اتفاق جديد لمصر مع الصندوق

بإعلان وزير المالية المصري محمد معيط سعي الحكومة إلى الحصول على حزمة تمويلية جديدة من صندوق النقد الدولي، معربا عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع الصندوق في مارس القادم، يظل السؤال لماذا تغير الموقف المصري؟ فقد كان الحديث من قبل من خلال وزير المالية أو محافظ البنك المركزي، يشير إلى أن مصر ليست بحاجة لبرنامج جديد مع صندوق النقد الدولي، وكل المطلوب هو الحصول على المعونة الفنية من الصندوق في بعض الأمور التي ليس لمصر خبرة كافية بها. ويمكن تفسير هذا التحول في ضوء ما أعلنته وكالة بلومبرج عن تراجع شراء السندات المصرية والأسهم المصرية منذ مظاهرات العشرين من سبتمبر الماضي، وقيام بعض المؤسسات الأجنبية ببيع جانب من مشترياتها من أذون الخزانة المصرية، مما يعني صعوبة طرح سندات جديدة في الأسواق الدولية، كما كان يخطط وزير المالية. بطرح سندات دولارية بما يتراوح بين 3 إلى 7 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام القادم، أو الاضطرار إلى رفع نسبة الفائدة عليها لمقابلة المخاطر السياسية التي زادت وتيرتها بعد مظاهرات العشرين من سبتمبر، مما يزيد من أعباء فوائد القروض بالموازنة، الضخمة أصلا والتي تشكل البند الأكبر بمصروفات الموازنة المصرية حيث تتخطى النصف مليار جنيه. وهكذا يحتاج النظام المصري إلى تمويل جديد من الصندوق، وشهادة أيضا منه يمكن بمقتضاها الاقتراض من الأسواق الدولية. ولكن هل نجح برنامج الصندوق الحالي؟ الصندوق نفسه يقر بأن ثمار الإصلاح الاقتصادي لم تصل إلى عموم المصريين بل ازدادت معاناتهم جراء تطبيق بنوده. حيث زاد عدد الفقراء إلى 32.5% من السكان، وزاد الدين الخارجي من 60.2 مليار دولار في سبتمبر 2016 أي قبل الاتفاق مع الصندوق، إلى 109 مليارات دولار في شهر يونيو الماضي. كما زاد الدين العام المحلي من 2.8 تريليون جنيه في سبتمبر 2016 قبيل الاتفاق مع الصندوق، إلى 4.2 تريليون جنيه، وعدم تحقق تحرير سعر الصرف حسب الاتفاق مع الصندوق، وتدخل البنك المركزي لكبت سعر الصرف منذ يناير من العام الحالي وحتى الآن. ولم تحدث الطفرة في الصادرات التي روج لها المسؤولون، فحتى شهر أغسطس الماضي انخفضت قيمة الصادرات السلعية عن نفس الشهر بالعام الماضي. كذلك لم يحدث التراجع في قيمة الواردات كما بشر أنصار الاتفاق مع الصندوق، وبالتالي لم ينخفض العجز في الميزان التجاري، والذي ارتفع إلى 38 مليار دولار بالمالي الأخير. ونقص الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 23.5% بالمقارنة للعام المالي السابق للعام الثاني على التوالي، وزاد العجز بميزان المعاملات الجارية إلى أكثر من 8 مليارات دولار.  ومن هنا فإن أي وعود خلال عملية التمهيد للاتفاق الجديد مع الصندوق، لن تجد الآذان الصاغية بنفس الدرجة التي كانت موجودة عند الاتفاق السابق، بعد أن اكتوى المصريون بنار إجراءات الاتفاق مع الصندوق عمليا.