نوهت مصادر مصرفية إلى ما تم قطعه من أشواط في ملف اندماج مصرف الريان وبنك الخليج التجاري الخليجي ، منوهة في ذات الإطار إلى أن الأسابيع المقبلة قد تشهد دعوة المساهمين من البنكين إلى عقد اجتماع جلسة الجمعية العمومية غير العادية لمناقشة استكمال الاندماج وقبل ذلك تقديم كافة التفاصيل إلى المساهمين فيما يتعلق بالاندماج المرتقب والذي يتوقع له أن يكتمل قبل نهاية الربع الثالث من العام الجاري، كما سيتم خلال نفس الفترة العمل على الحصول على الموافقات اللازمة من قِبَل الجهات الرسمية في الدولة، وفي مقدمتهم مصرف قطر المركزي ووزارة التجارة والصناعة، بالإضافة إلى الهيئات القائمة على سوق الأوراق المالية خاصة أن أسهم البنكين مدرجة في البورصة القطرية.
وكان مجلسا إدارتي البنكين عقدا اجتماعا نهاية الأسبوع الماضي، أفضى إلى الإعلان عن أن الاندماج المقترح بين مصرف الريان والبنك الخليجي سيتم من خلاله اندماج قانوني يتم بموجبه حل البنك الخليجي وتصبح جميع أصوله والتزاماته جزءًا من مصرف الريان بحكم القانون اعتبارًا من إتمام الاندماج، حيث سيكون الاندماج بين البنكين بالضم، حيث سيقوم مصرف الريان بضم البنك الخليجي إليه، وذلك نظرا لعدة اعتبارات وأسباب تشغيلية وفنية، أول تلك الأسباب أن مصرف الريان هو بنك إسلامي تتوافق أعماله مع أحكام الشريعة الإسلامية، في المقابل فإن البنك الخليجي هو بنك تقليدي وبالتالي جميع أنشطته البنكية هي تقليدية، والحال أن الكيان الذي من المحتمل أن ينشأ بالدمج سيكون بنكا متوافقا مع أحكام الشريعة الإسلامية، وبالتالي سيكون من المتطلبات الأساسية لاستكمال الاندماج هو مواءمة عمليات وأنشطة البنك الخليجي بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وبناء عليه فيمكن القول إن أسهل عمليات الدمج هنا ستكون من خلال الضم، على أن يكون مصرف الريان هو البنك الضام، خاصة إذا تقررت المحافظة على هوية أحد البنكين وبما أن هوية البنك الجديد ستكون متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية فبالتالي الراجح لدينا أن يكون الاندماج بالضم، وحتى إذا ما تم الاستئناس بالتجارب السابقة وآخرها الاندماج بين بنك بروة وبنك قطر الدولي، حيث نتج كيان مصرفي إسلامي جديد يحمل هوية بنك بروة مع تغير أنشطة بنك قطر الدولي ومواءمتها مع أحكام الشريعة الإسلامية، ليتم الاندماج بينهما بالضم.
وفي حال استكمال الاندماج فإنه سيحل حكما وقانونا مكان البنكين المندمجين وذلك في جميع حقوقهما والتزاماتهما قبل الغير وفي جميع الإجراءات بما في ذلك الدعاوى والإجراءات القانونية والقضائية وذلك بمجرد صدور قرار سعادة محافظ مصرف قطر المركزي بالموافقة النهائية على الاندماج وسيتمتع البنك الجديد بشخصية معنوية مستقلة ومنفصلة عن الشخصية المعنوية للبنكين المندمجين. كما يحق للبنك الدامج الذي سينتج عن الاندماج المحتمل أن يتمتع بعدة مزايا منها إعفاؤه من ضريبة الدخل للعام التالي لصدور القرار النهائي بالموافقة على الاندماج، إلى جانب الإعفاء من جميع رسوم التسجيل والتوثيق والإشهار لدى الجهات المختصة وكافة المعاملات التي تقتضيها عملية الاندماج بما فيها إصدار الأسهم الجديدة. ويشار في ذات الإطار إلى أن كلا من مصرف الريان والبنك الخليجي سيستمران في الوقت الحالي بالعمل بشكل مستقل حتى تاريخ نفاذ الدمج وإتمام كافة العمليات المترتبة عن الاندماج المرتقب والذي من شأنه أن يعزز القطاع المصرفي والبنكي في الدولة ببنك ذي رأس مال وكيان قوي، بالإضافة إلى أصول وموجودات ضخمة، بما يمكنه من المنافسة بشكل قوي في السوق المحلي والإقليمي وحتى على الصعيد العالمي في ظل التحديات التي شهدها العالم الاقتصادي.
إلى ذلك، فقد تقرر خلال الاجتماع الأخير بين إدارات البنكين أن يصدر مصرف الريان 0.50 سهم الريان مقابل كل سهم في البنك الخليجي، بما يعادل ما مجموعه 1,800 مليون سهم جديد يتم إصدارها لمساهمي البنك الخليجي، على أن نسبة مبادلة الأسهم تشير إلى علاوة لمساهمي الخليج بنسبة 21.4٪ مقابل سعر إغلاق يوم التداول السابق للإعلان عن اجتماع مجلس الإدارة لمناقشة الدمج والمحدد بسعر إغلاق يوم 5 يناير من العام الجاري و66.7٪ مقابل سعر السهم ما قبل الإعلان عن المفاوضات المبدئية للاندماج المحتمل والمحدد بسعر إغلاق يوم 30 يونيو من العام الماضي.
وإلى حين اكتمال الاندماج على مستوى كافة العمليات التشغيلية، فإنه من المقرر أن يلتزم مصرف الريان والبنك الخليجي بسياسة الإفصاح التي تحددها هيئة الأسواق المالية والبورصة القطرية سواء فيما يتعلق بالنتائج أو أي أخبار تتعلق بالأسهم المتداولة للجهتين، في ظل حرص هيئة الأسواق المالية والبورصة القطرية على أن تلتزم جميع الشركات المدرجة بأصول وقواعد الإفصاح والشفافية في المعلومات بما يحافظ على التعاملات والتداولات اليومية خاصة وأن البنكين يعدان من أبرز المؤسسات المصرفية المؤثرة في حركة مؤشر البنوك والخدمات المالية والمصرفية، وفي المؤشر العام لبورصة قطر، وبالأخص سهم مصرف الريان، حيث يشكل وزنا نسبته 9.91% من قيمة المؤشر.
إلى ذلك، فقد قاد عملية الدراسات التقنية والمالية والتشغيلية والقانونية، مجموعة من المؤسسات المالية والمحاسبية والقانونية المعروفة عالميا، حيث تم تعيين جي بي مورجان كمستشار مالي لمصرف الريان والبنك الخليجي في دورهما كأعضاء في اللجنة العليا للدمج، في حين عملت K L Gates LLP كمستشار قانوني و كي بي ام جي كمستشار محاسبة لمصرف الريان، في حين تم تعيين شركة ارنيست اند يونغ كمستشار محاسبة لبنك الخليجي في حين عملت شركة Clifford Chance LLP بالاشتراك مع شركة سلطان العبد الله وشركاه كمستشار قانوني. فيما قدمت شركة كي بي ام جي رأيا حول عدالة السعر لصالح مجلس إدارة مصرف الريان، في حين قدمت باركليز رأيا حول عدالة السعر لصالح مجلس إدارة الخليجي.
إلى ذلك، ينوه الخبراء والمختصون والمحللون الماليون إلى أهمية مواصلة استكمال عملية الاندماج بين مصرف الريان والبنك الخليجي، لما سيشكله هذا الاندماج من نقطة فارقة ومميزة في المجال المصرفي، وذلك لعدة أسباب رئيسية، أولها أن البنك بعد الاندماج والذي سيكون مصرف الريان سيتمتع برسملة عالية وبأصول مالية ضخمة تتجاوز 172 مليار ريال، أي بما يعادل تقريبا 47 مليار دولار، وبمجموع حقوق ملكية يزيد على 19 مليار ريال، أي بما يعادل تقريبا 5.2 مليار دولار، وبالتالي ستكون له قدرة عالية على المساهمة في تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال تمويل المشاريع الضخمة في الدولة، بالإضافة إلى التوسع محليا وخارجيا، ثانيا سيكون للكيان المندمج حضور قوي في قطر ووجود دولي موسع، مما سيساعد على تحقيق صدارة في السوق القطري فيما يتعلق بكفاءة التشغيل، وزيادة إمكانات النمو المستقبلية بسبب زيادة قاعدة رأس المال، بالإضافة إلى الإمكانات الكبيرة للتكامل التي بدورها ستقوم بتعظيم قيمة حقوق المساهمين، وثالثا ستثمر عملية الدمج عن تحقيق نسب كفاءة تشغيل متقدمة في السنوات القادمة، بالإضافة إلى إنشاء واحد من أكبر البنوك المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في دولة قطر والشرق الأوسط بأصول تزيد على 172 مليار ريال، بما يعادل 47 مليار دولار كما في 30 سبتمبر من العام الماضي، أي أنه سيكون الأول من حيث البنوك التي تتعامل وفقا لمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، فيما سيكون ثاني أكبر بنك في الجهاز المصرفي وذلك قياسا على النتائج المالية المسجلة في نهاية شهر سبتمبر من العام الماضي.
كما أوضح الخبراء والمختصون الذين تحدثوا لـ لوسيل أن كافة الأعمال والأنشطة المصرفية والبنكية أصبحت في الوقت المعاصر تعتمد على الحجم الكبير للمؤسسات المصرفية ونعني هنا الرساميل الكبيرة والتي تساهم بشكل كبير في دعم التنمية.
كما يجمع الخبراء والمسؤولون بالعديد من المؤسسات والشركات على أن عمليات الاندماج من شأنها أن تساهم في خلق كيانات جديدة ضخمة قادرة على المنافسة محليا وإقليميا وحتى عالميا، حيث تمكن تلك العمليات من تعزيز قاعدة رأس المال وزيادة نسبة الأصول والاحتياطيات النقدية التي تتمتع بها الشركات، كما أن تلك العمليات تساهم في هيكلة العديد من القطاعات بما يساهم في إعطاء قوة وقدرة عالية على المنافسة بشكل عام، معتبرين أن موجة الاندماجات ستتواصل خلال الأشهر المقبلة، منوهين إلى أن العديد من عمليات الاندماج التي تمت في دولة قطر كانت ناجحة بشكل كبير ولعل آخرها نجاح بنك بروة في دمج بنك قطر الدولي، حيث نشأ كيان مصرفي ضخم وعملاق قادر على تقديم القيمة المضافة للجهاز المصرفي في الدولة وللاقتصاد الوطني وللمنافسة إقليميا وعالميا.
ويوضح الخبراء والمختصون أن سوق الاندماجات والاستحواذات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شهد خلال العام الماضي نشاطا ملحوظا، حيث تجاوزت قيمة صفقات الاندماجات والاستحواذات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مستوى 60 مليار دولار، الأمر الذي يشكل تقريبا ثالث أعلى قيمة لإجمالي كافة عمليات الاندماج والاستحواذات تم الإعلان عنها خلال العام الماضي.
ويقول في هذا الإطار الخبير المالي والاقتصادي الدكتور عبدالله الخاطر إن المتغيرات الاقتصادية التي شهدها العالم طيلة الخمس سنوات الماضية سرَّعت بشكل كبير من عملية الاندماجات وبالتالي سجل تحول كبير في مجال حرص الشركات على عقد صفقات وتحالفات استثمارية إما بالاستحواذ أو الاندماج من أجل الحصول على كيانات ضخمة تكون لديها القدرة أولا على الصمود في مواجهة كافة التحديات الاقتصادية التي شهدها العالم طيلة السنوات الماضية والمستقبلية في ظل التحولات التي من المتوقع أن يشهدها العالم، أما الدافع الثاني هو تعزيز المنافسة وتوسيع قاعدة النشاط الاقتصادي بما يحقق الربحية والعائد الجيد لكافة المساهمين سواء كانت تلك الشركات أو المؤسسات مساهمة عامة أو حتى مساهمة خاصة وغير مدرجة في الأسواق المالية.
وتابع قائلا على المستوى المحلي قد شهدنا طيلة السنوات الأخيرة عمليات دمج واندماج في عدد من القطاعات وكان على رأسها قطاع الطاقة والذي كان ناجحا، والآن نشهد اندماج العديد من الكيانات المالية والاستثمارية وآخرها المصرفية بعد الاندماج الناجح بين بنك بروة من جهة وبنك قطر الدولي والذي أسفر عن تكوين بنك دخان بهويته الجديدة، واليوم نرى تسارع الخطى لإتمام اندماج مصرف الريان مع بنك الخليج التجاري الخليجي ، وهما بنكان مدرجان ضمن بورصة قطر وقد شهدا طيلة الفترة الماضية تحقيق مستويات أداء جيدة سواء من حيث ارتفاع الربحية والعائد على المساهمين أو من حيث قيمة الأصول وجودتها المالية المميزة وبالتالي تحقيق الاستقرار والثبات في الأداء المالي والمصرفي بالإضافة إلى تقديم منتجات مالية ومصرفية رائدة مميزة لفائدة قاعدة واسعة من العملاء والذين يتوقع أن يقبلوا بشكل أكبر على الكيان المدمج الجديد بعد اكتمال كافة خطوات الاندماج .
من جهته، قال الخبير المالي والمصرفي الأستاذ قاسم قاسم والرئيس التنفيذي لأحد البنوك الإسلامية سابقا: إن هكذا اندماجات من شأنها أن تساهم في تحقيق نقلة نوعية على مستوى البنوك والمصارف الإسلامية في الدولة وأنه سيكون له انعكاس إيجابي وتأثير كبير على دعم التنمية في دولة قطر، خاصة أنه بمجرد اكتمال الاندماج ستنشأ مؤسسة مالية أكبر وأقوى تتمتع بمركز مالي قوي وسيولة لدعم النمو الاقتصادي لدولة قطر وتمويل مبادرات التنمية بما يتماشى مع رؤية قطر 2030، بالإضافة إلى دعم الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، كما سيخلق شريكًا إستراتيجيًا للقطاع العام، سيجمع الدمج بين نقاط القوة الرئيسية للبنكين في مجالات الخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الخاصة والشركات والمؤسسات الحكومية وأسواق رأس المال وإدارة الثروات والأصول، مشددا أن ذلك سينعكس على التكاليف التشغيلية للبنك مع جذب تدفقات استثمارية وتطوير الأعمال المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وتابع قائلا إن وجود كيان مصرفي ضخم جديد يضاف إلى الساحة المصرفية من شأنه أن يؤدي إلى منافسة قوية ومتطورة، أعتقد أنه من المزايا التي سيحملها الكيان الجديد هو قدرة البنك على وضع سياسات سليمة ويحقق وفورات، أيضا أن الاندماج في الأعمال من شأنه أن يحقق وفورات في الأعمال الوظيفية ويوجه الكفاءات في الاندماج وتنويع الخدمات المصرفية .