اعتماد الوسائل التقنية التي تعرف المؤسسات المالية على عملائها هو الشغل الشاغل للجهات الرقابية اليوم، لأن في ذلك تقليلا للكلفة التي تتكبدها تلك المؤسسات جراء اضطراب عملياتها، وتراجع الائتمان المقدم من قبلها، وتزايد ديونها المتعثرة، وبالتالي انخفاض تصنيفاتها الائتمانية، وما يؤديه ذلك من ارتباك في النشاط الاقتصادي ككل. وهنا يعتبر مشروع الربط الإلكتروني لتبادل المعلومات الائتمانية بين المؤسسات المالية الخليجية، من بين الحلول لمواجهة تلك المشاكل التي يتعرض لها القطاع المالي الخليجي، والناجمة في غالبيتها عن مخاطر سوء الائتمان بسبب قلة المعلومات عن العملاء، وتوقف بعضهم عن السداد، الى جانب تراجع قيم الضمانات المقدمة، وتدني السيولة، مع تراجع الايداعات الحكومية بسبب انخفاض أسعار النفط، وعدم قدرة المؤسسات المالية على بيع الأصول بسهولة، مما يزيد تكاليف التمويل على المستثمرين ورجال الاعمال والأفراد، ويقلل إنفاق المستهلكين، ليصبح تداول المعلومات الائتمانية عندها ليس حاجة للمؤسسات المالية فقط، وإنما ضرورة للحكومات والبنوك المركزية، لتقليص المخاطرة في منح القروض والتسهيلات المصرفية، ولتقييم ملاءة وكفاءة العملاء أفرادا ومؤسسات ومستثمرين، ولجعل إدارة الاقتصاد أقرب إلى المعلومات منها إلى المعايير غير الشفافة. بهذه الكيفية يساهم هذا الربط ومن خلال قاعدة البيانات المشتركة بتحصين وعقلنة القرار الائتماني، والحد من فرص اختراق النظام المالي بمنعه ازدواجية التمويل، ويسمح بتكريس المزيد من الوقت والجهد لوضع الخطط والبرامج لتوجيه الخدمات والمنتجات المناسبة لشرائح العملاء بحسب احتياجاتهم ومتطلباتهم، مما يحفز الاقتصاد وقطاعاته، ويحسن أداء القطاع المالي، ويجنب تعرض العملاء لحالات عدم القدرة على سداد التزاماتهم، أوالاضطرار لتقديم ضمانات كبيرة للحصول عليها، أو الوقوع تحت هيمنة مرض الائتمان نفسه. والربط يعزز - إن استخدم بشكل جيد - الثقة المتبادلة بين المؤسسات المالية وعملائها من خلال التعرف على تاريخهم الائتماني شركات وأفرادا، ويسرع في قرارات منح الإقراض والتمويل، ويحد من الديون غير العاملة، ويؤدي لايجاد معايير مشتركة للعميل المالي الجيد، وهو ما سيكون إضافة نوعية للجدارة الائتمانية للعملاء على المستوى الخليجي خصوصا مع توحيد شروط منح التسهيلات/ القروض المصرفية، فتقل متطلبات تقديم الضمانات، وتتضاعف فرص الإقراض لقطاعات الأفراد والتجزئة والشركات الصغيرة والمتوسطة والمستثمرين، وترتفع فعالية الاداء التمويلي. على المعنيين بهذا الربط توقع مواجهة عوائق تتمثل بعدم رغبة العملاء كشف المعلومات الخاصة بهم، وتجنب الهياكل التنظيمية المعقدة والمجزأة التي تقلل الاستفادة منه، ما يتطلب قيام البنوك المركزية بدور أساسي على صعيد الترتيبات الخاصة به، فهي لا تملك الخبرة في تقييم المخاطر الائتمانية فحسب، بل لديها المصلحة لاتخاذ الاجراءات السريعة للتقليل من تراكم المخاطر، وزيادة التنسيق مع السياسة النقدية، للحد من الشروط المؤثرة على طلب الائتمان وعرضه، ومن المهم تحديد ومحاصرة تلك المخاطر مبكرا لاتخاذ الإجراءات الملائمة لمواجهتها في الوقت الصحيح.