عشق ضال.. جمهور صعب!

ذات يوم قال جوزيف اديسون الكاتب والشاعر الانجليزي بأنه (لا يوجد شيء نستقبله بممانعة مثل النصيحة) * ولا أعرف لماذا داهمني الاعتقاد بأنه لم يطلق عبارته تلك إلا بعد لحظة يأس من مسعى إقناع الجمهور الانجليزي بالتخلي عن المشاكسة والعنف، وما إلى ذلك من سلوك تشجيعي مدمر.. وأرجو ألا أكون مارست سوء الظن في مقاصد هذا الشاعر وتقويله ما لم يقصده. * تذكرت الشاعر جوزيف اديسون وأنا اقرأ تصريحا لوزير الرياضة الانجليزي نايجل هادلستون الذي بدأ حملة تحسين للصورة الانجليزية ضمن مسعى لاستضافة كأس العالم 2030، حيث حرص على التأكيد بأن ما شاهده العالم من شغب للجماهير الانجليزية في نهائي بطولة امم اوروبا مع ايطاليا لن يتكرر، وأنه سيعمل مع الجماهير والأندية على توفير وقوف جماهيري آمن في ملاعب كرة القدم ضمن برنامج تدريبي لتثبيت مناطق وقوف مرخصة، وهو ما يعني إنهاء حظر لهذه المناطق بفرمان تشريعي أعقب كارثة هلزبره عام 1989. لكن الوزير الذي كان مسؤولا عن استقطاب الشباب لحزب المحافظين اشترط أن يسبق ذلك اهتمام بتثبيت المقاعد ذات الحواجز، حفاظا على سلامة الجماهير. وغير معروف الروشتة التي جهزها الوزير المتفائل بإمكانية تغلب الانجليز على ظاهرة الشغب التي لن يكون آخرها ما قام به الجمهور الانجليزي ضد الجمهور الإيطالي عقب فوز الطليان على الانجليز في نهائي يورو 2020. * والذي قد يثير مخاوف العالم من استضافة انجليزية للمونديال هو ان النمط التشجيعي للجماهير الانجليزية وصل حد التعامل مع لاعبين في المنتخب الانجليزي نفسه بعنصرية مقيتة لمجرد انهم من اصول افريقية. ما يعني أنه ليس من حدود للهرج والمرج والعنف اللفظي والجسدي للمشجعين الانجليز، ليس فقط عندما تخسر فرقهم بل وحتى عندما تفوز، سواء لعبت الفرق الانجليزية في الداخل او في الخارج. ولو تابعنا تاريخ الشغب الانجليزي سنرى ارضية شوارع وقد بدت كما لو انها تعرضت لقصف جوي على مجمع مخلفات. * وليس من المبالغة القول بأن المشجعين المتعصبين هم وراء ما صدر من قرارات الفيفا التي تهدف للحد من شغب كروي يجسد كيف أن (من الحب ما قتل!) * وكثيرة هي صور التنمر التشجيعي التي تظهر في صور اقتحام لملعب بدون تذاكر، وتكسير في مدرجات يتحول الى اشتباك، واشتباكات تصل حد إلحاق اصابات بل وعمليات قتل لا يسلم منها حتى رجال الشرطة انفسهم، حتى أن 19 شرطيا انجليزيا تعرضوا لإصابات عقب نهائي يورو 2020 وجرى اعتقال 49 مشجعا تولَّوا كِبَر شغب ذلك اليوم. * وما يثير مخاوف محبي كرة القدم في العالم هو انتقال ظاهرة الشغب الانجليزي الى ملاعب عربية. وغير بعيد ما شهدته مباراة في الدوري المصري اسفرت عن قتل 77 شخصا وإصابة 1400، كأحد تداعيات الانفعالات التشجيعية في ملاعب كرة القدم العالمية، يتصدرها ما يسمى الهوليجانز كعلامة ضعف في ملف الانجليز الباحثين عن تأشيرة استضافة مونديال2030. * ألف تحية وسلام على أزمان من التشجيع السلمي والفرح الراقي الذي تجلى لاتينيا عندما فاز المنتخب البرازيلي بأول كأس للعالم. يومها فتح الرئيس البرازيلي انذاك القصر الرئاسي للمواطنين، وخاض الشعب البرازيلي فواصل من رقصات السامبا استمرت ثلاثة ايام، دونما اصابات او اعتقالات!.