أفضت الجلسات الحوارية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2020، والذي اختتمت اعماله مساء الجمعة 24 يناير من العام الجاري، الى الاعلان عن انشاء مجلس عالمي سيتولى الاشراف على حوكمة العملات الرقمية المختلفة، حيث سيتكون هذا المجلس الخاص من العديد من الشركات العالمية في مجالات التكنولوجيا بالاضافة الى المؤسسات المالية من بنوك ومؤسسات استثمارية واجهزة مالية وممثلين عن مختلف الحكومات، بالاضافة الى الخبراء والتقنيين والأكاديميين الى جانب المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية ومختلف مكونات المجتمع المدني والفاعلين في المنتدى الاقتصادي العالمي.
ويأتي الاعلان عن انشاء مجلس عالمي لحوكمة العملات الرقمية بعد مجموعة من الحوارات الساخنة في قمة دافوس التي عقدت قمتها 50، حيث تم بحث الفرص التي توفرها هذه العملات سواء من حيث الايجابيات بالإضافة إلى مناقشة المخاطر المزعزعة للاستقرار بسبب الابتكار الخفيف وعدم وجود تنظيم عالمي لهذه العملات التي اصبحت تشكل تحديا حقيقيا للعالم وعلى وجه الخصوص البنوك المركزية والمؤسسات المالية المختلفة وفي مقدمتها البنوك والمصارف الاسلامية والتحديات التي تفرضها تلك العملات وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي.
الى ذلك، فقد نوهت مصادر مصرفية مطلعة في حديثها لـ لوسيل باهمية احداث هكذا مجلس عالمي يختص بحوكمة العملات الرقمية في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في هذا المجال، خاصة بعد اعلان العديد من الشركات الكبرى العاملة في مجال التكنولوجيا توجهها نحو اصدار عملات رقمية، مشيرة الى ان الزخم الكبير الذي سجلته السنوات الماضية حول العملات الرقمية من حيث النقاشات كان من احد العوامل التي ادت الى البحث عن آليات من اجل تنظيم هذا المجال على المستوى العالمي، خاصة ان المجلس سيضمن العديد من الاطراف المختلفة سواء من حيث مشاركة المؤسسات المالية والبنوك والخبراء والاكاديمين وبالتالي يمكن الوصول الى آليات منظمة لهذا القطاع وتضع القواعد الاساسية والقوانين والتشريعات التي يمكن البناء عليها بشكل كبير العديد من التنظيمات.
وكانت العديد من الدول اخذت خطوات استباقية في ظل ضبابية المشهد وغياب اطر تنظيمية وتشريعات وجهات رقابية على العملات الرقمية والالكترونية التي يتم اصدارها وتداولها عالميا بشكل كبير وعلى اثر الزخم الكبير الذي سجلته بعض العملات خاصة خلال العام 2017 حينما بلغت العملات الالكترونية اوجها وحققت مستويات قيمة سوقية عالية تجاوزت 400 مليار دولار امريكي، قبل ان تتراجع تقريبا الى النصف نهاية العام الماضي. وقد قامت تلك الدول بحظر عمليات التعامل والتداول بتلك العملات الى حين ان تتضح الرؤية في هذا الاطار. وقد قامت دولة قطر من خلال مصرف قطر المركزي الذي حذر البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة من تداول البتكوين أو أي عملات أخرى مشفرة، وقال في بيان صحفي نشر على موقعه الالكتروني إن هناك مخاطر محيطة بالتعامل بعملة بتكوين الافتراضية لأنه لا يوجد أي التزام من أي بنك مركزي أو حكومة حول العالم بضمان قيمة هذه العملة، وعدم وجود مقابل لها سواء من الذهب أو المعادن الأخرى أو من السلع. وكان قبلها مصرف قطر المركزي اعلن ان العملات الرقمية تحت الدراسة والمتابعة للتعرف على واقعها والمتغيرات المحيطة بها في ظل الاقبال عليها. في المقابل فقد سمحت بعض الدول بتداول هذه العملات والتعامل بها بشكل كبير.
وعن فرضيات اعتماد العملات الرقمية مستقبلا، شددت مصادرنا على ان البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة تلتزم التزاما كاملا بالتعليمات والتوصيات التي تصدر من قبل مصرف قطر المركزي الذي يحرص كل الحرص على المحافظة على الاستقرار المالي والنقدي في الدولة على اكمل وجه، والذي يقوم باصدار مختلف التعليمات والتعاميم بناء على دراسات مستفيضة وتستند الى اسس وقواعد علمية وتقييمات شاملة لمختلف المتغيرات سواء كانت في السوق المحلي او على المستوى العالمي. كما نوهت ذات المصادر الى ان مصرف قطر المركزي حريص كل الحرص على تطوير المعاملات الالكترونية لدى البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في الدولة ولعل العمل على اطلاق استراتيجية للتكنولوجيا المالية خير دليل على ذلك بما يساهم في الانتقال بالقطاع المصرفي والمالي في الدولة الى مستويات عالمية وبما يتوافق مع اعلى معايير الجودة والشفافية وعلى وجه الخصوص السلامة المعلوماتية او ما تعرف بالامن السيبراني، حيث يشدد في تعليماته للبنوك والمصارف الاسلامية وكافة مكونات القطاع المالي والنقدي الخاضع لسلطة ورقابة مصرف قطر المركزي على ضرورة ان تتحرى كل تلك المؤسسات افضل الممارسات والمعايير المتعلقة بحماية البيانات الالكترونية من خلال توفير افضل الانظمة الرقمية في الحماية الالكترونية مع تحديثها بشكل دوري تحسبا لمواجهة اية تحديات تطرحها التطورات التكنولوجية.