مع تفشي وباء كورونا المستجد (كوفيد- 19) بدأ العلماء في محاولة فك رموز هذا الوباء من أجل مواجهته والقضاء عليه، وهناك الكثير من الأسئلة تتبادر للذهن، منها هل التدخين له علاقة بانتشار وباء (كوفيد- 19)؟، وهل للتدخين أي ارتباط بمضاعفات المرض وشدة الإصابة به؟.
إلى ذلك تحدث الدكتور محمد أمين العتيبي استشاري أول طب الأسرة في مركز لعبيب الصحي التابع لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية عن التدخين وأضراره والبحوث التي أجريت في زمن جائحة كورونا حول التدخين وارتباطه بالمرض وجاء الحديث مشبعا بالمعلومات والنصائح الطبية.
وقال إذا تحدثنا في البداية حول تدخين الشيشة والعادات المتعلقة بها قد تكون عاملا مساعدا في الإصابة بالمرض وانتشاره، فمشاركة الأنبوب والقطعة الفموية في الشيشة يؤدي إلى تناقل الأمراض المعدية ومن ضمنها الكورونا، كما أن الرطوبة في الشيشة والأنبوب
توفر مناخا خصبا لبقاء الجراثيم خارج الجسم أطول فترة ممكنة، كذلك فإن المقاهي والتجمعات وقرب الناس من بعضها في تلك المقاهي تشكل بيئة مناسبة لتناقل الفيروس من شخص لآخر لذلك لاحظنا أنه من أول الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة هو إغلاق المقاهي .
وتابع قائلا إن الكحة المستمرة التي تصيب المدخنين، قد تساهم في نشر الفيروس في حال الإصابة، ومدخن السجائر أكثر عرضة للمس فمه بأصابعه وهذا يعرضه للعدوى في حال كانت يده ملوثة ومن هنا فقد وجد أن 20% من المصابين بالكورونا يحتاج المرض عندهم دخول المستشفى و5% يحتاجون الدخول للعناية الفائقة، كما أن المرض يؤدي إلى وفاة ما بين 1 5% من المصابين، لذلك يعكف الباحثون على محاولة معرفة ما هي عوامل الاختطار التي تجعل أشخاصا أكثر عرضة للإصابة الشديدة والمضاعفات من غيرهم، وتم رصد عدة عوامل أهمها السن إذ إن كبار السن هم الأكثر عرضة للإصابة الشديدة والوفاة نتيجة الإصابة، كما أن هناك عوامل اختطار أخرى مثل أمراض القلب والشرايين والسكري وارتفاع ضغط الدم والسرطان وأمراض الرئتين المزمنة وقصور الجهاز التنفسي والفشل الكلوي ونقص المناعة لأي سبب.
وقال د. العتيبي: تشير النتائج الأولية للبحوث والدراسات الجارية إلى أن التدخين (وتعاطي التبغ بكافة أشكاله) ربما يكون أحد عوامل الاختطار التي قد تجعل الفرد عرضة لإصابة شديدة قد تهدد حياته في حال إصابته بالكورونا، إذ وجدت إحدى الدراسات التي أجريت في الصين أن المدخنين تزيد احتمال إصابتهم بمرض شديد بنسبة 14% عن غير المدخنين، وإن المدخنين لديهم احتمالية أكثر بـ 14 ضعفا للإصابة بالالتهاب الرئوي عند الإصابة بالكورونا مقارنة مع غير المدخنين. وهذا أمر متوقع ولا غرابة فيه، إذ إنه من الثابت أن التهابات الجهاز التنفسي الفيروسية والبكتيرية عند المدخنين تكون أشد وتستمر فترة أطول ويكون الشخص عرضة للمضاعفات والوفاة بدرجة أكبر بكثير من غير المدخنين وذلك لعدة أسباب منطقية منها أن هذا الفيروس يهاجم الرئتين بشكل أساسي والتدخين كذلك يؤثر على الرتين وبالتالي يجد الفيروس رئتين ضعيفتين ومتضررتين من السهل مهاجمتها وتدميرها وكذلك فإنه من الثابت أن التدخين يضعف المناعة ويسبب أمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم والسرطان وهذه كلها عوامل اختطار تجعل الإصابة بالكورونا شديدة وتهدد حياة المصاب.
عن مخاطر التدخين خلال فترة جائحة فيروس كورونا قال د. العتيبي إنه بالتأكيد الإقلاع عن التدخين يؤدي إلى تحسن مباشر في عمل القلب والرئتين مما يؤدي إلى إصابة أخف واستجابة أفضل وتحسن أسرع في حال الإصابة بالمرض ويقلل خطر الوفاة من المرض.
وعليه لا بد من توعية الجمهور بالأخطار المحدقة التي يسببها التدخين في حال الإصابة بالكورونا والتي تحتم على المدخن أخذ الحيطة والحذر للوقاية من المرض من خلال الالتزام بالبقاء بالبيت وغسل اليدين باستمرار وغيرها من التدابير الوقائية، كما يحتم عليه اتخاذ قرار فوري بالإقلاع عن التدخين للكثير من الأسباب التي يمكن إعادة التذكير بها لأننا لا نعلم كم ستستمر هذه الجائحة وإلى أي مدى ستنتشر، ويشكل الظرف الحالي عاملا قد يكون مساعدا على النجاح في ترك التدخين، فاختفاء التجمعات والأماكن التي تشجع على التدخين وتغير الروتين اليومي المرتبط بالتدخين يعتبر أيضا عاملا مساعدا آخر.