مع بداية العام الهجري الجديد

خطبة الجمعة بجامعي الإمام والشيوخ تستذكر فضائل الشهر المحرم

لوسيل

الدوحة - لوسيل

أكد فضيلة الشيخ عبدالله محمد النعمة أن شهر الله المحرم شهر عظيم مبارك، وهو أول شهور السنة الهجرية، وبه يبدأ المسلم عامه الجديد، وقد جاءت السنة النبوية داعية ومبينة إلى عظيم هذا الشهر، وأن فضل صيام يوم عاشوراء، أنه يكفر السنة التي قبله، فتخرج نقيا معافى من صغائر الذنوب والآثام.

وقال الشيخ عبدالله النعمة في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: جعل الله لنا مواسم للخيرات يزداد فيها المؤمن إيمانا وقربا إلى الله، ويتوب العاصي ويجتهد المقصر، فالسعيد من اغتنم هذه المواسم المباركة فملأها بالطاعات واستغل وقتها بالقربات، ومن هذه المواسم المباركة شهر المحرم، الذي أظلنا في هذه الأيام.

وبين الخطيب أن شهر المحرم هو أحد الأشهر الحرم التي قال الله عنها: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ.. ، قال قتادة رحمه الله: العمل الصالح أعظم أجرا في الأشهر الحرم، والظلم فيهن أعظم من الظلم في سواهن .

وأضاف: إن شهر الله المحرم شهر عظيم مبارك، وهو أول شهور السنة الهجرية، وبه يبدأ المسلم عامه الجديد، وقد جاءت السنة النبوية داعية ومبينة إلى عظيم هذا الشهر، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متوالياتك ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، وذهب بعض أهل العلم إلى أن أفضل الأشهر الحرم هو شهر المحرم، قال الحسن البصري: إن الله افتتح السنة بشهر حرام، وختمها بشهر حرام، فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم ، قال ابن رجب: وقد اختلف العلماء في أي الأشهر الحرم أفضل، فقال الحسن وغيره: أفضلها شهر الله المحرم، وكان اسمه في الجاهلية صفر الأول، ثم جاء الإسلام فسماه النبي صلى الله عليه وسلم شهرا لله المحرم، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ، فقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم شهر الله المحرم، وخصه بهذا الاسم دون سائر الشهور، فأضيف بهذا الاسم إلى الله، وفي هذا تشريف وزيادة في فضله على سائر الشهور، فإن الله لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته، وفي هذا الحديث بيان وتصريح بأن المحرم هو أفضل الشهور لصوم التطوع، واختلف أهل العلم رحمهم الله في مدلول الحديث، هل يدل على صيام الشهر كاملا، أم أكثره، وظاهر الحديث يدل على فضل صيام شهر المحرم كاملا، وحمله بعض العلماء على الإكثار من صيام أيامه، قال القرطبي: إنما كان صوم المحرم أفضل الصيام من أجل أنه أول السنة المستأنفة، فكان استفتاحها بالصوم الذي هو أفضل الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم في هذا الشهر، هو الصيام والإكثار منه فقد صح في فضل صيام التطوع وعظيم أجره وثوابه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ، وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله: مُرني بعمل، قال: عليك بالصوم فإنه لا عدل له .

يوم عاشوراء

وأردف: عباد الله.. في شهر الله المحرم كتب الله النصر والغلبة لطائفة من المؤمنين على جند من الكافرين، فقد كان هلاك فرعون وجنوده، ونصر موسى وقومه في العاشر من شهر الله المحرم فصامه شكرا لله على نصره، جاء في صحيح مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء، فقال لهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرّق فرعون وقومه، فصامه موسى شكر، فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن أحق وأولى بموسى منكم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه ، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا كل الحرص على صيام هذا اليوم، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم، يعني يوم عاشوراء، وهذا الشهر، يعني شهر رمضان .

وأوضح الشيخ عبدالله النعمة أنه يكفي في فضل صيام يوم عاشوراء، أنه يكفر السنة التي قبله، فتخرج نقيا معافى من صغائر الذنوب والآثام، أخرج مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله ، ويستحب صوم التاسع مع العاشر لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لئن بقيت إلى قابل - يعني العام القادم - لأصومن التاسع ، يعني صوم التاسع مع العاشر.

ونوه الشيخ عبدالله النعمة بقوله: ألا واحفظوا عباد الله في بداية هذه السنة الهجرية اللحمة والتكاتف والتعاضد بينكم، فإن مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين، واحذروا التفرق والاختلاف والتنابز بالألقاب فإن الشيطان قي آيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم ، أي أنه يوقع بينهم الخصومات والشحناء والفتن ونحوها.

جامع الشيوخ

بين فضيلة الشيخ محمد محمود المحمود أن شهر الله المحرم الذي نفتتح به سنتنا هو شهر محرم معظّم، العبادة فيه ليست كغيرها، وفي شهر الله المحرم يوم مبارك عظيم عظّم من زمن الجاهلية وما قبلها بل من زمن موسى عليه السلام، ألا وهو يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر المحرم.

وقال الشيخ محمد المحمود في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الشيوخ: الحمد لله رب العالمين شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطا مستقيما وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وبارك وسلم تسليما كثيرا، عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى، يقول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .

يقول الله عز وجل: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ.. وأخرج الإمام البخاري في صحيه عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ، شهر الله المحرم هو شهر من أشهر السنة وزيادة على ذلك هو شهر حرام من الأشهر المحرمة افتتح الله تبارك وتعالى السنة بهذا الشهر شهر المحرم، قال أهل العلم لماذا سمي بشهر الله المحرم؟ مع أن الأشهر كلها يحرم فيها الذنب ويحرم فيها معصية الله، قيل لأن هذا الشهر من الأشهر التي خص الله عز وجل بها تحريم القتال والنزاع فقد كان العرب في جاهليتهم يتنازعون ويتقاتلون فيما بينهم ثم تواضعوا فيهما بينهم ألا يتقاتلوا في الأشهر التي تقرب من موسم الحج فأقرها الله تبارك وتعالى، إلا أنه جعلها أربعة أشهر تعظيما للذنب فيها فالذنب معظم ومحرم طول السنة إلا أنه في الأشهر المحرمة الأربعة يزداد حرمة وتعظيما وكذلك يزداد إثمه وذنبه إذا ارتكبت معصية في هذه الأشهر، لهذا سمي الشهر وهو أول أشهر السنة، شهر الله المحرم، سئل النبي عليه الصلاة والسلام ما أفضل الأشهر؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام شهر الله المحرم وهنا يتميز هذا الشهر بأن النبي عليه الصلاة والسلام أضافه إلى الله تبارك وتعالى فقال شهر الله المحرم، لزيادة تأكيد حرمته وأنه شهر معظم عند الله تبارك وتعالى، لأنك إذا أردت أن تعظم شيئا أضفته إلى الله تبارك وتعالى، فتقول بيت الله للدلالة على عظمة هذ البيت وأنه ليس كغيره من البيوت، وكل شيء أضيف إلى الله تبارك وتعالى ازداد تعظيما على غيره.

شهر العبادة

وأوضح الخطيب أن شهر الله المحرم هذا الشهر الذي نفتتح به سنتنا هو شهر محرم معظم العبادة فيه ليست كغيرها كما أن الذنب فيه ليس كغيره، فكلما عظم الشهر أو عظم اليوم أو عظم الموسم عظمت الأعمال فيه إن كانت خيرا فخير وإن كانت شرا فشر، فعلى المرء أن يحذر من معصية الله تبارك وتعالى في سائر العام وعليه أن يحذر زيادة على ذلك من معصية الله ومخالفته في الأشهر الحرم، هذه أشهر عظمها الله تبارك وتعالى فجعلها أشهرا حرما لها ميزة خاصة ليست كغيرها من الأشهر، افتتح العام بهذا الشهر فهو شهر تزداد فيه الأجور وتضاعف وتعظم، وختم الله السنة بشهر محرم ألا وهو شهر ذو الحجة وهو شهر فيه عبادة عظمى ألا وهي عبادة الحج، قال العلماء من ختم عامه بعبادة صالحة وافتتح عامه بعبادة صالحة كان ذلك أرجى عند الله تبارك وتعالى أن يكون عامه كله عام خير وصلاح وطاعة لله تبارك وتعالى تفاؤلا بأنه بدأه بطاعة وأنه سيختتمه بطاعة، فكلما كان العبد حريصا على طاعة الله تبارك وتعالى في هذا الأيام المباركة الشريفة كان له رجاء عند الله أن يجعل الله أيامه أيام خير.

وذكر الشيخ المحمود: في هذا الشهر الذي هو شهر الله المحرم يوم مبارك عظيم عظّم من زمن الجاهلية وما قبلها بل من زمن موسى عليه السلام، ألا وهو يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر المحرم، جاء النبي عليه الصلاة والسلام بعد هجرته إلى المدينة فرأى اليهود يخصون يوما بالتعظيم ويصومونه ويتعبدون فيه ويجعلونه عيدا يلبسون فيه أحسن الملابس، فقال النبي عليه الصلاة والسلام ما هذا؟ قالوا هذا يوم نجى الله تبارك وتعالى فيه موسى من فرعون فنحن نعظمه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام نحن أولى منهم بموسى فأمر بصيامه صلوات الله وسلامه عليه، فأصبح من ذلك اليوم يوما مسنونا أن يصام فيه، بل كان النبي عليه الصلاة والسلام كما قال ابن عباس رضي الله عنهما كان لا يتحرى يوما يصومه أكثر من يوم عاشوراء، يتحراه ويسأل عنه وينتظره حتى لا يفوت صيامه بل كان النبي عليه الصلاة والسلام كما ثبت ذلك في الصحيح وغيره أنه مرة أرسل مبعوثيه على القرى في يوم عاشوراء في صباح يوم عاشوراء فنادى المنادي في القرى قرى الأنصار من أصبح منكم مفطرا فليمسك بقية اليوم ومن أصبح منكم صائما فليصم، وكان ذلك في يوم عاشوراء.

وأضاف الخطيب: بل ثبت كان أن النبي عليه الصلاة والسلام لما هاجر إلى المدينة وقبل أن يفرض صيام رمضان كان صيام عاشوراء واجبا، فلما فرض صيام رمضان قال النبي عليه الصلاة والسلام عن يوم عاشوراء من شاء فليصمه ومن شاء فليفطر، دلالة على أنه ليس بواجب، ولكنه يوم معظم يوم له مكانة عند الله تبارك وتعالى، وكذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام في فضل يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، ويستحب مع صيام عاشوراء أن يصوم الإنسان يوما قبله فقد كانت تلك أمنية النبي عليه الصلاة والسلام، لئن عشت إلى قابل أي إلى السنة القابلة الآتية لأصومن التاسع أي التاسع من شهر المحرم، فكانت السنة أكمل أن يصوم الإنسان يوم التاسع ويوم العاشر، ومن لم يستطع ذلك وكان مشغولا أو عاجزا وأفرد يوم عاشوراء بالصيام فإنه مصيب في فعله وصيامه صحيح ولا شيء عليه في ذلك.