صديقي الذكي

إن الذكاء مصطلح  اجتماعي يشمل ويتضمن القدرات العقلية المتعلقة بكفاءة التحليل، والتخطيط، وحل المشاكل، وبناء الاستنتاجات، وسرعة التصرف، كما يشمل القدرة على التفكير المجرد، أي بمعزل عن العاطفة الشخصية ، أيضاً  جمع وتنسيق الأفكار، والتقاط اللغات، وسرعة التعلم، كما يتضمن أيضا القدرة على الإحساس وإبداء المشاعر وفهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها والتأثير عليها. إننا نلتقي وبشكل متكرر أشخاصا جددا في حياتنا مما يؤدي إلى تراكمات الخبرات لدينا مع مرور السنين ويطور قدراتنا على الحكم على الآخرين، طبعاً بشكل نسبي، فنحن نحكم على الآخرين انطلاقاً من مكاننا و معارفنا الشخصية، كما  تشير دراسات علم النفس أننا نميل إلى الاعتقاد بأن كل شخص يرى في نفسه الذكاء والتوازن وأنه على صواب، طبعا في معظم الأحيان، وطبعا مع تطور الخبرات تزيد هذه الحالة من الشعور بالتميز لدرجة أنه يصل الشخص إلى عدم رؤية ميزات الآخرين، وحيث إن مهارة تقييم ذكاء الآخرين تعتبر من أهم المهارات الإدارية والتفاوضية المتقدمة. وفي مسيرة اللقاءات المتعددة مع النخبة وبحكم طبيعة العمل فلقد أتيحت لي الفرصة بأن ألتقي بأحد أشد الناس ذكاءً حسب معايير الذكاء سالفة الذكر بحيث إنني أعتقد أنه يمكن اتخاذه معيارا للقياس في كيفية التقييم وتطوير مهارات الكشف عن قدرات الأفراد، وهنا أشير أن الفرد إذا امتلك شيئاً فوق العادة أصبح حقاً يشارك الأمة بما ملك، إشارةً إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "يسأل المرء عن علمه فيما فعل فيه". وليكن المعيار الأساسي للكشف والتقييم والذي اتفق عليه هو القدرة التزامنية على الاستيعاب و التخطيط والاستنتاج وتقدير العواقب وسرعة الاستجابة النسبية مع الحفاظ على الحالة الاجتماعية والاستقرار السلوكي باستخدام الحد الأمثل للموارد المعلوماتية لتحقيق الأهداف المتحركة والمتغيرة في ظل المحافظة على منظومة القيم والأخلاق العامة . ببساطة يمكن أن يكون هذا المزيج هو الذكاء المتنوع والذي يستخدم في إدارة الفروق الفردية (differentiation management)  والتي تهدف إلى إيجاد معايير محددة للقدرات الفردية والذكاء المتنوع وبعدها فرز وتصنيف الأشخاص بناء على قدراتهم وتنوعها وبالتالي يتم تشغيلهم بما يتناسب مع قدراتهم، محققين بذلك مبدأ كفائة التشغيل المتماشية مع قدرات الأشخاص لتحقيق أفضل النتائج، وهذا ما وجد في صديقنا الذكي . وعودة إلى موضوع مكونات الذكاء فمن الجدير بالذكر هنا أن علماء النفس في معظم الدراسات لم يركزوا  على قوة الذاكرة كمكون أساسي للذكاء بما يعيد للأذهان السؤال الكبير، هل أن نتائج الاختبارات الدراسية هي مقياس للذكاء أم لا؟ وهل يعتمد على هذه النتائج في عمليات إعادة التوجيه الدراسي التخصصي و العملي والعملي؟، و الإجابة هي أنه يمكن اعتبار الذاكرة القوية أحد معايير التحصيل العلمي ولكن لا يعتد بها بشكل أساسي كمعيار للذكاء للوظائف المعقدة والتي تتطلب قدرا عاليا من الذكاء كما عرفناه سابقا. إن دراسة الفروق الفردية موضوع في غاية الأهمية انطلاقا من المراحل الدراسية الأولى وصولا إلى الموظفين العاملين في كل القطاعات، حيث إن التعرف من قبل الإدارة على الفروق الفردية والمميزات لدى الموظفين يعزز فرصة كفاءة توزيع المهام ويضمن الحد الأقصى من جودة الإنتاج .