هل في تراجع أحدنا عما كان يقضيه من أوقات في مشاهدة مباريات كرة القدم استقرار وحالة من التشبع الرياضي أم هو شعور بالملل من كل ذلك الضخ والحركات السريعة والبطيئة والمعلومات والصور الصادرة عن كل مباراة..؟ * بالنسبة لي صارت الهواية الجديدة هي الجمع بين متابعة الإثارة التنافسية بين النجوم وفضول معرفة ما وراء كل نجم من خلفية اجتماعية ونفسية وعاطفية وإعطاء ذلك أهمية تتوافق مع ميول الاقتراب من الناس.. * لقد صرت منذ إسدال الستار على مونديال عاصمة الرياضة العالمية "الدوحة" أستكثر قضاء أوقات كبيرة في متابعة مباريات كرة القدم، مكتفياً بالملخصات والأخبار، لأن زمن المباراة قد يمتد لساعات خاصة عند مشاهدة أستديو التحليل وسماع آراء خبير التحكيم وما هنالك.. * وكنت أظن بأن ملل المتابعة سينقلني فقط إلى رصد ملامح الوجوه المنفعلة فرحاً وحزناً في المدرجات وشوارع ما بعد المباريات بفضل كاميرات تنقل بكفاءة انفعالات لاعبين ومدربين ومشجعين داخل الملاعب وخارجها..! * والجديد هو تنامي رغبة التأمل في نشأة نجوم بدأوا فقراء وحفروا الصخر ليدخلوا عالم النجومية والثراء.. وهناك من حكايات وروايات النجوم ما هو استثنائي في تفاصيله الاجتماعية والعائلية والإنسانية.. * ومنذ حل الاحتراف بمكاسبه المادية صار هناك حكايات لنجوم بالتوريث فتجد النجم الجديد ابناً لنجم قديم وحفيداً لنجم أقدم، ولكل منهم بداياته الخاصة، ما يشبع شغف التأمل في الامتدادات والفروق.. * وغير خاف ما أحدثته هجرة لاعبي أفريقيا في الأندية الأوروبية من تأثير إيجابي على عائلاتهم وقراهم ومجتمعاتهم الفقيرة.. وما يلفت النظر هي الحالات الإنسانية العاطفية التي تصاحب نشأة مواهب ونجوم أمريكا الجنوبية الذين غرفوا الشهرة بانتقالهم من قاع مجتمعاتهم، حيث يمكن لابن يعمل والده في خياطة الأحذية أو ببيع الفحم أن يملأ السمع والبصر.. * وطبعا ثمة فضل للأندية الأوروبية في بحثها الدؤوب عن المواهب والنجوم حتى دخلت أندية كبيرة نادي العجز في الوفاء باستحقاقات ضم لاعبين جدد دون صدام قانوني مع قواعد اللعب التي تشدد على أن لا يكون الغطاء أصغر من الوعاء، وسط دوريات في حالة تغيير للقواعد المنظمة لتسجيل لاعبيها.. * ولايدخر القائمون على الأندية جهداً لترميم الثغرات بالتعاقد من نجوم الوزن الثقيل ليحصدوا علامات النجاح، ورسائل الشكر كلما أحسنوا اصطياد مواهب قادمة من مواطن بعيدة دونما إثقال خزينة النادي بالديون ليتحول النادي بهم إلى علامة مشرقة على خارطة الإرث الكروي..! * وتتحقق نجاحات النجوم وانعكاسات ذلك على عائلاتهم بمثابرتهم في الوفاء بمتطلبات النجومية ليكونوا شموسا داخل منتخباتهم الوطنية..! * وتحضرني حكاية لاعب منتخب الأرجنتين انخيل دي ماريا وهو يقول ضمن مذكرات له: كنت مصاباً بتمزق عضلي في الفخذ ونحن على مسافة ساعات من خوض نهائي مونديال 2014، ولحظتها وصلني خطاب من ريال مدريد مضمونه: لست في حالة صحية تمكنك من اللعب لمنتخب بلادك..! لكنني قلت للمدلكين.. اتركوا عضلات فخذي تتمزق.. لا أبالي.. كل ما أريده هو أن أكون قادرا على اللعب ولو عن طريق المسكنات التي تجعلني لا أشعر بشيء، ثم أصابته حسرة أنه لم يلعب وفي نفس الوقت خسرت الأرجنتين كأس العالم. * وحسب هذا اللاعب شرفا أنه قام بتقطيع رسالة النادي الإسباني التي طلبت منه ألا يلعب، لأنه كان حينها يرى في حلم فوز منتخب بلاده كل الرضا والسعادة.. وكل المجد..!