أكد سعادة السيد جان باتيست فافر سفير الجمهورية الفرنسية لدى الدولة أن زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، كان عنوانها الأساسي تأكيد قوة الصداقة وصلابة الشراكة بين قطر وفرنسا. منوهاً إلى أن زيارة الرئيس ماكرون كانت أيضا لشكر قطر لما قدمته من مساعدة في أفغانستان والتي من بينها عمليات الإجلاء وتقديم المساعدات الإنسانية. وقال السفير الفرنسي خلال لقائه الصحفيين: إن كلا من الزعيمين حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، قررا اتخاذ خطوات أخرى للشراكة الإستراتيجية من خلال عقد النسخة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بين البلدين بداية العام المقبل 2022.
كما أشار سعادته في تصريحات صحفية إلى أن الزيارة أكدت على وجود رؤية مشتركة بين قطر وفرنسا في القضايا الإقليمية، فكلا البلدين لديهما رغبة في تهدئة الأزمات والتوترات. وبين السفير الفرنسي انه تم الاتفاق على إطلاق الزيارات الوزارية بين البلدين وضرورة إنجاز مشروعات جديدة هيكلية في كل المجالات بين البلدين، خاصة مجالي التعليم والثقافة. معلنا أنه سيتم عقد الحوار الاستراتيجي القطري الفرنسي في النسخة الثانية بنهاية يناير المقبل أو بداية فبراير.
ونوه السفير لقوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وقال إن الرئيس ماكرون وخلال زيارته الأخيرة حوالي ٣٠ من الرؤساء التنفيذيين، كما تربط عددا من الشركات الفرنسية شراكات طويلة الاجل مع نظرائهم القطريين. وتجاريا بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 1.9 مليار يورو العام الماضي. ويعمل في السوق القطري حوالي ١٢٠ شركة فرنسية ونحو ٩٠ امتيازا بالإضافة للشركات التي تعمل في صناعة النفط والغاز والدفاع والطيران. وجدد الرئيس ماكرون دعم قطر لتحقيق رؤيتها الوطنية ٢٠٣٠ خاصة فيما يتعلق بقطاع الطاقة.
وقال السفير الفرنسي إن نتائج الزيارة إيجابية وعديدة، أولاً: كان اللقاء لحظة حوار متميزة وفريدة من نوعه، بالطبع كان هناك زيارات في الماضي وآخر لقاء كان في قمة بغداد، وقبله كان لقاء في فرنسا في سبتمبر ٢٠١٩، ولكن هذا اللقاء كان مختلفاً كونه لقاء مباشرا وجهاً لوجه ومثمرا بين القيادتين، وتم فيه تناول كل القضايا بصراحة ووضوح. وتابع سعادته: وكان اللقاء فرصة لتأكيد أهمية الصداقة بين قطر وفرنسا، وأيضاً لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
كما أبرز السفير فافر أن الزيارة أكدت قوة الإرادة المشتركة بين البلدين لدفع العلاقات إلى أبعد مدى، ويمكن القول إن هناك إرادة لإعادة إطلاق العلاقات بين البلدين، وهذا ما بدأ بالفعل بعد جائحة كوفيد-19، فكان هناك عدة زيارات على مستويات مختلفة من رجال الدولة والأعمال وزيارات رفيعة المستوى في سبتمبر الماضي.
ونوه سعادته أن العلاقات القطرية الفرنسية علاقات خاصة ولا يكفي فقط أن تكون علاقات عادية أو جيدة بل يجب أن تكون ممتازة واستثنائية حيث هناك ارتباط خاص بين البلدين ليس فقط على مستوى القيادات بين حضرة صاحب السمو ورئيس الجمهورية، وقد تم إقرار عدد من الإجراءات لتعزيز العلاقات الثنائية منها انعقاد الحوار الاستراتيجي القطري الفرنسي بنهاية يناير المقبل أو بداية فبراير وهي النسخة الثانية. الى جانب الاتفاق على إطلاق الزيارات الوزارية بين البلدين وضرورة إطلاق مشروعات جديدة هيكلية في كل المجالات بين البلدين، خاصة مجالي التعليم والثقافة.
كما أشار السفير الفرنسي أنه فيما يخص الاقتصاد، هناك مجموعة عديدة من فرص التعاون بين البلدين حيث ان فرنسا تريد أن تتوافق مع رؤية قطر الوطنية ٢٠٣٠ وأيضاً خطة قطر في الانتقال البيئي، وآخر عنوان في المحادثات الثنائية كان حول استعداد فرنسا لمساعدة قطر فيما يتعلق بتنظيم كأس العالم ٢٠٢٢ نظراً للخبرة الكبيرة التي يتمتع بها الجانب الفرنسي في تأمين الفعاليات الرياضية.
وشدد السفير فافر أن زيارة الرئيس الفرنسي كانت كذلك لشكر قطر لما قدمته من مساعدة في أفغانستان اولها مساهمة الدوحة في عملية إجلاء الرعايا الفرنسيين وعائلاتهم وكذلك المواطنين الأفغان المعرضين للخطر، وقد لعبت دولة قطر دوراً رائعاً في هذا المجال، وأثنى الرئيس ماكرون على الالتزام الاستثنائي لدولة قطر وبشكل خاص دور وزارة الخارجية لاسيما سعادة لولوة الخاطر، مساعد وزير الخارجية، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجي وفريق العمل الخاص بها، الذي قام بدور رائع لصالح الشعب الأفغاني. مبرزا أهمية العملية الإنسانية المشتركة في ٢ ديسمبر الماضي، التي تم خلالها إرسال أكثر من ٤٠ طناً من المساعدات الطبية والإمدادات الغذائية لمستشفى الأمومة والطفولة بكابول. وقال سعادته: نحن فخورون جداً بالشراكة مع دولة قطر في هذا المجال .
وبين السفير الفرنسي أن الزيارة أكدت على وجود رؤية مشتركة بين قطر وفرنسا في القضايا الإقليمية، فرنسا تريد أن تكون قوة توازن والرئيس ماكرون أكد على ذلك في عديد المرات، وقطر كذلك قوة توازن، فكلا البلدين لديهما رغبة في تهدئة الأزمات والتوترات. وأبرز سعادته: اتفق صاحب السمو والرئيس ماكرون على العمل سوياً على الموضوعات الإقليمية، على سبيل المثال ليبيا ولبنان العراق وأفغانستان وغير ذلك الكثير . وتابع: بالنسبة لليبيا هناك رؤية مشتركة من أجل التوصل إلى حل سياسي ليبي عبر الانتخابات . وأضاف: فيما يتعلق بلبنان، هناك إرادة مشتركة على مساعدة الشعب اللبناني، وبذل كل الجهود من أجل التوصل إلى مخرج سياسي من الأزمة اللبنانية، وفيما يخص العراق نود استكمال العمل الجيد الذي قمنا به مع حضرة صاحب السمو في قمة بغداد. كما أكد صاحب السمو وفخامة الرئيس على أهمية استمرار التعاون في مكافحة الإرهاب، خصوصا فيما يتعلق بتكثيف الحوار فيما يخص الساحل الإفريقي، وهذه كانت العناوين الأساسية للزيارة.
وفي رد على سؤال حول جدول أعماله وأهدافه باعتباره سفير جديد لفرنسا لدى قطر، قال سعادة السفير: أولاً نريد أن تكون العلاقات القطرية الفرنسية أكثر قوة وهناك إرادة لذلك، ربما في ظل ظروف الجائحة، كانت الزيارات قليلة، وتواصل أقل، لكن الآن وبعد زيارات الصيف وزيارة رئيس الجمهورية الأخيرة، هناك إرادة قوية لدفع العلاقات لمستوى أكبر وهذا هدفي الأساسي لإبقاء العلاقات السياسية في أفضل حال وكذلك الثقة المتبادلة في أعلى مستوياتها .
وأضاف: جدول الأعمال حقيقة مكثف جداً فيما يتعلق بالشؤون الإقليمية يأتي في قمة الاهتمامات، فكلا البلدين قادر على لعب دور كبير في التسويات وكلا البلدين لا يحبذ الصراعات ولدينا رؤى مشتركة في هذا الشأن. وتابع ربما يظن البعض أن رؤية قطر وفرنسا فيما يخص الشأن الليبي مختلفة ولكن الحقيقة أن رؤية البلدين متقاربة ويكملان بعضها البعض، وهذا ينطبق أيضاً على الوضع في لبنان، والعراق كذلك .
وحول التنسيق المستقبلي بين قطر وفرنسا في الأزمة اللبنانية، أجاب السفير الفرنسي إن لبنان يتمتع بأولوية كبيرة لدى فرنسا، وهناك حرص على التعاون مع كل الفرقاء اللبنانيين من أجل الخروج من الأزمة، وهناك مباحثات مع قطر مؤخراً في هذا الشأن مع سعادة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني. وأكد سعادته أنه تمت مناقشة الأمر أثناء زيارة رئيس الجمهورية الفرنسي حيث إن قطر على إطلاع كامل بالموقف في لبنان، وتقدم يد المساعدة للبنان، وبخاصة الجيش اللبناني، وقال سعادته: نحن نعرف أن المشكلة سياسية وندرك مدى صعوبتها، ولكن لا يجب أن ننسى الشعب اللبناني والعمود الفقري للدولة وهو الجيش اللبناني . وتابع: ولا أرى أن هناك أحدا يستطيع التواصل مع إيران والمملكة العربية السعودية، كما تفعل قطر وفرنسا، ومن موقعي هذا أرى العلاقات السياسية والدبلوماسية في قمة جدول الأعمال والعلاقات الثنائية بين البلدين .
وفيما يتعلق بالاقتصاد والدفاع، أكد سعادة جان باتيست أكد أن قطر شريك استراتيجي لفرنسا وهناك حرص على استمرار وتطوير العلاقات الثنائية لتصبح أفضل وأقوى في المستقبل القريب، على غرار التعاون فيما يتعلق بكأس العالم ٢٠٢٢ هو أحد أبرز أوجه التعاون بين البلدين، وفرنسا لديها خبرة عريضة فيما يتعلق بتأمين الفعاليات الرياضية الكبرى، وخبرات سابقة مع قطر بالمشاركة في تأمين بطولة آسياد ٢٠٠٦، والذي كان أول حدث رياضي كبير تستضيفه قطر، ومنذ ذلك الوقت هناك تعاون كبير في هذا المجال وكذلك سيكون الحال فيما يتعلق بكأس العالم ٢٠٢٢.
وبين السفير الفرنسي أن قطر تمتلك استراتيجية واضحة وملموسة في عديد القطاعات، وهناك ثقة فرنسية في مسيرة قطر التنموية المستقبلية، وهناك ثقة متبادلة في مجال الاقتصاد. وأوضح سعادته أن الوفد القطري الذي زار باريس في سبتمبر الماضي كان مهماً للغاية ضم ١٤ رئيساً تنفيذياً لشركات كبرى، وهو أكبر وفد يزور باريس منذ بداية الجائحة من أي بلد في العالم، أيضاً رافق الرئيس الفرنسي للدوحة مؤخرا وفدا يجمع قرابة ٣٠ مسؤولاً كبيراً.
وحول ما إذا كان هناك مفاوضات بشأن زيادة الاستثمارات القطرية في فرنسا، وفي أي القطاعات، أجاب سعادة السفير: هناك اتفاقية معلنة في البيان المشترك بين جهاز قطر للاستثمار وصندوق الأمانات والودائع الفرنسي، لتجديد اتفاقية الاستثمارات المشتركة والتي ستكون مناصفة بين الطرفين في مشروعات تقام في فرنسا بقطاعات تكنولوجية جديدة وباستثمارات تبلغ ٣٠٠ مليون يورو.
وحول رؤية فرنسا للإصلاحات التي تقوم بها قطر فيما يتعلق بقوانين العمل والعمال، قال السفير: لقد أكد الرئيس الفرنسي في هذا الخصوص إنها قضية مهمة، وإنه يتفهم التركيز من الصحافة العالمية على قطر باعتبارها الدولة المستضيفة لكأس العام ٢٠٢٢، ونرى أن قطر قامت بعدد الإصلاحات في هذا الشأن ونثمن التعاون مع منظمة العمل الدولية في هذا الموضوع، وتم فتح مكتب للمنظمة في الدوحة ٢٠١٨، ونحن نرحب بذلك ونرى أن قطر على الطريق الصحيح، ونشجع مثل تلك الإصلاحات وعلى استعداد للتعاون في هذا المجال .