المطار الذي يبعد حوالي نصف ساعة عن العاصمة باكو واسع وجميل، يقدم للزائر ملامح أولية تكشف له عن مدينة تعبر إلى عالم العصرنة والتقدم بخطى حثيثة، فلا يشك أنها واحدة من البلدان التي يعتمد اقتصادها وتتسارع وتيرة التنمية فيها على ذهب العصر الأسود، فأذربيجان تعد واحدة من أهم منتجي النفط على مستوى العالم، إذ تنتج ما يقارب 800 ألف برميل يوميا من النفط إلى جانب الغاز الذي بلغ إنتاجها منه 18,9 بليون متر مكعب في 2015م، ومن المتوقع تصديره عن طريق مشروع أنابيب الغاز (تاناب) إلى أوروبا الغربية عبر تركيا واليونان وصولا إلى كرواتيا بحلول العام 2020م وهو المشروع الذي سيجنب أوروبا الاعتماد على الغاز الروسي، وقد تمكنت شركات النفط الغربية من الاستفادة من حقول النفط في المياه العميقة وهي ميزة فشلت فيها الشركات السوفيتية قبل ذلك. يعتمد الاقتصاد الأذربيجاني على النفط والغاز والزراعة والثروة السمكية والسياحة والصناعات الخفيفة مثل اللحوم والبيض والمشروبات الغازية والطاقة والخشب وغيرها، كما أن السياحة لا تزال في طريقها إلى التعافي البطيء من آثار حروب ناغورني كاراباخ في التسعينيات التي أصابت القطاع بالشلل وأثرت على صورة أذربيجان كوجهة سياحية برغم ما تتميز به البلاد من وفرة وثراء سياحي، فعدد السياح يتراوح في حدود المليونين في العام معظمهم من دول الخليج وروسيا وكازاخستان، والمواطن الأذربيجاني لا يزال يكافح ويعمل بجد لتوفير لقمة عيشه وتسديد التزاماته اليومية فالعامل العادي والمرشد السياحي وسائق السيارات على سبيل المثال لا يتجاوز دخلهم في الشهر الـ 200 دولار، وحتى أصحاب المؤهلات والوظائف العليا رواتبهم ضعيفة. أما في جورجيا محطتنا الثانية فقد أظهرت صورة الشوارع وضعف البنية التحتية وغياب اللمسات الجمالية الفارق الكبير بين دولة نفطية كأذربيجان وأخرى حرمت منها مثل جورجيا، الفقر هنا في تبليسي تلحظه العين في الشوارع والأحياء السكنية وملامح البشر، ومما لاحظته في الأسواق والشوارع المحيطة بها انتشار أكشاك بيع الكتب بأنواعها القديمة والجديدة ما يؤكد أن الشعب الجورجي محب للقراءة والمطالعة، منتج للثقافة والمعرفة، لذلك تعد جامعة تبليسي أقدم جامعة في منطقة القوقاز، والتعليم في جورجيا إلزامي وبلغ معدل التحصيل بين البالغين 100%. السياحة في جورجيا نشطة وتشهد نموا متزايدا وقد زارها في عام 2017م حوالي سبعة ملايين سائح معظمهم من تركيا وروسيا وإيران، وأكثر ما يجذب السائح إلى جورجيا الاستحمام بالمياه الكبريتية واكتشاف المعالم والآثار القديمة. عانى الاقتصاد الجورجي من أزمات اقتصادية بالغة خلال فترة التسعينيات بسبب الصراعات والحروب الأهلية وهب الغرب إلى نجدة الاقتصاد الجورجي فحصل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في عام 1995 على قرض قدره 206 ملايين دولار أمريكي، وقدمت ألمانيا مساعدات وصلت إلى 50 مليون مارك ألماني، وقد تراجعت نسبة الفقر في جورجيا من 54% في عام 2001 إلى 34% في 2006، وفي 2007 بلغ نمو الناتج المحلي للاقتصاد الجورجي 12% مما جعلها واحدة من أسرع اقتصادات شرق أوروبا نموا، أما في العام 2015 فقد بلغ النمو 2,8%. يعتمد الاقتصاد الجورجي على السياحة والزراعة والصناعات الخفيفة، ويظهر من خلال انتشار المطاعم والمصارف والمنتجات الإيرانية وجود جالية كبيرة من الإيرانيين الذين يعملون في تبليسي، هذا إلى جانب جاليات عربية وخاصة من جمهورية مصر العربية.