التَّأهُّل والمغادرة.. ما بين السُّطور..!

بعيدًا عن حسابات الفوز والهزيمة، ومن تأهل ومن سقط من قاع كأس العرب؟ سأتوقف أمام مكسب لم يلتفت إليه كثيرون رغم أنه لا يقل أهمية عن ميداليات بطولة ننتظر إثارتها في ديسمبر المقبل بكل الشوق..  المكسب هو هذه النافذة المعرفية التي مكَّنَتنا من الإطلالة العميقة على دول عربية شقيقة لم تعترك معها منتخباتنا العربية الآسيوية كرويا لنكتشف وقوعنا في حفرة جهل، ليأتي الحل بالنسخة العاشرة من كأس العرب قطر فيفا 2021.. ومما فاجأني به أكثر من شخص أنه كان يعتقد أن جزر القمر تقع في القارة الآسيوية، وأنها دولة إسلامية ليس لها مقعد في الجامعة العربية.. ما جعلني أردد: سبحان الله.. مباراة كروية واحدة في كأس العرب أضافت إلى مواطنين عرب ما لم تفلح فيه الجامعة العربية.. وحتى مقدمي البرامج الرياضية وأستديوهات التحليل استعادوا جانبًا من أيام الدراسة وذاكروا تفاصيل بلدان شقيقة مثل موريتانيا والصومال وجزر القمر.. جغرافيا وسكانا وتاريخا وموقعا على كرة الأرض، وكرة القدم.. وأمام حال هذه بعض ملامحه وجدت نفسي غير مهتم بمن تأهل ومن سقط دون إغفال التعبير عن الحزن مرَّتين..  مرَّة على منتخب بلدي الذي عاد إلى اليمن من التصفيات المزدوجة ومن ملحق كأس العرب بسلسلة هزائم لم يفلح فيها ولو بتسجيل نقطة يتيمة أو حتى هدف شارد..! ومرَّة على الأزرق الكويتي الذي سقط أمام البحرين بهدفين صريحين دون أي رد، ليسقط من كأس العرب وهو لا يزال في البوابة الخارجية..  ملحقات كأس العرب التي أقيمت في قطر زادت معارفنا الكروية العربية الإفريقية التي ظلت محصورة في الكرة المغربية والتونسية والجزائرية وقبلها المصرية، ووقفنا وجها لوجه أمام محاولات ليبية لتجاوز مأساة الحرب، وعراقة سودانية تضيف كرتها حيوية مميزة إلى مدرجات البلد المستضيف، وتطورات موريتانية على صعيد الكرة الإفريقية.. فضلا عن اكتشاف أنه لا يزال في جزر القمر لاعبون يمثلون منتخب بلادهم وليسوا مسجلين أصلا في أندية محلية أو خارجية، إلى جانب الوقوف احتراما لموقع الكرة السورية على خارطة الفيفا رغم الحرب الدامية، وتجاوز الطموح الفدائي الفلسطيني لواقع كرة قدم تعاني تحت احتلال بغيض لكنها خطفت الأنظار في عاصمة الرياضة العالمية..  وتبقى النجاحات كُلا لا يتجزأ في بلدان الإرادة والإدارة.. فالبلد الذي سيستضيف المونديال القادم قطر 2022 نجح في تنظيم حوالي 500 بطولة مختلفة خلال سنين معدودة، وجهَّز ملاعب المونديال قبل فترة قياسية على الانطلاقة.. ورافق كل ذلك اهتمام بأدق التفاصيل.. ولا استثناء لهدف التغلب على درجة الحرارة الحرَّاقة بتأمين تكييف الملاعب، وحتى تأمين البيئة الخالية من التلوث.. وعلى العكس تخصصت مؤسسات رياضية وكروية عربية في إتلاف الأعصاب، وتحويل مشجعي بعض المنتخبات إلى ضحايا، وهو ما لخصه المعلق الرياضي الزميل محمد السعدي بالقول.. (انقهر المغتربون اليمنيون في منطقة الخليج على منتخب بلادهم ولم ينقهروا منه.. إنهم مساكين الله في الأرض.. وإن اللاعب منهم يدخل المباراة مهزوما، تحاصره نظرات الشفقة والسخرية..) وهو ما يجعلني أستكمل حسرته بسؤال.. متى يغادر الاتحاد اليمني لكرة القدم مهمته في إحراق أعصاب الجماهير اليمنية بعد أن جثم على الصدور لعقد ونصف من إنتاج الحسرة،  وتصدير الفشل؟