زبائن الجنات الضرائبية

من يهرب أمواله إلى الجنات الضرائبية؟ ما هو مصدر الـ7.6 ألف مليار دولار المهربة عالميا؟ حصة الأسد تأتي من دول المجموعة الأوروبية ربما بسبب الضرائب المرتفعة على الدخل وثم من آسيا فالولايات المتحدة وغيرها. يعود اهتمام الحكومات بتهريب الأموال كما بالتهرب الضرائبي إلى إمكانية تخفيف الضرائب عن المواطنين العاديين والشركات العادية إذا استطاعت ضبط التهريب المتواصل. لكن التقنيات المعتمدة بالإضافة إلى الفساد العالمي يمنعان دول المصدر من إنهاء التهريب. من يهرب أمواله إلى سويسرا تحديدا؟ أي ما هو مصدر الـ 2.3 ألف مليار دولار المهربة إليها؟ تتوزع بمليارات الدولارات كالتالي: 260 من ألمانيا، 240 من فرنسا، 140 من إيطاليا، 230 من منطقة الشرق الأوسط و80 من الولايات المتحدة. 56.5% من التهريب إلى سويسرا مصدره أوروبي. إن التهريب من إفريقيا لا يأتي إلى سويسرا، بل إلى جنات أخرى ربما برعاية وإشراف سويسري. في النسب من الناتج المحلي، فإن النسبة الأعلى المهربة هي إفريقية المصدر. تقدر الدول المصدرة أن التهرب الضرائبي السنوي هو في حدود 200 مليار دولار أو 1% من مجموع الإيرادات الضرائبية. أين تستثمر هذا الأموال؟ 750 مليار دولار توظف في صناديق لوكسوبورج، 200 مليار دولار في الصناديق الأيرلندية، 500 مليار دولار في الأسهم و600 مليار دولار في السندات. هل يمكن اليوم عمليا القضاء على التهريب المالي أو أقله التخفيف منه؟ هنالك محاولات سابقة عديدة لم تنجح بسبب شح المعلومات وضعف التطبيق وغياب التدقيق. أما اليوم فيمكن اقتراح وضع سجل عالمي للأموال والأصول المالية بحيث يعرف أين هي وكيف تتحرك. السجلات حتى اليوم ما زالت وطنية وليس هنالك تواصل بينها. يجب على الجنات الضرائبية التعاون في إعطاء المعلومات وإلا واجهت عقوبات كتلك المقترحة من قبل مجموعة العشرين، أي وضع حواجز جمركية مرتفعة أمام السلع الآتية منها. هنالك أيضا دعوة عالمية لتغيير طرق وضع الضرائب على الأرباح ونسبها بحيث يخف الدافع للتهريب، بل يصبح أصعب. مثلا فرض ضرائب على أرباح الشركات ليس فقط في الدولة الأم وإنما في كل الدول التي تحقق فيها أرباحا. هنالك قبول باستفادة الشركات من الفارق في الضرائب، لكن دون أن تتجنب الدفع كليا. لا يمكن في الواقع التمييز بين جنة ضرائبية وأخرى، إذ إن معاقبة واحدة أو عددا منها يدفع الأموال المهربة إلى الذهاب إلى أماكن أخرى. هذا يعني أن مواجهة الجنات الضرائبية يجب أن تكون عامة وبدرجات الدقة والسرعة والجدية نفسها. أخيرا ومع «ترامب» تحاول الولايات المتحدة فرض قوانينها المتخصصة على الدول، أي تلك التي لها علاقات معها وتتعامل بالدولار أي أكثرية الدول. وضعت قوانين منها «فاتكا» تفرض على المصارف العالمية إعطاء أجهزة الضرائب الأمريكية كل المعلومات عن الأمريكيين أو أصحاب الإقامة الدائمة عن ما يملكون من أموال أو حسابات فيها. هذه محاولات جدية وربما تنجح.