الأمر بالأداء.. إجراء فعال في التقاضي

من المعتاد عليه في إجراءات التقاضي أمام المحاكم أن الشخص إذا أراد مطالبة شخص بسداد مديونية حالة الميعاد يلزمه رفع دعوى وفق الإجراءات المطلوبة قانونا، من خلال إيداع صحيفة دعواه بقلم كتاب المحكمة أو عبر البوابة الإلكترونية للمحاكم مشفوعة بالمستندات المثبتة لحقه، ثم يتم إعلان الخصم بالدعوى قانونا وإدراجها بجلسة محددة التاريخ من أجل تداولها أمام هيئة قضائية مشكلة وفق القانون، لكن استثناء لهذه القاعدة خول المشرع في بعض الحالات تقديم مطالبة مالية في مواجهة الخصم وفق إجراء أكثر مرونة من الدعوى التي قد تطول فترة البت فيها، هذا الإجراء الذي قد يحصل بواسطته الشخص على الحق الذي يطالب به خلال فترة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أيام، يسمى "الأمر بالأداء".     يعتبر الأمر بالأداء إجراء استثنائيا يفصل في النزاع في فترة زمنية قياسية، ويختلف عن الأوامر على عريضة والطلبات المستعجلة، فالأمر بالأداء نصت على أحكامه المواد من 147 إلى 154 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ويسمح اتخاذ هذا الإجراء في أحوال معينة فقط، وإذا اجتمعت شروط محددة وهي أن يكون الدين المطالب به ثابتا بورقة مكتوبة سواء رسمية أو عرفية أو بواسطة ورقة تجارية مثل الشيك أو الكمبيالة، وينصرف معنى الدين الثابت إلى كل دين غير متنازع فيه، بمعنى لا يكفي فقط أن يكون طالب الأمر بالأداء يحوز ورقة تثبت المديونية يل يجب ألا تكون تلك المديونية محل منازعة، مثل الشيك مثلا، الذي يكفي فقط وجوده للقول بأن الدين ثابت، بل يلزم أن يكون الطرف الآخر لا ينازع الدائن في التكييف القانوني للشيك إن كان شيك ضمان أو قابلا للسداد الفوري.     ويشترط أيضا لتقديم الأمر بالأداء أن يكون الدين حالا، وليس مؤجلا لتاريخ لم يحل أوانه بعد، أو أن الدين عبارة عن أقساط دورية حل ميعاد بعضها وبعضها الآخر لم يصل موعد سداده، كما يقصد بالدين الحال ألا يكون مبلغ المديونية قد طاله أمد التقادم، ففي هذه الوضعية يلزم تقديم دعوى موضوعية وليس أمرا بالأداء. كما يشترط أيضا لتقديم الامر بالأداء أن يكون الدين معينا، بمعنى أن يكون مبلغ المطالبة رقما محددا من المال، وليس مثلا نسبة مئوية أو أموال أخرى غير نقدية مثل المنقولات أو العقارات، كما يجب أن يكون مبلغ المطالبة معينا بالعملة القطرية وليس عملة أجنبية متنازع بشأن مقابلها بالتحديد بالعملة النقدية القطرية.     فإذا استوفى صاحب المديونية الشروط المذكورة أعلاه جاز له تقديم طلب الأمر بالأداء بواسطة عريضة يقدمها هو أو وكيله القانوني إلى قاضي المحكمة المدنية المختصة، ويرفقها لزوما بأصل سند الدين وليس مجرد صورة، وذلك بعد توجيه إخطار إلى المدين بتكليفه بوفاء قيمة المديونية خلال مدة لا تقل عن خمسة أيام من تاريخ تقديم طلب الأمر بالأداء.     وعقب تقديم الطلب، وإذا رأى القاضي المختص أن الطلب مستوفي الشروط الشكلية والموضوعية اللازمة أصدر أمره في مواجهة المدين بالاداء خلال مدة لا تزيد عن ثلاثة أيام من تاريخ تقديم الطلب، ويحكم له بأصل الدين وملحقاته وجميع المصاريف ويكون الأمر مشمولا بالنفاذ المعجل، ويجوز للمدين المعلن بالأمر بالأداء أن يتظلم منه خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان، ويتم البت في التظلم وفق الإجراءات العادية لدعاوي الموضوع.     أما إذا امتنع القاضي المختص عن إصدار الأمر بالأداء لعدم استكمال الطلب للشروط اللازمة، كان عليه أن يحيل النزاع إلى محكمة الموضوع ويحدد جلسة لنظر الدعوى وفق الإجراءات العادية.