يشكل الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير محطة بارزة في مسار التنمية الاقتصادية والسياحية في مصر، إذ يُتوقع أن يسهم هذا الصرح الثقافي الضخم في تنشيط حركة السياحة وجذب الاستثمارات، بما يعزز من دور القطاع السياحي كأحد أهم مصادر النقد الأجنبي والدخل القومي للبلاد.
ويعد المتحف، الذي تجاوزت تكلفة إنشائه مليار دولار واستغرق بناؤه أكثر من عشرين عاماً، أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة. وجاء تشييده ثمرة تعاون دولي واسع مع شركات ومؤسسات عالمية، ما يعكس انفتاح الاقتصاد المصري على الاستثمارات الأجنبية في المشاريع الثقافية والسياحية الكبرى.
وتسعى الحكومة المصرية من خلال افتتاح المتحف إلى إعادة رسم الخريطة السياحية في القاهرة عبر تحويل منطقة هضبة الجيزة إلى وجهة سياحية متكاملة تضم المطار الجديد، والفنادق، والمطاعم، والمراكز التجارية، إضافة إلى شبكة طرق ومواصلات حديثة وحافلات كهربائية تخدم الزوار.
ووفقاً للبيانات الرسمية، استقبلت مصر 15 مليون سائح خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بإيرادات بلغت 12.5 مليار دولار، بزيادة نسبتها 14.7% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في مؤشر على تعافي القطاع السياحي واستعادته لدوره المحوري في الاقتصاد الوطني.
ويتوقع مراقبون أن يسهم المتحف المصري الكبير في رفع عدد الزوار إلى نحو 15 ألف زائر يومياً خلال المرحلة المقبلة، ما سيترجم إلى إيرادات مباشرة وغير مباشرة تشمل مبيعات التذاكر، والإنفاق على الإقامة، والمواصلات، والأنشطة التجارية المحيطة بالموقع.
كما يُنتظر أن يعزز المشروع من خلق فرص العمل في قطاعات متعددة تشمل السياحة، والنقل، والخدمات، والبناء، إلى جانب زيادة جاذبية مصر للاستثمارات الأجنبية في مشاريع البنية التحتية والسياحة الثقافية.
وفي الوقت نفسه، يشير خبراء الاقتصاد إلى أن تحقيق العائدات المرجوة يتطلب استقراراً إقليمياً وتسويقاً دولياً مستمراً، فضلاً عن الحفاظ على الصيانة الدورية للمتحف ومرافقه لضمان استمرارية الزخم السياحي.
ويرى مراقبون أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع ثقافي، بل استثمار استراتيجي طويل الأجل يهدف إلى ترسيخ مكانة مصر كوجهة عالمية للتراث والحضارة، ودعم جهود الدولة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.