رغم مضي أسبوع واحد من اتفاق الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة أوبك على تمديد فترة خفض إنتاج النفط لتسعة أشهر إضافية، بقيت نظرة السوق سلبية تجاه مدى احتمالية نجاح هذه الاتفاقية في خفض المخزونات العالمية، إذ تسهم زيادة إنتاج النفط في كل من ليبيا ونيجيريا والولايات المتحدة في تأخير عملية خفض الإنتاج. وعلاوةً على ذلك، من المرجح لانسحاب الرئيس الأمريكي ترامب من اتفاقية باريس بشأن المناخ أن يدفع المستثمرين لتوقع إمكانية حدوث زيادة في المعروض من الوقود الأحفوري الأمريكي.
وأظهرت حالة الضعف التي أعقبت الإعلان عن تمديد خفض الإنتاج مدى نفاذ الصبر الذي تبديه أسواق النفط. كما بقيت مخاطر عدم الامتثال بخفض الإنتاج خلال الأشهر القادمة مرتفعة، في حين يمثل غياب استراتيجية واضحة للخروج من الاتفاق بعد الربع الأول من عام 2018 تحدياً آخر.
وساهم ذلك أيضاً في نشوء حالة من الترقب في الأسواق حيال إمكانية وصول زيادة الإنتاج إلى الأسواق في الوقت الذي يواصل فيه منتجو النفط الأمريكيون إضافة المزيد من براميل النفط أسبوعياً. وتبدو أسعار النفط حالياً غير متأثرة بالأخبار الإيجابية، بينما استمد انخفاض الأسعار الذي شهده الأسبوع الماضي زخمه من التركيز الكبير على زيادة الإمدادات. وتشير التقارير الصادرة عن وكالتي رويترز وبلومبيرج في شهر مايو الماضي إلى حدوث زيادة في الإنتاج تتراوح بين 250- 315 ألف برميل يومياً.
ويعود ذلك أساساً إلى زيادة الإنتاج من قبل كل من ليبيا ونيجريا على وجه التحديد، حيث تم إعفاء كلتا الدولتين من قرار خفض الإنتاج. وتفوق هذه الزيادة مقدار خفض الإنتاج الذي تلتزم به بقية الدول الأعضاء في منظمة أوبك.
وشهدت الأسعار النفط كذلك مزيداً من الهبوط في أعقاب إصدار إدارة معلومات الطاقة الأمريكية للتقرير الأسبوعي مخزونات النفط الخام ، وذلك بالرغم من انخفاض مخزونات النفط والبنزين الأمريكية على نحو فاق جميع التوقعات. وانصب تركيز الأسواق بدلاً من ذلك على الارتفاع المستمر لمستويات الإنتاج إلى جانب زيادة الصادرات الأمريكية إلى مستويات قياسية بلغت 1.3 مليون برميل يومياً -، مما ساهم في تعزيز المخاوف المتعلقة بعدم انخفاض مخزونات النفط العالمية بالسرعة المطلوبة.
وزاد في تعقيد الوضع قرار الرئيس الأمريكي ترامب المتعلق بالانسحاب من اتفاقية باريس الخاصة بالمناخ، والذي ساهم بتصاعد المخاوف المتعلقة بإمكانية تسارع وتيرة إنتاج الولايات المتحدة للوقود الأحفوري.
وتجلت هذه المخاوف بوضوح من خلال التصريح الذي أدلى به الرئيس التنفيذي لشركة روسنفت الروسية، حيث أشار إلى إمكانية قيام الولايات المتحدة بإضافة 1.5 مليون برميل نفط يومياً إلى الإنتاج العالمي خلال العام المقبل، مما سيلغي تأثير اتفاق خفض الإنتاج بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة أوبك.
ومن هنا، ستدخل أسواق النفط مرة أخرى حالة انخفاض الأسعار لفترة طويلة. وقد ازداد الوضع تعقيداً عندما أشار البعض إلى إمكانية تحديد 42 دولاراً كهدف سعري لبرميل خام غرب تكساس الوسيط.
وسيبقى قطاع النفط عرضةً للمزيد من الخسائر في حال لم تتوافر بيانات دقيقة تشير إلى ارتفاع الطلب وانخفاض مستويات العرض.
ولا شك أننا جميعاً نتمنى صدور مثل هذه البيانات الداعمة والتي من شأنها أن تفضي إلى تعافي القطاع خلال النصف الثاني من العام الحالي، ولكن ذلك الانتعاش لن يتجاوز عتبة 55 دولاراً للبرميل، قبل أن يؤدي التركيز على زيادة المعروض من قبل منظمة أوبك والولايات المتحدة في عام 2018 إلى انخفاض الأسعار مجدداً.