الذكاء الاصطناعي ومستقبل الوظائف

تذهب إلى الطبيب وتشرح له حالتك الصحية وذلك من خلال أسئلة محددة يسألها الطبيب فإما أن يصف لك الدواء وإما أن يطلب منك تحاليل إضافية حتى يتأكد من نوع العلاج، هذا هو الطبيب من أكثر المهن التي تحتاج إلى الجهد البشري من مرحلة الدراسة إلى التطبيق، أصبحت هذه المهنة والكثير الكثير من المهن معرضة للأتمتة بحكم تطور الذكاء الاصطناعي، فيمكن للحاسوب المتطور أن يذهب إلى آلاف المراجع الطبية المدرجة في محركات البحث ويأتي بخلاصة الخلاصة لأي سؤال طبي أو تشخيص مرضي تسأل عنه، ناهيك عن العمل في مجال الاستشارات القانونية وإعداد العقود والقدرة على التعامل مع كل قوانين العالم كونه موصولا على الشبكة العنكبوتية. مهنة الصيدلة كذلك وصرف الأدوية، حيث من الممكن الاستعاضة عنها بالذكاء الاصطناعي القادر على قراءة الوصفات وصرف الأدوية آليا، الرسم المعماري والتصاميم الداخلية والذي يعتمد على معايير شبه ثابتة من حيث المساحة وطبيعة المكان والميزانية، وبالتالي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم مئات الحلول والتصاميم. الشاهد من القول أنه يبدو من المؤكد أن الكثير الكثير من الوظائف ستنتهي قريبا مع تطور التكنولوجيا المترافق مع الذكاء الاصطناعي والذي سوف تنخفض تكلفتهما بشكل كبير جدا خلال العقد الحالي مما سيخلف مشاكل كبيرة متعلقة بالبطالة والتشغيل، ونوعية التخصصات المستقبلية للدارسين وأيضاً التحدي الكبير بين الإنسان ومهاراته وبين الآلة وذكائها المبتكر السريع، لذا لابد من التفكير من الآن في منهجية مستقبل التعليم الجامعي وفِي طريقة لإدارة الموارد البشرية والتي لابد من دمجها في العملية الإنتاجية الشمولية للدولة. وللإجابة عن هذا التساؤل دعونا نأخذ مثالا حيا لسيطرة التكنولوجيا على أحد أهم قطاعات الحياة في الولايات المتحدة الأمريكية وهو القطاع الزراعي، حيث يعتبر عدد العاملين في القطاع الزراعي هناك رقما قليلا جدا لا يتجاوز الـ 3٪؜ من السكان بالمقارنة بالإنتاج الكبير جدا من المحاصيل الزراعية والتي تنتجها الولايات المتحدة، الأمر الذي يؤكد سُرعة حدوث السيطرة التكنولوجية على حساب الإنسان، مما يضعنا جميعا أمام استحقاق حقيقي يتطلب اتخاذ قرارات تضمن الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي والاستخدام الأكفأ للموارد البشرية، وإلى ذلك الحين هذه تحية وإلى لقاء.