ويتشات و علي باي وسائل الدفع المالي الأولى
لا تستغرب ان زرت الصين وتجولت في شوارعها، ولاحظت شبه غياب كلي للتعاملات النقدية، وبشكل خاص داخل المجمعات التجارية والمطاعم، وحتى عند استدعاء سيارة الاجرة او حجز مقعد لرحلة بالقارب، الصينيون لا يتعاملون بالنقد خلال التنقل بالقطار او حجز فندق، او التبضع من البقالة، وحتى عند مصفف الشعر، او دفع الرسوم المدرسية وفواتير الكهرباء والانترنت والضرائب وغيرها.
يقدر خبراء واعلاميون تحدثت معهم لوسيل على هامش زيارة شملت العاصمة الصينية بكين وشنغهاي وهانزو معدل استخدام الكاش في المعاملات اليومية بنسبة لا تتجاوز 3% من اجمالي المعاملات المالية التي تعتمد على التقنيات الحديثة وبشكل أساسي من خلال تطبيق وي-تشات باي او علي-باي ، حيث يقوم الصينيون بقضاء حاجاتهم ودفع المستحقات المترتبة على ذلك باستخدام الهاتف الجوال.
وبموضع سؤال هل يمكن لقطر أن تحذو حذو الصين؟ بالاستغناء عن الكاش ما يوفر تسهيلات في الدفع وأمان في التعاملات وهي الدولة التي تتمتع بقدرات عالية على تطوير الاستخدامات الالكترونية بفضل ما هو متوفر من بنية تحتية متطورة مكنتها من تصدر العالم في منظومة التكنولوجيا واستخدامات الهاتف، إذ أنها اول دولة تطلق خدمات الجيل الخامس، واستخدامات الانترنت والهاتف الجوال تصل الى 100% بين جميع المواطنين والمقيمين.
يلفت صينيون واجانب مقيمون في الصين، الى القدرات الكبيرة التي تتمتع بها قطر لتكون شريكا استراتيجيا لاي دولة، الى جانب انها تتمتع بقدرات عالية في توظيف التكنولوجيا بمجال الدفع الالكتروني والقطاع المالي، منوهين الى تحديث الانظمة الالكترونية القطرية على سبيل بوابة حكومي وغيرها من البوابات التي يمكن ان تقوم من خلالها باجراء كافة المعاملات من خلال الهاتف الجوال.
ويشار الى ان دولة قطر ستطلق خلال الاسابيع القليلة المقبلة الاستراتيجية الخاصة بالتكنولوجيا المالية والشمول والتثقيف المالي، وهي استراتيجية من شأنها ان تحقق نقلة نوعية للقطاع المالي والمصرفي في الدولة وتؤهله ليكون في صدارة القطاعات اقليميا ودوليا.
الى ذلك، فقد يواجه المشتري من الزائرين لجمهورية الصين الشعبية سواء في اطار مهمة عمل او للسياحة لاول مرة مشكلة كبيرة عند تسوقه وتقدمه لدفع ثمن مشترياته، تتمثل في عدم قدرته على استرداد باقي المبلغ المدفوع، لان البائع لا يتحوز على نقد كاف يمكنه من اعادة الفائض، حيث ان كافة المعاملات تتم الكترونيا وهو في غنى عن النقود الورقية.
تشير الاحصائيات الى ان عدد سكان الصين بلغ 1.386 مليار شخص نهاية العام الماضي مقارنة بنحو 667.07 مليون شخص في العام 1960 وفقا لاحصائيات البنك الدولي والاحصائيات الرسمية الصادرة عن جهات الاحصاء الصينية، حيث سجل نمو السكان نسبة نمو تقدر بنحو 107.7% وذلك خلال 57 عاما. وكانت الصين انطلقت في اعتماد سياسة الطفل الواحد منذ العام 1978 بعد الانفجار السكاني الذي شهدته حيث بلغ عدد السكان في ذلك العام نحو 956.16 مليون شخص. وامام التفطن الى بدء طور التهرم السكاني وتقلص الطاقات الشبابية في العام 2015، اتجهت الصين الى السماح بالطفل الثاني كحد اقصى، من غير شروط بدلا عن سياسة الطفل الواحد.
الثانية اقتصاديا
وصل متوسط دخل الفرد من اجمالي الناتج المحلي الصيني الى نحو 7329.3 دولار العام الماضي، وتوقع ان يصل خلال السنتين المقبلتين الى نحو 9633 دولارا، رغم ان خبراء اقتصاديين قالوا ان الاقتصاد الصيني مر بفترة ركود ليست ناتجة عن الحرب التجارية مع امريكا، كما اشاروا الى إن نمو الاقتصاد الصيني سيبلغ 6.5 % وانه لن ينطلق الا في مرحلة لاحقة من العام القادم. ويشار في هذا الاطار الى ان الاقتصاد الصيني هو ثاني اقتصاد في العالم بعد امريكا في حالة استبعاد الاقتصاد الاوروبي مجمعا، حيث بلغ الناتج الصيني العام الماضي نحو 12.3 تريليون دولار ويتوقع ان يتجاوز العام الجاري سقف 13 تريليون دولار امريكي، بما يمثل نحو 19.74% من الاقتصاد العالمي، بعد ان كان عند مستوى 59.7 مليار دولار امريكي في العام 1960.
وخلال الجولة يتضح استعمال غير مسبوق للهاتف الجوال من قبل الصينيين، يقول زاهنغ نانبنغ نائب مدير ادارة العلاقات العامة والخارجية في جريدة الشعب أن أكثر من 95% من الصينيين يستخدمون الهواتف الذكية، مشددا على هامش زيارة الى مقر جريدة الشعب في بكين انه رغم ذلك لم تنخفض كثيرا نسب قراءة الصحف الورقية التي قامت في نفس الوقت بالعناية في نفس الوقت بالصحافة الحديثة التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة.
وتفرض الصين قيودا مشددة على الإنترنت تشمل منع مواقع أجنبية تحظى بشعبية مثل جوجل وفيسبوك، حيث يعتبر المسؤولون ان تلك الاجراءات ضرورية في مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة وإنها تتم في إطار القانون.
وبما يتعلق بالدفع الالكتروني عبر التقنيات الحديثة والخلاص من اوراق النقدي التقليدي، فان جميع المحلات التجارية وتلك التي تقدم الخدمات مجهزة بالالات الالكترونية الماسحة للعلامات الالكترونية والهواتف الجوالة، حيث قامت الصين بتطوير البرمجيات المختصة في هذا المجال من خلال تطبيق وي-تشات وتطبيق علي-باي الذي يستخدمه نحو 520 مليون صيني في ادارة محافظهم وسداد مشترياتهم، وهو يحل في المرتبة الثانية بعد برنامج وي-تشات الذي يستخدمه كافة الصينيين في معاملاتهم الاجتماعية وحتى التواصل مع الاصدقاء وتحديد المواقع وغيرها من الخدمات التي تتوفر عليها النسخة الصينية، حتى عند الدخول الى مطعم تجد رمزا تقوم بمسحه من خلال الهاتف ليفتح نافذة لقائمة الطعام وطلب ما تحتاجه.
ويوضح لطفي مقدم صحفي واذاعي جزائري الجنسية يعمل في اذاعة الصين الدولية ان جميع معاملاته اليومية تتم من خلال الهاتف الجوال، وانه فعليا منذ التحاقه بالعمل في الصين لم يعد يحمل النقود في محفظته نهائيا، فكل نقوده في هاتفه الجوال على حد وصفه، بل انه قص لـ لوسيل حادثة طريفة حصلت معه في اخر زيارة له الى فرنسا تتمثل في سحب هاتفه الجوال من جيبه ظنا منه انه في الصين ولابد ان يدفع عبر الهاتف لسائق التاكسي.
توحيد الحساب مع الهوية
ويعادل الدولار الامريكي نحو 6.6 الى 6.7 يوان - رنمينبي صيني- وذلك عند تغير العملة من البنوك مباشرة او من خلال اجهزة الصرافة الالية التي هي مخصصة لتغيير العملات وموجودة بكثرة في الفنادق وعدد من المجمعات التجارية، حيث حلت هذه الالات مكان محال وفروع شركات الصرافة، غير ان سعر الصرف يرتفع خارج القنوات الشرعية، حيث يمكن ان يصل الى نحو 6.9 يوان مقابل الدولار الواحد.
ويعمل في الصين نحو 4398 بنكا اغلبها بنوك ريفية، ويتصدر بنك التعمير الصيني والبنك الصناعي والتجاري قائمة البنوك في الصين، حيث يعدان الاكثر شعبية وقاعدة عملاء وانشطة تشغيلية في الصين. وقدرت ارباح البنوك الصينية مجمعة بنهاية النصف الاول من العام الجاري بنحو 153.73 مليار دولار بما يعادل نحو 1.029 تريليون يوان.
ووفقا لما علمته لوسيل واطلعت عليه من الصينيين المرشدين في الزيارة فانه عند فتح حساب بنكي يتم ربط رقم الحساب برقم الهوية وتوحيد الحسابات مع التطبيقات الالكترونية على ويتشات و علي-باي حتى يسهل على الافراد والتجار اتمام عمليات الدفع الكترونيا دون الحاجة لبطاقات الائتمان والدفع البنكي التي تكاد تنعدم استخداماتها تقريبا في الصين على غرار النقود الورقية.
واوضح المتحدثون لـ لوسيل ان اعتماد التقنيات الجديدة في عمليات الدفع الالكتروني، عالجت العديد من المشاكل وقلصت كلفة طباعة النقود، والتي تتراوح بين 1 الى 2 دولار للورقة الواحدة وبالتالي المحافظة على احتياطيات الصين من العملة الاجنبية والتي تقدر بنحو 3 تريليونات دولار، كما ان الحد من طباعة النقود يساهم في الحفاظ على سرية المعاملات المالية في الصين.
كما ان تقليص طباعة النقود يساهم في تقليص التلوث البيئي وقطع الاشجار.
ولاحظت لوسيل خلال جولتها في المدن الصينية توجها كبيرا نحو تعزيز زراعة الاشجار وبشكل كبير في الضواحي المحيطة بالعاصمة الصينية، حيث تقود البلاد معركة لمكافحة التلوث الهوائي خاصة في العاصمة نتيجة لارتفاع الجزئيات الملوثة للهواء كثاني اكسيد الكربون، ومن ضمن خططها وفقا لمحدثنا لي توانج فانها انتجهت لتحفيز المواطنين على استعمال الدراجات الهوائية مع كبح استعمال السيارات عبر فرض شروط مشددة لاقتنائها.