تحت رعاية سعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل، نظمت دار الشرق أمس النسخة الثامنة لمؤتمر العمل والعمال بدعم من غرفة قطر، واستضاف عدداً من الجلسات في قاعة متحف بيت بن جلمود في مشيرب، وتأتي هذه النسخة قبيل أشهر قليلة تفصلنا عن انطلاق بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022 تحت عنوان نظرة عن كثب وأثر يتعدى كأس العالم. وشارك في جلسات المؤتمر عدد من الجهات بالدولة على رأسها وزارة العمل واللجنة العليا للمشاريع والإرث واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وجمعية المحامين القطرية وجامعة قطر.
واستضاف المؤتمر في جلسته الأخيرة عدداً من رؤساء الجاليات الآسيوية والافريقية،وحظي المؤتمر برعاية عدد من الشركات مثل مشيرب العقارية وإزدان القابضة والدار للصرافة. وتم خلال المؤتمر تدشين النسخة السابعة من كتاب العمال التي حملت عنوان شهادات تاريخية وهو بانوراما نظرت في تقارير منظمات دولية ثم أورد شهادات من برلمانات أوروبية وصحف ووسائل إعلام ومنظمات دولية تعبر فيها عن دهشتها وإشادتها بما تم من إنجازات في حقوق وأوضاع العمال في دولة قطر خلال عشر سنوات فقط.
وبدأ المؤتمر أعماله بكلمة للأستاذ جابر الحرمي نائب الرئيس التنفيذي بمجموعة دار الشرق حيث قال: إن النسخة الثامنة تنعقد ونحن على بعد أيام من انطلاق بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022، وأضاف: درجت دار الشرق على عقد مؤتمر العمل والعمال منذ 2014 كأول مبادرة من نوعها تتبناها مؤسسة في القطاع الخاص وتحديداً مؤسسة إعلامية، وذلك لنؤكد من خلالها على أننا جميعاً معنيون بدعم قطاع العمل والعمال بأشكال ومبادرات مختلفة، وأضاف منذُ أنْ فازَت دولةُ قطر باستضافةِ بطولةِ كأسِ العالمِ 2022 في الثاني من ديسمبر 2010 تسارعَت عجلةُ التنميةِ في كلِّ الاتجاهات، ولمْ تَقتَصِر في أَوجُهِهَا المَحسُوسَةِ كما المشاريعِ التنمويةِ والبنى التحتية ومشاريعِ كأس العالم ومرافقَ رياضيةٍ مُتَعَدِدَة، بلْ إنَّ الأمرَ شَمَلَ كَذلِكَ الجوانِبَ التشريعية والقانونية، التي حَظِيَتْ بأولويةٍ لِدَى صانِعي القرار، فباتت قطر واحدةً من بينِ أكثرِ الدولِ تحديثاً وتطويراً لمَنْظُومَتِها القانونية والتشريعية والتنظيمية، واستحداثاً لقوانينَ جديدةٍ تواكبُ المرحلةَ ومُتَطَلَّبَاتِها. وأشار إلى أن قطاعُ العمل والعمال حاضر بقوةٍ على صعيدِ القوانين والتشريعات، وتطويرِ بيئاتِ العمل، وسدِّ الثغرات في بعض الجوانب، والدفعِ نحوَ إيجادِ بيئاتِ عملٍ أكثرَ ملائمةً وأكثرَ أمناً، وتَخْلُقُ توازناً بينَ جميعِ الأطراف.
وقال منذُ أولِ مؤتمرٍ للعمال عقدناه في 2014 جرَت مياهٌ كثيرةٌ في هذا القطاعِ الحيويِّ والمهم، وأردف لن أشيرَ هنا إلى القوانين والتشريعات العديدةِ التي عُدِّلَت أو اسْتُحدِثَت، في مجال بيئات العمل والأمن والسلامة والأجور وتحويل الرواتب إلى حساب العامل بالبنك والإقامة والخروجية والحد الأدنى للأجور.. وغيرها، فهذا الأمر ربما مطلع عليه الجميع، لكن الأمر الأهم باعتقادي من هذا كلَّهُ، أن هناكَ إرادةً حقيقيةً وتصميماً أكيداً للتَغْيِير للأفضل، وقال شهدنا عملاً جماعياً في المجتمع، وتَوَافُقاً في الرُؤى بَيْنَ القطاعين العام والخاص، وتجانساً في العمل بين المواطنين والمقيمين من مختلفِ الجنسيات الذين يتواجدون معنا، ورأينا مبادراتٍ مشتركةٍ لدعمِ قِطَاعِ العمال، الذين نَعُدُّهُم رَكِيْزَةً أساسيةً في مسيرةِ التنمية الشاملة التي تشهدها دولة قطر على مُختلف الأصْعِدَة، وشركاءً في النجاحاتِ والمكاسِبِ التي حققتها قطر، جعلتها تَتَصَدَّر العديدَ من المؤشرات الدولية. وفي ختام كلمته قال إنَّنَا ونَحنُ نَحتَفِلُ بالنسخة الثامنة من مؤتمر العمال، والتي حَملتِ عنواناً بارزاً نظرةٌ عن كثَب وأثرٌ يَتَعَدَّى كأسَ العالم ، لنُؤكِّد أنَّ مَسيرَةَ التنمية أو تطوير المنظومةِ التشريعية والقانونية ليست مُرتَبِطَةً بِزَمَنٍ مُحدَّدٍ أو حدثٍ بعينه، إنَّما مسيرةٌ مُتصلةٌ، وقناعةٌ متجذرةٌ، وعملٌ مؤسَّسِيٌ يُواكِبُ مَراحلَ وتَطَوُّرَ الدولة والمجتمع.
من جانبه قال سعادة السيد محمد بن طوار الكواري النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة قطر: تأتي النسخة الثامنة من هذا المؤتمر في وقت تتصدر فيه قطر المؤشرات الدولية المرموقة في مجال حفظ حقوق العمال، حيث تحظى إصلاحات العمل التي اتخذتها الدولة بإشادة كافة الشركاء الدوليين والمراقبين والبرلمانات الأوروبية والمنظمات الدولية، مشيراً إلى أنها الإصلاحات التي حققت لقطر الريادة في هذا المجال بالمنطقة.
وأضاف: لقد أولت دولة قطر بتوجيهات من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، جل اهتمامها بتوفير بيئة عمل آمنة ومثالية، بالإضافة إلى تأمين حياة كريمة للعمالة الوافدة وذلك التزاما منها بالمواثيق والاتفاقيات الدولية، وذلك من خلال استصدار إصلاحات واسعة النطاق على قوانين العمل والممارسات المتعلقة به، والتي تحفظ حقوق العمال وتضمن لهم المعيشة الكريمة، وبنفس الوقت تحفظ حقوق أصحاب العمل أيضا.
في سياق متصل قال الكواري: إن القطاع الخاص القطري ليس بمعزل عن هذه الإصلاحات، حيث يأخذ على عاتقه الالتزام بهذه القوانين والتشريعات المتصلة بالعمال، والقيام بترجمتها داخل سوق العمل، وأضاف: إن الشركات القطرية تبدي دائما تعاونها التام في مواكبة هذه التشريعات، والتي تنسجم أيضا مع قيم مجتمعنا القطري، فبحمد الله فإن المواطنين القطريين يعرف عنهم حسن تعاملهم مع الجميع وخصوصا مع من يعملون معهم، حيث يوفّون بالتزاماتهم لهم دون تأخير، ويعاملونهم كأفراد من الأسرة.
وقال إن غرفة قطر لا توفر جهداً في نشر الوعي بالأمور المتعلقة بالعمل والعمال، من خلال تنظيم عدد من الندوات وورش العمل التي تعرف اطلاع أصحاب الأعمال وممثلي الشركات على المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والعمال، بالإضافة إلى حث أصحاب الاعمال والشركات على توفير البيئة الملائمة للعمال سواء من حيث بيئة وظروف العمل او من حيث مساكن العمل الحديثة، اضافة الى توفير التدريب والتأهيل للعمال، ورفع مستوى الوعي باشتراطات السلامة والصحة المهنية لدى العامل وصاحب العمل بما يحقق الزيادة والكفاءة في الانتاجية، وتخفيف الأعباء الناجمة عن الحوادث والأمراض المهنية.
وقال حافظ علي رئيس التسويق والاتصال في مشيرب العقارية إن مؤتمر العمل والعمال يسلط الضوء على جهود دولة قطر والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لرعاية حقوق العمال، وأضاف: وجودنا معاً في هذا المؤتمر يعكس تضافر الجهود لدعم مساعي دولة قطر الحثيثة لتحسين ظروف العمال وحفظ حقوقهم وعافيتهم وفق أفضل الظروف وأعلى المعايير العالمية، وأشاد بجهود الدولة ومختلف المؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق العمال التي سنت القوانين والإجراءات الملائمة لتحقيق هذا الهدف، من ضمنها برنامج حماية الأجور وتحديد الحدّ الأدنى للأجور وتحديد ساعات العمل وفق كل قطاع.
وقال تعتبر مشيرب العقارية أن الالتزام بحقوق العمال وضمان سلامتهم من أولوياتها المطلقة. ووضعت في هذا الإطار أسساً واضحة حيث تمتثل بالكامل للقوانين المرعية الإجراء في دولة قطر، وكذلك اخذت بعين الاعتبار مختلف القوانين المعتمدة من منظمة العمل الدولية المعنية بهذا الأمر. بالإضافة إلى ذلك، وضمن متابعتها المتواصلة لحسن سير هذه العملية ضمن مشاريعها ومرافقها، تتعاون مشيرب العقارية مع المقاولين والشركاء لوضع السياسات المناسبة لحماية حقوق العمال وضمان سلامتهم الدائمة، وتراقب عن كثب سير الأعمال في مختلف المواقع، وتخصص خطاً ساخناً وبريداً إلكترونياً لتلقي أي اقتراحات أو شكاوى أو مطالب متعلقة بحقوق العمال وسلامتهم. وأكد توفير مختلف الوسائل التي تضمن حقوق العمال والموظفين ورجال الأمن الخاص، ونوه بأن مشيرب بدأت مبادرة توزيع المياه الباردة مجاناً لجميع رجال الأمن الخاص، وتوفير مظلة في مكان عملهم تقيهم حرّ الشمس، مع التنسيق مع المقاولين لتأمين استراحة دورية وكافية للموظفين وتأمين مرافق مبردة لهم خلال الاستراحة وتناول الطعام. مؤكدا أن المبادرة تهدف إلى توفير أ فضل ظروف العمل داخل المدينة ومرافقها. وقال نؤكد على الالتزام الكامل بالقوانين المرعية الإجراء في دولة قطر واتباع سياسات الصحة والسلامة المهنية للمساهمة بتحقيق ركائز التنمية البشرية التي نصت عليها الرؤية الوطنية 2030 ودعم الاقتصاد الوطني وتنمية المجتمع المحلي في كافة المجالات.
سلطت الجلسة الأولى الضوء على التطورات التشريعية والقانونية في أوضاع حماية حقوق العمال، واستهلت الجلسة بكلمة للمحامي الدكتور ثاني بن علي آل ثاني نائب رئيس جمعية المحامين القطرية تطرق خلالها إلى إشكاليات سوق العمال مثل تزايد أعداد العمالة والتي عولجت بتسريع وتيرة إصلاح القوانين المنظمة لسوق العمل، واستعرض الدكتور ابرز الإصلاحات مثل إلغاء تأشيرات الخروج للمقيمين الخروجية والسماح للموظفين بتغيير جهة العمل بحرية دون طلب شهادة ممانعة من صاحب العمل، وتحديد الحد الأدنى للأجور، والإعلان عن إنشاء 14 مركزاً لتأشيرات قطر في عدد من البلدان أبرزها الهند وسريلانكا واندونيسيا ونيبال، وقال يلاحظ أن جميع القرارات الجوهرية في اصلاح سوق العمل جاءت مصدقة بمراسيم أميرية ومنشورة في الجريدة الرسمية وملحق بها أوامر تنفيذية مما اعطى هذه القوانين صفة القوة التنفيذية وكذلك الاستدامة، وأضاف: بالطبع أخذت الجهات الرسمية الوقت الكافي لاستطلاع كل الآراء ومراجعة جميع القوانين والإجراءات قبل أن تصدر القانون رقم 21 لسنة 2015 الذي خلق واقعا جديداً في علاقة العمال بأرباب العمل، وتسارعت وتيرة الإصلاحات بعد هذا القانون حيث أنشأت لجنة فض المنازعات العمالية في مارس 2018، ثم تبعها افتتاح منظمة العمل الدولية أول مكتب لها قطر في نهاية ابريل من العام نفسه، ثم القانون رقم 13 لسنة 2018 بتعديل بعض احكام القانون رقم 21 لسنة 2015 بتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم.
واختتم د. ثاني حديثه قائلاً مما سبق يمكننا القول إن اصلاح قوانين العمل في الدولة نشأ عنه وضع مثالي وجد الإشادة من كل المهتمين بأوضاع العمالة الوافدة من منظمات دولية ووسائل إعلام وممثلي الدول المصدرة للعمالة.
من جانبه قال السيد عبدالله البشري مدير إدارة الصحة والسلامة المهنية باللجنة العليا للمشاريع والإرث: من اليوم الأول لفوز قطر بتنظيم واستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم أولت الإرث الصحة والسلامة اهتماماً كبيراً، انعكس إيجابياً على سير الأعمال، حيث أنشأت 8 استادات في فترة قياسية مع الاخذ بعين الاعتبار سلامة كل من شارك في بناء هذه الصروح، موضحاً ان اعداد العمال في مرحلة البناء تجاوزت 40 ألفاً، بينما بلغت الطاقة الاستيعابية في ذروة العمل 13 الفاً متواجدين في استاد واحد، موضحاً ان هذا العدد كان يتطلب مراقبة دقيقة على تطبيق معايير الصحة والسلامة بشكل يومي وعلى مدار الساعة، مؤكدا أن الحرص على معايير السلامة في الاستادات كان على رأس أولويات اللجنة التي تراقب عن كثب، وقال بفضل الله وصلت اللجنة في مرحلة البناء إلى 20 مليون ساعة عمل بدون حوادث مرتين في استاد احمد بن علي، و30 مليون ساعة عمل بدون حوادث في استاد الثمامة، وأضاف كان التركيز على تطبيق معايير الصحة والسلامة في مرحلة البناء على العمال في الاستادات، وتوسع نطاق العمل في مرحلة التشغيل ليشمل كل بقعة في البلاد، وأشار إلى توحيد معايير الصحة والسلامة بين اللجنة والشركاء في الدولة، مثل منفذ أبو سمرة ومطار حمد الدولي ومواصلات ووزارة الصحة العامة ووزارة الداخلية وقطر ريل وأشغال وموانئ وغيرهم، وستنظم اللجنة جولات تفتيش على مواقعهم ضمن جدول اعمال زمني متفق عليه، بالإضافة إلى اطلاعهم على السجل القانوني الذي يشمل كل قوانين الصحة والسلامة في الدولة.
أشاد ممثلو الجاليات العمالية خلال الجلسة الثانية بالتشريعات العمالية في دولة قطر والتي ساهمت بشكل مباشر في تحسين بيئة العمل، مشيرين إلى أن تطوير التشريعات شمل العديد من النقاط الأساسية.
أكد السيد محمد رمضان ممثلا على الجالية النيبالية أن السنوات الماضية شهدت تحديثات متطورة لعدد من التشريعات القانونية الخاصة بالعمل والعمال، مشيرا إلى ان أبرز تلك التشريعات إلغاء الموافقة المسبقة لتغيير جهة العمل وإلغاء مأذونية الخروج للسفر والحد الأدنى للأجور وغيرها من التشريعات المتطورة.
ونوه بأن العمالة الوافدة لمست تلك التحديثات في بيئة العمل بشكل مباشر خلال الفترة الماضية الامر الذي أدى إلى تحسين بيئة العمل في دولة قطر، مشيرا إلى أن العمالة النيبالية ساهمت في مشاريع كأس العالم.
أكد السيد أمين رسول ممثل الجالية البنغالية ان بيئة العمل في دولة قطر اليوم مريحة لجميع العمالة الوافدة لا سيما في ظل التحديثات التشريعية التي تمت خلال السنوات الماضية، مشيدا بما تم خلال فترة عمله في قطر سواء من انشاء اللجان العمالية او متابعة أوضاع سكن العمال او مواقع العمل.
وأوضح أن تطور بيئة العمل ساهم في جعل الكثير من العمال يفضل البقاء في قطر لسنوات طويلة، مشيرا إلى أن مشاريع كأس العالم والبنية التحتية زادت من عدد العمالة في قطر.
أشاد السيد ساهيد كازم ممثل الجاليات الأفريقية بالتشريعات القانونية العمالية في دولة قطر والتي تحافظ بشكل أساسي على حقوق وواجبات العمال وأصحاب العمل، مشيرا إلى أن زيادة عدد العمالة في دولة قطر ساهم في مشاريع البنى التحتية ومشاريع كأس العالم.
وأوضح أن نظرة العمالة اليوم للتشريعات العمالية في دولة فطر إيجابية على مختلف الأصعدة، مبينا أن تحديث التشريعات ساهم في تحسين إنتاجية العمال في المشاريع والشركات خلال السنوات الماضية.