الفجوة فهو الصحة والبقاء على قيد الحياة، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، شهد تراجعاً طفيفاً عن العام الماضي.
وقد تمكنت ثلثا الدول الـ 144 التي شملها التقرير هذا العام من سدّ الفجوة بين الجنسين عند الولادة بشكل تام، في حين أن أكثر من ثلث الدول سدّت تماماً الفجوة فيما يخصّ الصحة والبقاء على قيد الحياة.
وبشكل عام تستفيد النساء من ثلثي الخدمات الصحية والتعليم والمشاركة الاقتصادية والتمثيل السياسي فقط مقارنة بالرجال، وقد بدأت العديد من الدول العمل نحو تحسين معدلات التكافؤ فيها، حتى أنها بدأت تتحدى الهيمنة التقليدية للدول الإسكندنافية المعروفة بأنها أكثر المجتمعات مساواة بين الجنسين في العالم.
إلا أنه ومع ذلك فإن الدول الإسكندنافية تحتكر المراكز الأربع الأولى، متصدرة بأيسلندا، ثم فنلندا، تتبعها النرويج ثم السويد (والحراك الوحيد في هذه المجموعة هو تصدّر فنلندا على النرويج). أما المركز الخامس فكان من نصيب روندا والتي تقدمت على أيرلندا والتي تراجعت بدورها إلى المركز السادس.
أما الفلبين، فلا تزال في المرتبة السابعة دون حراك، وتتبعها كلّ من سلوفينيا ونيوزيلندا في المركزين الثامن والتاسع تباعاً واللتين تقدمت كل منهما مركزاً واحداً، فيما خسرت سويسرا موقعها في ترتيب العشر الأوائل لحساب نيكاراجوا.
ومن اللافت أن ترتيب الولايات المتحدة شهد تراجعاً بـ 17 مركزاً عن العام الماضي، حيث حلّت في المركز الـ 45 ويُعزى ذلك إلى شفافية أكبر في حساب وتقارير الرواتب الوظيفية والمدخول الشخصي لسكانها.
ومن الاقتصادات الرئيسية الأخرى التي حلّت في المراتب العشرين الأولى، ألمانيا في المركز 13، وفرنسا في المركز 17 والمملكة المتحدة في المركز 20. أما ضمن مجموعة الدول الخمس الكبرى الناشئة البريكس فلا تزال جنوب أفريقيا تشهد تحسناً في كافة المجالات، وتحافظ على الصدارة، حيث حلّت في المركز 15، أي بتقدم مرتبتين عن العام الماضي.
هذا وقد حلّت روسيا في المركز 75، والبرازيل في المركز 79، ومن المثير للاهتمام أن الهند كسبت 21 نقطة، وحلّت في المركز 87 متفوقة على الصين، التي حلّت في المركز الـ 99 بتحسينات في المشاركة والفرص الاقتصادية والتحصيل التعليمي.
على الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تمكنت من سدّ 60٪ من الفجوة بين الجنسين بشكل عام، إلا أنه الإقليم الأقل مكافأة بين الجنسين في العالم.
وفيما يخص دول أوروبا الغربية، بما في ذلك أكبر ثلاثة اقتصادات، وهي فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، فإن 11 منها تحتل مركزاً في أفضل 20 ترتيبا في التقرير.
ومع ذلك، تحتاج العديد من البلدان إلى تحسينات بشكل عام، فإيطاليا مثلاً خسرت تسع مراتب لتحلّ في المركز الـ 50، واليونان خسرت خمس مراتب لتحلّ في المركز الـ 92.
إلا أنه وبشكل عام، يُعدّ هذا الإقليم الأفضل أداءً عالمياً، وقد تمكن من سدّ 75٪ من الفجوة بين الجنسين، وبهذا، فإنه سيتمكن من سدّ الفجوة الخاصة بالمشاركة الاقتصادية بين الجنسين في غضون 47 عاماً.