استطاعت فرنسا أن تبرز كقوّة مصدّرة للأسلحة، حيث باعت، العام الماضي، معدات عسكرية أبرزها مقاتلات رافال والغواصات الحربية، بما قيمته أكثر من 20 مليار يورو، مع ما يمكن أن يدرّه عليها ذلك من إيرادات خيالية.
رقم قياسي أعلنه وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لو دريان، في 19 يناير الماضي، مضيفا أن بلاده سبق وأن حققت في 2015 حجم صادرات في قطاع التسليح بنحو 17 مليار يورو ، مما جعلها تصطف بثبات، خلف روسيا والولايات المتحدة، في مقدمة مصدري الأسلحة.
انتعاشة الصادرات الحربية لفرنسا تعود إلى صفقتين تعتبران بمثابة نقطة الارتكاز لهذا القطاع.
ففي ديسمبر 2016، وقّعت فرنسا وأستراليا عقدا لتحديث أسطول غواصات البلد الأخير، قيمته 34.5 مليار يورو.
ولئن كان يعتبر هذا العقد الذي فازت به شركة دي سي أن إس الفرنسية المتخصصة في صناعات الدفاع البحرية، والمملوكة بنسبة 62% من قبل الدولة الفرنسية، أضخم عقد تسلح في تاريخ أستراليا، إلا أنه شكّل إحدى النقاط المضيئة في السنوات الخمس الأخيرة بالنسبة لفرنسا.
وتشمل الصفقة 12 غواصة عابرة للمحيطات، يتجاوز وزن الواحدة الـ4 آلاف طن، من طراز كولينز وتعمل بالديزل والكهرباء.
ووفق معطيات رسمية، فإن تنفيذ هذه الصفقة يتطلّب من الشركة الفرنسية نحو 4 ملايين ساعة عمل، مما يفرض آليا خلق من 3 آلاف إلى 4 آلاف موطن شغل في البلاد، وهذا ما يعتبر إنجازا مهما في بلد تجاور فيه معدلات البطالة الـ10% (إلى حدود يناير الماضي).
قبل ذلك، وتحديدا في 23 سبتمبر 2016، وقعت فرنسا والهند صفقة بقيمة 8 مليارات يورو، تحصل بموجبها نيودلهي من باريس على 36 طائرة رافال.
انتعاشة صادرات الأسلحة في فرنسا يشبهها الإعلام المحلي بربيع يزهر في شتاء متقلّب، في إشارة إلى الأوضاع المهتزة التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة، في ظل ارتفاع معدّلات البطالة وتباطؤ المؤشرات الاقتصادية الكلية، علاوة على الإشكالات ذات الصلة بالإرهاب وبالفوضى التي تعيشها بعض التيارات السياسية في البلاد.
ولإثبات نجاعة منتجاتها الحربية، لم تجد فرنسا أفضل من جبهات القتال لاختبار مقاتلات رافال التي استخدمتها في كل من إفريقيا الوسطى وليبيا وأفغانستان، إضافة إلى العراق وسوريا.
وتعمل فرنسا على الاستفادة من النزاعات والتوتر والحروب التي تهز العالم، لتجعل من بؤر التوتّر فيه أسواقا لأسلحتها، وتنجح، العام الماضي، في دفع إيراداتها من بيع الأسلحة نحو أعلى مستوى له منذ نهاية الحرب الباردة، وفق خبراء.