التقشف.. سياسة اقتصادية تربك المجتمع (ملف)

لوسيل

إعداد: أمير بابكر- شوقي مهدي – أحمد عبدالوهاب

تلجأ معظم الدول إلى سياسة التقشف الاقتصادي قبل فوات الأوان، عندما تلوح في الأفق بوادر ضيق اقتصادي مثل الكساد أو التراجع الحاد في مستويات النشاط الاقتصادي، أو (كما في حالة الدول المنتجة للنفط) انخفاض أسعار النفط بدرجة حادة تربك الموازنات العامة لتلك الدول، وبعضها عندما تغرق في الأزمة حتى أخمص قدميها نتيجة لسياسات اقتصادية يحيط بها الفساد والصرف غير المرشد.

وتستهدف سياسة التقشف الاقتصادي تخفيض حجم الإنفاق الحكومي أو رفع الضرائب بهدف خفض عجز الميزانيات العامة للحكومات وتجنب تصاعد الديون الحكومية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، أملا في أن تؤدي تلك السياسات إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية.

وانتقت لوسيل نماذج لبعض الدول للوقوف على أثر سياسات التقشف على الاقتصاد والحياة الاجتماعية فكانت اليونان أبرز النماذج التي عصفت بها الأزمة الاقتصادية وأثرت على بنيتها الاجتماعية، كما جاءت مصر كدولة تطبق سياسة التقشف دون الإعلان عنها. وفي ذات الوقت وقفت لوسيل على أثر انخفاض النفط على اقتصادات دول الخليج وتطبيق سياسة التقشف فاستطلعت آراء بعض الخبراء للوقوف على جوانب تلك السياسة وآثارها في المنطقة.

الخليج.. الهيكلة والرفاه

د. العساف: 600 مليار دولار خسائر دول التعاون من انخفاض النفط

يقول الباحث السياسي السعودي الدكتور عبدالله العساف لـ لوسيل ، إن دول التعاون خسرت بالفعل حوالي 600 مليار دولار من عائداتها وفقًا لمؤسسات مالية عالمية بسبب تراجع أسعار النفط، الأمر الذي يجعلها تراجع بصرامة سياساتها المالية وتتخذ عددا من التدابير والإجراءات للحد من الإنفاق إلا ما كان للضرورة ومراجعة المشاريع الحكومية وأولوياتها، وتطوير أهداف السياسة المالية وفق معاير الحوكمة والشفافية، والعمل الفعلي على التقليل من الاعتماد على البترول كمصدر رئيس للدخل خلال السنوات الخمس القادمة، بالإضافة لمراجعة برامج الدعم الحكومي لعدد من السلع والخدمات.

إلا أن الخبير الاقتصاي والسياسي الخليجي عقل إبراهيم الباهلي، يرى أن سياسة التقشف هي المصطلح العربي لإعادة الهيكلة وهي الطريقة العلمية لتصحيح المسار في كل شيء سواءً منشأة اقتصادية أو مجتمعا سياسيا أو حالة اقتصادية أو حتى على صعيد الأسرة وحتى الفرد وأحد تجليات الهيكلة هي ترتيب الأولويات وأكثر عامل يدفع إلى الهيكلة وأحد تجلياتها التقشف هو انخفاض الدخل الوطني.

ويمضي الباهلي قائلًا بما أن النفط يمثل أكثر من 95٪ من الدخل الوطني فإنه انخفاض أسعاره لوقت طويل يعتبر سببًا رئيسيًا للتقشف (الهيكلة) ودائما أهم أداة في إعادة الهيكلة هي الخطة وكلما كانت صحيحة كانت نتائج إعادة الهيكلة ممتازة .

آثار اجتماعية

وحول الآثار الاجتماعية لسياسة التقشف، دعا الدكتور العساف المواطن الخليجي أن يوطن نفسه ويهيئها للخروج الطوعي من الاعتماد الكامل على الدولة، ولا شك أنها مرحلة انتقالية صعبة أصاب المواطن الخليجي بصدمة ولكن بدرجات متفاوتة. ويمضي العساف قائلا إن الدول حاولت تخفيف الصدمة عن طريق المسؤولين والخبراء الاقتصاديين وشرحها وبيان أهميتها كخطوة لا بد منها في هذه المرحلة والتي يجب أن يكون فيها المواطن متعاونا وداعما لهذه الإجراءات التي قد يكون لها تداعياتها الاجتماعية على الفرد والمجتمع.

هذا الوضع لابد أن يفرز آثارا اجتماعية إيجابية لمواطني المنطقة حسب رأي عقل الباهلي، الذي قال إن الآثار الإيجابية هي تعود الناس على رسم سياسة إنفاق وترتيب أولويات الأسرة بخصوص المشتريات، إلا أنه يرى أن انخفاض المداخيل يكشف الأسر ذات الدخل المتدني كما يحدث في السعودية لذلك قامت الدولة بتأسيس مشروع صندوق المواطن لدعم المحتاجين.

ويضيف بأن هذا النوع من التفكير يؤدي للبحث عن أدوات سياسية غير تقليدية مثل المشاركة في صنع القرار وتفعيل مكافحة الفساد بشكل جاد وسنشهد في الفترة المقبلة مساهمة الجميع في خلق مناخ يساهم في الانتقال للمستقبل بأقل الخسائر وتقديم التضحيات من الجميع.

الرفاه الاجتماعي

هل سيتغير نظام الرفاه الاجتماعي؟ يقول الباهلي بالتأكيد نظام الرفاه السابق ربما أقرب إلى اللاعقلانية وما يكتب في الصحف عن حالات انفلات سلوكي في مسألة المظاهر تعبر عن فهم اجتماعي خاطئ عن الرفاه وأنا لا أستثني أحدا، والرفاه المبالغ فيه والمظهري ربما مع التقشف ووضع قوانين تحد من مظاهر التشوه السلوكي في الإنفاق يساهم في تصحيح مسار الإنفاق المجتمعي .

ويختلف دكتور العساف مع الباهلي في أن الرفاه الاجتماعي يحتاج لإنفاق في المقام الأول، وليس ضمن أولويات العائلة الخليجية متوسطة الدخل والتي تشكل السواد الأعظم من تكوين المجتمع إلا تراجع سلوكها الإنفاقي وجعله في مكانه المناسب، ولا شك أنه لن يكون الرفاه كالسابق باحتلاله مستويات عليا، فهناك حاجات أساسية يتوجب إشباعها أولا والتخلي عن كثير من مظاهر الرفاه الاجتماعي الذي سوف يقتصر على الطبقة المخملية.

العمالة الوافدة

ويمضي الدكتور العساف بأن العمالة الوافدة في الخليج سيكون شأنها شأن المجتمع الخليجي طالتها تبعات سياسة التقشف ظاهريا لكنها سوف تستوفي ما تأخذه الدولة منها عن طريق رفع أجورها على المواطن فهي أفضل حالًا منه، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية المقيمون أكثر استعدادا لذلك من المواطنين الخليجيين لخبرتهم في الادخار وهي الخبرة المعدومة لدى الخليجيين بشكل عام.

ويري الخبير عقل الباهلي أن أحد أهم أدوات إعادة الهيكلة الاقتصادية هو ترشيد الإنفاق، بالتالي ستخرج جزءا من الأدوات الاقتصادية من السوق، الأمر الذي يتبعه مغادرة جزء من العمالة إلى بلدانها وحسب القراءات الخاصة بقرارات العمالة ورفع تكلفتها وإضافة رسوم على المرافقين ربما يدفعهم إلى إرسال عائلاتهم وهذا له آثار اجتماعية وأمنية واقتصادية يجب أخذها بالحسبان.

ويري الدكتور عبدالله العساف بأن السعودية اتخذت عددًا من الإجراءات مثل مراجعة الرسوم الحالية واستحداث رسوم جديدة وطرح عدد من الأنشطة للخصخصة مع مراعاة التدرج في تنفيذها خلال السنوات الخمس القادمة وإنشاء وحدة للمالية العامة في وزارة المالية هدفها ضبط وتحديد سقف الميزانية خلال السنوات الثلاث القادمة، والعمل على التعاطي مع المعطيات الراهنة سواء محليا أو عالميا برؤية مفتوحة لكل الاتجاهات، خصوصا أن الاقتصاد العالمي نفسه يعاني اضطرابات شديدة، وتقدم الميزانية حلولا مبتكرة للخروج بذكاء من عجز الميزانية، وتوفير السيولة المطلوبة لتحقيق النمو الاقتصادي عبر حزمة إصلاحات مبتكرة.

مدرستان

غير المؤيدة لسياسات التقشف الاقتصادي تستند إلى أفكار كينز حول حتمية اتباع سياسات مالية توسعية أثناء فترات الكساد نتيجة فشل معدلات الفائدة المنخفضة، أو الصفرية، في تحفيز مستويات الطلب الكلي نتيجة تفضيل السيولة، وارتفاع درجة عدم اليقين بين المستهلكين والمستثمرين، فضلا عن توقعاتهم التشاؤمية حول مستقبل النشاط الاقتصادي في ظل ظروف الكساد.

ووفقا للنظرية الكينزية، عندما ينكمش الاقتصاد فإن التحفيز المالي يعد أنسب السياسات لرفع معدلات النمو وذلك استنادا إلى التأثير المضاعف، الذي تتمثل فكرته الأساسية في أن كل دولار يتم إنفاقه يولد دورات من الدخول والإنفاق تؤدي إلى أثر مضاعف على الدخل والنشاط.

أنصار سياسات التقشف المالي يرون أن هذه السياسات تستهدف أساسا القضاء على عجز الميزانية أو تخفيضه، وهو ما يؤدي إلى آثار توسعية في الاقتصادي تساعد على استعادة النشاط الاقتصادي وارتفاع معدلات النمو.

فكيف تؤدي السياسات التقشفية إلى رفع معدلات النمو؟ واقع الأمر أن هذا المدخل يستند إلى فرضية التقشف التوسعي التي تلعب توقعات المستهلكين والمستثمرين دورا مركزيا فيها، والتي تبدأ بالتساؤل حول المدى الذي يمكن أن تقترض فيه الحكومة وترفع من دينها العام دون أن يؤثر ذلك سلبا في الاقتصاد، فوفقا لهذا المدخل لا تستطيع الحكومة أن تقترض إلى ما لا نهاية، فبعد مستوى معين من نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ستبدأ معدلات العائد المطلوب على السندات الحكومية في التزايد مع تزايد مستويات الدين العام.

د. العجمي: سياسة التقشف لن تؤثر على الأمن الخليجي

ويري العقيد الركن (م) دكتور ظافر محمد العجمي الأستاذ بجامعة الكويت والمتخصص في السياسات الدفاعية، أن هناك بعدًا آخر لسياسة ضبط الإنفاق، فهناك من يرى أنه رغم علو الطاقة التمويلية للمشاريع بمختلف أنواعها، إلا أن دول الخليج رصدت قدرًا غير يسير من إمكاناتها الاقتصادية للجاهزية العسكرية.

واعتبر دكتور العجمي أن قضية الأمن الخليجي وقضية الاقتصاد الخليجي القائم على النفط مرتبطتان بشدة ليس في الخليج بل لدى صانع القرار في الغرب. فباستقرار الأمن ينمو الاقتصاد وبنمو الاقتصاد يتعزّز الأمن.

ورغمًا عن ذلك فإن التقشف المنتظر وحسب رأى الدكتور العجمي سيمس ميزانية الدفاع بالمنطقة إلا أن الأمن الخليجي لن يتأثر بسياسة التقشف وذلك لأن دول الخليج استوردت في السنوات الخمس الماضية ما يفوق ما استوردته في ربع قرن وعليه فلديها ترسانة أسلحة تكفي لعقد قادم، لكن التقشف قد يمس المواد النافذة في عملية التسلح كالذخائر والصواريخ.

الهتيمي: رد الفعل الشعبي يقلق المسؤولين عن الإجراءات الاقتصادية الحادة

يقول الكاتب الصحفي أسامة الهتيمي، معقبًا على التأثير الاجتماعي والاقتصادي لإجراءات التقشف، معرفًا إياها في البداية: من المعلوم أن برامج التقشف هي حزمة من الإجراءات التي تلجأ إلى اتخاذها حكومات بعض الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية في ظل ظروف استثنائية منها ما يتعلق بالحروب أو التعرض إلى كارثة طبيعية كبدت الدولة خسائر مادية فادحة أو أنها تعاني عجزا كبيرا في الموازنة العامة ومن ثم فهي مضطرة إلى بذل ما يمكنها لأجل التقليل من هذا العجز .

وأضاف الهتيمي في تصريحات خاصة لـ لوسيل : ومن بين هذه الإجراءات التقشفية أن تتخفف الدولة من أعباء الخدمات التي تقدمها للشعب كتلك المتعلقة بالصحة أو التعليم أو دعم المواد والسلع الأساسية وغيرها من الاحتياجات وكذلك وقف باب التوظيف في القطاع الحكومي فضلا عن تخفيض النفقات الحكومية ومرتبات العاملين بالدولة .

أما فيما يتعلق بالحالة المصرية كنموذج، فيقول الهتيمي: الحقيقة أن النظر إلى الحالة المصرية يصيب أي مراقب بالكثير من الحيرة والدهشة فرغم أن الوضع الاقتصادي ربما يدفع إلى الإعلان الرسمي عن ضرورة الإعلان عن تطبيق برامج التقشف خاصة أن كل المؤشرات تؤكد أن عجز الموازنة سيصل مع نهاية السنة المالية الجارية إلى أكثر من 320 مليار جنيه فيما تجاوزت الديون الخارجية الـ 60 مليار دولار إلا أننا نرى سلوكا حكوميا غريبا ففي الوقت الذي تتبع فيها بعضا من برامج التقشف نجدها على الجانب الآخر تمارس حالة من الإسراف لتكون المحصلة النهائية في غير صالح الشريحة الأكبر من أبناء الشعب المصري والتي تعاني عوزا وفقرا حيث تم تخفيض مرتبات عدد كبير من العاملين والموظفين أو بالأحرى تم تثبيت هذه المرتبات فيما تصاعدت قيمة المستقطعات من هذه المرتبات كما تم تقليص حجم الدعم السلعي ودعم الوقود المقدم للجماهير وهو ما انعكس بشكل كبير على الأوضاع المعيشية حيث ارتفعت أسعار جميع السلع بشكل غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية حتى وصل معدل التضخم لأكثر من 30% .

ويستطرد الهتيمي قائلًا: وفي مقابل ذلك فإن الدولة لم تتردد في رفع مرتبات القضاة وأعضاء النيابة وضباط الجيش والشرطة الأمر الذي كشف عن تباين في المواقف وانحياز ضد الفقراء والمحتاجين .

وختم الهتيمي حديثه لـ لوسيل قائلًا: الخلاصة أن الدولة المصرية ورغم أنها لم تعلن حالة التقشف بشكل رسمي إلا أنها تطبقها بشكل انتقائي يستهدف في البداية والنهاية الأغلبية الشعبية غير أن إعلان تطبيق حالة التقشف ربما يثير حالة من السخط الشعبي الذي يدرك أن هذا يعني القضاء على البقية الباقية مما تقدمه الدولة لإعانة هؤلاء على البقاء والاستمرار .

معاوية محمدين لـ لوسيل : 500 ألف يوناني هاجروا إلى الخليج عقب الأزمة

قال الناشط في منظمات المجتمع المدني في اليونان معاوية محمدين إن سياسة التقشف إثر الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالاقتصاد اليوناني أثرت على المجتمع بشكل مباشر، وتتجلى المشكلات الاجتماعية التي خلفتها الأزمة في مظاهر عدة يمكن رؤيتها في الشارع. فقد ارتفع عدد المشردين من بضع مئات إلى نحو 40 ألف مشرد حسب بيانات المنظمات الطوعية. وكثيرا ما تعرض التلفزيونات حالات عائلات بلا كهرباء بسبب عجزها عن دفع فاتورتها مما اضطر الدولة إلى استحداث فاتورة الكهرباء الاجتماعية أساسه سعر مخفض للكهرباء. وتقول اتحادات المعلمين إن العديد من التلاميذ يصابون بحالات إغماء أثناء الدرس لأنهم لم يتناولوا غذاء كافيا.

وفيما يتسابق الكثيرون لإظهار التضامن الأهلي فإنهم ليسوا أقل حماسا في تنظيم المسيرات والمظاهرات احتجاجا على الإجراءات الاقتصادية الصعبة التي تتخذها الحكومات المتعاقبة منذ عام 2010 بسبب برامج التقشف التي فرضها الاتحاد الأوروبي على اليونان.

وقال في حديثه لـ لوسيل إن الحكومة تحاول بث تطمينات للشارع، وكانت وسائل الإعلام قد أبرزت تصريحا لرئيس وزراء اليونان اليكسس تسيراس أمام اجتماع اللجنة المركزية لحزب سيريزا اليساري الحاكم الأحد الماضي قال فيه بعد مالطا ينفتح سبيل لتحديد إجراءات لتخفيف الدين. سيبعث ذلك برسالة واضحة أن الأزمة انتهت . جاء ذلك إثر إبرام اليونان اتفاقا مع دائنيها الدوليين تضمن العناصر الرئيسية لبرنامج الإصلاح بما يقود إلى صرف تمويل طارئ لمساعدة اليونان على سداد الديون المستحقة في يوليو القادم.

مشيرًا إلى أنه من الناحية الفعلية تذكر المصادر الصحفية أن عدد الشباب اليوناني الذي غادر البلاد بعد الأزمة بحثا عن عمل قد بلغ ما يقرب من نصف مليون إلى دول عديدة من بينها الإمارات وقطر والكويت. ونشرت صحيفة اميريسيا نهاية العام الماضي خطابا من وزارة الخارجية اليونانية إلى البرلمان وصفته بأنه محاولة لإحصاء الموجة الثالثة من الهجرة بسبب الأزمة. ويضاف هؤلاء إلى نحو 5 ملايين مهاجر من أصول يونانية كانوا قد اغتربوا عبر السنين في أكثر من 140 بلدا، حسب مصلحة المغتربين اليونانيين التابعة لوزارة الخارجية.

وأكد محمدين على أن العطالة تأتي في مقدمة نتائج الأزمة. فقد بلغت نسبتها في الربع الأخير من العام الماضي حسب مصلحة الإحصاء 23.5% أو 22% بوتيرة ثابتة بينما كانت قبل الأزمة في حدود 9%.

وحسب مصلحة العمل فإن عدد العاطلين المسجلين قد زاد خلال الشهرين الأخيرين من العام الحالي من 1.089.989 إلى 1.095.866 أي 255 عاطلا يوميا خلال شهر فبراير الماضي. وتبلغ نسبة ما يسمى بـ العاطلين المزمنين أي العاطلون لمدة طويلة نحو 73% حسب مكتب الإحصاء الأوروبي، بينما توجد 350 ألف عائلة لا يعمل فيها أي عضو منها. ولا يتلقى من هؤلاء أية معونات سوى 157.000 فقط بشروط صعبة، ولوقت محدود لا يتجاوز ثمانية عشر شهرا.

ويضاف إلى ذلك إلى أن عددا كبيرا من غير العاطلين يعملون في الواقع بدوام جزئي وبأجور تقل عن الحد القانوني. وحسب وزارة العمل يبلغ عدد مجمل القوة العاملة في البلاد نحو 3.6 مليون بينهم 600 ألف في القطاع العام، و1.67 مليون في القطاع الخاص.

وإذا كانت اليونان تعتمد تقليديا على قطاعات البناء والبحرية التجارة والسياحة فإن أكبر ضحايا الأزمة كان قطاع البناء والتشييد. وحسب آخر تقرير لمصلحة الإحصاء اليونانية اليستات صدر الشهر الماضي فإن الاستثمارات في السكن قد تراجعت خلال الفترة من 2008 إلى 2016 بواقع 24 مليار يورو إجمالا.