مع استكثار الغرب لاستضافة بلد عربي للمونديال، بدأت الحروب الإعلامية التي تشكك في القدرات القطرية، ووصل الأمر حد التأكيد على أن البطولة لن تقام في موعدها وأنها ستنتقل إلى بلد آخر، لكن القطريين تسلحوا بالإرادة والثقة بالنفس والتوكل على الله، وواصلوا العمل ليل نهار حتى انتهوا وأعلنوا جاهزيتهم قبل عام من الموعد المحدد للتنظيم، وهذا الأمر لم يغير آراء الكارهين لكل ما هو عربي، وقبل الافتتاح أثاروا العديد من المشكلات من تلك التي يعرفون سلفا أنها ستجد معارضة من العرب ولن تقبل بها قطر من نوعية حرية شرب الخمور في المدرجات وحرية المثليين في ممارسة شذوذهم في أي مكان، لكن قطر رفضت بشكل قاطع كل المظاهر التي تتعارض مع القيم الدينية والعادات العربية، وأصرت على موقفها حتى عندما أبلغها الفيفا بأنه تعاقد مع شركة للخمور، أعلنت استعدادها لتحمل قيمة الشرط الجزائي لفسخ العقد وهو ما كان، ثم كان إصرارها الرافض لكل مظاهر وتواجد المثليين، وهو الأمر الذي وجد فيه الغرب فرصتهم لشن هجومهم على قطر بدعوى أنها بلد يكبل الحرية الشخصية، وكأن الفسق والفجور الذي ترفضه كل الأديان السماوية بات حرية شخصية، ولم يحترموا هم عادات وتقاليد بلد ومجتمع يرفض هذا السلوك المشين، ومن عجب أنهم إذا ما قرروا شيئا تنظيميا في بلدانهم فإنهم يرفضون أي خروج عليه ويطالبون الجميع بالانصياع للضوابط التي تقرها البلد المنظم لأي حدث، ويمنحون أنفسهم الحق في التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، بدعوى الانتصار للحريات وهم أبعد ما يكونون عن ذلك، بل يمكن وصفهم بالانتقائيين، فها هم الآن يناصرون أوكرانيا ضد روسيا ويدعمونها بالمال والسلاح والإعلام، فيما يغطون في نوم عميق عندما يتعلق الأمر بفلسطين أو شعوب العالم الثالث، الذين عانوا منهم سنين طوالا بفعل احتلالهم ونهب خيراتهم، وهكذا فضح المونديال العربي ازدواجية معايير الغرب، فلم يشيدوا بالافتتاح المبهر الذي حمل رسالة الأديان السماوية التي انطلقت كلها من بلاد العرب وآخرها الإسلام إلى العالم، تلك الرسالة التي تقوم على السلام والتعارف والتعاون بين البشر، وتقبُّل الآخر ونبذ التعصب، وركزوا على دعم المثليين، وبعد أن سعدنا بالافتتاح الذي حضره عدد من قادة العرب يتقدمهم الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الجزائري تبون وولي عهد السعودية محمد بن سلمان، الذين هنأوا حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على روعة التنظيم، وبعد أن متعنا وأسعدنا المنتخب السعودي بالفوز الكبير على الأرجنتين وحلق الأخضر في سماء المجد، وتبعه المنتخب التونسي الذي حقق تعادلا بطعم الفوز أمام الدانمارك، وبعد النسور جاء أسود الأطلس المنتخب المغربي وأسعدونا بتعادل مع وصيف النسخة الماضية كرواتيا بعد عرض قوي، يبنى عليه في المواعيد المقبلة، ويعزز حظوظ العرب في بلوغ فرقهم أو نصفها الدور الثاني، جاء المنتخب الألماني ليحمل لواء الدفاع عن المثليين، وأقحموا السياسة في الرياضة عند التقاط الصور التذكارية قبل انطلاق المباراة بوضع أيديهم على أفواههم في إشارة إلى تكميم الحريات الشخصية للمثليين، فاستفزوا العرب الذين استنكروا فعلتهم، وشجعوا الساموراي الياباني الذي نجح في تلقين الماكينات الألمانية درسا قاسيا في فنون كرة القدم وحول الكمبيوتر تأخره بهدف إلى فوز بهدفين بعدما عطل الماكينات، فاستحق تحية العرب الذين ساندوه وفرحوا بانتصاره وصفعه لنصير المثلية.