إن من أهم النظريات التي ساهمت في فهم وإدارة العديد من العلوم هي النظرية النسبية والتي تعاملت مع الكتلة والطاقة والميكانيك وغيرها من العلوم، ولكن أكثر ما ركزت عليه هو العلاقة بين الزمن والمكان وفصلهما كأبعاد مختلفة، بعد أن كان يتم التعامل معهما كبعد واحد، مما أحدث ثورة في عالم الفيزياء التطبيقية وباقي العلوم.
وأنا في هذا المحضر أود إسقاط نفس الأفكار المتعلقة بالنسبية وفصل الأبعاد خصوصاً الزمان والمكان على العلوم الإنسانية وبالتالي الإدارية ومن ثم السياسية والاقتصادية إذا جاز التعبير، حيث إننا نقرر بالإطلاق على سبيل المثال أن شيئا ما جميل أو للتخصيص أن شخصا ما جميل، ذلك مع تثبيت الشيء مجازا وتثبيت الزمان، وعندها يكون القرار صحيحا نافذاً في تلك اللحظة، ومع تغير بعد الزمن تتغير المعطيات مما يقود إلى ضرورة اتخاذ القرار من جديد، وهذا يضعنا أمام تحد جديد حيث إنه يتوجب علينا أن نقوم بقرارات متعددة متجددة باستمرار نظراً للمتغيرات، وتلك القرارات قد تشمل العمل الذي اخترته أو الشريك الذي تعمل معه وكل قرار اتخذته بناء على قناعات النظرية النسبية والتي تأخذ تغير الزمن كبعد رابع في قياس الأثر.
وهذا يجعل الحياة أكثر تعقيدا مما هي عليه أصلا من التعقيد، وهنا أميل إلى الاعتقاد أنه يوجد أشياء مطلقة لا تتغير مع الزمن إذا استطعنا فعلا أن نسير بسرعة الزمن، ولتوضيح ذلك دعونا نأخذ مثال أحد الأنظمة الإدارية مثلا، فإنه سيكون صالحا الآن لحظة تنفيذه على المؤسسة ولكن مع مرور أول يوم عليه فإنه سيتقادم بمقدار ذلك اليوم والحل في ذلك هو إما إيقاف الزمن أو التحرك بسرعته أي العمل على تطوير النظام بشكل يومي بحيث يكون جديدا في كل لحظة، أما الجمال بكل أشكاله فهو متغير لاسيما إذا تحدثنا عن الإنسان، فكيف لنا أن نجعل من الجمال شيئا مطلقا حيث إننا لا نستطيع إيقاف الزمن في هذه الحالة ولا السير بسرعته، وعند التفكير مليا في ذلك وجدت أن الجمال يمكن أن يكون مطلقاً عندما نتجاوز الأبعاد الفيزيائية وننظر إلى ما وراء المظهر ونكتشف الروح داخل الجسد والتي تسير فعلياً بسرعة الزمن وتتحدث باستمرار فتبقى دائما جديدة مثل النظام الذي تحدثنا عنه سابقا. إن رشة من الماء لن تؤذي وجه أحدهم كما أن رشة من التراب لن تفعل ذلك أيضاً، ولكن إذا مزجنا التراب في الماء وجففناها بأشعة الشمس فإنها ستقتل من يقذف بها، وكذلك هي أفكارنا والأشياء من حولنا تبقى دون تأثير حتى يأتي أحدهم ويحرك عقولنا، لذا فلنبقي بعض الأشياء على حالها ولنحذر مما نتعلمه لاحقا والنصيحة خلف هذا المقال هي أنه إذا أردنا أن تكون قراراتنا متوازنة وفعالة فعلينا أن نحدث مهاراتنا ومعلوماتنا وقراراتنا باستمرار، وإلى لقاء هذه تحية.