لحماية الأفراد والنظام المالي

المركزي يمنع التعامل بـ بتكوين

لوسيل

الدوحة - أحمد فضلي

جزاءات وغرامة مالية تصل إلى 10 ملايين ريال على متعاملي بتكوين
حظر تبديلها وفتح حسابات لها وإرسال الحوالات
بتكوين ذات مخاطر عالية وتستخدم في الجرائم المالية والقرصنة الإلكترونية

وجه مصرف قطر المركزي جميع البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في دولة قطر الى عدم التعامل بأي شكل من الاشكال بعملة البتكوين أو تبديلها بأي عملة أخرى أو فتح حسابات للتعامل بها أو إرسال أو استقبال اي حولات مالية بغرض شراء او بيع تلك العملة، واوضح مصرف قطر المركزي انه نشط مؤخرا وفي مختلف دول العالم التداول بعملة افتراضية تسمى البيتكوين وهي عملة غير قانونية لعدم وجود اي التزام من جانب اي بنك مركزي او حكومة في العالم لتبديل قيمتها مقابل نقود صادرة ومبرئة للذمة او مقابل سلع عالمية متداولة او مقابل الذهب، كما يكتنف التعامل في هذه العملة مخاطر عالية تتمثل في تذبذب قيمتها بشكل كبير وامكانية استخدامها في الجرائم المالية والقرصنة الالكترونية بالاضافة الى مخاطر خسارة قيمتها لعدم وجود اي جهات ضامنة لها او اصول مقابلها. وشدد تعميم على ان مصرف قطر المركزي سيقوم بتوقيع الجزاءات المقررة وفقا لاحكام قانون المركزي وتنظيم المؤسسات المالية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 2012 في حالة مخالفة التعليمات.

منع تام

وقال مصدر مسؤول في مصرف قطر المركزي لـ لوسيل ان التعامل بالعملة الرقمية المشفرة بتكوين ومشتقاتها يعتبر ممنوعا منعا باتا، ويحظر على جميع البنوك والمصارف الاسلامية العاملة في دولة قطر التعامل بها او صرف حوالات مالية بغرض شراء او بيع تلك العملة، وانه لا يحق لاي مؤسسة مالية التعامل بهذه العملة الالكترونية او مشتقاتها المالية. واشار المصدر الى المخاطر المختلفة التي تنطوي عليها هذه العملة الرقمية المشفرة والتي لم تعترف بها الى حد التاريخ بنوك او مصارف مركزية، كما ان قيمتها غير ثابتة او مبرئة للذمة او تحتوى على مفهوم النقد العادي المتداول وفقا للاشكال القانونية المتعارف عليها عند التداول مع العملات الالكترونية او من خلال العمليات المالية الالكترونية والتي تتم من خلال القنوات الرسمية والتي تخضع للرقابة سواء من قبل البنوك المركزية والبنوك والمصارف الاسلامية او الجهات المالية الدولية التي تضع آليات محددة وواضحة لتنفيذ المعاملات المالية الالكترونية ضمن منظومة الكترونية تخضع لانظمة الحماية اللازمة والتدقيق الدوري.

جزاء مالي

يشار الى انه يجوز لمصرف قطر المركزي ان يفرض جزاء ماليا يصل الى 10 ملايين ريال عن كل مخالفة ترتكبها المؤسسات المالية لاحكام هذا القانون او اللوائح او القرارات او التعليمات الصادرة تنفيذا له، كما يجوز له ان يفرض جزاء ماليا يصل الى 100 الف ريال يوميا عن كل مخالفة مستمرة ترتكبها المؤسسة المالية لاحكام القانون او اللوائح او القرارات او التعليمات الصادرة تنفيذا له. كما يحق لمصرف قطر المركزي ان يقدر الجزاء المالي المناسب بحسب خطورة المخالفة المرتكبة وجسامتها وفقا لظروف كل حالة على حدة وبعد اخطار المؤسسة المالية المخالفة وانذارها بازالة اسباب المخالفة خلال اجل يحدده مصرف قطر المركزي.
واستحوذت العملات الالكترونية مثل البيتكوين والايثيروم والريبل في الاونة الاخيرة على زخم كبير من الحديث عنها، في ظل الصعود الصاروخي الذي شهدته هذه العملات من حيث قيمة التداولات، خاصة عملة البيتكوين التي نمت بنسبة 96 الف مرة منذ العام 2009، مسجلة نسبة نمو سنوي مركب تساوي 114.5% في 9 سنوات، وتحديدا في اعقاب الازمة المالية العالمية. هذا النمو المتسارع والفجائي للعملات الالكترونية، وبخاصة البيتكوين جعل منها تتحول الى فقاعة هلامية قابلة للانفجار في اية لحظة، مما سينتج عنه ارتدادات سلبية على الافراد الذين شرعوا في التداول عليها خلال الفترة الماضية وبمبالغ طائلة طمعا في عوائد خيالية، وهو ما سينعكس سلبا على النظام المالي ولو بدرجات متفاوتة خاصة لدى الدول التي اباحت التعامل بها. وما يعزز اعتقادنا في ذلك هو مجموعة من المؤشرات التي برزت مؤخرا ومنها احجام قيمتها بعد صعودها اضافة الى تحذير العديد من البنوك والمصارف الاسلامية من التعامل بها وخاصة اعلان بنوك مركزية في العالم عن حظر التعامل بهذه العملة.

مخاوف وشكوك

بالنظر الى العملات الرقمية وخاصة البيتكوين بشكل رأسي فاننا نجد العديد من المخاوف والشكوك حول مدى ثبوتها ومصداقيتها في الاسواق المالية العالمية، حتى وان تم الاعترفت بها من قبل جميع الدول، فهذه العملة في اغلبها مشفرة ولا تتمتع بالمقومات الاساسية لاي عملة لها اربعة خصائص رئيسية منها الاعتراف الرسمي بها من قبل الجهات الرقابية المحلية والدولية، وجودها العيني والحسي الملموس، قدرة الناس على تداولها والقيام بالعمليات المالية من خلالها.
ومن بين ابرز الدول التي تعترف إما جزئيا او كليا او تسمح بتداول البيتكوين نجد على سبيل المثال المانيا وكندا وسويسرا والسويد والمملكة المتحدة واليابان التي اعلنت مؤخرا احدى الشركات العاملة هناك عن فقدان ما قيمته نحو 534 مليون دولار أمريكي من العملة الافتراضية بما يفوق سقف 1.9 مليار ريال قطري، مما اضطر بالشركة الى ايقاف التداول بجميع العملات الرقمية الى حين تقييم خسائر أكبر عملية سرقة لعملة رقمية في حال تأكدت السرقة.
وتشير تقارير الى ان حجم القيمة السوقية لعملة البيتكوين انخفض منذ الشهر الماضي الى مستوى 252.7 مليار دولار بما يعادل 919.8 مليار ريال مقارنة بالقيمة السوقية التي بلغتها خلال نفس الفترة من الشهر الماضي والتي قدرت بنحو 832 مليار دولار بما يعادل نحو 3.024 تريليون ريال اي انها فقدت ما يزيد عن 2.1 تريليون ريال بما يعادل نحو 579.3 مليار دولار. وتصل عدد الدول التي اما تسمح او تتخذ موقفا محايدا بشأن التداول بالبتكوين الى 99 دولة بما يمثل 40% من اجمالي الدول، في حين تعتبر اكثر من 10 دول التداول بعملة البتكوين غير قانوني، في حين تمنعها بشكل رسمي 7 دول بما يمثل 3%، في حين لم تعلن 130 دولة عن موقفها بشكل رسمي من العملات الرقمية بما يوازي 53% من اجمالي دول العالم.

انخفاض حاد

ويوجد 76.1% من اجمالي الصرافات الالية لعملة البتكوين في امريكا الشمالية، و18.8% في اوروبا و2.5% في القارة الاسيوية و1.3% في امريكا الوسطى والجنوبية، و1.2% في استراليا و0.05% في افريقيا . ومنذ مطلع العام الجاري، بدأت عملة البتكوين في الانخفاض الحاد في مستوى التداولات، حيث تراجعت ظهر امس الى مستوى 7 الاف دولار ، بعد ان بلغت نهاية العام الماضي مستوى جنونيا بلغ نحو 20 الف دولار، حيث انقاد الافراد وراء هذه العملة تماشيا مع نظرية القطيع دون ان يضعوا في حسبانهم ان المثل الفرنسي القائل بان اخر من يمسك بحبة البطاطا الساخنة سيكون هو الخاسر، حيث ان العديد من الاشخاص ممن استثمروا في الاونة الاخيرة بمبالغ ضخمة بدؤوا في تحقيق خسائر مالية، واذا تواصل نزيف هذه العملة على المدى القصير بشكل حاد فان العديد من المستثمرين سيتكبدون خسائر مالية مهمة بما سينسحب بشكل مباشر على الاقتصاد الدولي وبشكل خاص النظام المالي خلال الايام القليلة الماضية من انخفاضات طالت اغلب البورصات العالمية، في ظل مخاوف من ازمة مالية عالمية جديدة قد تطرق الابواب.
وبما ان العملات الالكترونية وفي مقدمتها البتكوين مشفرة فهي تعتبر الملاذ الامن لمجرمي غسل الاموال وتمويل الارهاب والاتجار بالبشر والمخدرات والاسلحة، حيث لا يمكن تتبع حركة الاموال نظرا لدرجة التشفير العالية، وهو ما يشكل تحديا جديدا امام النظام العالمي الذي يتكبد سنويا خسائر بالاف المليارات من الدولارات نتيجة للجرائم العابرة للحدود، والاكيد امام جدية هذا التحدي من المتوقع ان تطالب الاجهزة الامنية الدولية بتجريم التعامل بهذه العملات.
ومن جهة ثانية، فان ائمة وعلماء شرعيين اعلنوا في الاونة الاخيرة عن عدم جواز التعامل شرعا بالعملات الالكترونية، نظرا للمخاطر التي تنطوي عليها.

قنوات آمنة

في هذا الاطار، دعا الخبير الاقتصادي عبدالله الخاطر من خلال لوسيل الافراد الى عدم التعامل مع العملات الرقمية الى حين اعتمادها بشكل رسمي من قبل البنوك والمصارف المركزية في العالم ووضعها ضمن قنوات آمنة تضمن حقوق الجميع، وتابع قائلا نصيحة للافراد حتى لو كانت لديهم القدرة على التعامل بالعملات الرقمية هو عدم الانسياق وراء هذا التيار للمخاطر التي بها.
ونوه الى التوجيه الصادر عن المركزي بمنع التعامل بالعملات الالكترونية، مشددا على انه جاء في التوقيت المناسب وان الحكمة تحتم على المركزي والمؤسسات المالية التحري بشأن هذه العملات التي تحمل مخاطر مختلفة سواء من حيث التداول او استعمالها في اطار الجرائم الخطيرة كجريمة غسل الاموال، وتابع مشددا على ان تعليمات جاءت لحماية الافراد بدرجة اولى من تلك المخاطر ومن ثم حماية المؤسسات المالية في حالة وجود اندفاع من قبل الناس الى هذه العملات التي تعتبر أداة غير استثمارية.
وقال انه من غير المحبذ للافراد التعامل مع ادوات وسلع تعتبر جزءا من المضاربة عالية المخاطر، لان هذه العملة محفوفة بالمخاطر ولا تخضع للرقابة، مشيرا الى ضرورة ان تبقى المؤسسسات و المركزي في حالة تحري ودراسة لواقع العملات الالكترونية التي تستخدم تقنية البلوكتشين وهي احدى التقنيات التي يمكن استخدامها مستقبلا في المعاملات المالية.