لا يجب أن تسمح الحكومات لعملية إعادة البناء والإصلاح عقب جائحة (كوفيد-19) أن تحيد عن تحقيق أهداف المخطط العالمي المصمم لخلق عالم أكثر مساواة واستدامة. هذا ما تم التأكيد عليه خلال النسخة الأخيرة من سلسلة DearWorld# المباشرة ضمن مناظرات الدوحة.
منذ بدء تفشي جائحة (كوفيد-19)، قامت مؤسسة قطر بتنظيم ندوات أسبوعية عبر الإنترنت تدعو من خلالها قادة الفكر، والخبراء لتقييم التبعات الحالية والمستقبلية لتلك الجائحة على مختلف جوانب حياتنا ومجتمعاتنا، وقد ركزت الندوة الأخيرة على قضية المساواة بين الجنسين في ظل تفشي تلك الجائحة.
شاركت في النقاش الدكتورة آلاء مرابط، وهي واحدة من بين 17 من دعاة أهداف التنمية المستدامة العالمية الذي تم تعيينهم من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، حيث حذرت من أنه في حال قامت الدول بمعالجة الأوضاع عقب جائحة (كوفيد-19) من منظور الأمن الصحي فقط، فإنها بذلك تخاطر بإشاحة النظر بعيدًا عن تحقيق الأهداف المدرجة على جدول أعمال خطة عام 2030 للتنمية المستدامة التي اعتمدتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015.
تحدثت الدكتورة مرابط، التي تشغل أيضًا منصب المفوضة السامية للعمالة الصحية والنمو الإقتصادي، إلى جانب عملها كطبيبة ممارسة، قائلةً: إن خطة 2030 لم تتوقع ظروفًا كالجائحة التي نمر بها حاليًا، ومن الضروري أن ندرك بأن تلك كانت بمثابة نقطة عمياء لم توضع في الحسبان. إن هذا الجمود العالمي الذي نشهده الآن لم يكن متوقعًا، وللأسف نرى اليوم العديد من الحكومات تتصرف من منظور رد الفعل. وبدلاً من التركيز على أهداف خطة 2030 وتحقيق نظام إيكولوجي للاستدامة لمكافحة قضايا مثل الفقر وعدم المساواة بين الجنسين وتغير المناخ - سنشهد تركيزًا كبيرًا على قضية الأمن الصحي فقط .
وتابعت: من الضروري بالنسبة لنا جميعًا أن ندفع حكوماتنا إلى الإعتراف بأنه لا يمكن التركيز على قضية الأمن الصحي وحدها بمنأى عن بقية القضايا الأساسية، فالأمن الصحي يعتمد على قوى عاملة بقطاع الرعايا الصحية، وعلى أعراف إجتماعية وعقد إجتماعي، والأفراد الملتزمون بكونهم جزءًا من المجتمع. علينا أن نستمر في رؤية أهداف التنمية المستدامة كمنارة، وأن نواصل العمل على تحقيقها .
منذ بداية الحظر الذي تم فرضه على مستوى العالم بسبب تفشي الوباء، كشفت التقارير عن تصاعد العنف المنزلي ضد النساء، ولكن تقول الدكتورة مرابط: إن تلك الجائحة لم تقم سوى بمفاقمة الأوضاع الكائنة بالفعل في بعض الدول فقد رأينا مؤخرًا العديد من الدول غير المهيأة بتاتًا للتعامل مع الأزمة، ولم ينظروا حقًا في التأثير طويل المدى على العدالة الاجتماعية والقضايا الجندرية. في خضم أزمة كهذه، لا يمكنك إصلاح شيء عمره عشرات السنين ومتجذر في أسس المجتمع. فطالما كان العنف ضد المرأة وباءً قبل أن نمر بأزمة الوباء الحالية، ولكن بسبب تفسير ما يحدث في سياق الأحداث الراهنة، يعتقد الناس أن العنف المنزلي يرجع فقط إلى العزل المنزلي والتباعد الجسدي، وهذا أمر غير صحيح .
شارك في الندوة أيضًا زيادين يوسف زاي، وهو الذي أسس صندوق ملالا مع ابنته، وقد سمي بإسمها، وتعتبر ملالا هي أصغر حائزة على جائزة نوبل للسلام لعملها في الدفاع عن تعليم الفتيات. ذكر تقرير حديث لـ صندوق ملالا أن هناك حوالي 10 ملايين فتاة في سن الدراسة الثانوية لن تتمكّن من العودة للتعليم بعد الجائحة.
ويقول يوسف زاي: أخشى أن يتسبب الوباء في دفع قضية المساواة الجندرية إلى الوراء. فقد ازداد العنف المنزلي ضد النساء، ومن المرجح أن لا تعود الملايين من الفتيات اللاتي انقطعن عن الدراسة في الوقت الحالي إلى التعليم مرة أخرى. فإن أقوى معادل لدينا هو التعليم. يجب أن يكون لكل فتاة الحق في اختيار مستقبلها، والتعليم يجعل ذلك ممكناً. لكن البلدان التي تعتمد سياساتها الذكورية تستثمر في تعليم الأولاد أكثر من الفتيات. في بعض البلدان، نجد عدم المساواة والتمييز هيكليًا ومؤسسيًا وحتى دستوريًا، ولكن لا يقتصر ذلك على المجتمعات الذكورية فقط - فنحن نرى التحيز الجنسي والتعصب ضد المرأة وكراهية النساء في كافة المجتمعات .