في عالمنا الحديث ومع تزايد عدد الشركات العاملة في القطاعات المختلفة، أصبحت فكرة البحث عن الحصة السوقية أحد أهم النقاط التي تعمل المؤسسات والأفراد على تحقيقها، وبالرغم من أن فكرة المنافسة بحد ذاتها هي فكرة إنسانية قديمة تحمل في طياتها فكرة الصراع الإنساني لإثبات الذات خاصة مع وجود البدائل والخيارات المتنوعة سواء بالبضائع والخدمات أو حتى بالأفكار والمعتقدات، إلا أنها قد لمعت حديثا في عالم الأعمال حيث ساهم التطور التكنولوجي السريع في قطاع الاتصالات وفي ظل محدودية الأسواق إلى ارتفاع حدة المنافسة بين الشركات والمؤسسات المختلفة والتي وصلت إلى درجة غير مسبوقة من الأهمية متزامنة في ذلك مع إنتشار فكرة العولمة والتي حولت العالم الى قرية صغيرة يكثر فيها المنافسون وتنضب بها المصادر وتزداد بها الرغبات والحاجات. فكرة البحث الدائم عن التوسع وبالرغم من أنها تخالف سنة الكون التي نعرفها والتي تعتمد على فكرة البداية والنهاية بوجود دورة حياة وموت لكل شئ، وبعيدا عن بعدها الفلسفي إلا انها أعطت لفكرة المنافسة بعدا إقتصاديا جديدا، حفّز المدراء والمسوقِّين كي يبحثوا عن نقاط القوة والجذب التي تميزهم عن غيرهم من الشركات في محاولة لإبرازها وإستغلالها تسويقيا لزيادة عدد عملائها وتوسيع رقعة أسواقها، وهو ما طرح مفهوما جديدا في عالم الأعمال سُمي لاحقا بالميزة التنافسية، فما هو هذا المفهوم؟ وما هي أهم سماته؟ وأبرز الأمثلة عليه؟ بداية ومن الناحية اللغوية فإن كلمة ميزة تعني العلامة الفارِقة التي تتمتع بها جهة أو فئة مُعيَّنة، أما المنافسة بمفهومها الشامل فهي سباق بين الأفراد والجماعات يسعون من خلاله لتحقيق نفس الهدف في نفس الوقت والمكان، وبالتالي وبالرغم من إختلاف العديد من المفكرين والإقتصاديين في إيجاد مفهوم مشترك للميزة التنافسية، إلا أنه يُمكن تعريفها وبشكل بسيط بأنها مجموعة العناصر والخصائص التي تعطي المنظمة أو الشركة أفضلية تنافسية في الأسواق، وهو ما يجعل قرار المستهلك وبالرغم من توافر العديد من البدائل الأخرى حوله يتجه لإختيار هذه السلعة أو المنتج دون غيره وبالتالي فهي ذلك العنصر الذي يضع المؤسسة في مكان مُتقدم عن منافسيها لتكون أقرب إلى خيارات وأذواق المستهلكين. وبالرغم من أن هذا المفهوم الشامل يعتمد على تقديم المؤسسة خدمة متميزة وفريدة تتفوق بها المنتجات المُقدمة على منافسيها، إلا أنه ولهذه الميزة التنافسية لأي شركة عدة سمات أساسية يمكن تلخيصها بما يلي: أن تكون ميزة ذات قيمة مضافة يشعر بها ويدركها المستهلك وبالتالي تكون هذه القيمة دافعا رئيسيا لاتخاذ القرار بشراء هذا المنتج دون غيره، أيضا يجب أن تكون هذه الميزة ميزة نادرة وفريدة بحيث يتميز بها هذا المنتج دون سواه على أن تكون هذه الميزة غير قابلة للإستبدال مع أي من المنتجات المنافسة الأخرى، كذلك من المهم أن تكون عملية تقليد أو محاكاة هذه الميزة التنافسية صعبة نوعا ما، وبالتالي فإن عملية تطبيقها في أي منتج آخر تحتاج لكثير من الجهد والوقت أو حتى الإستثمار والتكلفة. وبالحديث عن أهم الأمثلة للميزات التنافسية في الشركات فإنه يمكن إختصارها بما يلي: الميزة التنافسية السعرية: وتنشأ هذه الميزة من قدرة الشركة على تخفيض أسعار منتجاتها وخدماتها مع المحافظة على نفس جودة المنتج وبالتالي بيعه بسعر أقل من أسعار المنافسين. الميزة التنافسية في الجودة والإمتياز: وتنشأ هذه الميزة من قدرة الشركة على تقديم سلع وخدمات تمتاز بجودة عالية وبالتالي تقديم قيمة حقيقية للمستهلك وهو ما يجذبه لشراء هذا المنتج بالتحديد. الميزة التنافسية في الإنفراد: وهي قدرة الشركة على إنتاج وتقديم سلع وخدمات لها خاصية أو ميزة تتفرد بها عن باقي المنافسين، فتستطيع من خلالها إستقطاب أكبر عدد من العملاء. وأخيرا وبرأيي الشخصي فإن عملية البحث عن الميزة التنافسية وبالرغم من أنها تبدو في الظاهر عملية بسيطة إلا أنها تحتاج إلى خبرة ومعرفة ودراية قد لا يمتلكها الكثيرون، فالمنافسة نفسها وبالرغم من أن البعض يعتبرها صراعا غير مُبرر، إلا أن دورها في تعزيز روح الإبداع والإبتكار أساسي ومهم جدا، وهنا أتذكر مقولة رجل الأعمال الشهير بيل غيتس «سواء كان ذلك في غوغل أو أبل أو البرمجيات الحرة، نحن لدينا منافسون رائعون وهذا ما يساعدنا على العمل».