العقل الاستثماري

كثير من الناس من يرغب في دخول عالم الاستثمار والمستثمرين ويتمنون أن يصبحوا رجال أعمال ناجحين، ولكن كثيرا من الناس من يجهل أن هذه المهنة قد لا تحتاج إلى مؤهلات علمية ولا تتطلب أن يكون ممارسها متعلما أو يحمل شهادة تخصصية في الاستثمار أو الاقتصاد أو أي تخصص علمي آخر. بل إن كثيرا من انجح المستثمرين ورجال الأعمال الأثرياء في العالم لم يكملوا تعليمهم الابتدائي، ولا يتقنوا غير لغة الأم، وأن البعض منهم كان فاشلا في حياته الاجتماعية أو مطرودا من المدرسة. كما أن منهم من حرم من التعليم وعانى الفقر المدقع في صغره ورغم ذلك حقق نجاحا غير مسبوق في التجارة والاستثمار وأصبح يمتلك ثروة هائلة. إن ما يميز رجال الأعمال عن غيرهم هو الموهبة والفطرة التي تمكنهم من دخول مهنة الاستثمار وهم في سن المراهقة ودون الالتحاق بالمدرسة أو الجامعة أو أفضل المعاهد العلمية. هذه الموهبة تخلق لديهم فن الإدارة وروح المغامرة والمجازفة التي تدرس نظرياتها في الجامعات والمعاهد وتمنح شهاداتها بعد اجتياز امتحانات مهنية .  فالمؤهلات لا تعني بالضرورة الإبداع والنجاح في الاستثمار وإدارة الأصول والشركات ولا تعني أبدا الثراء . النجاح في العمل الحر قد يعتمد أولا على الحالة الذهنية والعقلية وليس على سيرة ذاتية تكتظ بالمؤهلات العلمية والتي قد تكون عائقا في بعض الحالات وليس عامل نجاح. رجال الأعمال أصحاب الفطرة والموهبة يعتقدون أن صناعة المال ليست مكافأة لمؤهل علمي وإنما نتيجة لمهارة معينة هم يتميزون بها عن الآخرين مثل لاعب الكرة الذي لديه مهارات تميزه عن الآخرين.  يقول الكاتب بول ماكينا في كتابه «أستطيع أن أجعلك غنيا» إن من يريد أن يصبح رجل أعمال ومستثمرا ينبغي عليه أولا وبشكل حيوي أن يعيد برمجة عقله الباطن وتوجيهه إلى الكيفية والشكل الذي يريده أن يكون، ومن ثم يركز باستمرار على ما يريد من تحقيقه. فالدخول في عالم الاستثمار والاقتصاد قد لا يحتاج من المستثمر أن يتخرج من الجامعة بدرجة امتياز، ولكن يتطلب منه وبشكل تدريجي أن يقوم بتنشيط وتأهيل عقله من خلال التفكير بطريقة ثرية وليس بطريقة فقيرة.  فالهدف والرغبة التي ترسمها في عقلك هي التي سوف تحدد نوع هذا التأهيل والفترة الزمنية التي تحتاجها للوصول إلى درجة النضج في العقل الاقتصادي والاستثماري. فعندما تفكر بطريقة ثرية ستجد نفسك تبحث دائما عن الإمكانيات وتعيش حياتك بالشروط التي تضعها أنت. أما إذا كنت تفكر بطريقة فقيرة فسيكون عقلك مليئا بالمخاوف من المستقبل والمخاطر وليس لديك الثقة في قدراتك، وتكون مجبرا على المحافظة على كل ما تمتلكه من مال وأصول.  وحتى تفكيرك يكون محصورا في الهدف الضيق الذي ترسمه لنفسك.  فإن كنت مثلا تريد أن تعمل لأجل الحصول على وظيفة براتب شهري، ستجد نفسك تلقائيا تبحث فقط عن الوظائف التي تتطلب منك القيام بمهام معينة مقابل أجر معين، وسينتهي بك المطاف إلى وظيفة اعتيادية. أما إذا كنت تعتقد انك تستحق أن تكون رجل أعمال ومن الأثرياء ستجد عقلك يبحث بشكل تلقائي عن الفرص التي تجعلك ثريا، كما انك سوف تشعر أن لديك حاجة لخلق الموهبة والقدرة الكافية كمستثمر على التعامل مع مختلف التحديات التي تحيط بالعمل.  دنيس ويتلي مؤلف كتاب سيكولوجية الدوافع يقول «تتحكم قوة رغباتنا في دوافعنا و بالتالي في تصرفاتنا».