علامات تجارية من المحلية إلى العالمية

في الفترة الصباحية وأنا أنعش ذاكرتي وأكتسب شيئا من النشاط والحيوية بفنجان من القهوة السوداء في مقهى الـ (ستار بوكس) المعروف، فرع (سيتي القرم) - من بين فروع متعددة تمتد على طول وعرض العاصمة مسقط ومئات العواصم والمدن في أنحاء العالم، وتحتل الرقم (1) كأعلى (علامة تجارية وقيمة سوقية في 2019م، لتصل إلى أكثر من 39 مليار دولار مقابل 32 مليار دولار في 2018) في مجالها - اصطف الكثيرون أمام الموظف المختص لتسجيل طلباتهم ودفع مستحقاتها، أصدقاء، أفراد أسرة، كتاب، رجال ونساء، شيوخ وأطفال، بعضهم يحمل كتابا، والبعض أجهزة كمبيوتر محمولة وخرائط، وآخرون جاءوا تقديسا وعشقا للقهوة وخاصة قهوة الـ (ستار بوكس). المشهد طرح عليَّ ملاحظات وأسئلة عن هذه العلامات التجارية التي انطلق نشاطها بمحل صغير في مكان ما من العالم، وأخذت بعد ذلك صفة التوسع والتمدد لتتحول إلى إمبراطورية تجارية تكتسح مدن العالم وتستحوذ على نسبة من المستهلكين والمدمنين على ما تقدمه من أطعمة وأشربة وسلع وخدمات لتصبح ثقافة عالمية تقدم أمة وبلدا وذائقة واسما تجاريا تسوق لها، محدثة نشاطا اقتصاديا يشرح بصدق مفاهيم وقيم (العولمة)، وتؤكد على أن قوة الدول وهيمنتها ونفوذها يخدم اقتصادها ويعزز نموه، كيف تنجح هذه الأنشطة بهذا المستوى المبهر، وتحقق الأرباح العالية وتستقطب الأمم في سلسلة محلاتها؟ ولماذا ترتبط هذه الماركات فقط بالاقتصاديات العملاقة والبلدان القوية، وتأخذ علاماتها التجارية المهيمنة على الأسواق مصطلح (الاستعمار الثقافي الجديد)؟ ولماذا لا نرى ماركات عالمية تنتمي إلى البلدان العربية؟ وإن وجدت فظهورها متواضع وتقبع في ذيل القائمة ونهاياتها؟. ومع إدراكنا لحقيقة العالم العربي وما يعيشه من ضعف وتشرذم وانشغالات خجولة بعيدة عن المنافسة في حقول المعرفة والاقتصاد واللحاق بالركب الحضاري، فإننا لا نطمح بأن تكون له علامات تجارية تنافس في مجال التكنولوجيا والصناعات العملاقة وتقنية المعلومات والتجارة الإلكترونية... ولكن لماذا تحرم القهوة العربية وأطعمة مثل المنسف والكبسة والكسكسي من أن يكون لها حضور عالمي على غرار الستار بكس وأوريجين كوفي والماكدونالدز والتيم هورتونز والباستا والبيتزا على سبيل المثال لا الحصر؟. صحيح أن الكثير من الأطعمة العربية وصلت وانتشرت على مستوى العالم لكن لا تزال بعيدة كل البعد عن كونها تحمل علامة تجارية معروفة وثقافة جاذبة تعرف بالعرب وتسوق لهم، مثل الباستا والبيتزا والماكدونالدز على سبيل المثال. تعرف العلامة التجارية على أنها (إشارة تميز سلعا أو خدمات شركة عن سلع أو خدمات سائر الشركات. وتحمى العلامات التجارية بقوانين الملكية الفكرية). هذا وقد (تصدرت شركة أمازون عملاق التجارة الإلكترونية الأمريكية قائمة مؤسسة براند فاينانس لأغلى خمسمائة علامة تجارية في العالم)، وذلك بقيمة (سوقية بلغت 188 مليار دولار بارتفاع سنوي بلغ 25% في حين حلت شركة أبل في المرتبة الثانية بقيمة وصلت 154 مليارا بزيادة سنوية قدرها 5%)، فيما حافظت مجموعة بنك قطر الوطني على (لقب العلامة التجارية المصرفية الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لعام 2018م)، حيث ارتفعت قيمتها إلى أكثر من خمسة مليارات دولار محققة نموا قدره (19%).