اللاعب الموهوب ليس عاملاً بالأجر اليومي، نعطيه حقه اثناء العمل او حتى قبل أن يجف عرقه ثم نَخلُد للنوم.. إنه مشروع بطل متميز في ميدانه، ويحتاج الى اعداد معنوي ونفسي قبل اعداده البدني والمهاري..و في الاطار العام هو بحاجة الى رعاية كاملة ومناخ صحي يسبق خوضه النزالات المهمة مع منافسيه.. لكن مؤسسات رياضية عربية لا تفهم في هذا الكلام، فنراها تُقصِّر في جوانب الرعاية والاعداد قبل البطولات، بل إنَّ بعضها يتفرج على معاناة اللاعبين ويقلب لهم ظهر المجن..فإذا حقق لاعب انجازا تسابقت جهات عديدة على تكريمه..والغناء له.. وهنا اروي حكاية ناشئ كرة الطاولة اليمني ابراهيم جبران الذي عاد من العاصمة الأردنية مؤخرا بطلا للعرب في هذه الرياضة ليتسابق مسئولون يمنيون على تكريمه، وتدبيج القصائد النثرية في جمال موهبته، وروعة مستواه، واستحقاقه أن يكون بطل العرب على مستوى جميع الفئات العمرية لهذه الرياضة.. رَكِب الجميع موجة الفوز، وظهر آباء الانتصار من تحت كل حجر، ومن وراء كل أكمة.. هذا يهنئ..وهذا يصرف،وهذا يسعى لأن يُشكر ويُحمَد بما لم يفعل.. ومع الاحترام للحكمة الأجنبية (أن تأتي متأخِّرًا خيرٌ من أن لاتأتي) أميل الى فكرة انتقاد ظاهرة اهمال المواهب والنجوم، ثم التسابق على تكريمهم المادي او المعنوي.. وفي اليمن نؤكد في تراثنا الشعبي على عدم اهمال الحصان دائما ثم الاهتمام به ورعايته وهو اسفل الجبل يتهيأ للصعود وصاحبه على ظهره.. ثم إن اللاعب ليس (دولفين) في مسبح استعراضي يحصل على سمكة صغيرة من مدربه كلما قدم حركة داخل الماء تنتزع تصفيق المتابعين.. البطل الناشئ ابراهيم جبران الذي اهدى اليمن ذهبية العرب سافر الى عمّان بمفرده.. لا إداري.. ولا مدرب في مرافقته.. وإنجازه كان فقط حصاد احترافه في نادي قطر القطري.. ونجوميته في البطولات الأخيرة هي حصاد جهود اخوه المدرب فهد جبران الذي اشرف على اعداده منذ نعومة الاظفار ولم يبخل في الثناء على مسؤولين يمنيين من باب الدبلوماسية والذكاء الاجتماعي، فهل أمامي من سبيل لأركب موجة التغاضي والادعاء الأجوف من قِبل كل من يستحق عقوبة اهمال مرشح للذهب كان يمكن ان يتعرض في رحلة البحث عن الذهب لطارئ يحجب عنه الانجاز مكرها، وهو البطل..! ونفس الشيئ حدث مع العداء اليمني في مسافة 800 متر عبدالله اليعري الذي سافر من مدينة ذمار شرق اليمن الى نيروبي للمشاركة في بطولة العالم بكينيا ولم يصل إلا بَعد رحلة مضنية استغرقت 48 ساعة، ودخل مباشرة السباقات محققا افضل نتيجة يمنية، مايعطي اشارة مؤكدة بأنه كان بالإمكان احسن مما كان لولا رحلة المعاناة.. وعلى نفس المنهج وجدنا من يركبون الموجة خارج التوقيت فيقومون بالثناء عليه وتكريمه، ودونما أي اعتراف بالتقصير أو وعود بتلافي هذه العيوب مستقبلا، كأدنى تعبير عن الشعور بالذنب.. صحيح أن البطل الذي يحرز نتيجة مشرفة يشعر بالزهو عندما يتم تكريمه على انجاز، كما ان غيره يشعرون بالتحفيز ولكن..لا بد انه سيتألم لإعداده المتواضع أو إهماله قبل المشاركة، وسيتخيل كيف سيكون حاله افضل ونتائجه أقوى لو لم يصاحب استعداده مناخ موات يراهن فقط على الجهد الخاص او التوفيق خارج معايير الاعداد العلمي السليم. البطولة أيها السادة هي حصاد مجموعة أفعال إدارية ورياضية مؤهلة تسبق خوض المنافسات وتتزامن معها في الطريق إلى تكريم البطل، وليست الفرجة على رياضيين يعانون ثم خوض مباريات الادعاء والتطبيل.. والتحويل النقدي الانفعالي غير المدروس..!